حقوق المرأة وواجباتها في التعليم في الجمهورية الإسلاميّة الإيرانية
المقدمة:
نظراً للمكانة الرفيعة للمرأة بصفتها المولدة للأجيال الصاعدة والمربية لهم، من الضروري توفير الإمكانيات اللازمة لأجل إنماء مواهبها وتعليمها وتثقيفها بشكل تام ومن جميع الجوانب. إنّ العلم قد أثبت أنّ المستوى العلمي والدراسي للأم يُعدّ أحد الحوافز الهامة للأبناء لتحقيق التقدم في مسيرة التعليم ويؤهل المرأة لإدارة الأسرة بشكل أفضل وتقديم أسرة أكثر سلامة للمجتمع. وبالطبع، لأجل تحقيق هذا الهدف، ينبغي صياغة برامج تعليمية وتربوية قائمة على محور الأخلاق والقيم الإنسانية السامية.
تعليم المرأة في الإسلام:
إنّ حق التعليم والتعلم يُعد من الحقوق الطبيعية والفطرية لكافة أفراد البشر ولا يتعلق بجنس دون الآخر. كما يحث دين الإسلام كثيراً على حق التعليم للمرأة والرجل ولم يعد هذا الحق حكراً على فئة خاصة. وإن نبي الإسلام الأكرم(ص)، وعلى أساس تعاليم دين الإسلام اعتبر طلب العلم فريضة على كل مسلم وصرح بأنّ العلم يجلب مرضاة الله ومحبته حيث قال(ص): إنّ الله يحب بغاة العلم. إنّ تعليم القراءة والكتابة لأعضاء الأسرة وتوفير الظروف الملائمة لتعلمها تعد من أهم واجبات الرجل بصفته المعيل للأسرة وإنّ الله تعالى يحاسب الرجل على إبقاء زوجته وأولاده في الجهل ويعتبره إثماً عظيماً.
الجمهورية الإسلامية الإيرانية وتعليم المرأة:
تزامناً مع انتصار الثورة الإسلامية المباركة في إيران، أكد سماحة الإمام الخميني الراحل(قده)، مؤسس الجمهورية الإسلامية الإيرانية إلى الفروق التي تتصف بها أهداف تعليم النساء والرجال.
حيث تفضل سماحته بالقول: "إنّ التعليم بالنسبة للرجال يُعد عاملاً هاماً في التقدم نحو الأمام في المجال المهني، أما بالنسبة للنساء فإن تعليمهن يُعد مؤشراً مصيرياً في حركة المجتمع نحو الشموخ".
وعلى هذا الأساس، نلاحظ أنّ تعليم الفتيات والنساء لأجل إعدادهن للاضطلاع بالمشاغل والمسؤوليات الاجتماعية يُعد جانباً صغيراً من الأهداف المنشودة في تعليمهن، وإنّ الزيادة في وعيهن ومساعدتهن لتحقيق التقدم العلمي والمعنوي والديني وتأهيلهن لتنشئة أجيال صالحة هي الأهداف المحورية والأكثر أهمية لتعليمهن، وبعبارة أخرى، حتى لو لم تضطلع بالمشاغل الاجتماعية إلا نسبة ضئيلة من النساء المتعلمات، لا يعتبر هذا سبباً للحد من زيادة نسبة التمويل في قطاع تعليم النساء وإنّ تعليمهن بهدف تقديم نساء فاضلات وأمهات واعيات للمجتمع تُعد من أهم الواجبات الملقاة على عاتق المسؤولين في قطاع التعليم في البلاد.
وقال سماحة قائد الثورة الإسلامية في هذا المجال: "أنا آمل أن تتقدم الفتيات والنساء في مسيرة تحصيل العلم بجد واجتهاد".
أ- الإجراءات القانونية لتعليم المرأة:
إنّ الدعم القانوني يمهد الأرضية الملائمة للارتقاء بالمستوى التعليمي للفتيات والنساء وإنما مواهبهن الذاتية، في هذا الفصل نتناول القوانين الداعمة لتعليم المرأة التي تم وضعها من قبل مراجع التقنين ذات المستويات المختلفة ما بعد انتصار الثورة الإسلامية المباركة:
1- دستور الجمهورية الإسلامية الإيرانية:
وفق المادة الثالثة للدستور، تلتزم حكومة الجمهورية الإسلامية الإيرانية بأن توظف جميع إمكانياتها لتحقيق ما تنص عليها.
البنود الثانية والثالثة والتاسعة في موضوع التعليم:
البند رقم 2- رفع مستوى الوعي العام في جميع المجالات، بالاستفادة السليمة من الصحف والمنشورات ووسائل الإعلام ونحو ذلك.
