مُمَهِدَاتْ... وحقيق أن تبادر المرأة المثقّفة الملتزمة الواعية فتمهد الطريق وتفتح الآفاق.

سلام للشهيدة أم ياسر في عيد الأم..

سلام للشهيدة أم ياسر.. أقامت جمعيّة الرابطة اللبنانية الثقافية احتفالا بمناسبة عيد الأم وإصدار كتاب "الوصول"

في أجواء عيد الأم أقامت جمعيّة الرابطة اللبنانية الثقافية أمس الخمیس في مبنى الجمعيّات في قاعة السيدة الزهراء(ع) بحضور رئيس المجلس التنفيذي سماحة السيد المجاهد هاشم صفي الدين والحاجة عفاف الحكيم مسؤولة الجمعيات الثلاث (الجمعية النسائية للتكافل الاجتماعي، جمعية الأمومة والطفولة، جمعيّة الرابطة اللبنانية الثقافية) وعدد من الفعاليات حفل توقيع كتاب "الوصول" الذي سطر لنا مشاهد من حياة الشهيدة أم ياسر، تلك المرأة المثال التي كانت قدوة للأجيال وشخصية نموذجيّة تستحق التقدير والاهتمام.
بدأ الاحتفال بتلاوة آيات من الذكر الحكيم، ثم عرضت صور لمراحل مشروع التأريخ وحياة الشهيدة أم ياسر.

ثم ألقت كلمة "مشروع التأريخ لدور المرأة في مقاومة الاحتلال الصهيوني" الأخت ميسون رضا التي تحدّثت فيها عن أهميّة ودور هذا المشروع وأهدافه وإنجازاته
فقالت أنّ من ضمن أهداف المشروع:
- إظهار فكر وبيئة مجتمع المقاومة.
- حفظ تاريخ المرأة المقاومة في لبنان عبر التوثيق لدورها من خلال التأريخ الشفوي والمكتوب.
- إعادة إبراز هذا التاريخ من خلال الكتابة القصصية والروائية.
- إيجاد حالة من النهوض الفكري في الساحة النسائية.

وأضافت الأخت ميسون "لتحقيق هذه الأهداف عملنا في مشروع التأريخ منذ تأسيسه على:
- تدريب فريق من الأخوات على منهج التحقيق والتأريخ الشفوي، وتقنيات البحث الاجتماعي، فقام بإجراء عشرات المقابلات مع أمهات وزوجات الشهداء ومع أخوات كان لهنّ دور في المقاومة.
- كذلك تمّ العمل على تأهيل فريق آخر من الأخوات عبر إجراء دورات وورش عمل في فنّ كتابة الرواية والقصة القصيرة، وإجراء لقاءات بين هؤلاء الكاتبات وبين كتاب وأدباء لهم تجربة رائدة في الكتابة القصصية.
- إضافة إلى تدريب الكادر العامل في المشروع على الأرشفة المتخصصة للمادة التأريخية الشفوية والمكتوبة".
أما بالنسبة لإنج
ازات المشروع فقد تحدثت عن البعض منها:
إنشاء بنك معلومات يختصّ بالنساء اللواتي كان لهنّ دور جهادي تعبوي وتربوي واجتماعي وغير ذلك.
- تأسيس أرشيف متكامل صوتي ومقروء للشخصيات النسائية المعنية.
- إصدار 8 كتب ضمن سلسلة المرأة المقاومة".
ثم ختمت الأخت ميسون كلامها بالحديث عن كتاب الوصول والذي هو أحد إصدارات المشروع والذي "يسلّط الضوء على السيرة العطرة لهذه المجاهدة المعطاءة في كل مراحل حياتها، من دراستها وتفرغها لطلب العلم في النجف الأشرف، رغم قيامها بواجباتها الأسرية على أكمل وجه، كذلك جهادها في لبنان وتحملها لمسؤوليات جسام إلى جانب الزوج المثال الشهيد السيد عباس الموسوي، وعملها على كافة الوسائل لتبليغ الدين وعلوم
أهل البيت عليهم السلام وفكر المقاومة للساحة النسائية، كما يبرز الجانب الروحي والشخصية الفريدة للشهيدة، وقدرتها على نقل هذا المخزون المعنوي لأولادها والتأثير في المحيطين بها من خلال التربية والممارسة الأخلاقية الراقية. فكانت بحق نموذجاً يُحتذى ومسيرة تستحق الاقتداء".


بعد ذلك عرض الكاتب السيد عبد القدوس الأمين تجربته مع كتاب الوصول وتكلم عن الشهيدة أم ياسر "جميل جدّاً ف
ي عيد الأم أن نذكر أم ياسر. أم ياسر لم تكن أماً لياسر وأخوته، كانت أماً لعدد كبير جداً من الناس.. كانت أماً حقيقية للمجاهدين، لطالباتها، لجيرانها، للأصدقاء، أماً للزوج بل مدرسة في العلاقات الزوجيّة..".
ثم شكر في نهاية كلمته كل من الحاجة عفاف الحكيم وأقارب الشهيدة وعلى رأسهم السيد ياسر الموسوي وفضيلة الشيخ علي ضاهر الذي كان يشجّعه على الكتابة.

