ملحمة زينب الكبرى(ع)
إنّ زينب الكبرى(ع) امرأة عظيمة. فما هي عظمة هذه المرأة الكبرى في نظر الشعوب الاسلامية؟ لا يصحّ أن يقال لأنّها كانت ابنة عليّ بن أبي طالب(ع)، أو أخت الحسين بن علي والحسن بن علي(ع)، فالنسب لا يمكن أن يكون سبباً لمثل هذه العظمة. فلقد كان لجميع أئمتنا بناتٌ وأمّهاتٌ وأخوات ولكن من منهنّ كانت كزينب الكبرى(ع)؟
إنّ قيمة وعظمة زينب الكبرى هي لموقفها وحركتها الإنسانية والإسلامية العظيمة على أساس التكليف الإلهيّ. فعملها وقرارها ونوعية حركتها، كلّ ذلك منحها هذه العظمة. وكلّ من تقوم بمثل هذا العمل، ولو لم تكن بنت أمير المؤمنين(ع)، ستحصل على هذه العظمة. فالجانب الأساس لهذه العظمة نابعٌ من هنا، حيث إنّها بدايةً شخّصت الموقف سواءٌ قبل تحرك الإمام الحسين(ع) إلى كربلاء، أم في لحظات المحنة في يوم عاشوراء أم في الأحداث القاصمة التي تلت شهادة الإمام الحسين(ع) وثانياً، اتخاذها الموقف المناسب بحسب كلّ حادثة، وهذه المواقف هي التي صنعت زينب(ع).
فقبل التحرّك إلى كربلاء، نجد وجهاء، كابن عبّاس وابن جعفر وشخصيّات معروفة في صدر الاسلام، ممّن يدّعي الفقاهة والشهامة والرئاسة قد تحيّروا ولم يعرفوا ماذا يفعلون، ولكنّ زينب الكبرى لم تُصب بالحيرة، وأدركت أيّ طريقٍ ينبغي أن تسلكه، ولم تترك إمامها وحيداً وتذهب. فهي لم تدرك صعوبة الطريق فحسب، بل شعرت به أفضل من غيرها. لقد كانت امرأةً حاضرةً لأن تضحي بأسرتها لأجل أداء المهمة، ولهذا أحضرت أطفالها وأبناءها معها. كانت تشعر بكيفية الواقعة. في تلك الساعات العصيبة حيث لا يقدر أقوى الناس على إدراك ماذا ينبغي أن يفعل أدركت ذلك ودعمت إمامها وجهّزته لمذبح الشهادة. بعد شهادة الحسين بن علي(ع) وحين أظلمت الدنيا وتكدّرت القلوب والنفوس وآفاق العالم، أضحت هذه السيّدة الكبرى نوراً وسطوعاً، لقد وصلت زينب(ع) إلى حيث لا يصل سوى أعظم الناس في تاريخ البشرية- أي الأنبياء.[22/8/1370]
في الواقع إنّ كربلاء دون زينب(ع) ما كانت لتكون كربلاء. وما كانت عاشوراء دون زينب الكبرى(ع) لتكون تلك الحادثة التاريخية الخالدة. لقد برزت هذه الشخصية لابنة علي(ع) من أول الحادثة إلى آخرها، بحيث يشعر المرء أنّ حسيناً ثانياً كان في لباس امرأةٍ وفي ثوب ابنة علي. وفي غير ذلك، ماذا كان سيحدث بعد عاشوراء؟ لعلّ الإمام السجّاد(ع) كان ليُقتل، ولعلّ نداء الإمام الحسين(ع) ما كان ليصل إلى أحد. في تلك المرحلة وقبل شهادة الإمام الحسين بن علي(ع) أيضاً، كانت زينب كمواسٍ وصديق وشخصٍ لم يشعر الإمام الحسين(ع) مع وجوده بالوحدة أو بالتعب. إنّ المرء ليشاهد مثل هذا الدور في وجه زينب(ع) وفي كلماتها وفي حركاتها.
