أم كلثوم بنت أمير المؤمنين علي بن أبي طالب(ع) من شاعرات القرن الأول الهجري(4)
أم كلثوم بنت أمير المؤمنين علي بن أبي طالب(ع):
قال الشيخ عباس القمي في كتابه (نفس المهموم):
إن أم كلثوم حين توجهت إلى المدينة جعلت تبكي وتقول:
مديــنة جدنا لا تقبلينا فبالحسرات والاحزان جينا
خرجنا منك بالاهلين جمعاً رجعنا لا رجالَ ولا بنيـنا
أم كلثوم بنت أمير المؤمنين علي بن أبي طالب(ع)، وأمها الزهراء فاطمة وقد ولدت بعد زينب الكبرى كما أن زينب ولدت بعد الحسين.
وأم كلثوم هي المسماة بزينب الصغرى أما كنيتها أم كلثوم الكبرى وقد جاءت هذه المخدرة مع أخيها الحسين إلى العراق وهي زوجة عون ابن جعفر الطيار.
أما هذه الشهرة التي تقول بأن أم كلثوم قد تزوجها عمر بن الخطاب فهي عارية عن الصحة، وبيان ذلك أنّ المؤرخين قد اتفقوا على أن أم كلثوم تزوجها عون بن جعفر، أو أخوه محمد بن جعفر أولا، ثم عون ثانياً، والاتفاق في ذلك عن أئمة الحديث المعتمدين كابن حجر في الإصابة، وابن عبد البر في الاستيعاب وغيرهما ممن كتب في الصحابة أن عون بن جعفر قتل يوم (تستر) ويوم تستر لا كلام انه في خلافة عمر بن الخطاب وفيه أسر الهرمزان ومات عمر بعد يوم تستر بسبع سنين فكيف تزوج بها عون بعد عمر.
والحقيقة أن أم كلثوم لم يتزوجها غير ابن عمها عون ابن جعفر حتى قتل عنها بكربلاء على ما صرح به السيد الداودي في عمدة الطالب والمسعودي في مروج الذهب، والدر المنثور في طبقات ربات الخدور وكان له من العمر يوم قتل على ما قيل ستة وخمسون سنة وكانت أم كلثوم معه بالطف. وتوفيت بالمدينة بعد رجوعها مع السبايا، وكانت مدة مكثها في المدينة أربعة أشهر وعشرة أيام.
وهذا كتاب (المستدرك على الصحيحين في الحديث)، للحفاظ الكبير الحاكم النيسابوري ج ٣ ص ١٤٢ عندما يروي زواج أم كلثوم بنت علي(ع) من عمر، ويأتي الحافظ الذهبي في الذيل ويقول: قلت منقطع، أي سند هذا الحديث منقطع. وإذا علمنا أن الخبر إذا لم يصححه الذهبي سقط عن الاعتبار واتضح لنا ضعف هذه الإشاعة وكذبها. والآن نورد كلام الشيخ الجليل محمد بن محمد بن النعمان البغدادي والمعروف بالشيخ المفيد وذلك في جواب المسألة العاشرة من المسائل السرودية لما سأله السائل عن حكم ذلك الزواج -وكلامه الفصل- وهذا نصه أن الخبر الوارد بتزويج أمير المؤمنين علي(ع) ابنته من عمر غير ثابت، وطريقه من الزبير بن بكار وطريقه معروف لم يكن موثوقاً به في النقل، وكان متهماً فيما يذكره من بغضه لأمير المؤمنين(ع) فيما يدعيه عنهم على بني هاشم، وإنما نشر الحديث إثبات أبي محمد الحسن بن يحيى صاحب النسب ذلك في كتابه فظن كثير من النساء إنه حق لرواية رجل علوي له، وإنما هو رواه عن الزبير كما روى الحديث نفسه مختلفاً. فتارة يروي أن أمير المؤمنين تولى ذلك، وتارة يروي أنه لم يقع العقد إلا بعد وعيد من عمر وتهديد لبني هاشم، وتارة يروي انه من اختيار وإيثار.
ثم بعض الرواة يذكرون أن عمر أولدها ولداً أسماه زيداً، وبعضهم يرى أن لزيد بن عمر عقبا، ومنهم من يقول قتل ولا عقب له، ومنهم من يقول أنه وأمه قتلا، ومنهم من يقول أن أمه بقيت بعده، ومنهم من يقول أن عمر أمهر أم كلثوم أربعين ألف درهم، ومنهم من يقول كان مهرها خمسمائة درهم، وبدء هذا القول وكثرة الاختلاف يبطل الحديث ولا يكون له تأثير على حال. انتهى كلامه رفع مقامه.
وقال الشيخ المامقاني قدسسره في تنقيح المقال:
أم كلثوم بنت أمير المؤمنين(ع) هذه كنية لزينب الصغرى وقد كانت مع أخيها الحسين بكربلاء وكانت مع السجاد عليه السلام في الشام ثم إلى المدينة وهي جليلة القدر فهيمة بليغة، وخطبتها في مجلس ابن زياد بالكوفة معروفة وفي الكتب مسطورة. وفي الأخبار أن عمر ابن الخطاب تزوجها غصباً وأنكر ذلك جمع، ولعلم الهدى في هذا الباب رسالة مفردة أصرّ فيها على ذلك وأصرّ آخرون على الإنكار، وحيث لا يترتب من تحقيق ذلك وكان يصعب الالتزام به طويناه اشتغالا بالأهم.
خطبتها بالكوفة:
قال السيد ابن طاووس في (اللهوف على قتلى الطفوف) خطبت أم كلثوم من وراء كلّتها رافعة صوتها بالبكاء فقالت:
يا أهل الكوفة سوأة لكم ما لكم خذلتم حسيناً وقتلتموه وانتهبتم أمواله وورثتموه، وسبيتم نساءه ونكبتموه فتبا لكم وسحقا.
ويلكم أتدرون أي دواهِ دهتكم، وأي وزر على ظهوركم حملتم وأي دماء سفكتموها، وأي كريمة أصبتموها، وأي صبية سلبتموها، وأي أموال انتهبتموها، قتلتم خير رجالات بعد النبي ونزعت الرحمة من قلوبكم ألا إن حزب الله هم الغالبون وحزب الشيطان هم الخاسرون ثم قالت:
قتلتم أخي ظلماً فويل لأمكم ستجزون ناراً حرها يتوقد
سفكتم دمــاء حرم الله سفكها وحرمهـا القران ثم محمد
فضج الناس بالبكاء والنحيب ونشرت النساء شعورهن ووضعن التراب على رؤوسهن وخمشن وجوههن وبكى الرجال فلم ُير باكية أكثر من ذلك اليوم.
المصدر: كتاب أدب الطف: جواد شبّر. ج1.
اترك تعليق