مُمَهِدَاتْ... وحقيق أن تبادر المرأة المثقّفة الملتزمة الواعية فتمهد الطريق وتفتح الآفاق.

الرضاعة

الرضاعة

إنّ الرضاعة هي الغذاء الأول للطفل المولود حديثاً، ولها أهمية كبيرة في نمو الولد وتقوية مناعته من الأمراض البدنية، كما أنها الغذاء الأكمل له ولا يمكن لأي حليب آخر غير حليب الأم أو المرضعة أن يشكل بديلاً عنه.
إلا أنّ للرضاعة فائدة أخرى غيرتلك  التي تحدثنا عنها؛ فالحليب الذي يرضعه الوليد له دور كبير في نقل الصفات من الطرف المرضع إلى الطفل وقد ورد في الحديث عن أمير المؤمنين(ع): "تخيروا للرضاع كما تتخيرون للنكاح فإنّ الرضاع يغير الطباع".
إلا أنّ الإسلام أكدّ على أنّ حليب الأم هو الأفضل على الإطلاق؛ فعن الإمام الصادق(ع) قال: قال أمير المؤمنين(ع): ما من لبن يرضع به الصبي أعظم بركة عليه من لبن أمه.
ولتعلم الأم التي ترضع أولادها أنّ لها أجراً مدخوراً عند الله تعالى؛ ففي الرواية أنّ أم سلمة قالت: يا رسول الله ذهب الرجال بكل خير فأي شيء للنساء المساكين؟
فقال(ص): "بلى إذا حملت المرأة كانت بمنزلة الصائم القائم المجاهد بنفسه وماله في سبيل الله، فإذا وضعت كان لها من الأجر ما لا يدري أحد ما هو لعظمته، فإذا أرضعت كان لها بكل مصّة كعدل عتق محرر من ولد إسماعيل، فإذا فرغت من رضاعه ضرب ملك كريم على جنبها وقال: استأنفي العمل فقد غفر لك".
إرضاع الطفل من الثديين لا من أحدهما:
عن محمد بن العباس بن الوليد، عن أبيه، عن أمه أم إسحاق بنت سليمان قالت: نظر إلي أبو عبد الله(ع) وأنا أرضع أحد ابني محمد أو إسحاق فقال: يا أم إسحاق، لا ترضعيه من ثدي واحد وارضعيه من كليهما يكون أحدهما طعاما والآخر شرابا. ورواه الصدوق مرسلا. ورواه الشيخ بإسناده عن محمد بن يعقوب، مثله.
-عن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله (ص): إذا وقع الولد في بطن أمه -إلى أن قال:- وجعل الله تعالى رزقه في ثديي أمه في أحدهما شرابه وفي الآخر طعامه.
-الحديث. وبإسناده عن السكوني، قال: كان علي(ع) يقول: انهوا نساءكم أن يرضعن يمينا وشمالا فإنهن ينسين.
عدم جواز جبر الحرة على إرضاع ولدها، واستحباب اختيار استرضاعها، وجواز جبر السيد أم ولده على الإرضاع:
عن سليمان بن داود المنقري قال: سئل أبو عبد الله(ع) عن الرضاع؟ فقال: لا تجبر الحرة على رضاع الولد، وتجبر أم الولد. ورواه الصدوق مرسلا.. ورواه أيضا بإسناده عن المنقري، مثله.
-عن أبي عبد الله(ع) قال: قال أمير المؤمنين(ع): ما من لبن رضع به الصبي أعظم بركة عليه من لبن أمه. ورواه الشيخ بإسناده عن محمد بن يعقوب، وكذا الذي قبله. ورواه الصدوق مرسلا.
- عن ابن محبوب عن ابن سنان -يعني عبد الله- عن أبي عبد الله(ع) في رجل مات وترك امرأة ومعها منه ولد فألقته على خادم لها فأرضعته ثم جاءت تطلب رضاع الغلام من الوصي فقال: لها أجر مثلها وليس للوصي أن يخرجه من حجرها حتى يدرك ويدفع إليه ماله.
