الرعاية بعد الولادة
يعدُّ استقبالُ مولود جديد لحظةً من أسعد اللحظات في حياة المرأة. لكنَّها تُمثِّل أيضاً تحدِّياً من الناحيتين الجسدية والعاطفية معاً. • يجب أن تنالَ الأمُّ أكبر قِسط ممكن من الراحة بعدَ الولادة. قد تجد الأمُّ أنَّها لا تفعل شيئاً إلاَّ الأكل والنوم والعناية بمولودها. وهذا أمر طبيعي. • ستجد الأمُّ بعض التَّبَقُّع (آثار دم) والنَّزف كما يحدث في أثناء الطَّمث، وقد يستمرُّ ذلك مدَّةً تصل إلى ستَّة أسابيع وبصورة متقطعة. • قد تعاني الأم أيضاً من بعض التَّوَرُّم في الساقين والقدمين. كما قد تعاني من بعض الإمساك والتقلُّصات التي تُشبه تقلُّصات الحَيض. وحتَّى إذا لم تكن الأم تُرضِع صغيرَها من ثدييها، فقد يتسرَّب شيء من الحليب من حلمتيها وتشعر بامتلاء الثديين وبالمَضَض والانزعاج فيهما. • على الأم أن تتقيَّد بتوجيهات طبيبها فيما يخصُّ مقدارَ الجهد المسموح لها أن تبذله، وذلك من قبيل صعود السلالِم أو المشي، خلال عدَّة أسابيع بعد الوِلادة. • يُوصي الأطبَّاء عادةً بالامتناع عن الجماع مدة أربعة أو ستة أسابيع بعد الولادة، بل يفرض الشرع الإسلامي ذلك. وإضافةً إلى التغيُّرات الجسدية، يمكن أن تشعر المرأة بالحُزن أو "بكآبة الولادة". وإذا كان شعورُ الأم بالحزن شديداً إلى درجة عدم القدرة على رعاية نفسها أو وليدها، فقد تكون مُصابة بحالة خطيرة اسمها اكتئاب ما بعد الوضع أو الولادة.
مقدمة
تعيش المرأة لحظةً من أسعد لحظات حياتها عندما تلد طفلاً سليماً مُعافى. ومع أنَّ العنايةَ بالمولود تستقطب أكبر قدرٍ من اهتمام الأم، لكن من المهمِّ أيضاً أن تنتبه إلى العناية بنفسها بعد الولادة. تُدعى الفترة الزمنية التي تلي الوِلادة باسم مرحلة ما بعد الولادة. وخلال هذه المرحلة، يعود جسمُ الأم إلى حالته الطبيعة شيئاً فشيئاً. لكن من الممكن أن تظهرَ لدى الأم مضاعفات بعد الولادة. وهنا تكمن أهمِّيةُ معرفة ما يمكن اعتباره طبيعياً، وما يمكن اعتباره مُقلِقاً وغير طبيعي من بين تلك الأعراض. يساهم هذا البرنامجُ التثقيفي في تكوين فهم أفضل لمرحلة ما بعد الولادة. وهو يشرح ما يمكن أن تفعلَه المرأةُ لإعانة جسمها على التَّعافي جيِّداً. وهو يتناول ما يجب أن تتوقَّعه المرأة، ومتى يكون عليها أن تستشير طبيبَها.
