السيدة سكينة بنت الحسين(ع) من شاعرات القرن الأول الهجري(5)
شاعرات القرن الثاني الهجري:
1- سكينة بنت الحسين(ع).
2- فاطمة بنت الحسين(ع).
3- زينب الكبرى بنت علي(ع).
أولاً: سكينة بنت الحسين(ع):
لا تعذليـــه فهم قــاطع طُرقُـــه فعينه بدمـــــــوع ذُرّفِ غدقـــه
إن الحسيـــن غداة الــطف يرشقه ريب المنون فما أن يخطىء الحدقه
بكفّ شـــــر عبـــــاد الله كــلهم نسل البغـايا وجيش المرَّق الفسقه
يا أمة السوء هاتوا ما احتجاجكم غدا وجلُّكم بالـــسيف قـــد صفقه
الــويل حل بــكم إلا بمن لحقــه صيرتمـــوه لأرمـــآح العدى درقه
يـا عين فاحتفلي طول الحياة دماً لا تبك ولـــــداً ولا أهلاً ولا رفقه
لكن على ابن رســـول الله فانسكبـي قيحـــا ودمعـا وأثريهما العلقه
رواها الزجاج عبد الرحمن بن إسحاق في الأمالي طبعة ١٣٢٤ ص ١١١. قال أنشدنا أبو بكر بن دريد عن أبي حاتم سهل بن محمد السجستاني لسكينة بنت الحسين بن علي بن أبي طالب(ع).
كانت السيدة سكينة سيدة نساء عصرها وأوقرهن ذكاء وعقلا وأدبا وعفة، وكانت تزيّن مجالس نساء أهل المدينة بعلمها وأدبها وتقواها، وكان منزلها بمثابة ندوة لتعلم العلم والفقه والحديث.
ولدت الرباب: سكينة وعبد الله. فأما عبد الله فقد قتل رضيعاً في حجر أبيه يوم عاشوراء وذلك لما قتل أهل بيته وصحبه وبقي وحده.
وأما سكينة فقد روى الشيخ عباس القمي في (نفس المهموم) أن اسمها آمنة وقيل أمينة وإنما أمها الرباب لقّبتها بسكينة كما ذكر ابن خلكان في ترجمتها ذلك في وفيات الأعيان وكذا في شذرات الذهب في ج ١ ص ١٥٤ ونور الابصار ص ١٥٧ ويظهر أنّ أمها إنما أعطتها هذا اللقب لسكونها وهدوئها. وعلى ذلك فالمناسب فتح السين المهملة وكسر الكاف التي بعدها، لا كما يجري على الألسن من ضم السين وفتح الكاف.
والمحكي عن شرح أسماء رجال المشكاة أنه مصغر بضم السين وفتح الكاف. ومثله القاموس. قال البحاثة السيد عبد الرزاق المقرم في كتابه (سكينة بنت الحسين): ولم يتضح لنا سنة ولادتها ولا مقدار عمرها كما صح لنا ولادتها بالمدينة ووفاتها فيها كما في تهذيب الاسماء للنووي ج ١ ص ٢٦٣، ومعارف ابن قتيبة وتذكرة الخواص وابن خلكان بترجمتها.
قال السيد الامين في (الأعيان) عن ابن خلكان: توفيت السيدة سكينة بالمدينة يوم الخميس لخمس خلون من شهر ربيع الأول سنة ١١٧ هـ سنة سبع عشرة ومائة بعد الهجرة.
وقال: كانت سيدة نساء عصرها ومن أجمل النساء، وعمرها على ما قيل خمس وسبعون سنة، فعلى هذا كان لها بالطف تسعة عشر سنة.
وقال سبط ابن الجوزي ماتت فاطمة بنت الحسين وأختها سكينة في سنة واحدة وهي سنة مائة وسبعة عشرة بعد الهجرة.
روى الصبان في إسعاف الراغبين أن الحسن المثنى بن الحسن بن أمير المؤمنين(ع) أتى عمه الحسين يخطب إحدى ابنتيه: فاطمة وسكينة فقال له أبو عبد الله: أختار لك فاطمة فهي أكثر شبهاً بأمي فاطمة بنت رسول الله(ص)، أما في الدين فتقوم الليل كله وتصوم النهار، وفي الجمال تشبه الحور العين.
