مُمَهِدَاتْ... وحقيق أن تبادر المرأة المثقّفة الملتزمة الواعية فتمهد الطريق وتفتح الآفاق.

كرامات مروية عن السيدة زينب عليها السلام

كرامات مروية عن السيدة زينب عليها السلام: في كربلاء وعند التوسل بحضرتها

الكرامات المروية عن زينب الكبرى بنت أمير المؤمنين(ع) والمنقولة في الكتب كثيرة، منها ما حدث أثناء حياة السيدة العظيمة عليها السلام، خاصة في كربلاء، ومنها ما تفضلت به على المؤمنين، الزائين لقبرها الشريف، أو المتوسلين بمقامها العظيم عند الله تعالى، وفي هذه السطور نذكر بعض كراماتها عليها السلام:

                                    
بعض كرامات السيدة زينب الجارية مجرى المعجزات في كربلاء:
 من ذلك تسخير الأسد لها صلوات الله عليها، قال الفاضل في الأسرار:
لما قتل الحسين عليه السلام روحي له الفداء أمر عمر بن سعد لعنه الله أن تطأ الخيل عليه غداً فسمعت جارية الحسين عليه السلام فحكت لزينب أخته، فقالت: ما الحيلة؟
 قالت زينب: إن سفينة
* عبد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم نجاه الأسد على ظهره لما قال له أنا عبد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وسمعت أن في هذه الجزيرة أسداً فامضي إليه فقولي له: إن عسكر ابن سعد يريدون غداً أن يطأوا بخيولهم ابن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فهل أنت تاركهم.
 فلما مضت إليه الجارية وقالت ما قالته زينب إلى قولها فهل أنت تاركهم أشار برأسه لا.
 فلما كان الغد أقبل الأسد يأزّ أزاً والعسكر واقف فظن ابن سعد أنه جاء يأكل من لحوم الموتى، فقال: دعوه نرى ما يصنع فأقبل يدور حول القتلى حتى وقف على جسد الحسين عليه السلام، فوضع يده على صدره وجعل يمرغ خده بدمه ويبكي، فلم يجسر أحد أن يقربه فقال ابن سعد فتنة فلا تهيجوها فانصرفوا عنه. قال: هكذا ذكروا مجيء الأسد إلى المصرع في كتب جمع من أصحاب المقاتل.
أقول: وهذه الكرامة هي كرامة عظيمة لزينب صلوات الله عليها على الرواية الأولى والثانية لأن إطاعة الأسد لجاريتها إنما هي لأجلها عليها السلام.
روي عن زينب أخت الحسين عليهما السلام، عند هجوم القوم على الخيام أنها قالت: دخل علينا رجال وفيهم رجل أزرق العيون فأخذ كل ما كان في خيمتنا التي كنا مجتمعين فيها، إلى أن قالت فقلت لع قطع الله يديك ورجليك وأذاقك الله النار في الدنيا قبل الآخرة.
 فما كان إلا قليل، حتى ظهر المختار الثقفي طالباً بثأر الحسين عليه السلام، فوقع في يده ذلك الرجل وهو خولي بن يزيد الأصبحي، فقال المختار: ما فعلت بعد قتل الحسين فذكر أفعاله التي فعلها ودعوتها عليه فقطع المختار يديه ورجليه وأحرقه بالنار.
ومن ذلك أنها حين وقفت على أخيها الحسين عليه السلام في مصرعه، كُشف عن بصرها فرأت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، واقفاً في المعركة، وقد قبض على كريمته الشريفة، ودموعه تجري على خديه فنادت: يا جداه يا رسول الله هذا حسينك بالعراء (الخ) هكذا نقل بعض المتبحرين ولهذا الخبر مؤيدات.  


