مُمَهِدَاتْ... وحقيق أن تبادر المرأة المثقّفة الملتزمة الواعية فتمهد الطريق وتفتح الآفاق.

ومن كلام له(ع) في بيان كيفية الزواج من السيدة الزهراء(ع)

ومن كلام له(ع) في بيان كيفية الزواج من السيدة الزهراء(ع)

قال أمير المؤمنين علي(ع):
(فأقمت بعد ذلك شهرا أصلي مع رسول الله(ص)، وأرجع إلى منزلي ولا اذكر شيئا من أمر فاطمة، ثم قلن أزواج رسول الله(ص): ألا نطلب لك من رسول الله(ص) دخول فاطمة عليك؟
قلت: افعلن.
فدخلن عليه، فقالت أم أيمن: يا رسول الله، لو أن خديجة باقية لقرت عينها بزفاف فاطمة، وإن عليا يريد أهله، فقر عين فاطمة ببعلها، واجمع شملهما، وقر عيوننا بذلك!
فقال: فما بال علي لا يطلب مني زوجته، فقد كنا نتوقع منه ذلك؟!
قال علي(ع) فقلت: الحياء يمنعني يا رسول الله.
فالتفت إلى النساء فقال: من هاهنا؟
فقالت أم سلمة: أنا أم سلمة، وهذا زينب، وهذه فلانة وفلانة.
فقال رسول الله(ص): هيئوا لا بنتي وابن عمي في حجري بيتا.
فقالت أم سلمة: في أي حجرة يا رسول الله؟
قال: في حجرتك.
وأمر نساءه أن يزين ويصلحن من شأنها...
قال علي(ع) ثم قال لي رسول الله(ص): يا علي، اصنع لأهلك طعاما فاضلا.
ثم قال: من عندنا اللحم والخبز وعليك التمر والسمن.
فاشتريت تمرا وسمنا، فحسر رسول الله(ص) عن ذراعه وجعل يشدخ التمر في السمن حتى اتخذه خبيصا(1)، وبعث الينا كبشا سمينا فذبح، وخبز لنا خبزا كثيرا، ثم قال لي رسول الله(ص): ادع من أحببت.
فأتيت المسجد وهو مشحن بالصحابة، فاستحييت أن أشخص قوما وأدع قوما، ثم صعدت على ربوة هناك وناديت: أجيبوا إلى وليمة فاطمة. فأقبل الناس أرسالا، فاستحييت من كثرة الناس وقلة الطعام، فعلم رسول الله(ص) ما تداخلني فقال: يا علي إني سأدعو الله بالبركة.
قال علي(ع): وأكل القوم عن آخرهم طعامي، وشربوا شرابي، ودعوا لي بالبركة، وصدروا -وهم أكثر من أربعة آلاف رجل- ولم ينقص من الطعام شيء، ثم دعا رسول الله(ص) بالصحاف(2) فملئت، ووجه بها إلى منازل أزواجه، ثم أخذ صحفة وجعل فيها طعاما وقال: هذا لفاطمة وبعلها).
حتى إذا انصرفت الشمس للغروب، قال رسول الله(ص): يا أم سلمة، هلمي فاطمة، فانطلقت، فأتت بها وهي تسحب أذيالها، وقد تصببت عرقا حياء من رسول الله(ص)، فعثرت فقال لها رسول الله(ص): أقالك الله العثرة في الدنيا والآخرة. فلما وقفت بين يديه كشف الرداء عن وجهها حتى رآها علي(ع)، ثم أخذ يدها فوضعها في يد علي(ع)، فقال: بارك الله لك في ابنة رسول الله، يا علي، نعم الزوجة فاطمة، ويا فاطمة، نعم البعل علي، انطلقا إلى منزلكما، ولا تحدثا أمرا حتى آتيكما.
(قال علي(ع): فأخذت بيد فاطمة، وانطلقت بها حتى جلست في جانب الصفة وجلست في جانبها، وهي مطرقة إلى الأرض حياء مني، وأنا مطرق إلى الأرض حياء منها. ثم جاء رسول الله(ص)
فقال: من هاهنا؟
فقلنا: ادخل يا رسول الله، مرحبا بك زائرا وداخلا).
فدخل [ص] فأجلس فاطمة(ع) من جانبه، وعليا(ع) من جانبه. ثم قال: يا فاطمة، ائتيني بماء، فقامت إلى قعب في البيت فملأته ماء، ثم أتته به، فأخذ منه جرعة فتمضمض بها، ثم مجها في القعب، ثم صب منها على رأسها، ثم قال: أقبلي، فلما أقبلت نضح منه بين ثدييها، ثم قال: أدبري، فلما أدبرت نضح منه بين كتفيها، ثم قال: اللهم هذه ابنتي وأحب الخلق إلي، اللهم وهذا أخي وأحب الخلق إلي، اللهم لك وليا وبك حفيا، وبارك في أهله، ثم قال: يا علي، ادخل بأهلك، بارك الله لك، ورحمة الله وبركاته عليكم إنه حميد مجيد)(3).


الهوامش:
(1) الخبيص: الحلواء المخبوصة من التمر والسمن.
(2) الصحاف: جمع صحفة، وهي القصة الكبيرة.
(3) الأمالي للطوسي ص 41 الرقم 45، بحار الأنوار ج 43 ص 95، ينابيع المودة ج 1 ص 206.


المصدر: حياة أمير المؤمنين(ع) عن لسانه: محمد محمديان. ط1، 1417، مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين بقم المشرفة.

التعليقات (0)

اترك تعليق