مُمَهِدَاتْ... وحقيق أن تبادر المرأة المثقّفة الملتزمة الواعية فتمهد الطريق وتفتح الآفاق.

التـواضع وخـدمة الآخـريـن

التـواضع وخـدمة الآخـريـن

طرقَ السيّدُ القائدُ الباب بيدهِ، لمْ يسمع صوتاً!
تقدَّمَ أحدُ مرافقيهِ منَ الحرس وَطرقَ الباب، أيضاً لمْ يسمعوا صوتاً.
- أليستْ زوجةُ الشهيد تسكنُ في هذا البيت؟
- ردَّ الجميع بالإيجاب.
مرَّتْ لحظاتٌ قليلة ثمَّ تعالى صريرُ الباب الحديدي الصدئ وَظهرتْ عينانِ صغيرتانِ تبرقانِ منْ وراءِ العتمة، طفلةٌ صغيرة لا تعرفُ كيفَ تتبسم: "أين أمّكِ يا طفلتي؟" سألها القائد.
"أمي مريضة منذُ فترةٍ في الفراش، وَلا يوجدُ أحدُ ليأخذها إلى المستشفى".
أمرَ السيد القائد الحرسَ وَالمرافقينَ بأنْ يأخذوا زوجةَ الشهيد إلى المستشفى ثمَّ دخلَ المنزل، وَوجدَ الأوساخَ وَالغبارَ وَالفوضى تعمّهُ، فالمرأةُ كانتْ مريضةٌ لفترةٍ طويلةٍ وَعاجزةٍ عنِ الحراك..
أمرَ القائدُ المرافقينَ وَالحرسَ بالخروجِ منَ المنزل ثمَّ دخلَ هوَ، شمّرَ عنْ ساعديهِ وَأمسكَ بأدواتِ التنظيف وَبدأَ ينظِّفُ المنزل..
تجمَّعَ الناس وَالحرس وَالمرافقونَ أمامَ الباب يبكون، فها هوَ القائدُ في الداخلِ يمسحُ الغبارَ عنِ الأرض، يرفعُ الأوساخَ منَ البيتِ بيديهِ الاثنتين، بلْ بيدهِ السليمة وَالأخرى العليلةِ المعطوبة..
"يا سيدي.. أخرج.. لقدْ مزَّقْتَ قلوبنا، نعدُكَ أنْ لا نهملَ أُسَرَ الشهداء.. لكنْ أخرج أرجوك، كفى"!
سادَ الصمتُ قليلاً، سادَ الصمتُ بشكلٍ مرعب، وَإذا بصوتٍ هادئ حنونٍ دافئٍ وَقريبٍ يقول: "لا تقل كفى"!


حجة الإسلام والمسلمين حسين غفاري


المصدر: إرث الشهادة.

التعليقات (0)

اترك تعليق