مُمَهِدَاتْ... وحقيق أن تبادر المرأة المثقّفة الملتزمة الواعية فتمهد الطريق وتفتح الآفاق.

فاطمة بنت الحسين(ع) وزوجها الحسن في بيت فاطمة وهدم السلطة الأموية البيت عليهما

فاطمة بنت الحسين(ع) وزوجها الحسن المثنى يسكنان في بيت فاطمة(ع) وهدم السلطة الأموية البيت عليهما

فاطمة بنت الحسين(ع) وزوجها الحسن المثنى في بيت فاطمة(ع) وهدم السلطة الأموية البيت عليهما.
لم تتمكن السلطة الأموية الحاكمة آنذاك، أي في زمن الوليد بن عبد الملك من النظر إلى الناس وهم يأتون إلى باب فاطمة(ع) ليتوجهوا منه إلى الله عز وجل بالصلاة والدعاء.
كما أنهم لم يحتملوا وجود بيت فاطمة ككل لأنه يؤرّق مضاجعهم بما يحمل من مكانة مقدسة في نفوس الناس، فضلا عن موقعه من المسجد، كل ذلك جعل نار الحقد تتأجج في نفوس السلطة الحاكمة، حتى جاء الوليد بن عبد الملك بن مروان إلى المدينة في موسم الحج فرأى حفيد فاطمة(ع) جالسا بين أشراف المدينة وعليه هيبة البيت الهاشمي وعزة البيت العلوي فكانت هذه النظرة هي القشة التي كسرت ظهر الجمل فأمر بهدم بيت فاطمة(ع).
وكي يحفظ الوليد بن عبد الملك على نفسه الحكم وعدم قيام الناس عليه أشار عليه أحد المرتزقة الذي كان له عينا على أهل المدينة بأن يهدم بيت فاطمة ومعه بيوت النبي(ص) بحجة توسيع المسجد(١).

١- فقد روى ابن زبالة عن منصور مولى الحسن بن علي، قال: كان الوليد ابن عبد الملك يبعث كل عام رجلا إلى المدينة يأتيه بأخبار الناس وما يحدث بها، قال: فأتاه في عام من ذلك، فسأله فقال: لقد رأيت أمرًا -لا والله- ما لك معه سلطان ولا رأيت مثله قط، قال: ما هو؟ قال: كنت في مسجد النبي(ص) فإذا منزل عليه كلّة، فلما أقيمت الصلاة رفعت الكلّة وصلّى صاحبه فيه بصلاة الإمام هو ومن معه، ثم أرخيت الكلّة، وأتي بالغداء فتغدى هو وأصحابه، فلما أقيمت الصلاة فعل مثل ذلك، وإذا هو يأخذ المرآة والكحل وأنا أنظر، فسألت، فقيل: إن هذا حسن بن حسن، قال: ويحك! فما أصنع؟ هو بيته وبيت أمه، فما الحيلة في ذلك؟ قال: تزيد في المسجد وتدخل هذا البيت فيه: قال: فكتب إلى عمر بن عبد العزيز يأمره بالزيادة في المسجد ويشتري هذا المنزل، قال: فعرض عليهم أن يبتاع منهم فأبوا، وقال حسن: والله لا نأكل له ثمنا أبدا، قال: وأعطاهم به سبعة آلاف أو ثمانية آلاف، فأبوا، فكتب إلى الوليد بن عبد الملك في ذلك، فأمر بهدمه وإدخاله وطرح الثمن في بيت المال، ففعل(٢).
انتقلت منه فاطمة بنت حسين بن علي إلى موضع دارها بالحرّة فابتنتها(٣).
٢- قال ابن زبالة مؤرخ المدينة الاول وعنه السيد السمهودي، واللفظ للأول: حدثني عبد العزيز بن محمد عن بعض أهل العلم، قال:
(قدم الوليد بن عبد الملك حاجا، فبينما هو يخطب الناس على منبر رسول الله(ص) إذ حانت منه التفاتة فإذا بحسن بن حسن بن علي بن أبي طالب في بيت فاطمة في يده مرآة ينظر فيها، فلما نزل أرسل إلى عمر بن عبد العزيز -واليه على المدينة- فقال: لا أرى هذا قد بقي بعد، اشتر هذه المواضع، وأدخل بيت النبي في المسجد وأسدده)(٤).
[...] 
كما يفصح التاريخ [...] قائلا عن لسان رواته:

(إن الحسن ابن الإمام الحسن سبط رسول الله(ص) كان يسكن في بيت جدته فاطمة بنت رسول الله(ص) مع زوجته فاطمة بنت الإمام الحسين سيد الشهداء(ع)، فلما أمر الوليد بهدم البيت أبوا أن يخرجوا منه فأرسل إليهم الوليد عبد الملك بن مروان: إن لم تخرجوا منه هدمته عليكم!؟ فأبوا أن يخرجوا فأمر بهدمه عليهم وهما فيه وولدهما!!.
فنزع أساس البيت وهم فيه، فلما نزع أساس البيت قالوا لهم: إن لم تخرجوا قوّضنا عليكم فخرجوا منه حتى أتوا دار علي(ع) التي في البقيع نهارا(٥)، ولم ير أكثر باك وباكية من ذلك اليوم) (٦).



_______
(١)وفاء الوفاء: ج٢، ص٣٦٢-٣٦٣.
(٢)المغانم المطابة من معالم طابة للفيروز آبادي: ص١٧٦؛ وفاء الوفاء للسمهودي:ج٢، ص٢٦٣.
(٣)المصدر السابق.
(٤)وفاء الوفاء لسمهودي:ج٢، ص٢٦٣، ط مؤسسة الفرقان. كتاب المناسك للحربي: ص٣٦٦.
(٥)وفاء الوفاء للسمهودي:ج٢، ص٢٦٣، ط مؤسسة الفرقان؛ المناسك للحربي: ص٣٦٦؛ مثير العزم الساكن: ص٢٤٨.
(٦)تحقيق النصرة للمراغي: ص٤٩-٥٠. طبقات ابن سعد: ج١، ص٤٩٩. وفاء الوفاء: ج٢، ص٢٠١.

 

 


المصدر: باب فاطمة عليها الصلاة والسلام بين سلطة الشريعة وشريعة السلطة، السيد نبيل الحسيني، قسم الشؤون الفكرية والثقافية في العتبة الحسينية المقدسة، كربلاء المقدسة، العراق. ط١، ٢٠١٤م، ١٤٣٥ﻫ.

التعليقات (0)

اترك تعليق