الطفل الخديج Permature Infant
يُعتبر الطفل خدّيجا ً إذا وُلِدَ قبل الأسبوع السابع والثلاثين من الحمل (أي قبل ثلاثة أسابيع من الموعد المحدّد لولادته باعتبار فترة الحمل الطبيعية ٤٠أسبوعاً) أَو إذا كان وزنه أقل من ٢٥٠٠ غراماً (2.5كغ) أَو إذا نقص طوله عن 47 سم (الطبيعي ٥١ - ٥٢سم) وكان محيط صدره أقل من ٣٠سم (١٢إنش) ومحيط رأسه أقل من ٣٣ سم (الطبيعي 35،7 سم).
يكونُ رأسُ الخديج كبيراً بالنسبة لجسمه، والشعر وبريٌ ناعم وقليل، والعينان جاحظتان، والوجه صغير بالمقارنة بحجم الرأس، ويكونُ الجلد مائلاً إلى الحمرة وكثير الثنيات والتجاعيد (متجعِّد) ورقيق، والطبقة الدهنية التي تغطيه ((Vermix رقيقة، وكذلك الطبقة الدهنية الموجودة تحت الأدمة، كما تشاهد وزمات معمّمة وتكون الأذنان لَيّنتَيْنٍ لخلوِّهما من مادة الغضروف الذي يجعلهما أكثر تماسكاً، ويكون الصدر ليّناً وحركات التنفس محدَّدة Limeted Respiratory Movement والبطن كبيراً بارزاً مع وجود فتق سرّي. يكون القضيب صغيرا ً والخصيتان إما في القناة الإربية أو في تجويف البطن، أي أن كيس الصفن خالٍ من الخصيتين وصغيرٌ وقليل الثنيات، وتكون أظافر الخديج ليِّنة هشّة، كما يكون الخديجُ ضعيف الجسم والمقاومة، وقليل النشاط ، وبكاؤه ضعيفاً، وحرارته متقلِّبة، وتتغيَّر مع تغيُّر حرارة الغرفة.
الأخطار المحيطة بالطفل الخديج:
يتعرّض الطفل الخديج بسبب عدم إكتمال نمو جسمه للأخطار التالية:
1- إلتهاب القصبات والرئة Pneumonia بسبب ضعف الجهاز التنفسي.
2- إنخفاض حرارة الجسم بسبب ضعف الإستقلاب Metabolic Rate وبسبب قلَّة الشحوم تحت طبقة الجلد.
3- اضطراب شوارد الدم وسوائل الجسم Distutbance of Water and Electrolyte Balance مما يعرِّض الطفل وحياته للخطر.
4- ضعف مناعة الجسم ومقاومة الأَمراض الإنتانية المختلفة.
5- التعرُّض للنزف التلقائي بسبب عدم إكتمال نمو عوامل تخثُّر الدم وبسبب إنخفاض نسبة أوكسجين الدمAnoxia الذي يسبِّب هشاشة في جدران الأوعية الدموية الشعرية، مما يؤدي إلى النزف.
6- فقر الدم Anemia.
7- إصابته بالكساح Rickets بسبب فاقة الكالسيوم والفيتامين د.
8- فاقة الفوسفور والحديد والبروتينات والفيتامين ث والفيتامين أ.
9- يُصاب الخديج باليرقان بسبب ضعف خلايا الكبد التي لم يكتمل نموها بعد.
العناية بالطفل الخديج:
يحتاج الطفل الخديجُ إلى عناية طبية مشدَّدة، وإلى إسعافات فورية بعد ولادته، تستمر العناية بالخديج بضعة أسابيع حتى يكتمل نموه.
- يجب تفريغ قصبات الطفل الخديج وكذلك طرقه التنفسيّة العليا من المفرزات والسوائل الموجودة داخلها بواسطة جهاز ماصٍ خاص بهذا الغرض، وذلك لتسهيل عملية التنفس، وللحيلولة دون حدوث الإختناق.
- يتطلب الأمر في كثر من الحالات إجراء التنفس الإصطناعي مع تقديم هواءٍ مضغوط Positive Pressure Insuflation.
- يتم تمسيد الحبل السري Ambilical Cord بإتجاه جسم الطفل قبل قطعه وربطه. بهذا الإجراء يزداد حجم كتلة الدم في جسم الطفل بما يعادل 100 - 150 سم3.
- يُوضع الطفل الخديجُ في حاضنة خاصة Incubator تتراوح حرارتها بين 32 - 34 درجة مئوية لكي نحافظ على حرارة جسمه ما بين 36,5 - 370 م.
- يجب أن نزوِّد هواء الحاضنة بالأوكسجين بكثافة 35 - 40%.
