مُمَهِدَاتْ... وحقيق أن تبادر المرأة المثقّفة الملتزمة الواعية فتمهد الطريق وتفتح الآفاق.

الحجاب في رحاب الثورة الإسلامية

الحجاب في رحاب الثورة الإسلامية: هل الثورة الإسلامية في إيران أرغمت النساء على ارتداء الحجاب؟

كان الشاه (الملك) الإيراني المخلوع يعتبر الحجاب الإسلامي رمزاً للتخلف، ويرى العراء مظهراً للتحضر! كما كان يسخر من ارتداء السيدات للعباءة أثناء قيادة السيارات والعمل في المشاغل الرسمية كالطب والمحاماة.
في نهاية عقد السبعينيات من القرن المنصرم شهدت إيران تزايد إعداد المواطنين الذين يتمسكون بالمعايير الإسلامية كالصلاة والصوم والحجاب، ويوماً بعد يوم اتسع نطاق المظاهر الإسلامية وراح الشعب يتمسك بأصوله الإسلامية أكثر مما مضى، وفي خضم كل ذلك فان الحجاب كان له معنى آخر بين سائر القيم الدينية.
 
لقطة من اشتباكات قوات الأمن لخلع الحجاب من النساء في عهد رضا شاه في جامع كوهرشاد
 
ولو راجعنا تاريخ إيران المعاصر لوجدنا أن رضا شاه (والد الشاه المخلوع) قد حارب الحجاب الإسلامي حرباً شعواء، وفرض على النساء تعرية شعورهن وهناك الكثير من الأحداث والحكايات التي تتداولها الألسن والتي سطرها التاريخ في هذا الصدد ومنذ تلك الآونة أصبح الحجاب رمزاً للصراع بين الحق والباطل في إيران.
ويرى شاه إيران المخلوع أن الحجاب هو من علامات ورموز التخلف الاجتماعي وكان يسخر من النساء اللواتي يرتدين العباءة خلال قيادتهن السيارات أو أثناء أدائهن لوظائفهن الرسمية في مختلف الدوائر الرسمية وغير الرسمية ولا سيما في مجال الطب والمحاماة، حيث اعتبر أن ارتداء العباءة في هذه الأحوال أمر صعب للغاية وقد كان قلقاً للغاية بشأن مستقبل الحجاب في إيران لدرجة أنه قال ذات مرة: "كيف يمكننا أن نرجو خيراً من مستقبل مجتمعنا في حين أن أطفالنا يترعرعون في أحضان أمهات يرتدين أكفانا سوداء!" وهذا الكلام بطبيعة الحال يعكس وجهته الإلحادية ومناهضته للإسلام، لذلك أمر باتخاذ إجراءات صارمة ضد المحجبات في المدارس والجامعات وحارب رجال الدين بكل ما أوتي من قوة. وفي عام 1973م، أصدر وزير التربية والتعليم تعميماً وزارياً يحظر ارتداء الحجاب في المدارس الثانوية، ما أثار حفيظة رجال الدين مما حدى بآية الله الخوانساري بأن يوجه رسالة شفوية إلى الشاه لإلغاء هذا الأمر، لكنه رفض ذلك وأصر عليه حتى وإن أسفر عن إغلاق أبواب المدارس.
لكن تيار الصحوة الإسلامية في إيران جرف الشاه وأزلامه قبل انتصار الثورة الإسلامية بسنوات، مما أرغم الشاه على موافقته بارتداء البنات الحجاب الإسلامي في المدارس والجامعات دون السماح لهن بارتداء العباءة، لكن رغم ذلك تزايدت نزعة الفتيات للزي الإسلامي بشكل ملحوظ، ما يعكس تمسك الشعب الإيراني بجذوره الثقافية الأصيلة وعدم انجراره وراء الحكام المنحرفين مهما كانت سطوتهم. وبالفعل فقد أعقمت المرأة الإيرانية جهود النظام "الشاهنشاهي" (الملكي) الشيطانية والتزمت بدينها وأحكامها المبينة بل وزاد تمسكها بذلك.
وبعد انتصار الثورة الإسلامية المباركة في عام 1979م، وهروب الشاه من إيران تحررت المرأة الإيرانية ووجدت الأرضية المناسبة لتعرب عن شخصيتها الحقيقية، فانتشر الحجاب على نطاق واسع بشكل طوعي دونما أي إجبار لدرجة أن الأوضاع انعكست بالكامل، ففي عهد الشاه كانت المحجبات أقلية بالنسبة إلى غيرهن في بعض المدن الكبيرة مثل طهران، لكن بعد تحررها وانتصار الثورة المباركة انقلبت المعادلة فأصبحت المحجبات أكثرية وغير المحجبات أقلية محدودة لا تكاد تذكر في المجتمع، فشاع الحجاب الإسلامي بشكل اختياري في المدارس والجامعات والمستشفيات والمؤسسات الرسمية وغير الرسمية. لذلك يمكن القول بضرس قاطع أن الثورة الإسلامية لم تجبر النساء على ارتداء الحجاب الإسلامي، بل إنهن اخترنه لأنه يجسد شخصيتهن الإسلامية ولاسيما بعد أن صوتن على إقرار نظام الجمهورية الإسلامية بعد انتصار الثورة، وهذا الأمر إنما يدل على عدم جدوى الجهود الغربية التي بذلت وما زالت تبذل لتشويه صورة المرأة المسلمة سواء في إيران أو في أي رقعة من العالم.
 


 
المصدر: http://ar.farsnews.com
 


التعليقات (0)

اترك تعليق