ثم كانت الكلمة الأخيرة لراعي الاحتفال رئيس المجلس التنفيذي سماحة السيد هاشم صفي الدين الذي شكر في بداية كلمته عائلة الشهيد السيد عباس الموسوي وبارك للأمهات العزيزات في يوم عيدهن.
ثم تحدث السيد صفي الدين عن الأمهات اللواتي ورد ذكرهنّ في القرآن الكريم "والأم ذُكرت في القرآن الكريم في موارد كثيرة، الأم في القرآن هي مريم سلام الله عليها حيث ذكرها القرآن: «فحملته فانتبذت به مكاناً قصيّا»، وهي أم موسى التي يُوحى إليها«إذ أوحينا إلى أمك ما يوحى»".
وأضاف سماحته: "الأم في وجداننا وتاريخنا الإسلامي هي آمنة التي كابدت وعانت الغربة والفراق حفاظاً على وليدها والتي عرفت بإلهام إلهي أنّ
له شأناً استحق كل هذه التضحيّة وهذا البذل، والأم هي فاطمة بنت أسد، التي شقّ لها جدار الكعبة وفاضت بحنانها على علي عليه السلام وعلى رسول الله(ص)، والأم أيضاً في تاريخنا ووجداننا هي حليمة السعديّة التي أرضعت الرسول الأكرم(ص) واحتضنته وحفظته في البادية برموش العين في قبيلة سعد بن بكر، والأم أيضاً هي خديجة الكبرى التي أنجبت للبشريّة سيدة نساء العالمين، وهي الثمرة المباركة لخير خلق الله، وهي التي احتملت رضوان الله تعالى عليها في أحشائها الأنوار الملكوتيّة، والأم هي فاطمة سيدة نساء العالمين سلام الله عليها، هي المثال والقدوة والكمال، التي أنجبت سيدا شباب أهل الجنة والعقيلة زينب سلام الله عليهم أجمعين وهي التي ارتقت بأمومتها إلى مصداق أوحدي بشهادة نبويّة فكانت أمّ أبيها".

ثم تحدث عن خصوصيّات للمرأة ومن بينها الأمومة التي اختصها بها الله تعالى والتي لها مراتب منها:
أولاً الوظيفة الطبيعيّة حسب الخلق والتكوين، فهي التي قبلت تحمّل مسؤولية الحمل والإنجاب وتحمل المشاق، من أجل استمرار البشرية وإنتاج لآلئ الوجود ودرر الحياة وهو الإنسان؛ فهي التي حملت الإنسان حيث لا يحمل أحدٌ أح
دا كما في الرواية عن الإمام زين العابدين(ع)، حملته وهناً على وهن بحسب الطبيعة والتكوين فصنعت من الوهنين قوةً، وفلقت منهما بدناً تشرّف بأنّه وعاء هذه الروح التي صنعها الله تعالى.
ثانياً الكرم والسخاء: هي التي تُرضع وتُنشئ وتحتضن بحنان وسخاء لا يجاريه ولا يوازيه أي كرم.
ثالثاً: هي المؤتمنة على أ
مانات الله تعالى، والتي تُسخر حياتها ووجودها من أجل أعظم وأكبر مشاريع إلهيّة فتخدم من خلال هذه المشاريع الإنسانية والبشريّة.
رابعاً: التضحية والصبر المستفادان من الإيمان والتسليم.
خامساً: الزهد والتفاني.

وسادساً: المثال والقدوة: هي التي تجتمع فيها الفضائل والكمالات فأنجبت وربّت وعلّمت وضحّت وتحمّلت وخطّت درب الكمال والرقي لكل امرأة بل لكل إنسان.
"الأمومة في شرعنا وفي ثقافتنا هي مشروع كامل، ليست عملاً ثانويّاً، أو إجباريّاً، الأمومة هي مشروع كامل، ومجال طبيعي وتكويني وتشريعي وحيوي جداً لصلاح الفرد والمجتمع، هذه هي إرادة الله عز وجل.
الأمومة بمعناها الدقيق والصحيح هي أساس في ثقافتنا وركن في فكرنا وحضارتنا ولا ينبغي التقليل من أهميّة ومشروع الأمومة لحساب وظ
ائف أخرى مهما كانت جديرة ومهمة حتى لو كانت متاحة شرعاً، ومطلوبة اجتماعيّاً وإنسانيّاً وأحياناً رسالية.
الأمومة بحق طريق إلى نيل الدرجات والمقام، لا ينبغي أن يصرفنا كل هذا الخلل والضعف الذي نتواجد في ظله أحياناً عن قيمة وشأنيّة هذا المقام؛ لأنه بكل بساطة لا بديل عنه بينما الأدوار الأخرى قد نجد لها بدائل، وإنّ إفساح المجال للمرأة في العلم والمعرفة والإلمام بشؤون الحياة والمجتمع هو من الشروط اللازمة والضروريّة للقيام بهذه الوظيفة.
بل إنّ استقامة الحياة، كلّ الحياة مرهونة بحسن القيام بهذه الوظيفة، فمن دون أمومة صحيحة لا استقامة، لا حياة، لا عظماء، لا كبار، ولا إنجازات، ولا أي شيء يمكن أن يتخيله الإنسان من طموح للإنسانيّة والبشريّة.
وفی نهایة الاحتفال قام الکاتب السید عبد القدوس الأمین بتوقیع کتاب الوصول.

 

التعليقات (0)

اترك تعليق