البند رقم 3- توفير التربية والتعليم، والتربية البدنية، مجاناً للجميع وفي مختلف المستويات وكذلك تيسير التعليم العالي وتعميمه.
البند رقم 9- رفع التمييز غير العادل وإتاحة تكافؤ الفرص للجميع في المجالات المادية والمعنوية كافة في صدد تنفيذ البنود المذكورة أعلاه، كما تتابع إتاحة الفرص التعليمية المتكافئة عبر وضع القوانين واتخاذ القرارات في أوساط صنع القرار ذات الصلاحيات المحدودة.
وفق المادة الثالثة عشر من دستور الجمهورية الإسلامية الإيرانية، إنّ النساء من الأقليات الدينية يتمتعن بالحرية في التعلم وفق أصول وتعاليم شريعتهن الدينية، كسائر الأفراد من أتباع هذه الديانات.
وفق المادة العشرون لدستور الجمهورية الإسلامية الإيرانية، حماية القانون تشمل جميع أفراد الشعب –نساء ورجلاً- بصورة متساوية؛ وهم يتمتعون بجميع الحقوق الإنسانية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية ضمن المعايير الإسلامية.
ووفق المادة الحادية والعشرون من دستور الجمهورية الإسلامية الإيرانية، الحكومة مسؤولة عن تأمين حقوق المرأة في كافة المجالات ووفق المادة الثلاثون، على الحكومة أن توفر وسائل التربية والتعليم بالمجان لكافة أبناء الشعب (رجلاً ونساء) حتى نهاية المرحلة الثانوية، وعليها أن توسع وسائل التعليم العالي بالمجان، لكي تتمكن البلاد من تحقيق الاكتفاء الذاتي.
2- منظومة حقوق المرأة وواجباتها في الجمهورية الإسلامية الإيرانية:
البند رقم 76- حق النساء في تعليم القراءة والكتابة، والتقدم في مسار التعلم وحقهن في التمتع بالإمكانيات التعليمية والتربوية.
البند رقم 77- حق النساء في التمتع بالتعليم العالي بأعلى مراحله.
البند رقم 78- حق النساء في اكتساب المهارات والاستفادة من التعليم الاختصاصي إلى أعلى مستوياته كماً وكيفاً.
البند رقم 79- حق تمتع النساء والفتيات في المناطق المحرومة بالدعم التعليمي الخاص.
البند رقم 80- حق النساء ومسؤوليتهن في صياغة المنهج الدراسي والنصوص التعليمية.
البند رقم 81- حق النساء في التمتع بإبراز المكانة اللائقة بهن في النصوص الدراسية والتعليمية التي تتناسب مع أدوارهن المرموقة في المجتمع ومسؤوليتهن تجاه ذلك.
البند رقم 82- حق النساء في المشاركة في وضع السياسات وتقرير المصير والاضطلاع بمناصب الإدارة التعليمية والعلمية والحضور في الأوساط الثقافية والعلمية في الداخل وعلى الصعيد الدولي بشكل فاعل.
البند رقم 83- حق النساء ذوات المواهب الباهرة في الكشف عن مواهبهن ودعمهن وتوظيف هذه المواهب، ومسؤوليتهن تجاه تلبية حاجات البلاد ذات الصلة بقدراتهن.
البند رقم 84- حق النساء المعوقات جسدياً والمتخلفات عقلياً في التمتع بالدعم اللازم في مجال التربية والتعليم والوصول إلى مرحلة التعليم العالي وحقهن في التمتع بالتأهيلات التعليمية في المجالات الفنية والمهنية التي تتلاءم مع مستوى قدراتهن ونسبة تخلفهن وإعاقتهن.
3- سياسات الارتقاء بمستوى مشاركة المرأة في التعليم العالي:
صادق المجلس الأعلى للثورة الثقافية عام 2005م، على سياسات الارتقاء بمستوى مشاركة المرأة في التعليم العالي، نستعرض مقتطفات منها ما يلي:
الفصل الأول: البند رقم 3 تحقيق التنمية في مجال التعليم العالي للنساء في أعلى مستوياته كماً وكيفاً والبند رقم 5 تعزيز قدرات النساء في اكتساب المهارات لأجل الارتقاء بأدائهن في العمل بمسؤولياتهن الثقافية والأسرية والاجتماعية.