لقد شعرت زينب(ع) بالاضطراب مرّتين، وذكرت للإمام الحسين(ع) هذا الاضطراب، بعد خبر شهادة مسلم، حينما جاء الإمام ونقل أموراً ووصلت الأخبار المختلفة. فزينب(ع) في النهاية هي امراة ذات عواطف جيّاشة وإحساسات مرهفة، ومظهر هذا الغليان في الشعور هم آل النبيّ. ففي عين الصلابة والقدرة والشجاعة والمقاومة إزاء المصائب، هي مظهر النبع الفوّار والزلال للرهافة الإنسانية والرحمة البشرية في هذه الأسرة. ولو ضربت الحسين بن علي(ع) مثالاً هنا، هذا الذي يقف مقابل العالم كلّه وهو يواجهه في بيداء الذئاب المفترسة ويقاوم ولا يهتزّ، لكنّه مقابل هذه الأشياء الصغيرة، فإنّه ينقلب. مثلما حدث عندما صُرع ذلك الغلام الأسود الحبشيّ فجاء الإمام(ع) ووقف على رأسه. إنّه غلامٌ أسود ومن المخلصين والمحبّين. لعلّ جون، غلام أبي ذر، بلحاظ الوضع الاجتماعيّ والثقافة الاجتماعية آنذاك،- وإن لم يكن بين المسلمين في النهاية طبقة رفيعة جداً- فإنّه لم يكن صاحب مرتبة شريفة ورفيعة. فهو عندما يُقتل يأتي إليه الحسين(ع)، الكثيرون قُتلوا، من أشراف الكوفة، والوجهاء والمشهورين فيها، كحبيب بن مظاهر وزهير بن القين، وغيرهم الذين يعدّون من الكبراء والمشهورين فيها، استشهدوا أمام الإمام الحسين(ع)، وعندما صُرعوا أرضاً لم يظهر الإمام مثل هذه الحركة، بل خاطب أمثال مسلم بن عوسجة قائلاً: إن شاء الله تؤجر من الله، لكن مقابل هذا الغلام الأسود الذي ليس له أحد ولا ولد ولا تنتظره أسرةٌ تبكي عليه، جاء الحسين بن علي(ع) وأظهر ما أظهره مع علي الأكبر، مع هذا الغلام، وقف على رأسه ووضع رأسه المدمّى في حجره لكنّه لم يهدأ، فقد شاهد الجميع كيف أنّه انحنى ووضع وجهه على وجه هذا الغلام الأسود. هكذا كانت العاطفة الإنسانية الفوّارة!
لهذا فإنّ زينب هي امرأة بعواطف جيّاشة وأحاسيس مرهفة، فهي ليست كامرأة عادية، هي أخت الإمام الحسين(ع)، أختٌ تحبّ الإمام الحسين(ع) بعشق، أختٌ تترك زوجها لتأتي مع الإمام الحسين(ع)، وهي لم تأتِ وحدها، بل جلبت معها ابنيها عوناً ومحمداً، فأحضرتهما من أجل أن يكونا معها على طريق الله، ولو اقتضى الأمر التضحية فليستشهدا. وفي أحد المنازل أثناء الطريق شعرت بالخطر وذهبت إلى الإمام الحسين(ع)، وقالت إنني أشعر بالخطر وأرى الوضع خطراً. كانت تعلم أنّ القضية قضية الشهادة والأسر لكن في الوقت نفسه كانت الأحداث بحيث تطغى على الإنسان، لهذا راجعت الإمام الحسين(ع)، وهنا لم يقل الإمام الحسين(ع) شيئاً كثيراً، لقد قال هذه ليست قضية، كلّ ما يريده الله سوف يحدث، وقريباً من هذا المضمون، "ما شاء الله كان "(1). وهنا لا نرى من زينب الكبرى(ع) سلام الله عليها شيئاً تذكره للإمام الحسين(ع) وتسأله عنه أو يؤدّي إلى ايجاد انقباض نفسيٍّ وينتقل إلى الإمام الحسين(ع) إلا في ليلة عاشوراء.
وأوّل ليلة عاشوراء، هناك حيث يمكن أن يُقال إنّ زينب الكبرى(ع) فقدت صبرها من شدّة الغم، يقول الإمام السجاد(ع) الذي كان مريضاً. كنت نائماً في الخيمة وكانت عمتي زينب(ع) جالسةً قربي تداويني وكانت الخيمة المجاورة هي خيمة أبي(ع)، كان جالساً وكان جون غلام أبي ذر، مشغولاً بإعداد سيف الإمام(ع)، والجميع يهيء نفسه لأجل القتال في الغد، يقول: رأيت فجأةً أبي يترنم بأشعارٍ تبين أنّ الدنيا أدبرت والموت أقبل: " يا دهرٍ أفٍّ لك من خليل كم لك بالإشراق والأصيل"(2). وهذا كان يدلّ على أنّ من ينشد هذا الشعر أصبح واثقاً أنّه عمّا قريب سيرتحل عن هذه الدنيا. يقول الإمام السجاد (ع): سمعت هذا الشعر وأدركت رسالته ومعناه، وعلمت أنّ الإمام الحسين(ع) ينعى نفسه، ولكنني تمالكت نفسي، نظرت لأرى عمّتي زينب(ع) فجأةً قد غرقت في حزنٍ شديد، فنهضت وذهبت إلى خيمة أخيها وقالت له: أخي! أراك تنعى نفسك، لقد كنّا إلى اليوم نأنس بك، وعندما رحل أبونا عن هذه الدنيا قلنا يوجد إخوة لنا، وعندما استشهد أخي الإمام الحسن(ع)، قلت ما زال لديّ الإمام الحسين(ع)، ولقد استأنست بك طيلة هذه السنوات، واعتمدت عليك وأنا اليوم أراك تنعى نفسك.
