مُمَهِدَاتْ... وحقيق أن تبادر المرأة المثقّفة الملتزمة الواعية فتمهد الطريق وتفتح الآفاق.

مزايا الرضاعة الطبيعية

مزايا الرضاعة الطبيعية

تُعد الرضاعة الطبيعية هي الأساسية للطفل، والأم بذات الوقت، فحال ولادة الطفل يبدأ ثدي الأم بإفراز الحليب الذي أحله الله تعالى كشراب للطفل لينمو جسدياً وعاطفياً عندما ترضعه الأم حولين كاملين فالله تعالى يقول: «والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة» ولا خلاف أن لبن الأم هو خير غذاء للطفل وما لم يكن هناك موانع طبيعية كالمرض أو ظروف قهرية كخروج الأم للعمل أو سفرها بعيداً عن طفلها فيجب أن تقوم كل أم بإرضاع طفلها إذ أن هذا هو الأساس السليم في تغذية الرضيع.
مزايا الرضاعة الطبيعية
لبن الأم هو الغذاء الطبيعي للطفل الذي منحه الله تعالى وكل الألبان الصناعية تتنافس فيما بينها في محاولة الاقتراب من التركيب الكيميائي الطبيعي للبن الأم إضافة إلى أن لبن الأم معقم دون جهد ولا يخشى من تلوثه ومن ثم فلا خوف من النزلات المعوية مع الرضاعة الطبيعية، ومن مزايا لبن الأم أنه يفرز من الثدي في درجة حرارة مناسبة دون غلي أو تبريد أو تسخين، كما أن لبن الام يحتوي على جزيئات مضادة للميكروبات ومن ثم فهو يعمل على تحصين وحماية الطفل ضد الأمراض، كما أن تركيبته من الدهون والبروتينات هامة في تكوين خلايا المخ عند الرضيع.
من الناحية الحيوية للأم فإن إرضاع وليدها له فائدة للأم نفسها، فالرضاعة الطبيعية تساعد على تقلص الرحم بعد الولادة وعودته إلى حالته الطبيعية قبل الحمل بالإضافة إلى الفوائد النفسية والعاطفية في علاقة المولود بأمه خلال رضاعته لثديها، فالإرضاع من الثدي غذاء بدني وروحي للرضيع، عندما تربت على جسمه وتشعره بالحنان أثناء تناوله ثديها، الأمر الذي يشبع عاطفته ويقوي اتصاله بها طوال فترة الإرضاع ومن ثم تنشأ المحبة بينهما، في حين أن الأمهات اللاتي يمتنعن عن إرضاع أطفالهن، فإنهن يفقدن الرابطة مع صغارهن.
خصائص لبن الأم
في الأيام الأخيرة من الحمل وفي الأيام الأولى بعد الولادة يفرز الثدي سائلاً أصفر خفيف القوام سهل الهضم وهو يعتبر الإفراز الأول الخاص باللبن، بعد ذلك وفي اليوم الثالث تقريباً يتكون اللبن بكل خواصه الطبيعية والكيميائية، والإفراز الأول يطلق عليه (اللبأ) وهو يريح معدة الرضيع التي لم تتعود بعد على شرب مثل هذا اللبن.
ولبن الأم مصدره في جسمها من جهاز الغدد الصماء الذي يشرف على إنتاج اللبن بواسطة الغدد الموجودة في الثدي وهذا الجهاز ينبه الثديين إلى إفراز اللبن عندما يحس بخلوهما منه، وعلى ذلك فإفراغ الثديين من اللبن هو الحافز الأول لجسم المرضع لإنتاج لبن جديد ومن هنا تبرز أهمية إرضاع الطفل من الثديين معاً وذلك بأن تبدأ الرضعة بأحدهما وتنتهي بالآخر، وفي الرضعة التالية تبدأ بالأخير لتفرغه تماماً وتنتهي بالثاني، وهكذا بالتبادل وبذلك تضمن الأم أن الثديين يفرغان من اللبن جيداً ليحس الجسم بذلك فيفرز لبناً جديداً، والثدي عبارة عن نسيج إسفنجي يتكون من غدد دقيقة للغاية تحيط بها أوعية دموية، ومن الدم الذي يدخل إلى هذه الغدد مع الفرث (الغذاء المهضوم) يتكون في الغدد اللبنية اللبن الذي يعبر قنيات (مصغر قناة) إلى حلمة الثدي وكلما امتص الصغير اللبن من الثدي تدفق اللبن عبر القنيات حتى يصل من خلال حلمة الثدي إلى فم الرضيع ثم معدته.