الفصل الثاني: البند رقم 2 الارتقاء بالمستوى التعليمي والمهارات الاحترافية للنساء والتنويع في الفروع الجامعية الملائمة مع أدوارهن في مختلف مجالات الحياة؛ البند رقم 4 اتخاذ الإجراءات القانونية والتعليمية ذات المرونة والملائمة مع المسؤوليات الأسرية للنساء (أدوار المرأة كزوجة وأم) والبند رقم 6 تنمية الفروع الدراسية والمصادر الرسمية المعنية بالمرأة والأسرة لأجل شرح التعاليم الإسلامية الخاصة بشخصية المرأة وحقوق ومسؤوليات أفراد الأسرة تجاه بعضهم البعض.
الفصل الثالث: البند رقم 1 اتخاذ الإجراءات الملائمة لأجل تعزيز مشاركة عضوات الكوادر التعليمية وطالبات الجامعات في البرامج البحثية للجامعات والمراكز العلمية، البند رقم 4 توسيع نطاق العلاقات العلمية بين عضوات الكوادر التعليمية في الجامعات والباحثات والطالبات في مراحل الدراسات العليا وتعزيز مشاركتهن في الأوساط العلمية في خارج البلاد، البند رقم 5 دعم إنشاء وإنماء النقابات العلمية الخاصة بالنساء والبند رقم 8 تعزيز مشاركة عضوات الكوادر التعليمية والباحثات في النشاطات الخاصة بالمنتزهات والحضانات التكنولوجية.
الفصل الرابع: البند رقم 5 الارتقاء بالمستوى العلمي والتعليمي والبحثي والإداري للمرأة في الجامعات عن طريق إقامة دورات تخصصية وإتاحة فرص دراسية على المدى القصير والطويل لهن البند رقم 6 تطوير الجامعات ومراكز التعليم العالي الخاصة بالمرأة.
الفصل السادس: البند رقم 2 تنمية الخدمات المادية والمعنوية المتاحة لطالبات الجامعات ذوات المستوى المعيشي المتدني والارتقاء بمستواهن الدراسي البند رقم 7 تطوير المراجع والمعدات والمرافق والإمكانيات التعليمية الأساسية والمكملة (البنوك المعلوماتية والمكتبات وغيرها) التي تُعد من ضمن احتياجات الطالبات والأستاذات والمديرات في الجامعات.
الفصل السابع: البند رقم 2 توظيف المساهمة الكمية والنوعية للنساء المتعلمات وخريجات الجامعات كونهن أرصدة وطنية في البرامج التنموية بشكل ملائم ومدروس.
الاستراتيجيّات التنفيذيّة للارتقاء بالمستوى التعليمي للمرأة في الجمهوريّة الإسلاميّة الإيرانيّة:
باتت حركة محو الأميّة وتعميم التعليم بالمجان من أهم أهداف نظام الجمهوريّة الإسلاميّة الإيرانيّة بعد انتصار الثورة الإسلاميّة عام 1979م. وإن تأسيس حركة محو الأميّة بعزم وطني وشعبي بات يشكل دعمً لبلوغ هذا الهدف. وبمحاذاة ازدياد معدل التعلم في القرى والمدن الصغيرة، بادرت المؤسسات الرسميّة بما فيها وزارات "التربية والتعليم" و"التعليم والأبحاث والتقنيّة" و"الصحة والتعليم الطبي" ووفقاً للخطط التنمويّة الخماسيّة الأربعة بإيجاد أرضيات توسيع مظلة التعليم وتعميمه ومن خلال هذه العمليّة، تمكنت من تحقيق نجاح ملحوظ للغاية.
نظراً لتقلص الفارق الموجود بين نسبة تعلم النساء والرجال في مرحلة التعليم الابتدائي وحتى أعلى مراحل التعليم العالي خلال الثلاثين عاماً الماضيّة، على أساس التخمينات الإحصائيّة، في حالة عدم تغيير الظروف الحالية، نأمل أن تصل نسبة التعليم بين الشباب في عام 2012م إلى مئة بالمئة، وبمحاذاة التنميّة في مجال التعليم العام، توجد مجموعة من الإجراءات المعنيّة بارتقاء المستوى التربوي للفتيات بشكل يلائم المكونات القومية والثقافية للمنطقة التي ينتمين إليها، قيد الصياغة والتنفيذ، وقد سجلنا تجربة ناجحة في توسيع مظلة التعليم وتغطية الطلاب الجديرين بالتعليم بالتأكيد على الفتيات والأطفال من الشريحة ذات المستوى المعيشي المتدني في المرحلة الابتدائية والمتوسطة.
