ضوابط الحد من تفاقم الخلاف
الأسلوب الذي يتّبعه الزوجان في مواجهة الخلاف إما أن يقضي على الحوار ومساعي الحل وإما أن يضخمه ويوسع نطاقه.
1. اللّغة المقبولة:
لا شك أنّ الكلمات الحادة، والعبارات العنيفة، لها صدى يتردّد باستمرار حتى بعد انتهاء الخلاف، علاوة على الصدمات والجروح العاطفية والمعنوية والسيكولوجية التي تتراكم على النفوس.
2. إياك ولزوم الصمت:
لزوم الصمت والسكوت على الخلاف حلٌّ سلبي مؤقت للخلاف، إذ سرعان ما يثور البركان عند دواعيه، وعند أدنى اصطدام، فكبت المشكلة في الصدور بداية العقد النفسية وضيق الصدر المتأزم بالمشكلة، فإما أن تتناسى وتترك، وإما تطرح للحل، ولا بد أن تكون التسوية شاملة لجميع ما يختلج في النفس، وأن تكون عنه رضا وطيب خاطر.
3. كن بعيد التصور:
البعد عن الأساليب التي قد تكسب الجولة فيها وينتصر أحد الطرفين على الآخر، لكنها تعمق الخلاف وتجذره: مثل أساليب التهكم والسخرية، أو الإنكار والرفض، أو التشبث بالكسب.
4. المرأة ريحانة وليست قهرمانة:
الوعي بأثر الخلاف وشدَّة وطأته على الطرفين: فلا شك أن اختلاف المرأة مع شخص تحبه وتقدِّره وتدلي عليه، يسبب لها كثيرًا من الإرباك والقلق والانزعاج، وبخاصّة إذا كانت ذات طبيعة حسَّاسة وغلبة عاطفية على شخصيتها.
5. لا تتعالى:
البعد عن التعالي بالنَّسب أو المال أو الجمال أو الثقافة، فإنّ هذا من أكبر أسباب فصم العلاقات بين الزوجين فالكبر يطرد الحق ويغمط الناس.
6. القرار عند الغضب باطل:
عدم انخاذ القرار إلا بعد دراسته، فلا يصلح أن يقول الزوج في أمر من الأمور (لا) أو (نعم) ثم بعد الإلحاح يغيِّر القرار، أو يعرف خطأ قراره فيلجأ إلى اللجاج والمخاصمة واتخاذ القرار اثناء موجات الغضب عمل غير صالح.
قبل نقاش الخلاف:
1- تفهم الأمر هل هو خلاف أم أنه سوء فهم فقط، فالتعبير عن حقيقة مقصد كل واحد منهما وعما يضايقه بشكل واضح ومباشر يساعد على إزالة سوء الفهم، فلربما أنه لم يكن هناك خلاف حقيقي وإنما سوء في الفهم.
2- الرجوع إلى النفس ومحاسبتها، ومعرفة تقصيرها مع ربها الذي هو أعظم وأجل.... وفي هذا تحتقر الخطأ الذي وقع عليك من صاحبك.
3- معرفة أن الذنوب تُنزل البلاء وأن البلاء، المعنوي والنفسي والجسدي والاجتماعي الخلاف مع من تحب. (اللهم اغفر لي الذنوب التي تنزل البلاء)- دعاء كميل.
4- تطويق الخلاف وحصره من أن ينتشر بين الناس يخرج عن حدود أصحاب الشأن.
5- تحديد موضع النزاع والتركيز عليه، وعدم الخروج عنه بذكر أخطاء أو تجاوزات سابقة، أو فتح ملفات قديمة ففي هذا توسيع لنطاق الخلاف.
6- أن يتحدث كل واحد منهما عن المشكلة حسب فهمه لها، ولا يجعل فهمه صوابًا غير قابل للخطأ أن أنه حقيقة مسلمة لا تقبل الحوار ولا النقاش، فإنّ هذا قاتل للحل في مهده.