التغذية والنشاط البدني
بعدَ الوِلادة، يكون التقيُّدُ بتعليمات الطبيب أمراً مهماً من حيث النظامُ الغِذائي السَّليم، ومن حيث المُستوى المُناسِب من النشاط البدني. إن تغذيةَ الأم تُؤثِّر في المولود أيضاً إذا كانت الأم تُرضِعَه من ثَدييها. لا يجوز أن تغيِّرَ الأمُّ نظامَها الغذائي من غير استشارة الطبيب أولاً. وعليها أن تستمرَّ على النظام الغذائي الصحي الذي كانت تسير عليه في أثناء الحَمل إن إتباع نظام غِذائي متوازِن يساعدَ الأم على تخفيف وزنها، والعودة إلى وزنها قبلَ الحمل في أسرع وقت. على الأم أن تتناولَ الكثيرَ من الماء لتلافي الإصابة بالإمساك. وإذا كانت الأم تُرضِع وليدَها من ثديها، فعليها أن تشرب شيئاً كُلَّما أرضَعته. يجب سؤالُ الطبيب إن كان على الأم أن تستمرَّ في تناول الفيتامينات التي كانت تتناولها في أثناء فترة الحَمل. يقترح بعضُ الأطباء التوقُّف عن تناول هذه الفيتامينات أسبوعاً واحِداً قبلَ العودة إليها من جديد، وذلك لتلافي الإصابة بالإمساك. على الأم أن تزيدَ مستوى نشاطها البدني على نحوٍ تدريجي حتى تصلَ إلى مستوى الروتين السابق. لكن عليها أن تمتنعَ عن رفع أو دَفع أو سَحب أي جسم ثَقيل خلال فترة تمتد من أسبوعين إلى ستة أسابيع بعدَ الولادة. يجب أن تنتبهَ الأمُّ إلى مُراعاة وضعها إذا كانت قد أجرت وِلادة قيصريَّة. وعليها في هذه الحالة ألاَّ تحملَ أيَّ شيء يزيد وزنه على وزن وليدها. كما أنَّ عليها أن تطلبَ العون من أفراد أسرتها فيما يخص مهَام الحياة اليومية. لكن عليها أيضاً أن تتجنَّبَ الجلوسَ في وضعية واحدة أو الوقوف لفترة طويلة. إذا كانت المرأةُ قد خضعت لولادة قيصرية، فعليها أن تضع يدها على بطنها لتقوية منطقة الجرح ودعمها عندما:
• تتحرَّك.
• تعطُس.
• تسعُل.
• تضحك.
لا يجوز أن تقودَ المرأةُ السيَّارةَ بعد الولادة قبل أن يسمح لها الطبيبُ بذلك. ويستمرُّ ذلك عادة أسبوعين بعد الولادة. يجب أن تُكثِرَ المرأةُ من الاستراحة في أثناء قيامها بأيِّ نشاط جسدي بعد الولادة. وقد تتفاجأ لمدى إحساسها بالتعب والإرهاق. لكن هذا أمر طبيعي. ولذلك، عليها أن تحاول الاستراحة في أثناء نوم مولودها. تعدُّ التمارينُ الرياضيَّة مفيدةً في مُساعدة المرأة على العودة إلى وزنها قبل الحَمل. لكن عليها أن تبدأَ بتمارين بسيطة، ثم تزيدها تدريجياً. وعليها أيضاً ألاَّ تجبرَ نفسها على الرياضة، ما لم تشعر بأنَّ جسمها صار مُستعِدَّاً لها، لأنَّ المبالغةَ والتَّسَرُّع يمكن أن يُؤخِّرا الشفاء. يحتاج جسمُ المرأة إلى بعض الوقت للشِّفاء قبل العودة إلى ممارسة الجنس من جديد. وينصح الأطبَّاء عادة بالإنتظار فترة من أربعة إلى ستَّة أسابيع قبل العودة الى ممارسة الجنس، حيث تسمح هذه الفترةُ بعودة عُنُق الرَّحِم إلى وضعه الطبيعي وبتوقُّف النَّزف وشفاء الجُّروح والتمزقات. كما أنَّ الشرع الإسلامي يحرِّم الجماعَ قبلَ انتهاء فترةَ النِّفاس. لا وجودَ لفترة موحَّدة من أجل العودة إلى ممارسة الجنس بعد الشِّفاء؛ لكنَّ ذلك مرتبط بانهاء النزف النِّفاسي. ومن الممكن أن تؤثِّرَ كآبة ما بعد الولادة والتغيُّرات التي تطرأ على الجسم في مقدار الزمن اللازم حتَّى تشعرَ المرأة بالاستعداد لممارسة الجنس.