ومن كراماتها الباهرة ما نقله العلامة النوري في كتابه (دار السلام)
قال: حدثني السيد السند، والحبر المعتمد، العالم العامل، وقدوة أرباب الفضائل، والبحر الزاخر، عمدة العلماء الراسخين السيد محمد باقر السلطان آبادي نفع  الله به الحاضر والبادي قال: عرض لي في أيام اشتغالي ببروجرد مرض شديد، فرجعت من بروجرد إلى سلطان آباد، فاشتد بي المرض بسبب هذه الحركة، وانصبت المواد في عيني اليسرى فرمدت رمداً شديداً، واعتراها بياض وكان الوجع يمنعني من النوم، فأحضر والدي أطباء البلد للعلاج، ولما رأوا حالتي قال أحدهم: يلزم أن يشرب الدواء مدة ستة أشهر، وقال الآخر: مدة أربعين يوماً، فضاق صدري وكثر همي من سماع كلماتهم لكثرة ما كنت شربت من الدواء في تلك المدة، وكان لي أخ صالح تقي أراد السفر إلى المشاهد العظيمة وزيارة سادات البرية، فقلت له: أنا أيضا أصاحبك للتشرف بتلك الأعتاب الطاهرة، لعلي أمسح عيني بترابها الذي هو دواء لكل داء، ويأتيني ببركاتها الشفاء فقال لي: كيف تطيق الحركة مع هذا المرض العضال وهذا الوجع القتال؟
ولما بلغ الأطباء عزمي على السفر قالوا بلسان واحد: إن بصره يذهب في أول منزل أو ثاني منزل، فتحرك أخي وأنا جئت إلى بيته بعنوان مشايعته في الظاهر، وكان هناك رجل من الأخيار سمع قصتي فحرضني على الزيارة وقال لي: لا يوجد لك شفاء إلا لدى خلفاء الله وحججه، فإني كنت مبتلى بوجع في القلب مدة تسع سنين وكلت الأطباء عن تداويه، فزرت أبا عبد  الله الحسين(ع) فشفاني بحمد  الله من غير تعب ومشقة، فلا تلتفت إلى خرافات الأطباء، وامض إلى الزيارة متوكلا على  الله تعالى، فعزمت من وقتي على السفر، فلما كنا في المنزل الثاني من سفرنا اشتد بي المرض ليلاً. ولم أستقر من وجع العين، فأخذ من كان يمنعني من السفر يلومني، واتفق أصحابي كلهم على أن أعود إلى بلدي الذي جئت منه، فلما كان وقت السحر وسكن الوجع قليلاً، رقدت فرأيت الصديقة الصغرى زينب بنت إمام الأتقياء عليه آلاف التحية والثناء، فدخلت علي وأخذت بطرف مقنعة كانت في رأسها وأدخلته في عيني ومسحت عيني به، فانتبهت من منامي وأنا لم أجد للوجع أثرا في عيني، فلما أصبح الصباح قلت لأصحابي لم أجد اليوم ألما في عيني فلا تمنعوني من السفر، فما تيقنوا مني فحلفت لهم وسرنا، فلما أخذنا في السير رفعت المنديل الذي كان على عيني المريضة، ونظرت إلى البيداء وإلى الجبال فلم أر فرقا بين عيني اليمنى الصحيحة واليسرى المريضة، فناديت الرفقاء وقلت لهم: تقربوا مني وانظروا في عيني، فنظروا وقالوا: سبحان  الله لا نرى في عينك رمداً ولا بياضاً ولا أثراً من المرض، ولا لفرق بين عينك اليمنى واليسرى، فوقفت وناديت الزائرين جميعا وقصصت لهم رؤياي وكرامة الصديقة الصغرى زينب (سلام الله عليها)، ففرح الجميع وأرسلت البشائر إلى والدي فاطمأن خاطره بذلك. قال العلامة النوري: وحدثني بتلك الكرامة شيخنا الجليل النبيل والعالم الذي عدم له النظير والبديل المولى فتح علي السلطان، آبادي قال: إنه شاهد هذه الحكاية بنفسه(2).