7- في بدء الحوار يحسن ذكر نقاط الاتفاق فطرح الحسنات والايجابيات والفضائل عند النقاش مما يرقق القلب ويبعد الشيطان ويقرب وجهات النظر وييسر التنازل عن كثير مما في النفوس، قال تعالى: «وَلَا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ»(1) فإذا قال أحدهما للآخر أنا لا أنسى فضلك في كذا وكذا، ولم يغب عن بالي تلك الإيجابيات عندك، ولن أتنكر لنقاط الاتفاق فيما بيننا، فإن هذا حري بالتنازل عن كثير مما يدور في نفس المتحاور.
8- لا تجعل الحقوق ماثلة دائمًا أمام العين، وأخطر من ذلك تضخيم تلك الحقوق أو جعلك حقوقًا ليست واجبة في الشريعة الاسلامية تتأصل في النفس ويتم المطالبة بها.
9- الاعتراف بالخطأ عند استبانته وعدم اللَّجاجة فيه، وأن يكون عند الجانبين من الشجاعة والثقة بالنفس ما يحمله على ذلك، وينبغي للطرف الآخر شكر ذلك وثناؤه عليه لاعترافه بالخطأ ﻓ (الاعتراف بالخطأ خير من التمادي في الباطل)، والاعتراف بالخطأ طريق الصواب، فلا يستعمل هذا الاعتراف أداة ضغط بل يعتبره من الجوانب المشرقة المضيئة في العلاقات الزوجية يوضع في سجل الحسنات والفضائل التي يحب ذكرها والتنويه بها.
10- لا يبادر في حل الخلاف وقت الغضب، وإنما يتريث فيه حتى تهدأ النفوس، وتبرد الأعصاب، فإن الحل في مثل هذه الحال كثيرًا ما يكون متشنجًا بعيدًا عن الصواب.
11- التنازل عن بعض الحقوق، فإنه من الصعب جدًا حل الخلاف إذا تشبث كل من الطرفين بجميع حقوقه.
12- التكيف مع جميع الظروف والأحوال، فيجب أن يكون كل واحد من الزوجين هادئا ً غير متهور ولا متعجل، ولا متأفف ولا متضجر، فالهدوء وعدم التعجل والتهور من أفضل مناخات الرؤية الصحيحة والنظرة الصائبة للمشكلة.
13- يجب أن يعلم والزوجان بأن المال ليس سببًا للسعادة، وليس النجاح في الدور والقصور والسير أمام الخدم والحشم، وإنما النجاح في الحياة الهادئة السليمة من القلق البعيدة من الطمع.
14- غض الطرف عن الهفوة والزلة والخطأ الغير مقصود إن الجنبة العقلية في حياة الكائن الحي لهي من أسمى الجنبات فيها يثيب الله ويعاقب ويحاسب وهي مفتاح النمو والتطور والتحضر وبدونها يغدو الإنسان بلا قيمة تذكر بل قد تكون النخلة والبقرة أفضل منه، لما لهما من نتاج واضح تستفيد منه البيئة بمكوناتها.
ولعل أهم ما يميز هذه الجنبة هو الإدراك.
وفي علم البرمجة العصبية (الهندسة النفسية) NLP اهتمام بالغ بمستويات الإدراك للعالم الخارجي، وأنماط التفاعل معه، فبعد التسليم بصحة الجهاز الادراكي عند الفرد ننتقل إلى كيفية تحقيق أفضل معدل للإدراك من خلال البرامج المقترحة من خبير الهندسة النفسية، أو المتدرب، وان معرفة النمط المفضل عند الزوجين في التلقي المعلوماتي، والغرس المعرفي، والتفاعل العاطفي، لهو خير معين في حل صياغة الخطاب الاحتوائي للازمات بينهما.
___________________
(1) سورة البقرة، الآية: 237.
المصدر: فن احتواء الخلافات الزوجية: الدكتور ميثم السلمان، دار الولاء، بيروت - لبنان، ١٤٢٦ - ٢٠٠٥م.
اترك تعليق