مُمَهِدَاتْ... وحقيق أن تبادر المرأة المثقّفة الملتزمة الواعية فتمهد الطريق وتفتح الآفاق.

كلمة الحاجة عفاف الحكيم في احتفال تكريم أمهات الشهداء

كلمة الحاجة عفاف الحكيم في احتفال تكريم أمهات الشهداء


كلمة الحاجة عفاف الحكيم في احتفال تكريم أمهات الشهداء الذي أقيم في مبنى الجمعيات في 27-5-2015:

بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على أشرف الخلق وسيد المرسلين، محمد وآله الطيبين الطاهرين.
بداية: أرحب بالحضور الكريم.. بمن شرفونا في هذا الحفل.. الذي جمع بين عبق شهر شعبان المعظم والولادة المباركة لصاحب العصر والزمان(عج). وبين عطر الشهادة وأريج الانتصار الذي حمله عيد المقاومة والتحرير..
نرحب براعي احتفالنا سماحة العلامة السيد إبراهيم أمين السيد رئيس المجلس السياسي  أعزه الله..
نرحب بحاجّاتنا الكريمات، برمز الأمهات الحاجة العزيزة أم عماد والدة قائد الانتصارين الشهيد الكبير الحاج عماد مغنية.
وعضو الجمعية الحاجة العزيزة وداد محمد والدة الشهيد السعيد يوسف حلمي حلاوي.
وعضو الجمعية الحاجة العزيزة كوثر عمرو والدة الشهيد السعيد محمد حسين ديب العنان..
كما أرحب بضيفاتنا العزيزات بالأخوات القادمات من الجمهورية الإسلامية والبحرين والكويت. أرحب بوفد الاتحاد العالمي للنساء المسلمات وعلى رأسه د. طوبى كرماني الأمين العام للاتحاد.
ثانياً: حفلنا اليوم كما ترون مثقل بالمعنويات. مثقل بالنورانية والروحانية وبشذا الشهادة والشهداء، وبالنفحات السخية والزكية لساحة الدفاع المقدس وانتصاراتها الباهرة في القلمون. هذه الساحة التي ملئت قلوبنا بفيوضات الكوثر الحسيني والزينبي.. وعرفتنا بأن الشهادة هي موقف للحياة.. هي لحظة انعتاق وتوهج واحتراق وفناء في نار الشوق والعشق والإيمان والحب لله ولرسوله محمد(ص) وآل بيته الطاهرين.. هي لحظة إخلاص وذوبان بين الشهيد ورب العالمين.. لحظة تحمل في طياتها نمط الحياة المطلوبة والتي يتجسّد بها فعل الارتقاء إلى قمة الحياة والحيوية التي استحق من خلالها الشهيد أرفع الدرجات.
وهذا ما يبيّن بأن سعادة الشهيد تختلف كثيراً عن السعادة التي يحصلها الإنسان في هذه الحياة الدنيا.. قال تعالى: {وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاء عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ * فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ}(سورة آل عمران: الآية:169)
ويبّين أيضاً سرّ اختلاف الشهيد عن سائر المؤمنين حين يعرض عليهم الرجوع إلى الدنيا.. فعن رسول الله(ص): "ما من نفس تموت لها عند الله خير.. يسرها أن ترجع إلى الدنيا.. إلا الشهيد فإنه يتمنّى أن يرجع فيقتل في الدنيا لما يرى من فضل الشهادة".
وإنّ هذا الفضل والفوز العظيم يجعلنا ندرك أبعاد ما رمى إليه القصص القرآني حين كشف بأن الله تعالى قد عهد لعدد من الأمهات بتربية نخبة من أنبيائه موكلاً أمر إسماعيل وموسى وعيسى ومحمد(ص) للأمهات وحدهن.. في إشارة إلى ما تملكه الأم من طاقات وقدرات على مستوى إعداد النخب..
وحيث نجد على سبيل المثال: أن التسليم الواعي والصبر الجميل والقدرة الفائقة على التحمل والتحلي بأعلى درجات المسؤولية والتوكل على الله عند هاجر الأم كان له صداه الكبير والجليل قال تعالى: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِن شَعَآئِرِ اللّهِ}(سورة البقرة، الآية: 158).
