مُمَهِدَاتْ... وحقيق أن تبادر المرأة المثقّفة الملتزمة الواعية فتمهد الطريق وتفتح الآفاق.

الورم العضلي الليفي والحمل

الورم العضلي الليفي والحمل

على الرغم من أن الورم الليفي أحد أسباب العقم، إلا أن وجوده مع حصول الحمل ممكن الحدوث لا سيما في الحاملات لأول مرة وهنّ كبيرات في العمر. فإذا كان الورم الليفي صغير الحجم فكثيرًا ما يبقى مجهولا خلال الحمل، ولا يشخص وجوده إلّا صدفة خلال إجراء صورة بالأمواج لرحم الحامل أو إذا سبّب ما يعرقل الحمل بالذات أو الولادة.

تأثير الحمل على الورم الليفي:
مما لا شك فيه أنّ البنية النسيجية للورم الليفي مماثلة لبنية الرحم، لذلك يمكن للحمل أن يُحدث في الورم الليفي ما يلي:
1- يتضخم الورم الليفي خلال الحمل تحت تأثير ارتفاع الأستروجين من الجسم الأصفر الحملي في الأشهر الأربعة الأولى من الحمل. ومن المشيمة في باقي أشهر الحمل، ولهذا يمكن أن يتضاعف حجم الورم الليفي إلى 10-20 ضعفا، حيث يبلغ حجم الورم الليفي حجم الحمصة قبل الحمل حجم رأس الجنين في نهاية الحمل.
2- تحدث في الورم الليفي استحالة وذميه تحت تأثير احتقان الرحم وزيادة ترويته الدموية، وخاصة الورم الليفي الخلالي، وتحت المخاط، لذلك يتلين قوام الورم الليفي، ويشابه كيسة بعد أن كان قوامه صلبًا ومرنًا.
3- يمكن للحمل أن يضغط على الورم الليفي، مما ينجم عنه نقص في ترويته، وبالتالي حدوث الموات الظاهر (غانغرينا) وخاصة في الورم اللاطئ.
4- يمكن للورم الليفي المذنب أن ينفتل ببطء خلال أشهر الحمل، وقد ينفتل بسرعة، ويسبب حالة إسعافيه عند الحامل تستدعي المداخلة السريعة.
5- إنّ نمو الأجزاء المختلفة للرحم بسبب وجود الورم الليفي يؤدي إلى تبدل مقرّ الورم الليفي، وهذا التبدل يؤدي إلى صعود الورم الليفي فوق الجنين، فلا يؤدي إلى عسرات ولادة ولكن إلى خطأ في تشخيص عمر الحمل. أو ان يتبدل وضع الورم الليفي إلى تحت الجنين فيعيق ولادته وتتطلب الحالة قيصرية بطنية.
6- تؤهب الرضوض الحملية وأثناء المخاض والولادة إلى إنتان الورم الليفي، وخاصة إذا توضع الورم في عنق الرحم، وهذا يؤدي إلى ارتفاع حرارة الحامل وسوء الحالة العامة.

تأثير الورم الليفي على الحمل:
يختلف تأثير الأورام الليفية على الحمل باختلاف حجم الورم ومكان توضُّعه، فالأورام الخلالية الرحمية والأورام تحت المخاطية أشدها خطرًا خلال الحمل، أمّا الأورام الليفية في عنق الرحم فأشدها خطرًا حين المخاض والولادة.
وتسبب الأورام الليفية عند الحامل ما يلي:
1- الإسقاط أو الإخداج:
تطلق كلمة الإسقاط على نزول الجنين خلال الأشهر الستة الأولى من الحمل. أمّا كلمة الإخداج فهي نزول الجنين بعد ذلك قبل تمام الحمل. ويحدث ذلك في الأورام الليفية تحت المخاط، حيث تسبب سيلانات غزيرة واحتقانا دمويًا وضيق جوف الرحم.
2- ارتكاز المشيمة المعيب:
ويحدث ذلك إذا توضع الورم الليفي في جسم الرحم ولم تستطع البيضة الملقحة التعشيش عليه، خاصة إذا كانت تحت المخاط.
3- يهيئ للحمل خارج الرحم:
إذا كان الورم الليفي بجوار النهاية الرحمية من أنبوب الرحم (نفير فالوب)، حيث تستطيع النطاف المرور عبر منطقة التضيق إلى مكان الإلقاح، ولا تستطيع البيضة الملقحة العبور إلى جوف الرحم فتعشش في أنبوب الرحم ويحدث الحمل خارج الرحم.
4- عيوب في التدخل والمطابقة بين الجنين والرحم في الشهرين الأخيرين من الحمل، وهذا يؤدي إلى حدوث المجيئات المعيبة كالمجيء المعترض أو الجبهي، وبالتالي تستلزم الحالة قيصرية بطنية.
5- انقلاب الرحم نحو الخلف إذا كان الورم الليفي على حساب الوجه الخلفي من الرحم.