لزينب(ع) الحق في أن تتألّم، ولعلّ الحالة التي كانت عليها زينب(ع) في ذلك اليوم كانت حالة غير عادية، ولا يمكن أبداً المقارنة بين حال زينب(ع) وحال أيّ من النساء وحتى حال الإمام السجّاد(ع). لقد كان حال زينب(ع) شديداً ومنهكاً. لقد استشهد جميع الرجال في يوم عاشوراء، ولم يبقَ من رجلٍ في عصر عاشوراء في كلّ المخيم سوى الإمام السجّاد(ع) الذي كان مريضاً، وأغشي عليه من شدّة المرض. وبملاحظة المخيم الذي كان 84 امرأة وطفل وسط بحرٍ من الأعداء، فكم يتطلب هذا الأمر من جهدٍ، وبعضهم عطشى والبعض جوعى؟ بل لعلّه يمكن القول إنّ الجميع كانوا منهكين من شدّة الجوع والعطش، فجميع القلوب مضطربة وخائفة، وأجساد الشهداء كلّها مقطّعة على الرمال، بعضهم ينظر إلى أخيه والبعض إلى ابنه. على كلّ حال كانت حادثة مرّة جداً ورهيبة، وكان ينبغي لشخصٍ ما أن يجمع كلّ هؤلاء، وهذا الشخص كان زينب(ع).
لم تكن زينب(ع) شخصاً فقد أخاه فقط، أو ابنيه أو إخوته الآخرين أو كلّ هؤلاء الأعزاء، و18 شاباً من شباب بني هاشم والأصحاب الأوفياء. لقد كان هناك شيء آخر لا يقلّ أهمية عمّا جرى وهو أنّها كانت، بين كلّ هؤلاء الأعداء مسؤولة عن هذا الحمل الثقيل لإدارة وحراسة هذه البقيّة من النساء والأطفال الذين تفرّقوا وتشتتوا، وكان عليها أن ترعى الإمام السجّاد(ع) أيضاً. فلهذا في تلك الساعات بعد تلك الواقعة وإلى حين تحرّك القافلة، وتحديداً العدوّ ماذا سيفعل بهم، في تلك الساعات تلك التي كانت ليلة مظلمة وحالكة وعصيبة أيضاً، الله وحده يعلم ماذا مرّ على زينب الكبرى(ع). لهذا كانت زينب(ع) طوال هذه الساعات في حركة دائمة تركض من هنا إلى هذا الطفل، ومن هناك إلى تلك المرأة، وإلى تلك الأمّ الثكلى، وإلى تلك الأخت المفجوعة بأخيها، وإلى ذلك الطفل الرضيع، تتحرّك دائماً بين الأفراد وتجمعهم وتواسيهم. لكن في لحظة ما، كان يطفح الكيل بزينب(ع)، فتتوجه بالخطاب إلى أخيها، تتّجه نحو أخيها الشهيد الذي كان ملاذها وملجأها الوحيد. لدينا في الروايات أنّ زينب الكبرى جاءت إلى جسد أخيها المقطّع ونادت من أعماق قلبها:" يا محمّداه صلّى عليك ملائكة السماء هذا الحسين بالعرا مرمّلٌ بالدما مقطّع الأعضا"(3).[20/7/1363].
عندما يُقال إنّ الدمّ انتصر على السيف في عاشوراء وفي واقعة كربلاء، وهو كذلك، فإنّ عامل هذا الانتصار هو زينب(ع)؛ وإلّا فإنّ الدمّ في كربلاء قد انتهى. واقعةٌ عسكرية تنتهي بهزيمةٍ ظاهرية لقوى الحقّ في ميدان عاشوراء. أما ذلك الشيء الذي أدّى إلى تبديل هذه الهزيمة العسكرية الظاهرية إلى انتصارٍ قطعيٍّ دائم هو عبارة عن خصوصية زينب الكبرى(ع) فالدور الذي قامت به زينب(ع)؛ هو أمرٌ في غاية الأهمية. وقد دلّت هذه الواقعة على أنّ المرأة ليست موجودةً على هامش التاريخ، بل هي في صلب الأحداث التاريخية المهمة. فالقرآن أيضاً ناطقٌ بهذه المسألة في موارد متعددة، لكن هذا متعلّق بالتاريخ القريب وليس مرتبطاً بالأمم الماضية؛ فحاثةٌ حيّةٌ ومحسوسةٌ يشاهد فيها الإنسان زينب الكبرى(ع) تظهر بهذه العظمة المحيّرة والساطعة في الميدان، تقوم بعملٍ يذل العدوّ ويحقّره، الذي بحسب الظاهر قد انتصر في المعركة العسكرية واقتلع المعارضين وقمعهم وجلس على عرش النصر في مقرّ قدرته وفي قصر رئاسته. فتسم جبينه بوصمة العار الأبديّ وتبدّل انتصاره إلى هزيمة. هذا هو عمل زينب الكبرى. أظهرت زينب سلام الله عليها أنّه يمكنها أن تبدّل الحجاب وعفاف المرأة إلى العزّة الجهادية، إلى جهاد كبير.
