مُمَهِدَاتْ... وحقيق أن تبادر المرأة المثقّفة الملتزمة الواعية فتمهد الطريق وتفتح الآفاق.

كلمة الحاجة عفاف الحكيم  بمناسبة ولادة السيدة الزهراء (ع) في 12 نيسان 2015

كلمة الحاجة عفاف الحكيم التي ألقتها بمناسبة ولادة السيدة الزهراء (سلام الله عليها) في 12 نيسان 2015

كلمة الحاجة عفاف الحكيم التي ألقتها بمناسبة ولادة السيدة الزهراء (سلام الله عليها) في مدرسة المهدي شاهد في 12 نيسان 2015


بسم الله الرّحمن الرّحيم والصّلاة والسّلام على أشرف الخلق وسيد المرسلين محمد وآله الطيبين الطاهرين وصحبه المنتجبين.
أولا: نبارك لصاحب العصر والزمان(عج) ولولي أمر المسلمين دام ظله، وللجمع الكريم والمهيب لأخواتنا، على امتداد المناطق اللبنانية، ذكرى الولادة الميمونة لكوثر النور والمعرفة؛ الصدّيقة الطاهرة فاطمة الزهراء (سلام الله عليها) وذكرى ولادة حفيدها المقدس الإمام الخميني(رض) الذي اختار هذا اليوم ليكون يومًا عالميًا للمرأة.
 كما نرفع أسمى آيات التبريك باسمنا جميعًا لسماحة الأمين العام السيد حسن نصر الله أعزّه الله، الذي يبارك جمعنا عبر هذه الإطلالة الكريمة التي يخصّ بها سنويًا ساحتنا النسائية.
ثانيًا: العشرون من جمادى الثانية يوم له معانيه ودلالاته البالغة لكونه يمثل محطة هامةً لا في تاريخ المرأة وحسب بل في تاريخ الإنسانية جمعاء.
فولادة الزهراء(س) خلعت على هذا اليوم صفة الفرادة ومنحته بُعدًا وشموليّة، بحيث جاوز خصوصية المرأة وخصوصية الزمان والمكان، ليحاكي الإنسان في كل زمان ومكان. باعتبار أن سيدة نساء العالمين(س) شكّلت بوجودها، ليس فقط الأنموذج الأعلى والأكمل للمرأة في كل جوانب حياتها، بل شكلت الإنسان الكامل المجدد لكل أفكار الدين وحركة الرسالة، وكانت واحدة من سلسلة ضمّت أربعة عشر معصومًا يمثلون القمّة في الصفات.
فهي الأسوة والقدوة التي تركت لنا الكثير على مستوى أدوارها المختلفة؛ إذ كانت الابنة المثال، والزوجة المثال، والأم المثال، كانت العالمة والمعلمة والعابدة والزاهدة والثائرة في وجه الباطل انتصارا للحق.
كانت مروحة هموم رسول الله(ص) وأمير المؤمنين(ع)، وكان جهادها في الميادين المختلفة جهادًا نموذجيًا في الدفاع عن الإسلام وفي الدفاع عن النبي(ص). وفي الدفاع عن الإمامة، وكانت حياتها في جميع الأبعاد مليئةً بالعمل والسعي والسموّ الروحي والتكامل..
بحيث أن جهادها كابنة بجانب أب عظيم، وكزوجة بجانب إمام عظيم، وكأم بجانب أبناء عظماء.. دورها هذا على سعته وعمقه لم يكن على حساب دورها العام ومسؤولياتها ومساهماتها في حفظ المجتمع والأمة ككل.
عاشت بجانب علي(ع) تسع سنوات فقط، وهذه الأعوام التسعة كانت مليئة بالأعباء، إذ كان الزوج دائما في الجبهات وميادين القتال.
وإنه في تلك الظروف الصعبة وذلك البيت البسيط، قامت بأعظم الأدوار وتحمّلت كامل المسؤوليات.
الإمام الخميني(رض) يشير إلى أبعاد ذلك البيت، وذاك العيش، وإلى دورها في تربية أبناء عظام؛ إذ يقول (رض):
(ربّت في حجرة صغيرة وبيت متواضع أشخاصًا يشعُّ نورهم من بسيطة التراب إلى عالم الأفلاك، ومن عالم الملك إلى عالم الملكوت الأعلى، صلوات الله وسلامه على هذه الحجرة المتواضعة التي تبوأت مركز شعاع نور العظمة الإلهية ودار خيرة بني آدم)
نعم لقد كان العنوان الحاكم في حياة الزهراء(س) هو الصبر، الصبر مع الزوج في غيابه القصري، وزيادة الأعباء والمسؤوليات، الصبر على التقشف والحياة البسيطة، الصبر في مجال إدارة شؤون الأسرة ومتطلباتها، الصبر في مجال تربية الأطفال ورعايتهم، الصبر في مجال التبليغ وتوعية النساء وغيرها..
لقد كانت ابنة رسول الله(ص) وجوهرة أهل البيت(ع) التي نحتفل بذكرى مولدها اليوم، كانت صورة من صور التجسيد الحي لرسالة القرآن، كانت الإنسان كما يتعين على الإنسان أن يكون، وذلك في الزمن الذي كان يُنظر فيه للمرأة تلك النظرة الدونية.
فكانت(س) المدرسة التي حفرت عميقًا في النفوس والقلوب.. وأسهمت إسهاما بعيد المدى في تأسيس وبناء صرح الحضارة الإسلامية، وأثرت في التاريخ الاسلامي أيّما تأثير، وتركت في الأمة خطًا حارًا متوهجًا لا يستكين لذل أو ظلم مهما علت التضحيات،  خطاً صنعته مواقفها(س) وصنعه ارتباطها وذوبانها في طاعة الله.
فاسم فاطمة الزهراء(س) الذي اقترن في الأذهان بالعبودية الخالصة لله تعالى كان يكفي –على امتداد ما سبق من تاريخ-  لتحريك شعوب بكاملها كما نعلم.
وأنه من هنا يأتي القول المسدّد أنّه إذا استطاع المجتمع الاسلامي – كما يقول السيّد القائد حفظه الله- تربية المرأة وفقًا للأسرة الإسلامية اقتداءً بالزهراء وزينب.. وأن يُنشئ نساء عظيمات قادرات على التأثير على العالم وعلى التاريخ حينذاك تبلغ المرأة مقامها الحقيقي والشامخ.
أخيرًا نختم بتحية خاصة في هذه المناسبة العزيزة لأبناء الزهراء(س) للمقاومين البواسل الذين رفعوا الرؤوس في هذا الزمن..
تحيّة للأمهات الأبيات البطلات..
تحيّة لآباء وزوجات وعوائل الشهداء والجرحى الأعزاء..
مجددًا نشكر سماحة الأمين العام.. ونشكر حضوركن.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 

 

الحاجة عفاف الحكيم
5- نيسان- 2
015

 

 

التعليقات (0)

اترك تعليق