إن تنفيذ هذا البرنامج بهدف تغطية الطلاب الجديرين بالتعليم الذين تسربوا من المرحلة الابتدائية والمتوسطة أدى إلى انضواء عدد ملحوظ من هؤلاء الأطفال والأحداث تحت مظلة التعليم الرسمي في هاتين المرحلتين من خلال إجراء مجموعة من المشاريع التنفيذية مثل رصد هؤلاء الطلاب وتوفير الحافلات المدرسيّة لهم واتخاذ التدابير الإعلاميّة والعمل على التثقيف العام في هذا المجال وتقديم الدعم المالي لغرض الدراسة وشراء القرطاسيّة والملابس لهؤلاء الطلاب وتأسيس وتطوير المدارس الداخليّة وإنشاء الأقسام الداخليّة المركزيّة في المدن والقرى وتنمية التعليم عن بعد (التعليم الافتراضي) وإقامة حصص خاصة وتعويضيّة للطلاب المتسربين.
أهداف هذا البرنامج عبارة عن:
إتاحة الفرص التعليميّة المتكافئة والقضاء على التمييز وإرساء العدالة بين الجنسين وتوسيع مظلة التعليم والحد من معوقات دراسة الطلاب المتسربين من خلال تنفيذ هذا المشروع عام 2008م، تمت تغطيّة 25964 فرداً من الأطفال المتسربين من المرحلة الابتدائيّة و 31092 فرداً من الأحداث المتسربين من المرحلة المتوسطة، تحت مظلة التعليم الرسمي للبلاد.
قد بلغ عدد البنات والبنين من إجمالي الأطفال الذين تم تطبيق هذا المشروع عليهم، 14830 و11134 على التوالي وقد بلغ هذا العدد للبنات في المرحلة المتوسطة 16851 وعدد البنين في نفس المرحلة 14241. وجدير بالذكر أنه تزامناً مع تنفيذ هذا المشروع، تمّ إجراء برنامج منع تسجيل الأميين (الكبار) في نظام التعليم الرسمي للبلاد بهدف تغطية كافة الأفراد المتسربين من التعليم في إطار هذا المشروع. وعلى أساس الهدف المنشود لهذا المشروع، تمت تغطية 10575 فرداً على الأقل من المتسربين من التعليم، تحت مظلة النظام التعليمي للبلاد.
• توفير الفرص والإمكانيات بشكل متكافئ والقضاء على التمييز الموجود بالنسبة لتأهيل الموارد البشريّة النسائيّة بهدف توظيف اختصاصاتهن في منحى تنميّة البلاد وشموخه.
• تحقيق التنمية في مجال التعليم العالي للنساء حتى أعلى مراحله وتوسيع نطاق مشاركة النساء ذوات الاختصاص في مختلف مستويات الإدارة في قطاع التعليم العالي للبلاد.
• الارتقاء بقدرات المرأة وتأهيلها لكسب المهارات اللازمة للاضطلاع بمختلف الأدوار الثقافيّة والأسريّة والاجتماعيّة الخاصة بها.
السياسات الخاصة بالبرامج التعليميّة:
التخطيط واتخاذ التدابير اللازمة لتنميّة التعليم العالي للمرأة في مختلف المستويات العلميّة في الجامعات ومراكز التعليم العالي.
الرفع من المستوى التعليمي والاحترافي للنساء كما وكيفاً.
تنويع الفروع الجامعيّة الملائمة مع أدوار المرأة في مختلف مجالات الحياة.
إيلاء الاهتمام للتخطيط في المجال التعليمي وتأليف المصادر والمناهج التعليمية الملائمة مع احتياجات المرأة وأدوارها المختلفة في الأسرة والمجتمع.
اتخاذ التدابير القانونيّة والتعليميّة ذات المرونة والملائمة مع المسؤوليات الأسرية للمرأة (دورها كزوجة وأم).
اتخاذ التدابير المناسبة لحصول الطالبات على المقاعد الجامعيّة المتوفرة في محل سكنهن.
تنمية الفروع الجامعيّة والمصادر الدراسية الخاصة بالمرأة كماً وكيفاً لأجل إيضاح الأسس العقائديّة وتعاليم الشريعة الإسلامية التي تعني بشخصية المرأة وسائر أفراد الأسرة وحقوقهم وواجباتهم تجاه بعضهم البعض بشكل أصولي.
تطوير إمكانيات التعليم العالي المتاحة للفتيات القاطنات في المناطق المحرومة لأجل النهوض بمواهبهن الذاتيّة وتحقيقهن التقدم الدراسي حتى أعلى المستويات التعليميّة.
المصدر: تقرير حول: مسيرة تطور المرأة في الجمهورية الإسلامية الإيرانية- مركز شؤون المرأة والأسرة- رئاسة الجمهوريّة الإسلاميّة الإيرانيّة 2012م.
اترك تعليق