ميثاق الأسرة في الإسلام(2).. مسئولية الأمة عن تكوين الأسرة وحمايتها
الباب الثاني: مسئولية الأمة عن تكوين الأسرة وحمايتها
الفصل الأول: مسئولية الأمة عن تشجيع الزواج
مــادة (21): أسـاس هذه المسئولية
تقوم مسئولية الأمّة عن أفرادها في الإسلام على أساس ارتباط الكلّ بالجزء، والكيان الواحد بأعضائه، فالأمة تتكون من أُسَر مترابطة ومتماسكة كالجسد الواحد، لا من أفراد منفصلين، ولا يتم ذلك إلا عن طريق الزواج.
والأمة الراشدة هي التي تعنى بوضع الخطط والمناهج الصالحة لتشجيع الزواج والتبكير به حرصًا على ارتقائها وقوتها الذاتية وسدًّا لأبواب الرذيلة.
مــادة (22): تيسير سبل الزواج الشرعي
توجب الشريعة الإسلامية على الأمّة تيسير سبل الزواج الشرعي وتذليل العقبات والصعاب الصارفة عنه ومن ذلك:
1- حلّ المشكلات المادية، وبالأخص مشكلة البطالة، وأزمة المساكن، وتقديم المعونة المادية لراغبي الزواج.
2- الارتفاع بوَعْيِ الأمة بإدراك أهمية الزواج في الإسلام، وبحَقّ الأفراد في الارتباط بالزواج.
3- الدعوة والتأكيد على السلوك الإسلامي المتوازن بالالتزام بالضوابط الشرعية للاختلاط المباح شرعًا، وأن يكون وسَطًا بين الإفراط والتفريط والتضييق والانفلات.
4- التأكيد على عدم المغالاة في المهور والإسراف في حفلات الزواج، ومحاربة العادات الاجتماعية السيئة في مجال الزواج، واتخاذ كافة الإجراءات الكفيلة بمنع هذه المظاهر والحَدّ منها.
مــادة (23): الحــثّ على تزويج الشباب
تحثّ الشريعة الإسلامية على التبكير بزواج الشباب؛ درءًا لدواعي الانحراف الأخلاقي والجنسي.
الفصل الثاني: مسئولية الأمة عن حماية الأسرة ورعايتها
مــادة (24): أساس هذه المسئولية
تقوم هذه المسئولية على دعامتين:
الأولى: أنها تحقق مقصدًا شرعيًا؛ لأن الإسلام يقضي بأن الأصل في الزواج التأبيد وفي الأسرة البقاء والدوام، وإتمامًا لواجب التشجيع على الزواج الذي لا يستوفي مقاصده الشرعية إلا ببقاء الأسرة بالذود عنها ورعايتها.
الثانية: أن الأمة عندما تحمي الأسرة من عوامل الانهيار والتفسُّخ إنما تحمي نفسها وقيمها الاجتماعية والأخلاقية.
مــادة (25): التوازن بين الحقوق والواجبات
استيفاء عقد الزواج بتحديد شروط كلٍّ من الزوجين بدقّة ووضوح ومراعاة العدالة والتوازن بين حقوق وواجبات كلٍّ منهما وفق الأصول والضوابط الشرعية، ضرورة لحماية الحياة الأسرية وبقائها.
مــادة (26): توثيق عقد الزواج
توثيق عقد الزواج بطريق رسمي يحقق مصلحة شرعية واجتماعية؛ درءًا لإنكار العلاقة الزوجية وحفاظًا على حقوق الزوجة والأولاد.
مــادة (27): الإشهاد على عقد الزواج وإعلانه
اشتراطُ الشريعة الإشهاد على عقد الزواج، إشراكٌ للأمة في بناء الأسرة وعلامةٌ فارقة بين المشروع والمحظور في العلاقة بين الرجل والمرأة، واستحباب الإعلان عنه إشهارٌ للعقد وإقرارٌ اجتماعيٌّ بقيام أسرة جديدة.
مــادة (28): قــيد الموالــيد
قيد المواليد لدى الجهة المختصة يكفل انتساب كل طفل إلى أبويه، ويضمن قيام أسرة صحيحة وثابتة الانتماء، كما يحقق انتماءَ الفرد إلى مجتمعه ووطنه، واحترامَ المجتمع والوطن لحقوق الفرد.
مــادة (29): محاربة الأشكال غير المشروعة للزواج
حماية الأمة للقيم الخُلُقية والاجتماعية الفاضلة ومحاربة العلاقات الجنسية وأشكال الزواج غير المشروعة، تحمي الأسرة من الانهيار، وتحقق لها السعادة والاستقرار لتصبح المحضن الصالح للنشء الجديد، كما تنمّي الإقبال على الزواج المشروع.
مــادة (30): التصدي للأفكار المنحرفة
يجب على الأمة التصدّي للأفكار المنحرفة التي تجعل العلاقة بين الرجل والمرأة علاقة صراع وتنافس، وشركة مادية يتحقق كسْب كل من طرفيها بخسارة الطرف الآخر، ونشر الوعي بأن العلاقة بينهما علاقة تعاون وتكامل.
مــادة (31): إشاعة الوعي بقيمة العلاقة الزوجية وآدابها
إشاعة الوعي بقيمة العلاقة الزوجية في الإسلام وقيامها على المودة والرحمة والاستقرار النفسي والمشاركة في حَمْل الأعباء والتشاور في أمور الحياة الزوجية، يحمي الأسرة من أسباب الخلاف والشقاق.
الفصل الثالث: وســائل حماية الأســـــــرة
المبحث الأول: الــوازع الدينـي
مــادة (32): بناء الأسرة على مبادئ الدين
قيام البناء الأسري عند اختيار كل من الزوجين للآخر على مبادئ الدين وقواعده، ترسيخ لهذا البناء واستدامته.