وأما سكينة فغالب عليها الاستغراق مع الله فلا تصلح لرجل، أقول هذه شهادة من الإمام أبي عبد الله في تقوى هذه السيدة المصونة وأنها منقطعة إلى الطاعة والعبادة فكأنها لا تأنس بغيرها وهذا مما زاد في محلها من قلب أبيها الحسين إمام عصره حتى استحقت أن يضعها المعصوم بخيرة النساء وذلك لما ودع الإمام عيالاته يوم عاشوراء أجلس سكينة وهو يمسح على رأسها ويقول:
لا تحرقي قلبــي بدمعك حسرة ما دام مني الروح في جثماني
فإذا قتلت فأنت أولى بالذي تأتينه يــا خيــرة النسوان
أيليق بهذه المصونة الجليلة والحرة النبيلة أن تجالس الشعراء وينشدونها الأشعار كما روى ذلك أبو الفرج المرواني في الأغاني وروايته عن آل الزبير وعداوة آل الزبير لآل النبي مشهورة مذكورة.
سكينة بنت الحسين التي نشأت في حضن الرسالة ودرجت في حجر الامامة بنت الحسين سيد أهل الإباء، وعاشت بجنب عمتها وسيدتها العظيمة الحوراء زينب بنت امير المؤمنين(ع) وبجوار أخيها السجاد زين العابدين، تحوطها هالة من أنوار الميامين الأبرار ومن سادات بني هاشم الكرام، إن من يتربى ويترعرع في مدرسة الرسالة المحمدية ويتفقه بفقه القرآن ويتأدب بالأدب العلوي العالي ويتهذب بالتربية الحسينية الرفيعة مثل السيدة سكينة لا يمكن أن ترضى لنفسها أو تسمح لصواحبها وأترابها من نسوة المدينة من أهل الشرف بالاجتماع مع الرجال الأجانب مهما كانوا وهي من بيت أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا.
أيصح أن تقوم خيرة النساء في عصرها -كما يقول سيد الشهداء- وهي ترى أخاها السجاد(ع) يغمى عليه بين حين وآخر ويعقد المجالس للنياحة على أبيه الشهيد والثواكل من نساء بني هاشم يندبن قتلاهن ثم تعقد هي مجلس السمر مع الشعراء.
كتب العلامة السيد عبد الرزاق المقرم ودافع عن كرامة بنت الحسين وأعقبه المحقق الاستاذ توفيق الفكيكي فأجاد وأفاد واستهل كتابه بهذا البيت- وهو للسيد الشريف الرضي:
وقد نقلوا عني الذي لم أفة به وما آفه الاخبار إلا رواتها
وجاء بقصيدة عمر بن أبي ربيعة التي قالها سعدى بنت عبد الرحمن بن عوف وأولها:
قالت سكينةُ والدمــــوع ذوارف تجري على الخدين والجلباب
وذكر عدة مصادر منها ما حققه المحقق العلامة الشنقيطي في شرح أمالي الزجاج كما أوردها صاحب الاغاني أيضاً: قالت سعيدة والدموع ذوارف، واستدل بمصادر عديدة منها الحصري في (زهر الآداب) كما أنها في ديوان عمر بن أبي ربيعة هكذا: قالت سعيدة والدموع ذوارف.
وإن لعمر بن أبي ربيعة شعراً كثيراً في (سعدى) يورده صاحب الأغاني، ثم روى أيضاً عن حماد بن إسحاق الموصلي ومعجم الأدباء وشارح ديوان عمر بن أبي ربيعة وكلها تؤيد ما يقول وتصرح بأن هذا الشعر ليس في سكينة، وأن هذه الرواية المدسوسة التي يرويها القالي عن أستاذه الزجاج وهذا عن شيخه المبرد رواها عن القصاصين والمغنين الذين عاشوا على موائد البلاط الأموي.
قال: وهناك أهم من هذا كله ـ وهو العنصر السياسي فإنه كان العامل المهم في هذا التغيير خاصة إذا ما علمنا أن الشيخ القالي أموي الفكرة وأن جدّه سلمان كان مولى إلى عبد الملك بن مروان، وقد عاش بقية حياته في كنف الخليفة الأموي عبد الرحمن الناصر وابنه الحكم في الأندلس، وكان من مقتضى السياسة الأموية في الشرق والغرب ومن مصلحتها أن تذيع هذه القصيدة وأمثالها على لسان المغنين والمغنيات والقصاصين باسم (سكينة) بنت الحسين، ومما يؤيد ذلك استنكار الرشيد وغضبه على إسحاق الموصلي عندما غنى بين يديه بما حفظه عن المغنين: قالت سكينة والدموع ذوارف، وقوله: ألا تتحفظ في غنائك وتدري ما يخرج من رأسك انتهى.(١)
ويأتي سؤال هل تزوجت سكينة بن الحسين؟ وبمن تزوجت؟
نقول أن علماء النسب والتاريخ يذكرون أن سكينة تزوجت بعبد الله الأكبر بن الإمام الحسن السبط وهو أخو القاسم، وأمهما رملة. استشهد يوم الطف قبل القاسم، ومن هؤلاء الأعلام النسابة أبو الحسن العمري في القرن السادس في كتابه (المجدي) وأبو علي الطبرسي صاحب مجمع البيان في أعلام الورى ص ١٢٧ عند ذكر أولاد الحسن، والشيخ محمد الصبان في إسعاف الراغبين على هامش نور الأبصار ص ٢٠٢، وروى الشيخ عباس القمي في سفينة البحار عن أعلام الورى في ذكر أولاد الحسين بن علي(ع): وكان عبد الله بن الحسن قد زوجه الحسين ابنته سكينة فقتل قبل أن يبنى بها.
