عبادة السيدة نفيسة وزهدها(ره)
كانت من أهل الصلاح والزهد على الحد الذي لا مزيد عليه فيقال إنها حجت ثلاثين حجة، وكانت تحفظ القرآن الكريم وتفسيره، وكانت كثيرة البكاء، تديم قيام الليل وصيام النهار، ولا تأكل إلاّ في كل ثلاث ليال أكلة واحدة، ولا تأكل من غير زوجها شيئاً، وكانت تبكي بكاءً شديداً وتتعلّق بأستار الكعبة وتقول: إلهي وسيدي ومولاي متّعني وفرّحني برضاك عنّي.
وقالت زينب بنت يحيى المتوّج: خدمتُ عمتي نفيسة أربعين سنة، فما رأيتها نامت الليل ولا أفطرت بنهار، فقلت لها: أما ترفقين بنفسك؟
فقالت: كيف أرفق بنفسي وقدّامي عقبات لا يقطعها الفائزون.
وكان بشر بن الحارث الحافي يزورها، فمرض بشر مرّة فعادته نفيسة، فبينا هي عنده إذ دخل أحمد بن حنبل يعوده كذلك، فنظر إلى نفيسة فقال لبشر: من هذه؟
فقال له بشر: هذه نفيسة، بلغها مرضي فجاءت تعودني.
فقال أحمد بن حنبل: فاسألها تدعو لنا.
فقال لها بشر: ادع لنا الله.
فقالت: اللهم إن بشر بن الحارث وأحمد بن حنبل يستجيران بك من النار فأجرهما يا أرحم الراحمين.
وكانت نفيسة ذات مال وإحسان إلى المرضى والزمنى والجذماء، ولمّا ظلم أحمد بن طولون قبل أن يعدل، استغاث الناس من ظلمه وتوجهوا إلى السيّدة نفيسة يشكونه إليها، فقالت لهم: متى يركب؟
قالوا: في غدٍ، فكتبت رقعة ووقفت بها في طريقه وقالت: يا أحمد بن طولون، فلمّا رآها عرفها فترجّل عن فرسه وأخذ منها الرقعة وقرأها فإذا فيها: ملكتم فأسرتم، وقدرتم فقهرتم، وخلوتم فعسفتم، وردّت إليكم الأرزاق فقطعتم، هذا وقد علمتم أنّ سهام الأسحار نافذة غير مخطئة لا سيما من قلوب أوجعتموها، وأكباد جوّعتموها، وأجساد عريتموها، فحال أن يموت المظلوم ويبقى الظالم، اعملوا ما شئتم فإنّا صابرون، وجوروا فإنّا بالله مستجيرون، وأظلموا فإنّا لله متظلّمون، وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون، فعدل لوقته.
المصادر:
1- أعلام النساء المؤمنات: محمد الحسون وأم علي مشكور. ط1، دار الأسوة للطباعة والنشر، إيران.
2- الشيعة في مصر من الإمام علي(ع) حتى الإمام الخميني(قده): صالح الورداني.
3- أعيان الشيعة: السيد محسن الأمين، تحقيق وتخريج: حسن الأمين. دار التعارف للمطبوعات، بيروت، لبنان، 1403 - 1983 م. ج3.
4- أعيان الشيعة: السيد محسن الأمين، تحقيق وتخريج: حسن الأمين. دار التعارف للمطبوعات، بيروت، لبنان، 1403 - 1983 م. ج7.
5- أعيان الشيعة: السيد محسن الأمين، تحقيق وتخريج: حسن الأمين. دار التعارف للمطبوعات، بيروت، لبنان، 1403 - 1983 م. ج10.
اترك تعليق