قرار من الله تبارك وتعالى يلزم نساء الأمة ورجالها بأن عليهم أن يتمثلوا خطوات تلك الأم التي أسلمت نفسها حقاً لله ومضت تهرول باحثة عن الماء والغذاء لولدها دون سخط أو تذمر غير عابئة بأهوال ذلك الوادي القفر.
خطوات أم جعلت بأمر من الله تعالى.. في صميم فريضة هي من أهم الفرائض.. وحيث قدم لنا القرآن الكريم صورة مشرقة من صور التكريم الإلهي ليكون تكريم هاجر(س) تكريماً لكل أم تنهض بدورها كاملاً على امتداد التاريخ..
وإنه من تلك المقولة وذاك التكريم.. يأتي تكريمنا اليوم للحاجة العزيزة أم عماد كرمز لأمهات المقاومة البطلات وهو يأتي بعد فيض من العطاء بعد عمل دؤوب لخدمة الدين بعد تربية الأسرة وتوجهيها وصولاً إلى قمة العطاء بتقديم الأبناء الثلاثة شهداء (جهاد وفؤاد والحاج عماد ثم الحفيد العزيز جهاد ولا زالت مع الصبر الجميل تواصل المسيرة..
وهنا ينبغي القول بأن الحالة الإسلامية في لبنان لم ولن تنسى أنها منذ تنفست كانت الحاجة أم عماد ممن نهض بقوة لدعم هذه الحالة ولا ننسى نحن كعاملات في هذه الساحة أننا منذ فتحنا عيوننا على العمل كانت الحاجة أم عماد بحضورها الفاعل والمميز والسبّاق. ويبقى أن هذه الأم حينها لم تكن أماً فقط لأبنائها.. وإنما كانت أماً لكل من هم حولها في ساحة العمل. إذ كانت تحمل ميزة حمل الهم. ميزة احتضان الجميع وتحفيز الجميع وتوحيد جهود الجميع. كانت كتلة من النشاط الذي لا يهدأ..
أما أخواتنا العزيزات الحاجة المجاهدة وداد محمد. والحاجة المجاهدة كوثر عمرو أيضاً كنا معاً من البدايات في العمل. سواء بداية عمل الهيئات.. أو عمل الجمعيات وحيث بذلن جهوداً كبيرة مع الناس ولخدمتهم وخصوصاً أيام النزوح مع اعتداءات العدو الصهيوني وحيث قمن بإنجازات وأعمال متعددة مثقلة بالروحانيات والمعنويات وبالإخلاص لله.. ولمسيرة النهج والخط العزيز..
وحيث لا زلن يواصلن العمل والنشاط تطوعاً قبل وبعد استشهاد الأعزاء قربة إلى الله تعالى.. في أهم عملين في الجمعية النسائية للتكافل الاجتماعي- أي في مركز التكافل الخيري الذي يعمل على إعالة عدد كبير من العوائل المحتاجة عبر تقديم حصة غذائية أسبوعية بعد سماعهن لدرس الدين..
والعمل الآخر: هو مشروع رداء النور- الذي يعمل على تعزيز الحجاب واللباس الشرعي في سائر المناطق اللبنانية عبر تقديمها هدايا بعد إقامة حفل لمناسبات أهل البيت(س) وحيث عملن مع فريق من الأخوات العزيزات على تغطية معظم القرى وبلدات البقاع والشمال وبعض قرى الجنوب..
ويبقى أخيراً: أن هذا اللون المميز في فعاليته عند أمهاتنا.. على الجبهتين الاجتماعية لخدمة الناس.. والجهادية لنصرة الإسلام والمقاومة بتقديم الأعزاء هو لا شك النموذج الرفيع الذي أشارت إليه ودعت لتعزيزه الوصايا الكريمة التي حملها القرآن الكريم والسنّة النبوية المطهرة.
قال تعالى في سورة لقمان(14): {وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ}
وحين سأل أحدهم رسول الله(ص) قائلاً: "من أحق الناس بحسن صحابتي يا رسول الله؟ قال(ص) أمك. قال ثم من يا رسول الله؟ قال أمك. قال ثم من يا رسول الله؟ قال أمك. قال ثم من يا رسول الله؟ قال أبيك"، وهذا ليس بخساً بحق الأب وإنما إلفاتاً وتأكيداً على دور الأم.
وأيضاً حين سأله(ص) أحدهم قائلاً: "أحب الجهاد ولا أقدر عليه فأجابه(ص) ألك أم؟ قال نعم قال إذاً إلزم قدميها فإن الجنة تحت أقدام الأمهات"، وإنا لنسأل الله عز وجل أن يمكننا من أن نوفيّ حق الأمهات في مسيرتنا..
والسلام عليكم وحمة الله وبركاته.

 


عفاف الحكيم
25-5-2015

 

التعليقات (0)

اترك تعليق