- نحافظ على رُطوبة الحاضنة بين 55 - 65%.
- يُحقن الطفل 1 ملغ فيتامين ك - K فور ولادته، لنزيل احتمال النزف الذي قد يتعرّض له.
- يحقن الخديج بأحد العقاقير المنعشة لتزيل مفعول المواد المخدِّرة التي دخلت جسمه أثناء تخدير الأمّ عند إجراء العملية القيصرية أَو ما شابه، أفضل هذه المنعشات هو مضاد المورفين المعروف باسم Nalline. يتمُّ حقن هذه المادة في الحبل السرّي للطفل قبل أن يتم قطعه وربطه.
- يجب تفريغ معدة الطفل الخديج، والأطفال الضعفاء الذي أنهكتهم الولادة العسرة تفاديا ً لاستنشاق محتوى المعدة ودخوله إلى الرئتين إن صدف وتقيَّأ الطفل. هذا الأمر كثير الحدوث، وقد ينجم عنه إصابة الطفل بذات الرئة Pneumonia.
- لا يجوزُ تكرار حمل الطفل والتنقّل به ولا تحميمه، وذلك لنحول دون تعرّضه إلى درجة حرارة الغرفة العادية التي لن يحتملها، وستسبِّب له انخفاضاً شديداَ في درجة حرارته.
- لا يجوز إعطاء الطفل الخديج مادة الكلور أمفينكول Chloramphenicol كوقاية من التهاب الطرق التنفسيّة أَو غيرها من الإنتانات، لأنّها تسبِّب للطفل إسهالات وتعباً عامّا ً ووهناً قلبيا ً دورانيا ً Cardiovasculat Failure بسبب حدوث تناذر كري Gray Syndrome.
- لا يجوز تقديم المضادات الحيوية الأخرى بشكل روتيني، وينصح بفحص السائل الأمنيوسي والدم إذا كانت الولادة عسرة أَو استغرقت أكثر من 15 ساعة وكان احتمال تلوّث الجهاز التناسلي للأم كبيراً. بعد التأكّد من وجود الجراثيم في جسم الخديج يمكننا تقديم المضاد الحيوي المناسب. نحذِّر من تقديم مركبات السلفا وكذلك الكلور أمفينكول الذي سبق ذكره بسبب تأثيرهما الضار على جسم الطفل.
- لا يسمح بزيارة الطفل الخديج، لنحول دون نقل الأَمراض والجراثيم المختلفة إليه.
- يجب أن ترتدي هيئة التمريض وكذلك الطبيب المشرف على علاج الطفل الخديج ثياباً معقمة فوق ثيابهم، وعليهم أن يغسلوا أيديهم بالماء والصابون ثم تعقيمهما بالكحول أو بمعقِّم آخر قبل الإقتراب من الطفل الخديج لمعالجته وتقديم الغذاء له.
تغذية الطفل الخديج:
يُستحسن الإنتظار من 12 - 60 ساعة قبل الإبتداء بتغذية الطفل الخديج لعدم قدرته على البلع بالشكل الصحيح، مما قد يُؤدي إلى تسرُّب الحليب من البلعوم إلى الرغامى فالرئتين وإحداث ذات رئة حادة (التهاب رئة Aspiration Pneumonia) قد تعرِّض حياة الطفل للخطر. لذلك تنصح كافة المراكز الطبيّة العالمية بتقديم محلولٍ سكري خفيفِ التركيز عن طريق الوريد في الأيام الثلاثة الأولى بعد الولادة ، وذلك ريثما تتحسّن حالة الطفل العامّة ويصبح قادراً على المصّ والبلع جيداً.
- بعد ذلك يمكن تقديمُ أولى وجبات الطفل التي تتكوّن من ماءٍ محلى بواسطة زجاجة الرضاعة، فإن لم يتمكّن الطفل من مصّ محتوى الزجاجة بسبب ضعفه، يمكننا عندئذٍ إدخال هذا الغذاء إِلى فمه بواسطة قطَّارة Dropper، وإن لم يتمكّن من البلع يصبح من الضروري إدخالُ الطعام إلى المعدة بواسطة قثطرة أَو أنبوب دقيق يدخل عبر الأنف إِلى المعدة Stomach Tube.
- ننصح بتقديم ماء محلّى بتركيز 5% كغذاء بدئي للطفل الخديج، لأن هذا المحلول سهل الهضم. يُعطى في الوجبة الأولى 5 سم3 فقط ثم نزيد الكمية من 0،5 - 5سم3 من وجبة لأخرى.