مــادة (33): اهتمام الشريعة بعقد الزواج
لأهمية الأسرة في بناء المجتمع، تجعل الشريعة لعقد الزواج أهمية خاصة وتحيطه بضوابط تفصيلية وشروط أشدّ وأكثر من سائر العقود الأخرى.
مــادة (34): تبغيض الطلاق وتضييق أسباب الفرقة
تحرص الشريعة على تضييق أسباب الفرقة، وتبغيض الطلاق والتنفير منه، وعلى ترغيب كل من الزوجين في الحرص على البناء الأسري بأقصى قدْر من الصبر والتحمل.
كما تفرض لحل الخلاف بين الزوجين آليات ووسائل متعددة تضمن عدم التسرّع في افتراقهما.
مــادة (35): أهمية النسل في تثبيت الزواج
الشريعة الإسلامية تعتبر النسل من أهم مقاصد الزواج، ووجوده مدعاة لعدم إقدام أيٍّ من الزوجين على فَصْم عُرَى الزوجية.
مــادة (36): رقابة الضمير واستشعار رقابة الله
يتميز الوازع الديني عن الوازعين الاجتماعي والسلطاني، بتأثيره البالغ على الضمير الإنساني واستشعار رقابة الله والجزاء الأخروي ثوابًا وعقابًا، فيكون عاصمًا من فَصْم عُرَى الزواج أو ظلم المرأة، وذلك حيث تعجز الإجراءات العملية، وفي الحالات التي لا يَطَّلع عليها الناس.
المبحث الثاني: الــــوازع الاجتماعــي
مــادة (37): تأثر الأسرة بالمجتمع
الأسرة جزء من المجتمع، وتتأثر حتمًا بالضوابط والقيم الأخلاقية السائدة في المجتمع.
مــادة (38): تأثُّر إجراءات الزواج بالعادات والتقاليد
العلاقات الأسرية السابقة على الزواج والناشئة عنه، ومقدمات الزواج ومعايير الكفاءة بين الزوجين وعوامل نجاح الحياة الزوجية، تتأثر بالعادات والتقاليد السائدة في المجتمع، ويجب أن تتشكّل وفْق الضوابط والقيم الاجتماعية في الإسلام.
مــادة (39): تدخُّل أهل الزوجين في الزواج
يتدخل أهل الزوجين في مشروع الزواج بقدر ما تفرضه تقاليد الواقع الاجتماعي، وينبغي الحدّ من هذا التدخل قدر المستطاع وفق الضوابط الشرعية، مع إشاعة الاستمساك بالقيم والأخلاقيات الإسلامية في الارتقاء بالعلاقة بين كل من الزوجين وأهل الطرف الآخر.
مــادة (40): الجيران ومدى تأثيرهم
العلاقات الاجتماعية بين الأسر المتجاورة تحكمها الأسس الاجتماعية السائدة، ويؤدي الجيران دورًا فعالاً في وجود المشكلات الأسرية وفي حلِّها، وبناء العلاقة مع الجيران على المبادئ والقيم الإسلامية يساعد على بقاء الأسرة وتماسكها.
مــادة (41): التكافل الاجتماعي في الأسرة
التكافل الاجتماعي بين أفراد الأسرة يؤدي دورًا رئيسيًا في ترابطها ودوامها.
مــادة (42): أهمية المؤسسات الأهلية
للمؤسسات الأهلية دور فعّال في أمور الأسرة، يتسع هذا الدور ليشمل مؤسسات:
1- للتشجيع على الزواج وتيسيره.
2- للتوعية بالأحكام الشرعية المتعلقة بالأسرة وبالدراسات الاجتماعية والنفسية المتعلقة بها.
3- لرعاية الأمومة والطفولة والمسنّين والزوجات في الخلافات الزوجية ومشكلات الشباب مع الآباء والأمهات.
4- لإقامة مجالس الصلح بين أفراد الأسرة.
5- دور الحضانة والمدارس ووسائل الإعلام والمساجد تمثل التربية الخارجية التي تشكّل أفراد الأسرة من داخل نفوسهم، فينبغي الاهتمام بها وتمكينها من حُسْن القيام بأدوارها التربوية الصحيحة التي تلائم مبادئ الإسلام.
المبحث الثالث: الـــوازع الســلطاني
مــادة (43): معيار نجاح التشريعات القانونية
معيار نجاح التشريعات القانونية المنظمة للعلاقات الزوجية، رَهْنٌ بنجاحها في حل المشكلات الزوجية، وبإقامة العدالة والتوازن بين حقوق كل من الزوجين وواجباتهما في إطار أحكام الشريعة الإسلامية.
مــادة (44): تيسير سبل التقاضي وحلّ المنازعات
على الدولة تيسير سبل التقاضي وسرعة الفصل في المنازعات الزوجية وضمان تنفيذ الأحكام فور صدورها وبصورة لائقة وكريمة حرصًا على حسن العلاقات بين الأسر وعلى عدم الإضرار بالأولاد.
مــادة (45): مسئولية الدولة عن نجاح الترابط الأسري
من مسئوليات الدولة:
1- إقامة نظم التأمينات الاجتماعية بأنواعها المختلفة.
2- الرقابة الرشيدة على وسائل الإعلام ومنع تقديم النماذج السيئة التي تصرف الشباب عن التفكير في الزواج والتي تشجّع على الفساد والانحلال وتؤدي إلى تفكّك الأسر وانهيارها.
3- أن تتضمن مناهج التعليم في مختلف المراحل -كل حسب مستواه- الثقافة العلمية اللازمة لتهيئة كل طالب وطالبة لتكوين أسرة ونجاحها، وفق الضوابط الشرعية.
اترك تعليق