مقومات لبن الأم
أما مقومات اللبن عند الأم فهي شقان:
 مواد صلبة وهي البروتينات والسكريات والدهون والأملاح يأخذها الجسم من غذاء الأم من الدم، وهذا هو سر الاهتمام بتقوية المرضع، حتى لا يضحي الجسم بأنسجته فيأخذ الكالسيوم من العظم مثلا ليضعه في اللبن.
 الشق الثاني وهو الماء المذابة فيه هذه المكونات فالجسم لا يعطي من مائه الخاص ليكون اللبن، وعلى ذلك فلا بد للأم المرضع أن تشرب كمية كبيرة من السوائل خاصة في الصيف وذلك كي يأخذ الجسم حاجته ويجد فائضاً يستعمله الثدي لإفراز اللبن، ويعتقد أن الأم التي تشرب الماء بكثرة فإن اللبن الذي يفرز من ثدييها تكون كثافته منخفضة وهذا خطأ، فلبن الأم سائل خلقه الله تعالى له تكوين كيميائي وتركيب خاص ولا يتغير هذا التركيب بزيادة الماء أو نقصه بل إن ما يحدث أنه إذا قل الماء المشروب قلت كمية اللبن، أما التركيب الكيميائي فهو ثابت لا يتغير أي أن التغيير يحدث في الكم وليس في الكيف، وبالتالي يقل معدل إفراز اللبن عندما تقل السوائل التي تشربها الأم.
وتعتقد بعض الأمهات أن هناك أدوية معينة تزيد من إفراز اللبن في ثدييها ليتغذى الرضيع والواقع أن الأدوية يشك في قيمتها الحقيقية أما الثابت تماماً فهو أن إفراز اللبن يزداد نتيجة عاملين:
 شرب كمية كافية من السوائل
 استهلاك لبن الأم من قبل الطفل وطالما أن استهلاك اللبن مستمر، فسيكون الإنتاج مستمراً ولذلك وجب على الأم التي تريد إيقاف الرضاعة لمدة يوم مثلاً نتيجة ظروف صحية خاصة فإنه يجب تشفيط اللبن من ثدييها حتى تستمر عملية الإفراز.
كيف للطفل أن يتعلم الرضاعة؟
الرضاعة سلوك فطري، إذ ما أن يحس الطفل بالثدي في فمه حتى يبدأ بالرضاعة فوراً فهو يقبض على الحلمة باللثة، ويطبق فمه ثم يبدأ بالامتصاص، ولكن بعض الأطفال يرضعون بطريقة خاطئة تؤلم الأم وتقلل من كمية اللبن التي يمتصها أثناء الرضاعة وبذلك تتحول عملية الرضاعة إلى معاناة بالنسبة للأم ولطفلها، فقد يحدث أن يقبض الرضيع على الحلمة فقط ويضمها مسبباً الألم للأم بغية الحصول على كمية وفيرة من اللبن، والطريقة الصحيحة لإرضاع الرضيع هي أن تقوم الأم بإدخال الحلمة مع الجزء الملون من الثدي (الذي لونه غامق) في فم الرضيع وبذلك فهو يقضم خزانات اللبن الموجودة تحت النتوءات الظاهرة في هذه المنطقة الملونة وهنا لا تحس الأم بأي ألم، كما أن اللبن الداخل إلى الفم يكون وفيراً ومرضياً له، وأحياناً لا يفتح الطفل فمه بالدرجة الكافية لإدخال الحلمة وما حولها كما ترغب، والحل هنا هو أن تداعب الأم طفلها بحنان فيفتح الرضيع فمه باتساع وتتمكن الأم من وضع الحلمة وما حولها في فمه، وينصح بالامتناع عن محاولة إدخال الحلمة وما حولها بالقوة في فمه.
وبعض الأطفال خصوصاً بعد الولادة العسرة أو بعد الولادة بالجفت يمتصون اللبن بضعف ولا يطبقون فمهم على الثدي جيداً، وفي الأيام الأولى تساعدهم الأمهات بأن تضغط بخفة على الفك الأسفل دافعة إياه إلى أعلى لإحكام إغلاق الفم حول الثدي وتدلك خد الطفل برقة لتشجيع رد الفعل الانعكاسي على الرضاعة.