بعض ما جاء في فضلها:
1ـ روى ابن الفرج ان سكينة بنت الحسين(ع) كانت في مأتم فيه بنت لعثمان فقالت بنت عثمان: أنا بنت الشهيد، فسكتت سكينة فقال المؤذن: أشهد أن محمداً رسول الله. قالت سكينة هذا أبي أو أبوك، فقالت العثمانية: لا أفخر عليكم أبداً.
2ـ وروى سبط ابن الجوزي عن سفيان الثوري قال: أراد علي بن الحسين الخروج الى الحج أو العمرة فاتخذت له أخته سكينة بنت الحسين سفرة طعام أنفقت عليها ألف درهم وأرسلت بها إليه، فلما كان بظهر الحرّة أمر بها ففرقت في الفقراء والمساكين.
3- وفي تاريخ ابن خلكان: أن سكينة سيدة نساء عصرها.
4- وقال مؤرخ دمشق شمس الدين محمد بن طولون في كتابه (الأئمة الاثنا عشر) قدمت سكينة دمشق مع أهلها ثم خرجت الى المدينة. وكانت من سادات النساء واهل الجود والفضل رضي الله عنها وعن أبيها.
الهوامش:
1ـ كتب القانوني البارع الأستاذ توفيق الفكيكي كتابا عن حياة السيدة سكينة بنت الحسين(ع) وكان هذا الكتاب الحلقة الخامسة من سلسلة حديث الشهر التي أصدرها العلامة البارع الشيخ عبد الله السبيتي.
المصدر: كتاب أدب الطف: جواد شبّر. ج1.
1- سكينة بنت الحسين(ع).
2- فاطمة بنت الحسين(ع).
3- زينب الكبرى بنت علي(ع).
أولاً: سكينة بنت الحسين(ع):
لا تعذليـــه فهم قــاطع طُرقُـــه فعينه بدمـــــــوع ذُرّفِ غدقـــه
إن الحسيـــن غداة الــطف يرشقه ريب المنون فما أن يخطىء الحدقه
بكفّ شـــــر عبـــــاد الله كــلهم نسل البغـايا وجيش المرَّق الفسقه
يا أمة السوء هاتوا ما احتجاجكم غدا وجلُّكم بالـــسيف قـــد صفقه
الــويل حل بــكم إلا بمن لحقــه صيرتمـــوه لأرمـــآح العدى درقه
يـا عين فاحتفلي طول الحياة دماً لا تبك ولـــــداً ولا أهلاً ولا رفقه
لكن على ابن رســـول الله فانسكبـي قيحـــا ودمعـا وأثريهما العلقه
رواها الزجاج عبد الرحمن بن إسحاق في الأمالي طبعة ١٣٢٤ ص ١١١. قال أنشدنا أبو بكر بن دريد عن أبي حاتم سهل بن محمد السجستاني لسكينة بنت الحسين بن علي بن أبي طالب(ع).
كانت السيدة سكينة سيدة نساء عصرها وأوقرهن ذكاء وعقلا وأدبا وعفة، وكانت تزيّن مجالس نساء أهل المدينة بعلمها وأدبها وتقواها، وكان منزلها بمثابة ندوة لتعلم العلم والفقه والحديث.
ولدت الرباب: سكينة وعبد الله. فأما عبد الله فقد قتل رضيعاً في حجر أبيه يوم عاشوراء وذلك لما قتل أهل بيته وصحبه وبقي وحده.
وأما سكينة فقد روى الشيخ عباس القمي في (نفس المهموم) أن اسمها آمنة وقيل أمينة وإنما أمها الرباب لقّبتها بسكينة كما ذكر ابن خلكان في ترجمتها ذلك في وفيات الأعيان وكذا في شذرات الذهب في ج ١ ص ١٥٤ ونور الابصار ص ١٥٧ ويظهر أنّ أمها إنما أعطتها هذا اللقب لسكونها وهدوئها. وعلى ذلك فالمناسب فتح السين المهملة وكسر الكاف التي بعدها، لا كما يجري على الألسن من ضم السين وفتح الكاف.
