مُمَهِدَاتْ... وحقيق أن تبادر المرأة المثقّفة الملتزمة الواعية فتمهد الطريق وتفتح الآفاق.

اُم البرّاء بنت صفوان

اُم البرّاء بنت صفوان

من الشاعرات المواليات لأمير المؤمنين عليه السلام، والحاضرات معه صفين، لها شعر تحضّ الرجال وتُشجعهم على القتال في مواجهة العدو، ولها شعر ترثي به الإمام علي عليه السلام بعد أن قتله ابن ملجم لعنه الله.
قال ابن طيفور في بلاغات النساء: حدّثنا العباس بن بكّار، حدّثنا سهيل بن أبي سفيان التميميّ، عن أبيه، عن جعدة بن هبيرة المخزومي قال: استأذنت اُم البرّاء بنت صفوان بن هلال على معاوية، فأذن لها، فدخلت في ثلاث دروع(1) تسحبها، قد كانت على رأسها كوراً(2) كهيئة المنسف(3)، فسلّمت ثم جلست، فقال: كيف أنتِ يا بنت صفوان؟
قالت: بخير يا أمير المؤمنين.
قال: كيف حالك؟
قالت: ضعفتُ بعد جلد، وكسلتُ بعد نشاط.
قال: شتان بينك اليوم وحين تقولين:
                                    يا عَمْر دونكَ صارِماً ذا رَونَقٍ * عَـضُب المهزّة لَيسَ بالخوّار
                                   أسْرِج جَوادَكَ مُسْرِعاً مُشْمِّر * اًلِلحَربِ غَيْرَ معرّدٍ الفَرارِ(4)
                                    أجِبِ الإمام ودبَّ تحت لوائِه * واغـر العـدوَ بـصارمٍ بتّارِ

قالت: قد كان ذاك يا أمير المؤمنين، ومثلك عفا، والله تعالى يقول: «عفا الله عمّا سلف»(5).
قال: هيهات أما أنّه لو عاد لعدتِ، ولكنه اخترمَ دونك، فكيف قولك حين قتل؟
قالت: نسيته يا أمير المؤمنين.
فقال بعض جلسائه: هو والله حين تقول يا أمير المؤمنين:
                                  يا للرِجالِ لـعظمِ هَـولِ مُـصيبةٍ * فَدَحَتْ فـليسَ مصابهـا بالهـازلِ
                                الشمسُ كـاسفةٌ لِفَقْـدِ إمـامنـا * خَيـرِ الخـلائِـقِ والإمـامِ العادلِ
                           يا خَيرَ مَنْ ركِبَ المطي ومَنْ مَشى * فَـوْقَ التـرابِ لـمحتفٍ أو ناعلِ
                                حاشا النبيّ لقـد هـددتَ قواءَنـا * فـالحقُ أصبـحَ خـاضِعـاً للباطلِ
فقال معاوية: قاتلكِ الله يا بنت صفوان، ما تركتِ لقائلٍ مقالاً، اُذكري حاجتك.
قالت: هيهات بعد هذا والله لا سألتك شيئاً، ثم قامت فعثرت فقالت: تَعِسَ شانِىء علي.
فقال: يا بنت صفوان زعمتي أن لا أحبّه.
قالت: هو ما علمت(6).

الهوامش:
درع المرأة: قميصها. الصحاح 3: 1026 (درع). 
كار العمامة على رأسه يكورها: أي لاثها، أي أدارها. الصحاح 2: 809، القاموس المحيط 2: 129 (كوَرَ). 
المِنْسَفُ: ما يُنسفُ به الطعام، وهو شيء طويل منصوب الصدر، أعلاه مرتفع . الصحاح 4: 1431 (نسف). 
عَرَّدَ الرجل تعريداً: إذا فرّ. الصحاح 2: 508 (عَرَدَ). 
المائدة: 90. 
بلاغات النساء: 75، أعيان الشيعة 3: 475، أعيان النساء: 46، رياحين الشريعة 3: 366.

المصدر: الحسون، محمد؛ أم علي مشكور: أعلام النساء المؤمنات.ط1، انتشارات أسوة، 1411هـ.ق، ص130-131.

التعليقات (0)

اترك تعليق