وما بقي من خطب زينب الكبرى(ع)، مما هو في متناول الأيدي، يظهر عظمة حركة زينب الكبرى(ع). فخطبتها التي لا تنسى في أسواق الكوفة لم تكن كلاماً عادياً، ولا موقفاً عادياً لشخصية كبرى، بل بيّنت بتحليل عظيم أوضاع المجتمع الاسلامي في ذلك العصر بأجمل الكلمات وأعمق وأغنى المفاهيم في مثل تلك الظروف. فيا لها من شخصية قويّة وعظيمة.
فهي قبل يومين، فقدت أخاها وقائدها وإمامها في تلك الصحراء، فقدته مع كلّ الأعزّاء والشباب والأبناء، وهذا الجمع المؤلف من بضع عشرات من النساء والأطفال قد أُسروا وأُحضروا على مرأى من أعين الناس وحملوا على نياق الأسر، وجاء الناس للمشاهدة، وبعضهم كان يهلل وبعضهم كان يبكي. ففي مثل هذه المحنة، تسطع فجأةً شمس العظمة، فتستعمل نفس اللهجة التي كان يستعملها أباها أمير المؤمنين(ع) وهو على منبر الخلافة مخاطباً أمّته، فتنطق بنفس الطريقة وبنفس اللهجة والفصاحة والبلاغة وبذلك السموّ في المضمون والمعنى: "يا أهل الكوفة، يا أهل الغدر والختل". أيّها المخادعون، أيّها المتظاهرون، لعلّكم صدّقتم أنكم أتباع الإسلام وأهل البيت، ولكن سقطتم في الامتحان وصرتم في الفتنة عمياً،" ألا وهل فيكم إلّا الصَلف والنَطف وملق الإماء، وغمز الأعداء؟"(4)، فتصرفكم وكلامكم لا ينسجم مع قلوبكم. فغرّتكم أنفسكم، وظننتم أنّكم مؤمنون، وتصوّرتم أنّكم ما زلتم ثوريين، ظننتم أنّكم ما زلتم أتباع أمير المؤمنين(ع)، في حين أنّ واقع الأمر لم يكن كذلك. لم تتمكنوا من الصمود والنجاح في الفتنة، ولم تتمكنوا من النجاة بأنفسكم،"... فما مثلكم إلا كالتي نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثاً، تتخذون أيمانكم دخلاً بينكم"(5) فقد أصبحتم كالتي بدّلت الحرير أو القطن إلى خيوط، ثمّ أرجعت تلك الخيوط ونقضتها إلى قطن أو حرير، فمن غير بصيرةٍ ووعيٍ للظروف، ومن غير تمييز بين الحقّ والباطل، أبطلتم أعمالكم وأحبطتم سوابقكم. فالظاهر ظاهر الإيمان واللسان مليءٌ بالادّعاءات الجهادية، أمّا الباطن فهو باطنٌ أجوف خالٍ من المقاومة مقابل العواصف المخالفة. فهذا ما يُعدّ تحديداً للآفات.
فبهذا البيان القويّ والكلمات البليغة، في تلك الظروف الصعبة أيضاً، تحدّثت زينب الكبرى(ع)، فلم يكن الأمر بحيث نرى مجموعة من المستمعين يجلسون أمام زينب ويستمعون إليها وهي تتحدّث معهم كخطيب عاديّ؛ كلا، فالجماعة هم من الأعداء، وحملة الرماح يحيطون بهم، وكان هناك جماعةٌ متفاوتون في أحوالهم كهؤلاء الذين سلّموا مسلماً إلى ابن زياد، وأولئك الذين كتبوا الرسائل للإمام الحسين(ع) وتخلّفوا، ومنهم من كان ينبغي أن يواجه ابن زياد وقد اختبأوا في بيوتهم –هؤلاء كانوا في سوق الكوفة– وجماعةٌ ظهر منهم ضعف النفس وهم الآن يشاهدون ابنة أمير المؤمنين(ع) ويبكون.
فكانت زينب الكبرى في مواجهة هذه الجماعات المتفاوتة التي لا يمكن الثقة بها، ولكنّها كانت تتحدث بهذه الطريقة المحكمة. فهي امرأة التاريخ، وهذه المرأة لم تعد ضعيفة. ولا يصحّ عدّها امرأة ضعيفة. فهذا جوهر المرأة المؤمنة حيث تُظهر نفسها في مثل هذه الظروف الصعبة. هذه هي المرأة التي تعدّ قدوةً لكلّ الرجال العظماء والنساء العظيمات في العالم. فهي تبيّن علل الثورة النبويّة والثورة العلويّة، وتقول إنّكم لم تتمكنوا من معرفة الحقّ في الفتنة، ولم تستطيعوا أن تعملوا بتكليفكم، وكانت النتيجة أن يُرفع رأس فلذة كبد النبي(ص) على الرماح. من هنا يمكن فهم عظمة زينب.[1/2/1389].