وقد تصبح الأم ضجرة عندما تطول فترة الرضاعة من ثديها والواقع أن هناك نظاماً للإرضاع إذ لا يوجد زمن محدد للرضاعة، فكل طفل له سرعة معينة في الرضاعة وله سعة معدة معينة للشبع وبصفة عامة يمكن القول إنه في أول يوم للرضاعة فإن دقيقتي رضاعة من كل ثدي كافية لإشباعهن وفي اليوم الثالث خمس دقائق، وفي اليوم الخامس ثماني دقائق، وفي اليوم السابع فأكثر عشر دقائق من كل جهة، ومن ثم تصبح عادة تناول الثدي والشبع من العادات التي يعتاد عليها الرضيع وفي ذات الوقت تعتاد عليها الأم. وبذلك يمكن القول إن مدة الرضاعة بعد أسبوع هي نصف ساعة بحيث يتناول كل ثدي لمدة عشر دقائق وعندما تشعر الأم بشبع رضيعها عليها أن تغير ملابسه إن كانت قد ابتلت وأن تحاول إخراج الهواء الذي يمتصه في المعدة أثناء امتصاص اللبن، وذلك بإيقاف إرضاعه، ووضعه في صورة وقوف على صدرها والربت على ظهره حتى يخرج ما في معدته من هواء أو تجشؤ (تكريع).
القيمة الغذائية للبن الطبيعي
تعتقد بعض الأمهات أن اللبن الطبيعي الذي يفرزه الثدي قد يكون مائياً أو غير مغذي والواقع أن هذا الاعتقاد غير صحيح فاللبن الطبيعي تركيبه الكيماوي ثابت ولكن بعض الأمهات اللاتي يكثرن من أكل الحلوى والشوكولا والأكلات الدسمة تكون نسبة الدهن في لبنهن أعلى قليلاً من الطبيعي وهذا اللبن الدسم له عيوب فقد يظهر إسهالاً دهنياً أو قد يظهر على الطفل أكزيما دهنية والعلاج هو أن تقلل الأم من الشوكولا والحلوى والمأكولات الدسمة، أما الأم التي تتناول غذاء طبيعياً وكمية كافية من السوائل فإن لبن الثدي لديها يكون تركيبه الكيميائي في الحدود الطبيعية كما أودعه الله سبحانه وتعالى في الثدي.
تغذية الأم المرضع
من أهم الأغذية التي يجب أن تراعى في تغذية الأمهات المرضعات: البروتينات (اللحم، السمك، الجبن، البيض، الفول، العدس، البقول الجافة، اللبن)، وينصح أيضاً بتناول النشويات (الخبز، الأرز، المعكرونة، البطاطا، العسل، المربى، السكر)، والفيتامينات (الخضروات والفاكهة الطازجة) وينصح بشرب السوائل بكثرة.
أثر حجم الثديين على كمية اللبن
ليس لحجم الثديين أي دخل في كمية اللبن المنتجة وكثير من السيدات ذوات الأثداء الصغيرة قمن بإرضاع توائم بينما فشلت عديد من السيدات ذوات الأثداء الكبيرة بإرضاع صغارهن لتجاهلهن شرب كميات سوائل كافيه أو قلقهن النفسي وعصبيتهن الزائدة.
المدى الزمني لإرضاع الرضيع
المدة الكافية لإرضاع الرضيع هي من 9 إلى 12 شهراً وقد تتضرر الأمهات من طول هذه المدة والجهد الذي تبذله ولكن يمر الوقت بسرعة، كما أن الرضاعة الطبيعية تنتظم مواعيدها مع الأيام فتصبح أكثر سهولة وبعد ذلك تجد الأم أن طفلها عند سن الستة شهور تقريبا أصبح يفرغ الثدي الواحد في ثلاث أو أربع دقائق فقط مما يسهل عملية الإرضاع، أما عن موعد إيقاف الرضاعة فيتم إيقاف الرضاعة تدريجياً بهدف ألا يحدث اختزان للبن في الثديين يؤدي إلى احتقانهما، والأفضل أن يتم ذلك تدريجياً بتناول رضعة وإحلال وجبة أو رضعة خارجية محلها ثم رضعة ثانية بعد أسبوع وهكذا، أما إذا كان من الضروري لسبب أو لآخر إيقاف الرضاعة فجأة فيجب أن تتداول الأم مع الطبيب الذي يصف لها الدواء اللازم.


المصدر: مجلة المنال نقلاً عن موسوعة تنمية الطفل، مشترك مع الدكتور عبد المجيد سيد أحمد، ط 2003، دار قباء للطباعة والنشر والتوزيع، القاهرة، جمهورية مصر العربية.
إعداد: د. زكريا أحمد الشربيني أحمد

التعليقات (0)

اترك تعليق