مُمَهِدَاتْ... وحقيق أن تبادر المرأة المثقّفة الملتزمة الواعية فتمهد الطريق وتفتح الآفاق.

طابع الزوجية في بناء الحياة.. خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا  

طابع الزوجية في بناء الحياة.. خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا

خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا  
            

اقتضت إرادة الخالق سبحانه وتعالى أن تتم مسيرة الحياة على الأرض وفق طريقة الازدواج. ولا يقتصر هذا المبدأ على الإنسان والحيوان فحسب، بل يتعداه إلى كل أنواع الكائنات الحية، ومنها النباتات. بقوله تعالى: {سُبْحَانَ الَّذِي خَلَقَ الْأَزْوَاجَ كُلَّهَا مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ وَمِنْ أَنْفُسِهِمْ وَمِمَّا لَا يَعْلَمُونَ} [يس: 36].


فانظر ملياً وتفكر أيها الإنسان في هذا البناء المزدوج للحياة، لا تتكون ولا تتم وتنمو، إلا باشتراك جزأين متميزين الخصائص والطباع، هما الفرد المذكر والفرد المؤنث. فمن ذا الذي خلق هذا النظام العجيب الدقيق، الكامل المتقن الفريد، الذي جعل كل جنس حيواني مؤلفاً من زوجين اثنين، أحدهما يحمل (العنصر المذكر) والآخر يحمل (العنصر المؤنث). ثم أوجد بين الزوجين من الإلفة والجاذبية الجنسية ما يكفل التقاء هذين العنصرين، ليتم تشكل ونشوء الأفراد الجديدة، يقول تعالى:
{وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} [الروم: 21].


وفي الحقيقة أن كلا من الزوجين المذكر والمؤنث يشكل وحدة متكاملة متآلفة، يتمم بعضها البعض، في انسجام عجيب وتوافق غريب. فلا يستطيع الرجل الحياة بدون امرأة، ولا تستطيع المرأة أن تعيش بدون الرجل. فكل واحد منهما خلق للأخر، وكل واحد منهما أعطي من الكفاءات والمؤهلات بحيث يقوم بجانب معين من ضرورات الحياة، لتتم مسيرة الحياة على نظام التساند والتكافل والمحبة والتعاون.

وكان بالإمكان أن يخلق الله الكائنات على نهج الفردية، فيكون التوالد ذاتياً في الفرد الواحد دونما حاجة إلى زوج آخر، ولكن هذا أبعد ما يكون عن الحكمة من وجود الإنسان على الأرض، التي تهدف إلى قيام مجتمع إنساني متآلف مترابط له غاية ورسالة. فإن قيام الأسرة بين الزوجين تكون واسطة لامتزاج الناس بعضهم مع بعض وتبادل الثقافة والعادات، وتكون سبباً للتعاون والتعاضد ونشوء الرحمة والمحبة فيما بينهم، ولولا ذلك لانكمش كل فرد على نفسه، فقد أية رابطة تربط الآخرين، ولاستحال بذلك قيام المجتمع واستمرار الحياة. ثم إن الزوجين في الأسرة يكونان أقدر على رعاية مولودهما الصغير، فيغمرانه بالمحبة والعطف، ويتساعدان معاً لخدمته وتربيته والعناية به، تماماً كما فعل آباؤهما من قبل.



المصدر: الإعجاز العلمي في القرآن الكريم، د. لبيب بيضون.

التعليقات (0)

اترك تعليق