الهوامش:
(1) الكافي، ج2، ص530.
(2) بحار الأنوار، ج44، ص316
(3) تاريخ الطبري، ج4، ص348
(4) بحار الانوار، ج45، ص109.
(5) الأمالي، الشيخ المفيد، ص322.
المصدر: من كتاب: إنسان بعمر 250 سنة
فقبل التحرّك إلى كربلاء، نجد وجهاء، كابن عبّاس وابن جعفر وشخصيّات معروفة في صدر الاسلام، ممّن يدّعي الفقاهة والشهامة والرئاسة قد تحيّروا ولم يعرفوا ماذا يفعلون، ولكنّ زينب الكبرى لم تُصب بالحيرة، وأدركت أيّ طريقٍ ينبغي أن تسلكه، ولم تترك إمامها وحيداً وتذهب. فهي لم تدرك صعوبة الطريق فحسب، بل شعرت به أفضل من غيرها. لقد كانت امرأةً حاضرةً لأن تضحي بأسرتها لأجل أداء المهمة، ولهذا أحضرت أطفالها وأبناءها معها. كانت تشعر بكيفية الواقعة. في تلك الساعات العصيبة حيث لا يقدر أقوى الناس على إدراك ماذا ينبغي أن يفعل أدركت ذلك ودعمت إمامها وجهّزته لمذبح الشهادة. بعد شهادة الحسين بن علي(ع) وحين أظلمت الدنيا وتكدّرت القلوب والنفوس وآفاق العالم، أضحت هذه السيّدة الكبرى نوراً وسطوعاً، لقد وصلت زينب(ع) إلى حيث لا يصل سوى أعظم الناس في تاريخ البشرية- أي الأنبياء.[22/8/1370]
في الواقع إنّ كربلاء دون زينب(ع) ما كانت لتكون كربلاء. وما كانت عاشوراء دون زينب الكبرى(ع) لتكون تلك الحادثة التاريخية الخالدة. لقد برزت هذه الشخصية لابنة علي(ع) من أول الحادثة إلى آخرها، بحيث يشعر المرء أنّ حسيناً ثانياً كان في لباس امرأةٍ وفي ثوب ابنة علي. وفي غير ذلك، ماذا كان سيحدث بعد عاشوراء؟ لعلّ الإمام السجّاد(ع) كان ليُقتل، ولعلّ نداء الإمام الحسين(ع) ما كان ليصل إلى أحد. في تلك المرحلة وقبل شهادة الإمام الحسين بن علي(ع) أيضاً، كانت زينب كمواسٍ وصديق وشخصٍ لم يشعر الإمام الحسين(ع) مع وجوده بالوحدة أو بالتعب. إنّ المرء ليشاهد مثل هذا الدور في وجه زينب(ع) وفي كلماتها وفي حركاتها.
لقد شعرت زينب(ع) بالاضطراب مرّتين، وذكرت للإمام الحسين(ع) هذا الاضطراب، بعد خبر شهادة مسلم، حينما جاء الإمام ونقل أموراً ووصلت الأخبار المختلفة. فزينب(ع) في النهاية هي امراة ذات عواطف جيّاشة وإحساسات مرهفة، ومظهر هذا الغليان في الشعور هم آل النبيّ. ففي عين الصلابة والقدرة والشجاعة والمقاومة إزاء المصائب، هي مظهر النبع الفوّار والزلال للرهافة الإنسانية والرحمة البشرية في هذه الأسرة. ولو ضربت الحسين بن علي(ع) مثالاً هنا، هذا الذي يقف مقابل العالم كلّه وهو يواجهه في بيداء الذئاب المفترسة ويقاوم ولا يهتزّ، لكنّه مقابل هذه الأشياء الصغيرة، فإنّه ينقلب. مثلما حدث عندما صُرع ذلك الغلام الأسود الحبشيّ فجاء الإمام(ع) ووقف على رأسه. إنّه غلامٌ أسود ومن المخلصين والمحبّين. لعلّ جون، غلام أبي ذر، بلحاظ الوضع الاجتماعيّ والثقافة الاجتماعية آنذاك،- وإن لم يكن بين المسلمين في النهاية طبقة رفيعة جداً- فإنّه لم يكن صاحب مرتبة شريفة ورفيعة. فهو عندما يُقتل يأتي إليه الحسين(ع)، الكثيرون قُتلوا، من أشراف الكوفة، والوجهاء والمشهورين فيها، كحبيب بن مظاهر وزهير بن القين، وغيرهم الذين يعدّون من الكبراء والمشهورين فيها، استشهدوا أمام الإمام الحسين(ع)، وعندما صُرعوا أرضاً لم يظهر الإمام مثل هذه الحركة، بل خاطب أمثال مسلم بن عوسجة قائلاً: إن شاء الله تؤجر من الله، لكن مقابل هذا الغلام الأسود الذي ليس له أحد ولا ولد ولا تنتظره أسرةٌ تبكي عليه، جاء الحسين بن علي(ع) وأظهر ما أظهره مع علي الأكبر، مع هذا الغلام، وقف على رأسه ووضع رأسه المدمّى في حجره لكنّه لم يهدأ، فقد شاهد الجميع كيف أنّه انحنى ووضع وجهه على وجه هذا الغلام الأسود. هكذا كانت العاطفة الإنسانية الفوّارة!
