صفيّة الهاشميّة: فاضلة، عاقلة، فصيحة اللسان، أديبة، شاعرة، شجاعة، صحابيّة جليلة، راوية للحديث
صفيّة بنت عبدالمطلب بن هاشم بن عبدمناف، عمّة النبيّ(ص)، اُم الزبير بن العوّام.
وكان لعبد المطلب ستّ بنات، كلّهن من أهل الأدب والشعر والفصاحة.
كانت رحمها الله فاضلة، عاقلة، فصيحة اللسان، أديبة، شاعرة، شجاعة، صحابيّة جليلة، راوية للحديث، عدّها البرقي في كتابه من أصحاب رسول الله(ص).
تزوّجها في الجاهلية الحارث بن حرب بن اُميّة بن عبدشمس، أخو أبي سفيان، فمات عنها، فتزوّجها العوّام بن خويلد، فولدت له الزبير وعبد الكعبة، وعاشت كثيراً، وتوفّيت سنة عشرين ولها من العمر ثلاث وسبعين سنة، ودفنت بالبقيع.
كانت صفيّة رحمها الله من أشجع الناس في زمانها، قتلت الجاسوس اليهودي لما جبنَ عن قتله حسّان بن ثابت، وهي التي عنّفت الفارّين يوم أحد، وتقدّمت تقاتل برمح لها.
روى ابن حجر في الإصابة من رواية اُم عروة بنت جعفر بن الزبير عن جدّتها صفيّة: أنّ رسول الله(ص) لما خرج إلى الخندق جعل نساءه في أطم يقال له: فارع، وجعل معهن حسّان بن ثابت.
قالت: فجاء انسان من اليهود فرقى الحصن حتى أطل علينا، فقلتُ لحسان: قم فاقتله.
فقال: لو كان ذلك فيّ كنتُ مع رسول الله(ص).
قالت صفيّة: فقمتُ إليه فضربته حتى قطعت رأسه، وقلتُ لحسان: قم فاطرح رأسه على اليهود، وهم أسفل الحصن.
فقال: والله ما ذاك.
قالت: فأخذتُ رأسه فرميتُ به عليهم.
فقالوا: قد علمنا أنّ هذا لم يكن ليترك أهله خلواً ليس معهم أحداً، فتفرّقوا.
ومن طريق حمّاد، عن هشام، عن أبيه: أنّ صفيّة جاءت يوم أحد، وقد انهزم الناس وبيدها رمحم تضرب في وجوههم، فقال رسول الله(ص): «يا زبير المرأة».
وبعد أن انتهت وقعة اُحد، وقد قُتل فيها حمزة بن عبدالمطلب عمّ النبيّ(ص) ومثّل به، أقبلت اُخته صفيّة، فقال النبي(ص) لابنها الزبير: «ردّها لئلا ترى ما بأخيها حمزة»، فلقيها الزبير فأعلمها بأمر النبيّ(ص) فقالت: بلغني أنه مُثّل بأخي، وذلك في الله قليل، فما أرضانا بما كان من ذلك، لأحتسبنّ ولاصبرنّ، فأعلم الزبير النبيّ(ص) بذلك فقال: «خلِّ سبيلها»، فأتته وصلّت عليه واسترجعت، وأمر رسول الله(ص) به فدفن.
ومن شعرها:
ألاّ مَن مُبلغ عنـي قُريشاً * فَفيـم الأمر فينـا والأمارُ
لَنا السَلفُ المقدّم قَد عَلمتم * ولـم توقـد لَنا بالغدرِ نارُ
وكلّ منـاقبِ الخيراتِ فينا * وبعضُ الأمرِ منقصةً وعارُ
وقالت ترثي النبيّ(ص):
يا عين جودي بدمعٍ منكِ مُنحدرِ * ولا تـملّي وابكـي سيّـد البشرِ
إبكي الرسولَ فقد هدّت مصيبته * جميعَ قومي وأهلِ البدوِ والحضرِ
ولا تملّي بكاكِ الدهـر معـولةً * عليهِ مـا غرّد القمري في السحرِ
وقالت أيضاً ترثي النبيّ(ص):
قـد كـانَ بعدكَ أنبـاءٌ وهنبثةٌ * لَـو كُنتَ شاهِدها لم يكثر الخطبِ
وقالت أيضاً:
لِفقدِ رسـولِ الله إذ حـان يـومهُ * فيا عيني جودي بالدموعِ والسواجمِ
وقالت أيضاً:
إنّ يوماً أتـى عليكَ ليوم * كوّرت شَمسهُ وكانَ مُضيئا
وتُعد صفيّة راوية من راويات الحديث، عدّها البرقي وغيره من الصحابيات، روت عن النبيّ(ص)(1).
الهامش:
1 ـ انظر: اُسد الغابة 5: 492، أعيان الشيعة 7: 390، الإصابة 4: 348، الأعلام للزِرِكلي 3: 206 نقلاً عن (ذيل المذيل: 69 والمحبر: 172 وسمط اللآلي: 118 ورغبة الآمل 7: 96 والدر المنثور: 261) تأريخ التراث العربي 2: 287، تنقيح المقال 3: 81، رجال البرقي: 61، رياحين الشريعة 4: 343 و 365، طبقات ابن سعد 8: 41، معجم رجال الحديث 23: 194.
المصدر: الحسون، محمد وأم علي مشكور: أعلام النساء المؤمنات. ط1، 1411هـ.ق.
اترك تعليق