تغيُّرات المهبل والرَّحِم
يمرُّ المهبلُ والرَّحِم ببعض التغيُّرات في أثناء مرحلة تعافي الجسم بعد الولادة الطبيعية أو القيصريَّة. تظهر مُفرَزاتٌ مهبليَّة بعد الولادة، وتستمرُّ نحوَ ستة أسابيع. وتكون هذه المُفرزات كثيفةً، ولها لون أحمر فاقِع خلال يومين إلى خمسة أيام بعد الولادة. وبعدَ ذلك يُصبِح لونها وردياً أو بنّي، ثم يتحوَّل إلى اللون الأصفر أو يغدو شفافاً. لا يجوز استخدامُ الدِّكات المِهبلية خلال هذه الفترة، لأنها تزيد من خطر الإصابة بالعدوى. يمكن أن يحدثَ تبقع ذو لون أحمر فاقع من وقتٍ لآخر. وهذا شيء طبيعي. لكنَّ زيادة النزف قد تعني وجوبَ الحصول على مزيد من الرَّاحة. من الممكن أن تخرجَ أيضاً بعض الجُلطات أو الخَثرات الدموية. وهذا أمرٌ طبيعي ما دام أنَّها ليست كثيرة أو كبيرة الحجم. أما إذا تشَبَّعت الفوطةُ النسائية تماماً خلال أقل من ساعة، أو إذا كان حجم الخثرات الدموية أكبر من حجم كرة الغولف، فعلى المرأة أن تراجع الطبيب. إذا كانت المرأة قد خضعت لبَضع أو شَقِّ الفَرج في أثناء الوِلادة، فقد يؤلمها مكان البَضع عدة أسابيع بعد الولادة. والبَضعُ هو شَقٌّ جِراحي قد يقرِّر الطبيبُ إجراءَه بين المهبل والشَّرج في أثناء الوِلادة الطبيعية من أجل تسهيل الولادة. إذا لم يقم الطبيبُ بإجراء بَضع الفَرج، لكن المرأة أُصيبت بتَمَزُّقٍ مهبلي في أثناء الولادة، فقد يستمرُّ الألم عدَّةَ أسابيع بعدها. يقوم الطبيبُ بخياطة موضِع التَّمزُّق المهبلي أو البَضع المِهبلي بعد الولادة. وهو يستخدم خُيوطاً جراحية تتفكَّك وتذوب تلقائياً بعد أسبوعين. يجب المحافظةُ على نظافة المنطقة بغسلها جيِّداً عند استخدام المرحاض. ومن الممكن أن يكونَ استخدام كيس من الثَّلج مفيداً في تخفيف الألم. من الممكن أن تجري خياطة شَقِّ العملية القيصرية بخيوط قابلة للذوبان، أو بمشابك جراحية تُزال فيما بعد. ويقوم الطبيبُ بإخبار المرأة عن كيفية العناية بالشَّق الجراحي ريثما يُشفى. قد تستمرُّ المرأة في الإحساس بآلام التقَلُّصات عدَّةَ أيَّام بعد الولادة. تُدعى هذه التقلُّصاتُ باسم "الخَوالِف". وهي تمنع زيادةَ النزف، وتساعِد الرَّحِم على العودة إلى حجمه الطبيعي. يساعد الإرضاعُ الطبيعي من الثدي أيضاً على عودة الرَّحِم إلى حجمه الطبيعي، لأنَّه يُحَرِّض الخوالِف التي تُساهم في تقَلُّص الرَّحِم. أمَّا في حالة عدم الإرضاع من الثدي، فعلى المرأة إخبار الطبيب إذا لم تعُد دورةُ الحيض بعدَ أحد عشر أسبوعاً من الولادة. في حالة الإرضاع الطبيعي من الثدي، من الممكن أن لا تعود دورة الحَيض طوالَ أشهر كثيرة، حيث يجب أن تعودَ الدَّورة بعد أسابيع قليلة من تَوقُّف الإرضاع. ويجب إخبارُ الطبيب إذا لم تعُد الدَّورة خلال ستَّة أسابيع من توقُّف الإرضاع من الثدي. قد تحدث الإباضةُ قبل عودة دورة الحَيض. يجب استخدام أحد الأساليب المَوثوقة لمنع الحَمل عندَ عدم الرغبة في حُدوث حَمل جديد، وذلك حتَّى إذا لم تعُد دورة الحيض بعد. يُمكن أن يكون الطَّمث أشدَّ من المعتاد أوَّلَ الأمر. لكنَّه يجب أن يعودَ إلى غزارته المُعتادة على نحو تدريجي. إجابةٌ صحيحة. لا يجوز استخدامُ الدِّكات المهبلية في أثناء فترة النقاهة بعد الولادة إن كانت الولادة طبيعية، وذلك لأنها تزيد احتمالَ الإصابة بالعدوى. إجابةٌ خاطئة. من الممكن أن يؤدِّي استخدام الدِّكات المهبلية إلى زيادة احتمال الإصابة بالعدوى. ولذلك، لا يجوز استخدامُها إلاَّ بعد موافقة الطبيب.