لهذا فإنّ زينب هي امرأة بعواطف جيّاشة وأحاسيس مرهفة، فهي ليست كامرأة عادية، هي أخت الإمام الحسين(ع)، أختٌ تحبّ الإمام الحسين(ع) بعشق، أختٌ تترك زوجها لتأتي مع الإمام الحسين(ع)، وهي لم تأتِ وحدها، بل جلبت معها ابنيها عوناً ومحمداً، فأحضرتهما من أجل أن يكونا معها على طريق الله، ولو اقتضى الأمر التضحية فليستشهدا. وفي أحد المنازل أثناء الطريق شعرت بالخطر وذهبت إلى الإمام الحسين(ع)، وقالت إنني أشعر بالخطر وأرى الوضع خطراً. كانت تعلم أنّ القضية قضية الشهادة والأسر لكن في الوقت نفسه كانت الأحداث بحيث تطغى على الإنسان، لهذا راجعت الإمام الحسين(ع)، وهنا لم يقل الإمام الحسين(ع) شيئاً كثيراً، لقد قال هذه ليست قضية، كلّ ما يريده الله سوف يحدث، وقريباً من هذا المضمون، "ما شاء الله كان "(1). وهنا لا نرى من زينب الكبرى(ع) سلام الله عليها شيئاً تذكره للإمام الحسين(ع) وتسأله عنه أو يؤدّي إلى ايجاد انقباض نفسيٍّ وينتقل إلى الإمام الحسين(ع) إلا في ليلة عاشوراء.
وأوّل ليلة عاشوراء، هناك حيث يمكن أن يُقال إنّ زينب الكبرى(ع) فقدت صبرها من شدّة الغم، يقول الإمام السجاد(ع) الذي كان مريضاً. كنت نائماً في الخيمة وكانت عمتي زينب(ع) جالسةً قربي تداويني وكانت الخيمة المجاورة هي خيمة أبي(ع)، كان جالساً وكان جون غلام أبي ذر، مشغولاً بإعداد سيف الإمام(ع)، والجميع يهيء نفسه لأجل القتال في الغد، يقول: رأيت فجأةً أبي يترنم بأشعارٍ تبين أنّ الدنيا أدبرت والموت أقبل: " يا دهرٍ أفٍّ لك من خليل كم لك بالإشراق والأصيل"(2). وهذا كان يدلّ على أنّ من ينشد هذا الشعر أصبح واثقاً أنّه عمّا قريب سيرتحل عن هذه الدنيا. يقول الإمام السجاد (ع): سمعت هذا الشعر وأدركت رسالته ومعناه، وعلمت أنّ الإمام الحسين(ع) ينعى نفسه، ولكنني تمالكت نفسي، نظرت لأرى عمّتي زينب(ع) فجأةً قد غرقت في حزنٍ شديد، فنهضت وذهبت إلى خيمة أخيها وقالت له: أخي! أراك تنعى نفسك، لقد كنّا إلى اليوم نأنس بك، وعندما رحل أبونا عن هذه الدنيا قلنا يوجد إخوة لنا، وعندما استشهد أخي الإمام الحسن(ع)، قلت ما زال لديّ الإمام الحسين(ع)، ولقد استأنست بك طيلة هذه السنوات، واعتمدت عليك وأنا اليوم أراك تنعى نفسك.
لزينب(ع) الحق في أن تتألّم، ولعلّ الحالة التي كانت عليها زينب(ع) في ذلك اليوم كانت حالة غير عادية، ولا يمكن أبداً المقارنة بين حال زينب(ع) وحال أيّ من النساء وحتى حال الإمام السجّاد(ع). لقد كان حال زينب(ع) شديداً ومنهكاً. لقد استشهد جميع الرجال في يوم عاشوراء، ولم يبقَ من رجلٍ في عصر عاشوراء في كلّ المخيم سوى الإمام السجّاد(ع) الذي كان مريضاً، وأغشي عليه من شدّة المرض. وبملاحظة المخيم الذي كان 84 امرأة وطفل وسط بحرٍ من الأعداء، فكم يتطلب هذا الأمر من جهدٍ، وبعضهم عطشى والبعض جوعى؟ بل لعلّه يمكن القول إنّ الجميع كانوا منهكين من شدّة الجوع والعطش، فجميع القلوب مضطربة وخائفة، وأجساد الشهداء كلّها مقطّعة على الرمال، بعضهم ينظر إلى أخيه والبعض إلى ابنه. على كلّ حال كانت حادثة مرّة جداً ورهيبة، وكان ينبغي لشخصٍ ما أن يجمع كلّ هؤلاء، وهذا الشخص كان زينب(ع).