- تقدَّم الوجبات بفاصل زمني من 2 - 3 ساعات. هذا بالنسبة لليوم الأول بعد الولادة، فإن لم يظهر على الطفل أعراض عدم التحمل الغذائي كالإقياء والإسهالات والمغص وتطبُّل البطن، فيمكننا في اليوم التالي أن نقدّم له حليب أمّه بعد أن يتم تخفيفه أَو تمديده بالماء. كما يمكننا أن نقدَّم له حليبا ً مجفّفا ً خفيف التركيز بحيث يتناسبُ وحاجة هذا الطفل الضعيف وقدرة جسمه على تحمُّل هذا الغذاء.
- نستمر بتقديم الوجبات بفاصل زمني من 2 - 3 ساعات، نزيد كمية الحليب وتركيزه بالتدريج بحيث تصبح كمية الحريرات المعطاة في الغذاء حوالي 120 - 180 حريرة لكل كيلوغرام من وزن الخديج. تترواح كمية البروتينات في الغذاء اليومي للخديج من 4 - 6 غرامات لكل كيلوغرام من وزنه.
- لا يجوز إكراه الطفل على الرضاعة إذا أظهر نفورًا منها، وإذا رافق ذلك إقياء أَو إزرقاق Cyanosis فقد يكون عدد الوجبات كبيرًا، وقد تكون كمية الوجبة كبيرة أَو فوق قدرته على هضمها. فإذا ظهرت علامات عدم التحمُّل الغذائي من الحليب المخفّف أَو ذو التركيز الضعيف، يمكننا عندئذٍ تقديم الغذاء لهذا الطفل الخديج عن طريق قثطرة وريدية (Infusion).
- يجب تقديم الدم للخديج عندما تنخفض نسبة خضابه Hemoglobin عن 9 غرامات في كل 100 سم3 دم.
لا يُعطى الخديج أحد مركبات الحديد إِلاَّ بعد 3 - 6 أسابيع من ولادته، عندئذ يعطى من 1 - 1،5 ملغ حديد لكل كيلو غرام من الوزن يوميًا.
يُعطى الخديج 25 ملغ فيتامين ج - C يوميًا اعتباراً من الأسبوع الأول من ولادته. نزيد هذه الكمية بالتدريج إِلى أن تبلغ 60 غرامًا لكل كيلوغرام من وزن الجسم.
يمكننا إعطاء الخديج باقي الفيتامينات بكميات طفيفية تتناسب مع وزنه وحاجته الفسيولوجية.
لا يجوز تخريج الطفل الخديج من المستشفى قبل أن يصل وزنه إلى 2500 غرام، حيث يصبح بإمكانه تناول حليب أمّه بحرية تامّة، ولكن يجب الحذر من حدوث إنتانات أو اضطرابات هضمية.
لقد أثبتت هذه الطريقةُ في معاملة الطفل الخديج والعناية به وبتغذينه، أثبتت نجاحها الكبير بحيث انخفضت نسبةُ وفيات الأَطفال الخدَّج إِلى حوالي 20% فقط. تحدث الوفاةُ عادة في اليوم الأول من الولادة ، فإن اجتاز الطفلُ أيامه الأولى بسلامٍ، فإن فرصة بقائه على قيد الحياة تصبح كبيرة. لقد تبيَّن أن نسبة الوفيات تتناسب عكساً مع شدة العناية بالطفل الخديج في أسبوعه الأول.
يستمر نمو الخديج بطيئا ً وأبطأ من نمو الطفل الصحيح، إن 50% من الخدَّج الذين يقلُّ وزنهم عن 1300 غرام سيكونون في المستقبل أَطفالاً متخلفين جسدياً وعقلياً (هذا إن كتبت لهم الحياة) ولن يتمكنوا من الإلتحاق بالمدرسة أَو من التعلُّم.
حوالي 25% من الأطفال الخدَّج ينمون بشكل حسن، ولكن مستواهم العقلي يبقى دون المعدَّل الوسطي للذكاء، على الأمّ في هذه الحالة أن تتكيف وتتقبّل وضع طفلها، وأن لا تدع الغضب والهمَّ والتوتر العصبي والنفسي يُسيطران عليها ، ولتعلم أن هذه مشيئة الله، وأنّه لا تغيير لحكمه وقضائه سبحانه وتعالى.
أما الربع المتبقي من هؤلاء الأَطفال الخدَّج، فإن نموهم العقلي والجسدي يكتمل عند سن البلوغ دون أن يبقى أثر أّو عاهة تذكر.
المصدر: الطفل المثالي ( تربيته وتنشئته ونموه والعناية به في الصحة والمرض): د. محمد نبيل النشواتي. ط2، دار القلم، دمشق، 1431 ھ - 2010 م.
اترك تعليق