الشاعرة أسماء القزويني من شاعرات القرن الرابع عشر الهجري(2)
أسماء القزويني: المتوفاة ١٣٤٢
العلوية أسماء بنت العلامة السيد الميرزا صالح ابن العلامة الفقيه الحجة السيد مهدي القزويني، قالت في رثاء جدها الحسين عليهالسلام من قصيدة:
وإن قتيلا قد قضى حق دينه وزاحم في شماء همته نسرا
فذاك لعمري لا توفّيه أعيني وإن أصبحت للرزء باكية عبرى
اسمها الذي اشتهرت به (سومة) للتحبب، وكان عمها أبو المعز السيد محمد المتوفى سنة ١٣٣٥ ه. يخاطبها ب (أسماء) وعرفت بعدئذٍ بالحبابة تكريماً لمقامها.
ولدت في الحلة الفيحاء حدود سنة ١٢٨٣ ه. ونشأت في كنف والدها، وكان للبيئة في نفسها أثر في بلوره ذهنيتها، فالأجواء العلمية التي كانت تعيشها والمجالس الأدبية التي تعقد في مناسبات كانت تؤثر أثرها وتدفع بهذه الحرة للشعر والأدب فلا تفوتها النادرة الأدبية أو الشاردة المستملحة فهي تكتب هذه وتحفظ تلك وتتحدث بالكثير منها.
وقد اقترنت بابن عمها الميرزا موسى ابن الميرزا جعفر القزويني وأنجبت منه، وابنتها (ملوك(١)) وهي لم تزل (على) قيد الحياة ولا زالت تتحدث عن أمها وكيف كانت واسطة لحل النزاعات العائلية، فكثيراً ما قصدت العوائل المتنافرة ولطّفت الجو وأماتت النزاع والخصام حتى ساد الوئام، وتتحدث عن أمها وملكتها الأدبية وتروى شعرها باللغتين: الفصحى والدارجة.
واشتهر عن أسماء أنها تميزت بشخصية قوية وبأسلوب جميل في الحديث وكان مجلسها في الحلة عامراً بالمتأدبات وذوات المعرفة. أُصيبت بمرض لازمها شهوراً متعددة وتوفيت بعده سنة ١٣٤٢ ه. ونقلت بموكب كبير إلى النجف الأشرف لمقرها الأخير وأقيمت الفاتحة على روحها الطاهرة صباح مساء، وسارع الشعراء إلى رثائها وللتدليل على ما روينا نثبت نموذجاً من رسائلها الأدبية وهي كثيرة. كتبت على صديقة لها تعزيها بوفاة والدتها:
صبراً على نوب الزمان وإنما شيم الكرام الصبر عند المعضل
لا تجزعي مما رزيت بفادح فالله عوّدك الجميل فأجملي
خطب نازل ومصاب هائل ورزية ترعد منها المفاصل وتذرف منها الدموع الهوامل، وينفطر منها الصخر ولا يحمد عندها الصبر، ويشيب منها الوليد ولا يفتدى فيها بالطارف والتليد وعمّت كل قريب وبعيد، ويشيب منها الوليد ولا يفتدى فيها بالطارف والتليد وعمّت كل قريب وبعيد، غير أن الذي أطفى لهيبها وسكّن وجيبها التسليم للقدر والقضاء، وأنك الخلف عمن مضى، فلم تفتقد مَن أنت البقية ولم تذهب مَن فيك شمائلها والسجية، فذكراها بك لم تزل مذكورة وكأنها حيةٌ غير مقبورة، فلا طرقت بيتك الطوارق ولا حلّت بساحة ربعك البوائق، ودُمتِ برغم أنف كل حقود لا نرى فيك إلا ما يغيظ الحسود.
١ رجب المرجب ١٣٢٢ هجرية الداعية العلوية أسماء
الرسالة الثانية كتبتها إلى شقيقها السيد هادي لنجاته من حادثة رعناء سنة ١٣٢٨ ه. وكانت يومئذ في الحلة وهو في (الهندية):
أ (هادي) دجى الظلما بنور جبينه وأحسا به يجلوه ان أظلم الخطب
لقد أضرم الأعداء نار حقودهم وما علموا في رشح جودك قد يخبو
غمام جود الواقدين إذا أمحل النادي وشمس صباح السارين وبدرها (الهادي)
حفظك الرحمن من طوارق الأسواء بمحمد(ص) النجباء.
أما بعد فنحن بحمد الله المتعال وما زلنا في السرور ولا نزال، سيما بورود حديث فرح من ذوي شرف قديم وخصوص مسرود من ذوي فضل عميم يشعر أن الله قد حياك بنعمته الوافية وخصّك بسلامته الكافية ونجاك من هذه الرائعة فيا لها من قارعة، فحمدنا الله على ذلك وشكرناه على ما هنالك وإلا لتركت مقلة المجد عبرى ومهجة الفخر حَرّا، وأحنيت على وجد منا الضلوع ومنعت من عيوننا طيب الهجود والهجوع فتمثلنا بقول من قال:
فُديت با (لمحصول) كي يغتدي أصلك محفوظاً لآل الرسول
أقول وسبب كتابة هذه الرسالة كما روى الخطيب السيد محمد رضا في مؤلفه (الخبر والعيان في أحوال الأفاضل والأعيان) ص ٦٤ في ترجمة السيد باقر ابن السيد هادي المذكور ما نصه:
إن السيد هادي دعاه بعض رؤساء العشائر إلى وليمة ليلاً، فخرج على فرسه تحدق به جريدة من الخيل منهم ولده الباقر وجماعة من خاصته وخدمه وأخوه المرحوم السيد الحسن وكان الوقت صيفاً فانعقد المجلس في الفضاء بجنب (مضيف) من قصب فبينا الناس قد شغلوا بنصب الموائد واذا بصوت الرصاص يلعلع من فئة لها تراث مع صاحب المضيف، ففزع القوم واضطربوا، وكان على رأس السيد الهادي خادم واقف يقال له (محصول) فأصابته رصاصة سقط على أثرها جديلاً كما قتل ساقي الماء وأُصيب آخرون ثم ثار الحي ومَن كان مدعواً للوليمة فانهزم الغزاة راجعين، أما السيد الهادي فقد ثبت بمكانه لم يتحرك ولم ينذعر، وعندما رجع السيد إلى البلد سجد ولده الباقر شكراً لله على سلامة والده وكتب من فوره إلى عمَ أبيه في الفيحاء أبي المعز السيد محمد هذين البيتين:
بشراك في فاجعة أخطأت وما سوى جدك خطّاها
فدت مقادير إله الورى أبي، ومحصول تلقّاها
فأجابه السيد يخاطب السيد الهادي:
فُديت بالمحصول كي يغتدي اصلك محفوظاً لآل الرسول
والمثل السائر بين الورى خير من المحصول حفظ الاصول
الهامش:
1ـ والعلوية ملوك اقترنت بابن خالها السيد باقر السيد هادي القزويني المتوفى سنة ١٣٣٣ ه. وهي أديبة فاضلة، ووجه اجتماعي محبب لا زال مجلسها العامر في الحلة موئلاً للقاصدين على أنّ السن قد تقدم بها حفظها الله.
المصدر: كتاب أدب الطف: جواد شبّر. ج9.
اترك تعليق