لم تكن زينب(ع) شخصاً فقد أخاه فقط، أو ابنيه أو إخوته الآخرين أو كلّ هؤلاء الأعزاء، و18 شاباً من شباب بني هاشم والأصحاب الأوفياء. لقد كان هناك شيء آخر لا يقلّ أهمية عمّا جرى وهو أنّها كانت، بين كلّ هؤلاء الأعداء مسؤولة عن هذا الحمل الثقيل لإدارة وحراسة هذه البقيّة من النساء والأطفال الذين تفرّقوا وتشتتوا، وكان عليها أن ترعى الإمام السجّاد(ع) أيضاً. فلهذا في تلك الساعات بعد تلك الواقعة وإلى حين تحرّك القافلة، وتحديداً العدوّ ماذا سيفعل بهم، في تلك الساعات تلك التي كانت ليلة مظلمة وحالكة وعصيبة أيضاً، الله وحده يعلم ماذا مرّ على زينب الكبرى(ع). لهذا كانت زينب(ع) طوال هذه الساعات في حركة دائمة تركض من هنا إلى هذا الطفل، ومن هناك إلى تلك المرأة، وإلى تلك الأمّ الثكلى، وإلى تلك الأخت المفجوعة بأخيها، وإلى ذلك الطفل الرضيع، تتحرّك دائماً بين الأفراد وتجمعهم وتواسيهم. لكن في لحظة ما، كان يطفح الكيل بزينب(ع)، فتتوجه بالخطاب إلى أخيها، تتّجه نحو أخيها الشهيد الذي كان ملاذها وملجأها الوحيد. لدينا في الروايات أنّ زينب الكبرى جاءت إلى جسد أخيها المقطّع ونادت من أعماق قلبها:" يا محمّداه صلّى عليك ملائكة السماء هذا الحسين بالعرا مرمّلٌ بالدما مقطّع الأعضا"(3).[20/7/1363].
عندما يُقال إنّ الدمّ انتصر على السيف في عاشوراء وفي واقعة كربلاء، وهو كذلك، فإنّ عامل هذا الانتصار هو زينب(ع)؛ وإلّا فإنّ الدمّ في كربلاء قد انتهى. واقعةٌ عسكرية تنتهي بهزيمةٍ ظاهرية لقوى الحقّ في ميدان عاشوراء. أما ذلك الشيء الذي أدّى إلى تبديل هذه الهزيمة العسكرية الظاهرية إلى انتصارٍ قطعيٍّ دائم هو عبارة عن خصوصية زينب الكبرى(ع) فالدور الذي قامت به زينب(ع)؛ هو أمرٌ في غاية الأهمية. وقد دلّت هذه الواقعة على أنّ المرأة ليست موجودةً على هامش التاريخ، بل هي في صلب الأحداث التاريخية المهمة. فالقرآن أيضاً ناطقٌ بهذه المسألة في موارد متعددة، لكن هذا متعلّق بالتاريخ القريب وليس مرتبطاً بالأمم الماضية؛ فحاثةٌ حيّةٌ ومحسوسةٌ يشاهد فيها الإنسان زينب الكبرى(ع) تظهر بهذه العظمة المحيّرة والساطعة في الميدان، تقوم بعملٍ يذل العدوّ ويحقّره، الذي بحسب الظاهر قد انتصر في المعركة العسكرية واقتلع المعارضين وقمعهم وجلس على عرش النصر في مقرّ قدرته وفي قصر رئاسته. فتسم جبينه بوصمة العار الأبديّ وتبدّل انتصاره إلى هزيمة. هذا هو عمل زينب الكبرى. أظهرت زينب سلام الله عليها أنّه يمكنها أن تبدّل الحجاب وعفاف المرأة إلى العزّة الجهادية، إلى جهاد كبير.
وما بقي من خطب زينب الكبرى(ع)، مما هو في متناول الأيدي، يظهر عظمة حركة زينب الكبرى(ع). فخطبتها التي لا تنسى في أسواق الكوفة لم تكن كلاماً عادياً، ولا موقفاً عادياً لشخصية كبرى، بل بيّنت بتحليل عظيم أوضاع المجتمع الاسلامي في ذلك العصر بأجمل الكلمات وأعمق وأغنى المفاهيم في مثل تلك الظروف. فيا لها من شخصية قويّة وعظيمة.
