مُمَهِدَاتْ... وحقيق أن تبادر المرأة المثقّفة الملتزمة الواعية فتمهد الطريق وتفتح الآفاق.

حقيقة الرّسالة الإسلامية من خلال خطبةالزهراء(ع)(6): الجهاد عزّاً للإسلام..

حقيقة الرّسالة الإسلامية من خلال خطبة السيدة الزهراء(ع)(6): الجهاد عزّاً للإسلام وذلاً لأهل الكفر والنّفاق

والجهاد عزّاً للإسلام وذلاً لأهل الكفر والنّفاق..
والجهاد عمليّة تحريريّة: يتولاّها المعسكر الإسلامي لتخليص الإنسانيّة من السّيطرة الجاهليّة بشتّى أنواعها ومستوياتها.
وهذه العمليّة التحريريّة تجري في أعلى المستويات، حيث تعبّأ فيها قوى الإيمان المادية والفكرية والرُّوحية لإنجاح هذه العمليّة. وغالبا ما يبرز فيها عنصر القوّة العسكريّة لإحراز النّصر وتحقيق العمليّة التحريرية الكبرى، وإحراز النّر -هذا- ليس نصرا لمعسكر الإيمان -فحسب- بل هو في الحقيقة نصرٌ لمن يعيش تحت السّيطرة الجاهليّة من أبناء النوع الإنساني.
والجهاد إلى جانب معطياته التبشيرية والتوسّعية لعدد الواقفين تحت راية الله تعالى، الجهاد إلى جانب هذه المعطيات، فرض عبادي تتولاّه الأُمة الإسلامية، استجابةً لنداء الإسلام المفروض عليها، لا يجوز ان تتقاعد عنه بأيّ حال من الأحوال -اللهم إلاّ إذا أصيبت بوهن فكريًّ تصبح معه غير قادرة على فهم فريضة الجهاد وحدودها ومتطلّباتها فحينئذٍ -والعياذ بالله- تتجاهل أو تجهل هذا الفرض المقدّس فتنسحب عن مسؤولياتها في التأريخ البشريّ.
وربّما تتعرّض لغزو جاهليّ أهوج يفقدها حتى اصالتها وطابعها -كما هي عليه اليوم-.
والزهراء(ع) حين تعكس لنا صورةً حيّة عن فريضة الجهاد، إنّما تعكسها لهذه المعطيات الكبيرة التي تهبها لتاريخ الأُمّة المجيدة. ولكن الزّهراء(ع) حين تستقرىء لنا الغاية التي شرع الجهاد من أجلها تضع أمام الأجيال نقطتين هامّتين تكشف عن طريقهما الحقيقة التي شرع الجهاد من أجلها بأقصر وأفضل السُّبل، فهي مع شدّة إيجازها لكنّها قد كشفت حدود فلسفة الجهاد.
فالجهاد في نظر الزهراء يحقّق النّصر المؤزر للرسالة الإسلامية -أولاً- ويكسبها العزّة والظهور على كل المناهج الجاهلية المعوجّة ويهزم قوى الضّلال وينكس رايتها السوداء لتحلّ محلها راية التوحيد الناصعة التي تحتضنا القلوب وتتغنّى بها الأفواه.
وإلى جانب هذه النقطة الإيجابيّة يتحقق مكسب آخر، ولكنّه ذو وجهين حيث يتمخّض عن الجهاد إذلال المعسكر الجاهليّ وتوهين مكائده -خارج الديار الإسلامية- كما يتمخّض عن هذا الجهاد المقدّس صفعة شديدة لأهل النّفاق الذين يؤلّفون حزباً لتظاهر مطاياه باعتناق المبدأ الإسلامي، ولكنّهم يخفون التحزُّب لغيره من الحضارات الجاهليّة، وهم يتربّصون بالمسلمين الدّوائر وقد يتّصلون بأسيادهم في المعسكر اللا إسلامي، معلنين أنّهم معهم، وسيكونون أداةً تخريبية في داخل المعسكر الإسلاميّ، ولكنّ هذه الفئة القلقة تقف على شرفة لترى نتائج المعركة بين الإيمان والضّلال، وما أن تعلن الأنباء انتصار معسكر الإيمان العتيد على خصومه إلا وظهرت سيماء الذّلة والمسكنة على أهل النفاق وخابت آمالهم وتمنّياتهم وخسروا الوعود التي وعدهم ساداتهم بها، كلُّ ذلك بفضل المسؤولية العظيمة التي يتحمل الجهاد تبعاتها في إذلال أعداء الإسلام ومعسكره العتيد.
وهذه الميزة التي يتجلّى بها الجهاد هي التي أملت على الزّهراء(ع) لتكشف النقاب عن الغاية التي شرع من أجلها، فهو -على حدّ تعبيرها- قد جعله الله عزاً للإسلام، وذلاً لأهل الكفر والنّفاق.

المصدر: الزّهَراء فاطمة بنت محمد صلى الله عليه وآله: الشهيد عبد الزهراء عثمان محمد (الكتابُ الذي أحرز الجائزة الثانية في مُباراة التأليف عن حياة الصديقة الزهراء عليها السلام).

التعليقات (0)

اترك تعليق