فلسفة الإسلام في منطق الزهراء(9): توفية المكائيل والموازين تغييراً للبخسة
توفية المكائيل والموازين تغييراً للبخسة:
وهنا التفاتة حكيمة من الزهراء(ع) حين تنتقل لمفهوم اقتصادي كبير لا يستغني عنه مجتمعٌ من المجتمعات -إطلاقاً- وهو يتعلّق بالبيع والشّراء والمكيال والميزان، لأنّ المعاملات الإقتصادية في المجتمعات الإنسانية لا تخرج عن هذه الإطارات الثابتة.
وحين تملك المكاييل والموازين اليد الطّولى في توجيه المعاملات الإقتصادية المهمّة في المجتمعات الإنسانية، فقد أصبح لزاماً عليها أن تهتم بموازينها حفظاً لاستقامة البيع والشّراء، وابتعاداً عن التّلاعب وابتزاز الأموال والعبث بالمصالح الخاصّة أو العامة. والإسلام الحنيف بوصفه التّشريع الإلهي القويم الذي فهرس الحياة الإنسانيّة برمّتها، قد التفت إلى هذه الواقعة وأعطى رأيه الحاسم فيها، فأعلن على لسان دستوره الخالد تهديداته وإنذاراته للمتلاعبين بالأوزان والمكاييل بقوله: «ويل للمطفّفين * الذين إذا اكتالوا على الناس يستوفونَ * وإذا كالوهم أو وزَنوهم يُخسِرون»(1).
كما أصدر تعليماته بضرورة الإلتزام بالعدل بالكيل والوزن بقوله تعالى «وأقيموا الوزن بالقسط ولا تخسروا الميزان»(2).
وحين يملك مفهوم توفية المكاييل والموازين هذه القدرة الإيجابية على حفظ التّوازن والعدل في المجتمع ورفع الحيف والتّلاعب بالأموال عن الناس، فقد أصابت الزهراء(ع) كبد الحقيقة بهذا الإعلان الرّصين الذي أوضحت فيه فلسفة تشريع توفية المكاييل والموازين الهادفة إلى تخليص المجتمع من المظالم وابتزاز الأموال.
____________
(1) سورة المطففين، الآيات: 1 ـ 3.
(2) سورة الرحمن، الآية: 9.
المصدر: الزّهَراء فاطمة بنت محمد صلى الله عليه وآله: الشهيد عبد الزهراء عثمان محمد (الكتابُ الذي أحرز الجائزة الثانية في مُباراة التأليف عن حياة الصديقة الزهراء عليها السلام).
اترك تعليق