فهي قبل يومين، فقدت أخاها وقائدها وإمامها في تلك الصحراء، فقدته مع كلّ الأعزّاء والشباب والأبناء، وهذا الجمع المؤلف من بضع عشرات من النساء والأطفال قد أُسروا وأُحضروا على مرأى من أعين الناس وحملوا على نياق الأسر، وجاء الناس للمشاهدة، وبعضهم كان يهلل وبعضهم كان يبكي. ففي مثل هذه المحنة، تسطع فجأةً شمس العظمة، فتستعمل نفس اللهجة التي كان يستعملها أباها أمير المؤمنين(ع) وهو على منبر الخلافة مخاطباً أمّته، فتنطق بنفس الطريقة وبنفس اللهجة والفصاحة والبلاغة وبذلك السموّ في المضمون والمعنى: "يا أهل الكوفة، يا أهل الغدر والختل". أيّها المخادعون، أيّها المتظاهرون، لعلّكم صدّقتم أنكم أتباع الإسلام وأهل البيت، ولكن سقطتم في الامتحان وصرتم في الفتنة عمياً،" ألا وهل فيكم إلّا الصَلف والنَطف وملق الإماء، وغمز الأعداء؟"(4)، فتصرفكم وكلامكم لا ينسجم مع قلوبكم. فغرّتكم أنفسكم، وظننتم أنّكم مؤمنون، وتصوّرتم أنّكم ما زلتم ثوريين، ظننتم أنّكم ما زلتم أتباع أمير المؤمنين(ع)، في حين أنّ واقع الأمر لم يكن كذلك. لم تتمكنوا من الصمود والنجاح في الفتنة، ولم تتمكنوا من النجاة بأنفسكم،"... فما مثلكم إلا كالتي نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثاً، تتخذون أيمانكم دخلاً بينكم"(5) فقد أصبحتم كالتي بدّلت الحرير أو القطن إلى خيوط، ثمّ أرجعت تلك الخيوط ونقضتها إلى قطن أو حرير، فمن غير بصيرةٍ ووعيٍ للظروف، ومن غير تمييز بين الحقّ والباطل، أبطلتم أعمالكم وأحبطتم سوابقكم. فالظاهر ظاهر الإيمان واللسان مليءٌ بالادّعاءات الجهادية، أمّا الباطن فهو باطنٌ أجوف خالٍ من المقاومة مقابل العواصف المخالفة. فهذا ما يُعدّ تحديداً للآفات.
فبهذا البيان القويّ والكلمات البليغة، في تلك الظروف الصعبة أيضاً، تحدّثت زينب الكبرى(ع)، فلم يكن الأمر بحيث نرى مجموعة من المستمعين يجلسون أمام زينب ويستمعون إليها وهي تتحدّث معهم كخطيب عاديّ؛ كلا، فالجماعة هم من الأعداء، وحملة الرماح يحيطون بهم، وكان هناك جماعةٌ متفاوتون في أحوالهم كهؤلاء الذين سلّموا مسلماً إلى ابن زياد، وأولئك الذين كتبوا الرسائل للإمام الحسين(ع) وتخلّفوا، ومنهم من كان ينبغي أن يواجه ابن زياد وقد اختبأوا في بيوتهم –هؤلاء كانوا في سوق الكوفة– وجماعةٌ ظهر منهم ضعف النفس وهم الآن يشاهدون ابنة أمير المؤمنين(ع) ويبكون.
فكانت زينب الكبرى في مواجهة هذه الجماعات المتفاوتة التي لا يمكن الثقة بها، ولكنّها كانت تتحدث بهذه الطريقة المحكمة. فهي امرأة التاريخ، وهذه المرأة لم تعد ضعيفة. ولا يصحّ عدّها امرأة ضعيفة. فهذا جوهر المرأة المؤمنة حيث تُظهر نفسها في مثل هذه الظروف الصعبة. هذه هي المرأة التي تعدّ قدوةً لكلّ الرجال العظماء والنساء العظيمات في العالم. فهي تبيّن علل الثورة النبويّة والثورة العلويّة، وتقول إنّكم لم تتمكنوا من معرفة الحقّ في الفتنة، ولم تستطيعوا أن تعملوا بتكليفكم، وكانت النتيجة أن يُرفع رأس فلذة كبد النبي(ص) على الرماح. من هنا يمكن فهم عظمة زينب.[1/2/1389].
الهوامش:
(1) الكافي، ج2، ص530.
(2) بحار الأنوار، ج44، ص316
(3) تاريخ الطبري، ج4، ص348
(4) بحار الانوار، ج45، ص109.
(5) الأمالي، الشيخ المفيد، ص322.
المصدر: من كتاب: إنسان بعمر 250 سنة
اترك تعليق