التبَوُّل والتَّغَوُّط
إنَّ للحمل والولادة تأثيراً في المثانة والأمعاء أيضاً، لأنَّ الولادةَ الطبيعية تُؤدي إلى تمدُّد الأنسجة في قاعدة المَثانة، وهذا ما قد يُسبِّب تسَرُّباً للبول عند السُّعال أو العُطاس أو الضَّحِك. لكنَّ هذه الظاهرة تتراجع عادةً مع تعافي الجسم خلال الأشهر الثلاثة التي تعقُب الوَضع. إن تمارينَ عَضلات الحَوض، أو تمارين كيجل، تقَوِّي العضلات التي توقِف التبوُّل. يساعد تقوية هذه العضلات على ضبط التبوُّل مدَّةً أطول. إنَّ أداء هذه التمارين أمر سهل، وهي تخفِّف التسرُّب من المثانة أو تُلغيه تماماً. تؤدِّي تمارين كيجل إلى تقوية عضلات قاعدة الحوض. ونحن نستخدم هذه العضلات لمنع خروج البول والغازات. يجب شدُّ هذه العضلات والاستمرار في ذلك خمسَ ثوانٍ، ثم إرخاؤها. ويُكرَّر هذا التمرين أربع أو خمس مرات متتالية في أوقات مختلفة من اليوم. يعدُّ ظهورُ الإمساك والبَواسير مشكلةً شائِعة بعدَ الولادة الطبيعية والقيصرية. والبواسيرُ هي أوعيةٌ دموية مُتضَخِّمة أو مُتورِّمة موجودة قربَ المستقيم أو الشَّرج. ومن الممكن تخفيف ألم البواسير أو الإنزعاج بالجلوس في مغطَس مائي دافئ وباستخدام الأدوية. يساهِم حدوثُ الإمساك في ظهور البواسير. لكنَّ الإكثارَ من الماء والأطعمة الغنية بالألياف، كالفاكهة والخُضار والحبوب الكاملة، مفيد في الوقاية من الإمساك. كما أنَّ كثرة الحَركة مفيدة في منع حدوث الإمساك أيضاً. إذا استمرَّ الإمساكُ عند المرأة بعد الولادة، فمن الممكن أن تتناول مُليِّنات أو مسهلات تُباع من غير وصفة طبيَّة. لكن من الأفضل استشارة الطبيب قبلَ تناول أيَّة أدوية. تُعاني بعضُ النساء أحياناً من مشكلة في ضبط حركة الأمعاء. لكنَّ تمارينَ كيجل تُساعد أيضاً على حلِّ هذه المُشكلة. أمَّا إذا استمرَّت المشكلةُ، فإنَّ من الأفضل استشارة الطبيب. إنَّ الاهتمامَ بالنظافة مسألةٌ في غاية الأهمية. ولمنع حدوث العدوى، يجب أن تمسحَ المرأة فَرجَها من الأمام باتجاه الشَّرج بعدَ استخدام المِرحاض. ولا يجوز تكرارُ مَسح الفَرج بالمنديل نفسه بعد مَسح منطقة الشَّرج. كما يجب استخدامُ تيَّار مائي لتنظيف تلك المنطقة بعدَ كلِّ استخدام للمِرحاض.