- أجر الرضاع من الإرث:
عن أبي عبد الله (ع) قال: قضى أمير المؤمنين(ع) في رجل توفي وترك صبيا فاسترضع له، قال: أجر رضاع الصبي مما يرث من أبيه وأمه.
أقل مدة الرضاع وأكثرها:
- عن الحلبي، قال: قال أبو عبد الله(ع): ليس للمرأة أن تأخذ في رضاع ولدها أكثر من حولين كاملين، إن أرادا الفصال قبل ذلك عن تراض منهما فهو حسن، والفصال: الفطام.
- عن أبي عبد الله(ع) قال: الرضاع واحد وعشرون شهرا فما نقص فهو جور على الصبي.
عن سعد بن سعد الأشعري عن أبي الحسن الرضا(ع) قال: سألته عن الصبي هل يرضع أكثر من سنتين؟ فقال: عامين، قلت: فإن زاد على سنتين هل على أبويه من ذلك شيء؟ قال: لا.
عن عبد الوهاب بن الصباح قال: قال أبو عبد الله(ع): الفرض في الرضاع أحد وعشرون شهرا، فما نقص عن أحد وعشرين شهرا فقد نقص المرضع، وإن أراد أن يتم الرضاعة فحولين كاملين.
عن أبي عبد الله (ع) -في حديث- أنه نهى أن يضار بالصبي أو تضار أمه في رضاعه، وليس لها أن تأخذ في رضاعه فوق حولين كاملين فإن أرادا فصالا عن تراض منهما قبل ذلك كان حسنا، والفصال هو الفطام.
عن أبي الحسن الرضا (ع) قال: سألته عن الصبي، هل يرضع أكثر من سنتين؟ فقال: عامين، فقلت: فإن زاد على سنتين، هل على أبويه من ذلك شيء؟ قال: لا.
عن أبي عبد الله(ع) -في حديث- قال: مات إبراهيم بن رسول الله(ص) وله ثمانية عشر شهرا فأتم الله رضاعه في الجنة.
عن أبي عبد الله(ع) قال: سمعته يقول: المطلقة الحبلى ينفق عليها حتى تضع حملها وهي أحل بولدها أن ترضعه بما تقبله امرأة أخرى يقول الله عز وجل: «لا تضار والدة بولدها ولا مولود له بولده وعلى الوارث مثل ذلك» لا يضار بالصبي ولا يضار بأمه في رضاعه، وليس لها أن تأخذ في رضاعه فوق حولين كاملين فإذا أرادا الفصال عن تراض منهما كان حسنا، والفصال هو الفطام.
من يكره لبنها:
-
التي ولدت من الزنى وكذا المولودة من الزنى إلا أن يحلل المالك الزاني من ذلك، رجلا كان المالك أو امرأة:
عن علي بن جعفر عن أخيه أبي الحسن(ع) قال: سألته عن امرأة ولدت من الزنى، هل يصلح أن يسترضع بلبنها؟ قال: لا يصلح ولا لبن ابنتها التي ولدت من الزنا.
عن أبي جعفر(ع) قال: لبن اليهودية والنصرانية والمجوسية أحب إلي من ولد الزنى، وكان لا يرى بأسا بولد الزنى إذا جعل مولى الجارية الذي فجر بالمرأة في حل
عن أبي عبد الله(ع) في المرأة يكون لها الخادم قد فجرت يحتاج إلى لبنها؟ قال: مرها فلتحللها يطيب اللبن.
عن عبيد الله الحلبي، قال: قلت لأبي عبد الله(ع): امرأة ولدت من الزنى، أتخذها ظئرا؟ قال: لا تسترضعها ولا ابنتها.
عن إسحاق بن عمار، قال: سألت أبا الحسن(ع) عن غلام لي وثب على جارية لي فأحبلها فولدت واحتجنا إلى لبنها فإن أحللت لهما ما صنعا، أيطيب لبنها؟ قال: نعم.