تأثير الورم الليفي على المخاض:
يؤدي وجود الورم الليفي أثناء المخاض إلى:
1- عدم انتظام في تقلصات الرحم خلال المخاض، ويكون اتجاه هذه التقلصات غير صحيحة لأنه في الحالة الطبيعية تكون تقلصات الرحم باتجاه عنق الرحم لدفع الجنين، أما في حالة الورم الليفي فيضطرب اتجاه التقلصات.
2- بطء اتساع عنق الرحم وقد يتمزق جيب المياه باكرًا إذا كان الورم الليفي خاصة بجوار عنق الرحم أو قريبًا منه.
3- إذا كان الورم الليفي في عنق الرحم يؤدي إلى منع مرور الجنين من خلاله، وهذا يستلزم القيصرية عن طريق البطن (فتح البطن لاستخراج الجنين).
4- عطالة رحم بعد الولادة تمكن الرحم من الانقباض الشديد وتشكيل كرة الأمان لإيقاف النزف بسبب وجود الورم الليفي، لذلك تحدث نزوف شديدة.
5- إذا ارتكزت المشيمة في منطقة الورم الليفي الخلالي تثبتت فيه بشدة، مما يؤدي إلى صعوبة انفكاكها بعد خروج الجنين من الرحم وهذا يستدعي استخراج المشيمة من قِبل الطبيب.
6- إذا كان الورم الليفي متوضعًا في الحوض يؤدي إلى أعراض انضغاط على المستقيم أو المثانة فتحدث الإنتانات النفاسية بأشكالها المختلفة.


التشخيص:

 لم يعد تشخيص وجود الورم الليفي مع الحمل مشكلة طبية بعد وجود الأمواج فوق الصوتية ورؤية الجنين والورم الليفي ومحتويات الحوض على الشاشة التلفزيونية، ولكن لا بد من ذكر أهم نقاط التشخيص لوجود ورم ليفي مرافق للحمل:
1- كبر حجم البطن غير المتناسب مع عمر الجنين وشكل بطن الحامل غير الطبيعي في معظم الحالات.
2- إن مراقبة بطن الحامل مع جسّ البطن خلال تقلصات الرحم الطبيعية أثناء الحمل تبين بروز الأورام الليفية وتجعلها أكثر وضوحًا، في حين تحجب هذه التقلصات الشعور بالأجزاء الجينية.
3- تلاحظ بالمس المهبلي المشرك مع جس البطن هذه الأورام وموضعها وقوامها.


المعالجة:
إذا لم يُحدث الورم الليفي خلال الحمل أية اختلاطات يجب الانتظار حتى تلد المرأة. أما إذا حدثت اختلاطات خفيفة كالنزوف البسيطة، فيجب نصح المرأة بالراحة وإعطاؤها المرقئات. وأما إن كانت الاختلاطات خطيرة كانفتال ورم ليفي مذنب أو نزوف متكررة شديدة أو انضغاط حاد، فيجب إنهاء الحمل.
وإن كان لا بد من إجراء القيصرية البطنية في نهاية الحمل ولوحظ في الرحم عدة أورام ليفية أو كان الورم كبيرا ومذنبًا، فيجب استئصاله. وإن كان خلاليًا أو كبيرًا ومعه عدة أورام منطمرة فيجب استئصال الرحم بعد استخراج الجنين. كما يجب إعلام المرأة وأهلها عن حالتها الصحية وضرورة العمل الجراحي واستئصال الرحم إن لزم ذلك.





المصدر: العلبي، الدكتور محيي الدين طالوا: أمراض النساء، ط1، دار ابن كثير، دمشق، بيروت، 1411 ه- 1990م. 

التعليقات (0)

اترك تعليق