العنايةُ بالثَّدي
قد يتَورَّم الثَّديان بعد الولادة بسبب امتلائهما بالحليب خلال ثلاثة إلى خمسة أيام بعد الولادة. إذا قرَّرت المرأةُ عدمَ إرضاع وليدها من ثدييها، فهناك طُرُق يُمكن استخدامها لوقف إنتاج الحَليب. يجب أن ترتدي المرأةُ حَمَّالة ثَديين متينة وداعمة طوالَ النهار والليل للضغط على الثديين. إنَّ الامتناعَ عن استخراج الحليب وعدم السماح بخروجه أمرٌ مُهمٌّ من أجل إيقاف إنتاجه في حالة عدم الإرضاع من الثديين. ويُقال عن الثديين الممتلئين بالحليب إنهما مُحتَقِنان. صحيح أنَّ الضَّغطَ عليهما لإخراج الحَليب يُقلِّل من الانزعاج، لكنَّه يُؤدِّي إلى إنتاج مزيد من الحليب. ومن أجل تجنُّب الألم الناجِم عن احتقان الثديين، من غير إخراج الحليب منهما، يُمكن استخدام أكياس من الثَّلج أو الاستحمام بماء دافئ لتخفيف الإحساس بالضَّغط في الثديين. إذا قرَّرت الأمُّ أن تُرضِعَ وليدها، فعليها أن تبدأ ذلك في أبكر وقت ممكن، لأنَّ هذا يحرض إنتاج الحليب. ويؤدِّي الإرضاعُ إلى عدم المعاناة من مشكلة امتلاء الثديين عادةً، علماً بأنَّ الإرضاعَ من ثديين مُحتقنين يكون صعباً. إذا احتقن الثَّديان، فمن الممكن أن تضعَ المرأةُ عليهما أو تحت إبطيها منشفةً دافِئة أو "رُقعة تدفئة" للمساعدة على تدفُّق الحليب بسهولة. ومن الممكن أيضاً أن يحدثَ تَسرُّبٌ للحليب من الثديين بعدَ الولادة. لا يُمكن فعلُ أيِّ شيء لوقف هذا التسرُّب. لكنَّ استخدام الرُقاقات الماصَّة التي تُوضَع على الثديين في هذه الحالة يُفيد في منع تلوُّث الملابس بالحليب. يجب الامتناعُ عن استخدام الرُّقاقات أو الوسائد الماصَّة التي تحوي مواد بلاستيكية. كما يجب تغييرُها كُلَّما تبلَّلت وبعدَ كلِّ رَضعة. من الممكن أن تكونَ الخطوطُ الحمراء أو المناطق المؤلمة في الثديين دليلاً على وجود عدوى. وفي هذه الحالة، لابدَّ من استشارة الطبيب. لكن لا يجوز التوقُّفُ عن الإرضاع في هذه الأحوال، لأنَّ استمرار جَريان الحليب في قنوات الحليب المُصابة بالعدوى يساعد على تنظيفها، ولا يُلحِق أيَّ ضرر بالطفل. يجب أن تمتنعَ المرأةُ عن تناول أيَّة أدوية، حتى إذا كانت تُباع من غير وصفة طِبِّية، إلاَّ إذا وافق الطبيب على ذلك، لأنَّ من الممكن أن تمرَّ المواد الدوائية إلى الطفل عبر الحليب.
تغيُّرات الشعر والجِلد والمزاج
يتأثَّر شعرُ المرأة وجلدها ومزاجها بالحمل والولادة. إنَّ لتغيُّرات مستويات الهرمونات أثر كبير في هذا كله. تؤدِّي مستوياتُ الهرمونات في الجسم في أثناء الحَمل إلى وقف تساقُط الشَّعر. لكنَّ هذه المستويات تعود إلى حالتها الطبيعية بعدَ الولادة، ممَّا يُمكن أن يؤدِّي إلى فقدان المرأة لكمِّية الشّعر الزائدة خلال فترة قصيرة. قد يتطلَّب الأمرُ ستَّةَ أشهر حتَّى يعودَ الشَّعر إلى حالته الطبيعية. وعلى المرأة أن تتجنَّبَ إلحاق الأذى بشعرها بأيَّة طريقة خلال هذه الفترة. وعليها أن تتجنَّب استخدام مُجفِّف الشَّعر وأدوات تجعيد الشعر والأصبغة أيضاً. إن علامات الشَّد (أي التَّشقُّقات) نتيجةٌ شائعة من نتائج الحمل أيضاً. لكنَّ هذه الخطوط لا تختفي، رغم أنَّها تتلاشى تدريجياً، ويتحوَّل لونها من الأحمر أو الأرجواني إلى اللون الأبيض. من الممكن أن تؤدِّي التغيُّراتُ المفاجئة في مستويات الهرمونات بعد الولادة الطبيعية أو القيصرية إلى ما يُعرَف باسم "كآبة الولادة". وهي تستمرُّ عدَّةَ أيَّام وقد تصل إلى أسبوعين. وهي نوعٌ من الاكتئاب الشائع بعد الولادة ويختفي عادةً بعد أسبوعين. تُصيب هذه الحالةُ نحو سبعين بالمائة من النساء بعد الولادة. إذا أُصيبت المرأةُ بكآبة الولادة، ثمَّ تفاقم الوضع أو استمرَّ من غير أن يتراجع، فقد تكون مُصابة باكتئاب ما بعد الولادة، ممَّا يستدعي استشارة الطبيب. إن اكتئاب ما بعدَ الوضع مرضٌ حقيقي، لكنَّه قابل للعلاج.