- اليهودية والنصرانية والمجوسية:
فإن فعل فليمنعها من شرب الخمر وأكل لحم الخنزير ونحوهما من المحرمات ولا يبعث معها الولد إلى بيتها:
عن أبي عبد الله(ع) قال: لا تسترضع الصبي المجوسية وتسترضع  له اليهودية والنصرانية ولا يشربن الخمر، يمنعن من ذلك.
عن أبي جعفر(ع) قال: لبن اليهودية والنصرانية والمجوسية أحب إلي من ولد الزنى، الحديث. عن عبد الله بن هلال، عن أبي عبد الله(ع)، قال: سألته عن مظاهرة المجوسي؟ قال: لا، ولكن أهل الكتاب. وبهذا الإسناد قال: قال: أبو عبد الله(ع): إذا أرضعوا لكم فامنعوهم من شرب الخمر.
عن عبد الرحمن بن أبي عبد الله قال: سألت أبا عبد الله(ع): هل يصلح للرجل أن ترضع له اليهودية والنصرانية والمشركة؟ قال: لا بأس، وقال: امنعوهم شرب الخمر.
عن الحلبي، قال: سألته عن رجل دفع ولده إلى ظئر يهودية أو نصرانية أو مجوسية ترضعه في بيتها أو ترضعه في بيته؟ قال: ترضعه لك اليهودية والنصرانية في بيتك وتمنعها من شرب الخمر وما لا يحل مثل لحم الخنزير ولا يذهبن بولدك إلى بيوتهن، والزانية لا ترضع ولدك فإنه لا يحل لك، والمجوسية لا ترضع لك ولدك إلا أن تضطر إليها.
عبد الله بن جعفر في (قرب الإسناد) عن عبد الله بن الحسن، عن جده علي بن جعفر، عن أخيه موسى بن جعفر(ع)، قال: سألته عن الرجل المسلم، هل يصلح له أن يسترضع اليهودية والنصرانية وهن يشربن الخمر؟ قال: امنعوهن من شرب الخمر ما أرضعن لكم، وسألته عن المرأة ولدت من زنا، هل يصلح أن يسترضع لبنها؟ قال: لا، ولا ابنتها التي ولدت من الزنى. 
- الناصبية:
أحمد بن علي بن العباس النجاشي في كتاب (الرجال): عن الفضيل بن يسار قال: قال لي جعفر بن محمد(ع): رضاع اليهودية، والنصرانية خير من رضاع الناصبية. محمد بن علي بن الحسين في (المقنع) قال: قال الصادق(ع)، وذكر، مثله.
- الحمقاء والعمشاء:
عن غياث بن إبراهيم، عن أبي عبد الله(ع) قال: قال أمير المؤمنين(ع): أنظروا من يرضع أولادكم فإن الولد يشب عليه.
عن أبي جعفر(ع) قال: لا تسترضعوا الحمقاء فإن اللبن يعدي وإن الغلام ينزع إلى اللبن -يعني إلى الظئر- في الرعونة والحمق.
عن أبي عبد الله(ع) قال: قال أمير المؤمنين(ع): لا تسترضعوا الحمقاء فإن اللبن يغلب الطباع، قال قال رسول الله(ص): لا تسترضعوا الحمقاء فإن اللبن يشب عليه.
محمد بن علي بن الحسين في (عيون الأخبار) بأسانيد تقدمت في إسباغ الوضوء عن الرضا، عن آبائه(ع) قال: قال رسول الله(ص): لا تسترضعوا الحمقاء ولا العمشاء فإن اللبن يعدي. وبهذا الإسناد قال: ليس للصبي خير من لبن أمه.
عبد الله بن جعفر في (قرب الإسناد): عن جعفر، عن أبيه أن عليا(ع) كان يقول: تخيروا للرضاع كما تخيرون للنكاح، فإن الرضاع يغير الطباع.
