مُمَهِدَاتْ... وحقيق أن تبادر المرأة المثقّفة الملتزمة الواعية فتمهد الطريق وتفتح الآفاق.

فلسفة الإسلام في منطق الزهراء(5): برُّ الوالدين وقاية من السُّخط

فلسفة الإسلام في منطق الزهراء(5): برُّ الوالدين وقاية من السُّخط

برُّ الوالدين وقاية من السُّخط:
وهنا تلتفت الزهراء(ع) إلى الخليّة الأُولى التي ينشأ منها المجتمع الإنساني، هذه الخلية: هي الأُسرة، ولا تتناول الزهراء الأسرة برمّتها، وإنّما تتناول العمود الفقريّ والأساس الذي تستند عليه في بناء كيانها، فتناولت البرّ بالوالدين الأب والأُم، لما لهما من فاعليّة ضخمة في بناء الكيان الإجتماعي، والوالدان -وإن اختلفا في عملهما في إطار الأُسرة- إلاّ أنّ هناك تمازجاً عضوياً بين عملهما البنّاء، فالوالد يتناول البيت من الخارج فيكدح ويثابر لكسب الرّزق وإدخال السرور على أُسرته، والأُم تتناول البيت من الدّاخل بحكم تركيبها الفسيولوجيّ والنفسيّ
والروُّحيّ الذي وفرّتها مسؤوليّة تناول البيت من داخله، فهي تنجب الأطفال وتتولّى رعايتهم وتسهر لمصلحتهم وتديير البيت من الدّاخل لتكمل عمل الوالد الخارجيّ.
وحين يكون عمل الوالدين هذا شأنه على مرّ الأجيال والعصور، فلا بد للإسلام -وهو منهج الله الخالد- أن يقيّم عملهما هذا، فإذا به يرفعهما إلى أعلى الآفاق: « وقضى ربُّك ألا تعبدوا إلاّ إياه وبالوالدين إحسانا إمّا يبلغنّ عندكَ الكبر أحدُهما أو كلاهما فلا تقل لهما أُفّ ولا تنهرهما وقل لهما قولاً كريماً...»(1).
فيشترط برهما ورعايتهما وعدم إيذائهما بأدنى الأُمور حتى بالإشارة أو التضجر.
وحين يقرّر الإسلام وجوب رعاية الوالدين، فقد أصبح عقوقهما أمراً محظوراً يستلزم غضب الله وسخطه، ولهذا السّر عينه راحت الصّدّيقة الزّهراء(ع) ترسم هذه الحقيقة حين أعلنت أنّ برّ الوالدين يتحقّق على يديه الإبتعاد عن مغبّة سخط الله وإغضابه الذي يجر إلى الدّمار والبوار.
 
____________
(1) سورة الإسراء، الآية 23.
 



المصدر: الزّهَراء فاطمة بنت محمد صلى الله عليه وآله: الشهيد عبد الزهراء عثمان محمد (الكتابُ الذي أحرز الجائزة الثانية في مُباراة التأليف عن حياة الصديقة الزهراء عليها السلام).

التعليقات (0)

اترك تعليق