فحص ما بعد الولادة
يُخبر الطبيبُ المرأةَ عادةً بوجوب مراجعته بعد الولادة بستَّة أسابيع، لإجراء فحص يُعرف باسم "فحص ما بعد الولادة". وقد تكون المدَّةُ أقلَّ من ذلك في حال إجراء بَضع الفَرج، أو في حال حدوث تمزُّق مهبلي أو أي مضاعفات أخرى في أثناء الولادة. خلال فحص ما بعد الولادة، يتأكَّد الطبيبُ من أنَّ المرأة تتعافى وتُشفى على نحو سليم. ويتضمَّن الفحصُ فحصَ المهبل والرِّحِم وعُنق الرَّحِم. كما قد يُجري الطبيبُ أيضاً فحصاً للثديين، إضافةً إلى فحص ضغط الدم والتحقُّق من الوزن. تعد مراجعة الطبيب هذه مناسبة جيدة لسؤاله عن كل ما تريد المرأة معرفته عن منع الحمل والإرضاع من الثديين، وأي شيء آخر قد يكون لديها. وهذا ما يشمل الصحةَ الجسدية والنفسية أيضاً. لا تنبع أهمِّيةُ هذه المقابلة مع الطبيب من أنَّها تسمح برؤية مدى شفاء المرأة وتعافيها بعد الولادة فحسب، ولكنها تسمح للأم أيضاً برؤية كيفية تعاملها وتلاؤمها مع حياتها الجديدة بعد أن صارت أماً.
العلاماتُ المُنذِرة بالخطر
مع كلِّ هذه التغيُّرات التي تُصيب الجسمَ، يصبح من المهم أن تعرف المرأة متى يكون عليها أن تتصل بطبيبها. لابدَّ من استشارة الطبيب إذا ظهرت أيَّةُ علامة من العلامات التالية:
• درجة حرارة تتجاوز ثمانية وثلاثين درجة مئوية.
• مناطق أو خُطوط ساخنة أو مؤلمة أو حمراء على الثَّدي.
• تشَقُّق الحلمتين ونزفهما.
• نزف مهبلي غزير أو خروج خَثرات كبيرة الحجم.
• مُفرزات مهبلية ذات رائحة كريهة.
• ألم أو انتفاخ أو حساسية للألم في الساق.
• آلام شديدة في البطن (إن بعض التقلُّصات أمر طبيعي).
• كثرة الحاجة إلى التبوُّل.
• إمساك يستمرُّ أكثرَ من ثلاثة أيَّام.
• احمرار مناطق الشُّقوق الجراحية أو تورُّمها أو خروج مُفرَزات منها.
• اكتئاب شديد أو كآبة لا تزول.
يجب أن تسألَ المرأةُ طبيبها أيضاً عن أيَّة أعراض تبدو لها غير طبيعية، لأنَّ من الأفضل أن تكون في أمان بدلاً من التغاضي عن أي شيء يمكن أن يكون خطيراً.
الخلاصة
تُدعى الفترةُ التي تعقب الولادة باسم فترة ما بعد الولادة. وخلال هذه الفترة، يعود جسم الأم تدريجياً إلى حالته الطبيعية قبل الحَمل. ومع أن الطفلَ الوليد يُمكن أن يكونَ محور اهتمام أمَّه، فإنَّ عليها ألاَّ تُهمل رعايةَ نفسها بعد الولادة. مع كلِّ التغيُّرات التي تُصيب جسمَ الأم، يكون من المهم أن تعرف ما هو طبيعي وما يُمكن أن يكون علامةً على حدوث مرض أو مُضاعفات. وإذا كان لديها أيَّة أسئلة تتعلَّق بصحَّتها وصحة وليدها، فإن عليها ألاَّ تتردَّدَ في استشارة الطبيب. تعيش المرأةُ لحظة من أسعد لحظات حياتها عندما تلد طفلاً مُعافى. إنَّ اهتمام المرأة بنفسها هو الخطوة الأولى نحو اهتمامها بوليدها.
www.kaahe.org/health/ar
اترك تعليق