  
- شفاء امرأة مقعدة ببركة العقيلة زينب (عليها السلام):
حدثنا الثقة الخطيب العلامة السيد جواد شبر في المدرسة الشبرية العلمية في النجف الأشرف يوم الأربعاء (8 ربيع الثاني سنة 1394 هـ) قال حدثني به الشيخ إبراهيم سليمان قاضي الجعفرية في الكويت وذلك ليلة الثلاثاء (11 محرم الحرام سنة 1391 هـ) المصادف (8 آذار سنة 1971م) ونحن في دار السيد عمران السيد أحمد وكانت خطابتي هناك بمناسبة عاشوراء وبعد ما فرغت عن حديثي عن الحوراء زينب حدثنا الشيخ المذكور فقال: ظهرت كرامة للسيدة زينب بنت أمير المؤمنين بالشام وذلك أن امرأة اسمها فوزية بنت سليم زيدان وهي اليوم في قيد الحياة في لبنان في قرية جويا قرب صور، وكانت فوزية مقعدة ومصابة بالروماتيزم مدة ثلاث عشرة سنة ولم ينفعها علاج الأطباء فقالت لأخيها حسن: احملني إلى قبر السيدة زينب إلى الشام. فاعتذر منها لأنّ نقلها لم يكن هيّنا مع ما هي عليه من شدّة المرض، فقالت: أنا استأجر امرأتين تحملانني إليها. قال لها أخوها: إذا كتب لك الشفاء فلا فرق بين أن تكوني في بيتك هاهنا أو في حرم السيدة زينب في قرية راوية بدمشق. وصادف المحرم وهناك مأتم في المسجد المقابل لدارهم فرجعت فوزية وجلست على الباب المقابل للمسجد وهي تبكي وتستغيث بالسيدة وتصرخ: يا مولاتي يا أخت الحسين يا مظلومة. وكانت أمها تصرّ عليها بالسكوت وأمرتها أن ترجع ولكنها أبت وقالت: لا أرجع إلا بعد منتصف الليل فتركتها الأم ونامت وفوزية جالسة على مكانها تندب وتنادي مولاتها العقيلة زينب وتطلب منها الشفاء وعند طلوع الفجر تهيأت للصلاة فإذا بامرأة دخلت وأخذت بعضدها وقالت لها: قفي على قدميك أنا زينب بنت علي بن أبي طالب يقول لك أخوك إذا شاءت تشفيك زينب في دارك فإننا لا نشفي أحداً إلا بإذن الله.
قالت فوزية: فإذا كأني أحسست بالعصب في الركبة والوركين فرقعت، ثم إنها نادت أمها: يا أماه هذه السيدة زينب. ولم تنتبه الأم ثم نادت مرة أخرى فركضت إليها الأم فإذا المرأة غابت فأصرّت فوزية أن تذهب إلى بيت أخيها حسن وتخبره بالشفاء فقامت تمشي سليمة على قدميها إلى بيت أخيها وطرقت الباب عند طلوع الشمس فانتبه هو وقال: الصوت صوت فوزية، فقام مع زوجته وهي بنت السيد نور الدين فلما فتح الباب ورأى الأخت فاندهش، وقال: أخيّة لا تسقطي على الأرض. فقالت: لا بأس بي يا أخي فقد أبرأتني السيدة زينب. فتعجّب أخوها وسرّ سروراً عظيماً؛ ثمّ شاع خبرها في القرية وقصدها الناس ليروها سليمة وانتشر أمرها إلى القرى والبلدان فتقاطر عليها المحاشد وزارها طبيبها إبراهيم صالح والدكتور عطيّة وهو يهودي فشاهدها وتعجّبوا حتى قال الدكتور عطية: إنها شككتنا في ديننا؛ وزارها دكتور مستشفى صور الذي كان يعالجها كلّ أسبوع بابرة فتعجّب أشد تعجب. قال الشيخ إبراهيم سليمان: نشرت صحف لبنان هذا الخبر وذكرت أنّ فوزية رأت هذه الكرامة في المنام ولكنني أحدّث بما سمعته بأذني عن صاحبة الكرامة، فقالت لي: يا إبراهيم كذبوا عليّ وأنا في الحياة بل إنني شاهدت السيدة زينب في اليقظة ولم أنم تلك الليلة. وذكر الشيخ إبراهيم أنّ هذه المرأة على قيد الحياة حتى اليوم.
ذكر الخطيب السيد جواد شبّر هذه الكرامة في كتابه المخطوط المسمى (بما تشتهي الأنفس: ص 176) الموجود عنده(3).



*سفينة: مولى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم اختلف في اسمه على أحد وعشرين قولاً تجدها في الإصابة لإبن حجر، والذي صححه أهل التحقيق أن اسمه مهران، وكان أصله من فارس فاشترته أم سلمى رضوان الله عليها ثم أعتقته واشترطت عليه أن يخدم النبي صلى الله عليه وآله وسلم(1).


المصادر:
(1)- النقدي، جعفر: حياة السيد زينب بنت الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب(ع)، منشورات الأعلمي للمطبوعات، لبنان-بيروت، ط1، 1998م.
(2)- الكاشاني، أبو الفضل: سلوا زينب عن مصائبها.ط1، دار المجتبى،بيروت، 1430هـ-2009م،ص79-81 .
(3)- موقع تبيان.

التعليقات (0)

اترك تعليق