والمحكي عن شرح أسماء رجال المشكاة أنه مصغر بضم السين وفتح الكاف. ومثله القاموس. قال البحاثة السيد عبد الرزاق المقرم في كتابه (سكينة بنت الحسين): ولم يتضح لنا سنة ولادتها ولا مقدار عمرها كما صح لنا ولادتها بالمدينة ووفاتها فيها كما في تهذيب الاسماء للنووي ج ١ ص ٢٦٣، ومعارف ابن قتيبة وتذكرة الخواص وابن خلكان بترجمتها.
قال السيد الامين في (الأعيان) عن ابن خلكان: توفيت السيدة سكينة بالمدينة يوم الخميس لخمس خلون من شهر ربيع الأول سنة ١١٧ هـ سنة سبع عشرة ومائة بعد الهجرة.
وقال: كانت سيدة نساء عصرها ومن أجمل النساء، وعمرها على ما قيل خمس وسبعون سنة، فعلى هذا كان لها بالطف تسعة عشر سنة.
وقال سبط ابن الجوزي ماتت فاطمة بنت الحسين وأختها سكينة في سنة واحدة وهي سنة مائة وسبعة عشرة بعد الهجرة.
روى الصبان في إسعاف الراغبين أن الحسن المثنى بن الحسن بن أمير المؤمنين(ع) أتى عمه الحسين يخطب إحدى ابنتيه: فاطمة وسكينة فقال له أبو عبد الله: أختار لك فاطمة فهي أكثر شبهاً بأمي فاطمة بنت رسول الله(ص)، أما في الدين فتقوم الليل كله وتصوم النهار، وفي الجمال تشبه الحور العين.
وأما سكينة فغالب عليها الاستغراق مع الله فلا تصلح لرجل، أقول هذه شهادة من الإمام أبي عبد الله في تقوى هذه السيدة المصونة وأنها منقطعة إلى الطاعة والعبادة فكأنها لا تأنس بغيرها وهذا مما زاد في محلها من قلب أبيها الحسين إمام عصره حتى استحقت أن يضعها المعصوم بخيرة النساء وذلك لما ودع الإمام عيالاته يوم عاشوراء أجلس سكينة وهو يمسح على رأسها ويقول:
لا تحرقي قلبــي بدمعك حسرة ما دام مني الروح في جثماني
فإذا قتلت فأنت أولى بالذي تأتينه يــا خيــرة النسوان
أيليق بهذه المصونة الجليلة والحرة النبيلة أن تجالس الشعراء وينشدونها الأشعار كما روى ذلك أبو الفرج المرواني في الأغاني وروايته عن آل الزبير وعداوة آل الزبير لآل النبي مشهورة مذكورة.
سكينة بنت الحسين التي نشأت في حضن الرسالة ودرجت في حجر الامامة بنت الحسين سيد أهل الإباء، وعاشت بجنب عمتها وسيدتها العظيمة الحوراء زينب بنت امير المؤمنين(ع) وبجوار أخيها السجاد زين العابدين، تحوطها هالة من أنوار الميامين الأبرار ومن سادات بني هاشم الكرام، إن من يتربى ويترعرع في مدرسة الرسالة المحمدية ويتفقه بفقه القرآن ويتأدب بالأدب العلوي العالي ويتهذب بالتربية الحسينية الرفيعة مثل السيدة سكينة لا يمكن أن ترضى لنفسها أو تسمح لصواحبها وأترابها من نسوة المدينة من أهل الشرف بالاجتماع مع الرجال الأجانب مهما كانوا وهي من بيت أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا.
أيصح أن تقوم خيرة النساء في عصرها -كما يقول سيد الشهداء- وهي ترى أخاها السجاد(ع) يغمى عليه بين حين وآخر ويعقد المجالس للنياحة على أبيه الشهيد والثواكل من نساء بني هاشم يندبن قتلاهن ثم تعقد هي مجلس السمر مع الشعراء.