- القبيحة:
عن محمد بن مروان قال: قال لي أبو جعفر(ع): استرضع لولدك بلبن الحسان وإياك والقباح فإن اللبن قد يعدي.
عن أبي جعفر(ع) قال: عليكم بالوضاء من الظؤرة فإن اللبن يعدي. ورواه الشيخ بإسناده عن أحمد بن محمد، وكذا الذي قبله. 
الأم أحق بحضانة الولد من الأب حتى يفطم إذا لم تطلب من الأجرة زيادة على غيرها ما لم تطلق وتتزوج، وبالبنت إلى أن تبلغ سبع سنين ثم يصير الأب أحق منها فإن مات فالأم ثم الأقرب فالأقرب:
عن أبي عبد الله(ع) قال: «والوالدات يرضعن أولادهن»، قال: ما دام الولد في الرضاع فهو بين الأبوين بالسوية، فإذا فطم فالأب أحق به من الام، فإذا مات الأب فالأم أحق به من العصبة، وإن وجد الأب من يرضعه بأربعة دراهم وقالت الأم: لا أرضعه إلا بخمسة دراهم فإن له أن ينزعه منها إلا أن ذلك خير له وأرفق به أن يترك مع أمه.
عن أبي عبد الله(ع) قال: إذا طلق الرجل المرأة وهي حبلى أنفق عليها حتى تضع حملها، وإذا وضعته أعطاها أجرها ولا يضارها إلا أن يجد من هو أرخص أجرا منها، فإن هي رضيت بذلك الأجر فهي أحق بابنها حتى تفطمه.
عن فضل أبي العباس قال: قلت لأبي عبد الله (ع): الرجل أحق بولده أم المرأة؟ قال: لا، بل الرجل، فإن قالت المرأة لزوجها الذي طلقها أنا أرضع ابني بمثل ما تجد من يرضعه فهي أحق به.
عن القاسم بن محمد، عن المنقري، عمن ذكره قال: سئل أبو عبد الله(ع) عن الرجل يطلق امرأته وبينهما ولد، أيهما أحق بالولد؟ قال: المرأة أحق بالولد ما لم تتزوج.
ورواه الشيخ بإسناده عن محمد بن يعقوب، وكذا كل ما قبله. قال الشيخ: هذا محمول على أنها أحق به إذا كانت تكفله بما يكفله غيرها، قال: ويحتمل أن يكون المراد بالولد هنا الأنثى، ويحتمل أن يكون المراد به ما لم يفطم.
عن أبي عبد الله (ع) قال: الحبلى المطلقة ينفق عليها حتى تضع حملها وهي أحق بولدها حتى ترضعه بما تقبله امرأة أخرى، إن الله يقول: «لا تضار والدة بولدها ولا مولود له بولده» الحديث.
عن أيوب بن نوح قال: كتب إليه بعض أصحابه: كانت لي امرأة ولي منها ولد وخليت سبيلها فكتب(ع): المرأة أحق بالولد إلى أن يبلغ سبع سنين إلا أن تشاء المرأة. أقول: حمله جماعة من الأصحاب  على الأنثى لما تقدم 
محمد بن إدريس في (آخر السرائر) نقلا من كتاب (مسائل الرجال) ومكاتباتهم مولانا أبا الحسن علي بن محمد(ع) رواية الجوهري والحميري، عن أيوب بن نوح قال: كتبت إليه مع بشر بن بشار: جعلت فداك، رجل تزوج امرأة فولدت منه ثم فارقها متى يجب له أن يأخذ ولده؟ فكتب: إذا صار له سبع سنين فإن أخذه فله، وإن تركه فله.



المصادر:
1- وسائل الشيعة (آل البيت) - الحر العاملي - ج 21 
2- الكافي - الشيخ الكليني - ج 6 
3- الأمالي - الشيخ الصدوق 
4- مكارم الأخلاق - الشيخ الطبرسي 
5- الولد الصالح: جمعية المعارف الإسلامية الثقافية.


التعليقات (0)

اترك تعليق