مُمَهِدَاتْ... وحقيق أن تبادر المرأة المثقّفة الملتزمة الواعية فتمهد الطريق وتفتح الآفاق.

آياتها(ع) مع الرحى

آياتها(ع) مع الرحى

آياتها مع الرحى وفيه ثلاثة أحاديث:
1- عن أبي عبد الله(ع) قال: "بعث رسول الله(ص) إلى فاطمة(ع) بمكيال فيه تمر مع أبي ذر رحمه الله تعالى. قال أبو ذر: فأتيت الباب، وقلت: السلام عليكم. فلم يجبني أحد، فظننت أن فاطمة(ع) بحال الرحى فلم تسمع، ففتحت الباب وإذا فاطمة(ع) نائمة والحسين يرتضع، والرحى تدور.
قال أبو ذر: فأتيت رسول الله(ص)، فقل: يا رسول الله، أتوب إلى الله مما صنعت إني أتيت أمرا عظيما. فقال رسول الله(ص): "وما أتيت يا أبا ذر؟" فقص عليه ما كان ، فقال رسول الله(ص): ضعفت فاطمة فأعانها الله على دهرها".

2- عن أبي جعفر الثاني عليه السلام، قال: "بعث رسول الله(ص) سلمان رضي الله عنه إلى فاطمة عليها السلام لحاجة. قال سلمان: وقفت بالباب وقفة حتى سلمت فسمعت فاطمة تقرأ القرآن خفاء، والرحى تدور من بر، ما عندها أنيس.
قال: فعدت إلى رسول الله(ص) وقلت: يا رسول الله، رأيت أمراً عظيماً. فقال: "وما هو يا سلمان؟ تكلم بما رأيت".
قلت: وقفت بباب ابنتك يا رسول الله، فسمعت فاطمة تقرأ القرآن من خفاء، والرحى تدور من بر، وما عندها أنيس! فتبسم(ص) وقال: "يا سلمان إن ابنتي فاطمة عليها السلام ملا الله قلبها وجوارحها إيمانا ويقينا إلى ما شاء، ففزعت لطاعة ربها، فبعث الله ملكا اسمه روفائيل(1)
- وفي موضع آخر: رحمة- فأدار لها الرحى، فكفاها الله مؤونة الدنيا والآخرة" .

3- عن أسامة بن زيد، قال: افتقد رسول الله(ص) ذات يوم علياً، فقال: "اطلبوا إلي أخي في الدنيا والآخرة، اطلبوا إلي فاصل الخطوب، اطلبوا إلي المحكم في الجنة في اليوم المشهود اطلبوا إلي حامل لوائي في المقام(2) المحمود".
قال أسامة: فلما سمعت من رسول الله(ص) ذلك بادرت إلى باب علي، فناداني رسول الله(ص) من خلفي: "يا أسامة، عجل علي بخبره" وذلك بين الظهر والعصر، فدخلت فوجدت عليا كالثوب(3) الملقى لاطياً بالأرض، ساجداً يناجي الله تعالى، وهو يقول: "سبحان الله الدائم، فكاك المغارم، رزاق البهائم، ليس له في ديمومته ابتداء، ولا زوال ولا انقضاء" فكرهت أن أقطع عليه ما هو فيه حتى يرفع رأسه، وسمعت أزيز الرحى فقصدت نحوها لأسلم على فاطمة وأخبرها بقول رسول الله(ص) في بعلها، فوجدتها راقدة على شقها الأيمن، مخمرة وجهها بجلبابها -وكان من وبر الإبل- وإذا الرحى تدور بدقيعها، وإذا كف يطحن عليها برفق، وكف أخرى تلهي الرحا، لها نور، لا أقدر أن أملي عيني منها، ولا أرى إلا اليدين(4) بغير أبدان، فامتلأت فرحا بما رأيت من كرامة الله لفاطمة عليها السلام.
فرجعت إلى رسول الله(ص) وتباشير الفرح في وجهي بادية وهو في نفر(5) من أصحابه، قلت: يا رسول الله، انطلقت أدعو علياً، فوجدته كذا وكذا، وانطلقت نحو فاطمة(ع) فوجدتها راقدة على شقها الأيمن، ورأيت كذا وكذا! فقال: "يا أسامة، أتدري من الطاحن، ومن الملهي لفاطمة؟ إن الله قد غفر لبعلها بسجدته سبعين مغفرة، واحدة منها لذنوبه ما تقدم منها وما تأخر، وتسعة وستين مذخورة لمحبيه، يغفر الله بها ذنوبهم يوم القيامة، وإن الله تعالى رحم ضعف فاطمة لطول قنوتها بالليل، ومكابدتها للرحى والخدمة في النهار، فأمر الله تعالى وليدين من الولدان المخلدين أن يهبطا في أسرع من الطرف، وإن أحدهما ليطحن، والآخر ليلهي رحاها. وإنما أرسلتك لترى وتخبر بنعمة الله علينا، فحدث، يا أسامة لو تبديا لك لذهب عقلك من حسنهما، وإنما سألتني خادما فمنعتها(6)، فأخدمها الله بذلك سبعين ألف ألف وليدة في الجنة، الذين رأيت منهن، وإنا من أهل بيت اختار الله لنا الآخرة الباقية على الدنيا الفانية".

الهوامش:
1- في ع: روقايل. 3 - عنه في معالم الزلفى: 415.
2- في م: اليوم .
3- في ص: كالتراب.
4- في ع: الأيدي.
5- في ص، ع: جماعة.
6- في ش: فرفضتها.

 
المصدر:  الثاقب في المناقب: ابن حمزة الطوسي. ط2، مؤسسة أنصاريان للطباعة والنشر - قم المقدسة، 1412.

التعليقات (0)

اترك تعليق