كتب العلامة السيد عبد الرزاق المقرم ودافع عن كرامة بنت الحسين وأعقبه المحقق الاستاذ توفيق الفكيكي فأجاد وأفاد واستهل كتابه بهذا البيت- وهو للسيد الشريف الرضي:
وقد نقلوا عني الذي لم أفة به وما آفه الاخبار إلا رواتها
وجاء بقصيدة عمر بن أبي ربيعة التي قالها سعدى بنت عبد الرحمن بن عوف وأولها:
قالت سكينةُ والدمــــوع ذوارف تجري على الخدين والجلباب
وذكر عدة مصادر منها ما حققه المحقق العلامة الشنقيطي في شرح أمالي الزجاج كما أوردها صاحب الاغاني أيضاً: قالت سعيدة والدموع ذوارف، واستدل بمصادر عديدة منها الحصري في (زهر الآداب) كما أنها في ديوان عمر بن أبي ربيعة هكذا: قالت سعيدة والدموع ذوارف.
وإن لعمر بن أبي ربيعة شعراً كثيراً في (سعدى) يورده صاحب الأغاني، ثم روى أيضاً عن حماد بن إسحاق الموصلي ومعجم الأدباء وشارح ديوان عمر بن أبي ربيعة وكلها تؤيد ما يقول وتصرح بأن هذا الشعر ليس في سكينة، وأن هذه الرواية المدسوسة التي يرويها القالي عن أستاذه الزجاج وهذا عن شيخه المبرد رواها عن القصاصين والمغنين الذين عاشوا على موائد البلاط الأموي.
قال: وهناك أهم من هذا كله ـ وهو العنصر السياسي فإنه كان العامل المهم في هذا التغيير خاصة إذا ما علمنا أن الشيخ القالي أموي الفكرة وأن جدّه سلمان كان مولى إلى عبد الملك بن مروان، وقد عاش بقية حياته في كنف الخليفة الأموي عبد الرحمن الناصر وابنه الحكم في الأندلس، وكان من مقتضى السياسة الأموية في الشرق والغرب ومن مصلحتها أن تذيع هذه القصيدة وأمثالها على لسان المغنين والمغنيات والقصاصين باسم (سكينة) بنت الحسين، ومما يؤيد ذلك استنكار الرشيد وغضبه على إسحاق الموصلي عندما غنى بين يديه بما حفظه عن المغنين: قالت سكينة والدموع ذوارف، وقوله: ألا تتحفظ في غنائك وتدري ما يخرج من رأسك انتهى.(١)
ويأتي سؤال هل تزوجت سكينة بن الحسين؟ وبمن تزوجت؟
نقول أن علماء النسب والتاريخ يذكرون أن سكينة تزوجت بعبد الله الأكبر بن الإمام الحسن السبط وهو أخو القاسم، وأمهما رملة. استشهد يوم الطف قبل القاسم، ومن هؤلاء الأعلام النسابة أبو الحسن العمري في القرن السادس في كتابه (المجدي) وأبو علي الطبرسي صاحب مجمع البيان في أعلام الورى ص ١٢٧ عند ذكر أولاد الحسن، والشيخ محمد الصبان في إسعاف الراغبين على هامش نور الأبصار ص ٢٠٢، وروى الشيخ عباس القمي في سفينة البحار عن أعلام الورى في ذكر أولاد الحسين بن علي(ع): وكان عبد الله بن الحسن قد زوجه الحسين ابنته سكينة فقتل قبل أن يبنى بها.
بعض ما جاء في فضلها:
1ـ روى ابن الفرج ان سكينة بنت الحسين(ع) كانت في مأتم فيه بنت لعثمان فقالت بنت عثمان: أنا بنت الشهيد، فسكتت سكينة فقال المؤذن: أشهد أن محمداً رسول الله. قالت سكينة هذا أبي أو أبوك، فقالت العثمانية: لا أفخر عليكم أبداً.
2ـ وروى سبط ابن الجوزي عن سفيان الثوري قال: أراد علي بن الحسين الخروج الى الحج أو العمرة فاتخذت له أخته سكينة بنت الحسين سفرة طعام أنفقت عليها ألف درهم وأرسلت بها إليه، فلما كان بظهر الحرّة أمر بها ففرقت في الفقراء والمساكين.
3- وفي تاريخ ابن خلكان: أن سكينة سيدة نساء عصرها.
4- وقال مؤرخ دمشق شمس الدين محمد بن طولون في كتابه (الأئمة الاثنا عشر) قدمت سكينة دمشق مع أهلها ثم خرجت الى المدينة. وكانت من سادات النساء واهل الجود والفضل رضي الله عنها وعن أبيها.
الهوامش:
1ـ كتب القانوني البارع الأستاذ توفيق الفكيكي كتابا عن حياة السيدة سكينة بنت الحسين(ع) وكان هذا الكتاب الحلقة الخامسة من سلسلة حديث الشهر التي أصدرها العلامة البارع الشيخ عبد الله السبيتي.
المصدر: كتاب أدب الطف: جواد شبّر. ج1.
اترك تعليق