مُمَهِدَاتْ... وحقيق أن تبادر المرأة المثقّفة الملتزمة الواعية فتمهد الطريق وتفتح الآفاق.

كريمة السيد الطباطبائي في حديث عن أبيها: كانت أخلاقه محمدية، بكل ما للكلمة من معنى

كريمة السيد الطباطبائي في حديث عن أبيها: كانت أخلاقه محمدية، بكل ما للكلمة من معنى

"نجمة السادات الطباطبائي" كريمة السيد الطباطبائي وزوجة الشهيد قدوسي:
إنني أصغر بكثير من أن أتجرأ على وصفه والكلام عنه، فالكلام عنه هو من وظيفة تلامذته. وبالنسبة لي شخصياً، فلم يكن لي الاتصال الوافي به، لأنني تزوجت في سنّ مبكرة، وانتقلت من منزله. إلا أنني لا زلت أذكر أخلاقه منذ أيام طفولتي.
فقد كانت أخلاقه محمدية، بكل ما للكلمة من معنى. فلم أره يوماً عصبياً، ولم أسمع صوته مرتفعاً أبداً، ومع ذلك كان حازماً وصلباً، غير متسامح في أداء الصلاة إلا في وقتها.
وبالجملة، كان حازماً في تطبيق الأحكام الشرعية بدقة، محباً لتلاوة القرآن كثياً، ويصوت مرتفع وجميل، دقيقاً في مواعيده وبرنامجه اليومي. وقد سمعته يوماً يقول: "إنه لم يُخلّ ببرنامجه اليومي من سن السادسة والعشرين".
كان مع كثرة الأعمال التي يقوم بها، لا يرد سائلاً، ولا يتذمَّر من أحد. وحتى في سنيِّ مرضه الأخيرة كان حريصاً على مقابلة الناس، والرد على أسئلتهم.
كان شديد الصلة بتلاميذه، خصوصاً الشهيد مطهري. وكان يقول في ذلك: "لذاتي الكبيرة هي في جلوسي مع أصدقائي (تلامذته) فالدنيا تشرق أثناء وجودهم معي".
كان قليل الكلام، موصياً بذلك، وإذا تكلم فيأتي كلامه دون تكلف، مفهوماً لكل الناس. كان متواضعاً، متجنباً لإظهار شخصيته الرفيعة. وكان إذا ما مدح بشي‏ء كأداء الصلاة في وقتها، يقول: إنها عادة اعتدت عليها وليست بشي‏ء يذكر". ويرد على من يمدح درسه: "إنه كلام الله والدين ما أنا سوى ناقل له".
كان يحرص على الحضور إلى درسه وحيداً، بدون مرافقة أو حراسة. وحينما كان يدرس العلوم الإسلامية في طهران، كان ينتقل في سيارات النقل المشترك (الأوتوبوس). كان يحب البقاء مع الناس دائماً وأن يكون كواحد منهم. وقد كان يجلس معهم في حرم المعصومة عليها السلام في قم المقدسة.
وكان يردد دائماً: "الشخصية هي موهبة من الله ولا يستطيع الإنسان كسبها بالأمور الدنيوية".
كان أبي مرهف الإحساس ذا روحية عالية، إذا ذكر الله أمامه تغيرت أحواله. وكان إذا مرَّ بمنظر طبيعي تظهر منه حالات عجيبة، لا ندري معها في أي عالم وهو. كان يقول لي: "أحياناً يغفل الإنسان عن الله، فيصاب بالحمَّى أربعين يوماً ليصرخ من أعماق قلبه: "يا الله".
كان رضوان الله عليه عاطفياً، يشعر بآلام الآخرين، ويتألم لألمهم ويتأثر لمصابهم، إلا أنه، من جهة أخرى، إذا ما أصيب بمصيبة أو عرضت له مشكلة كان صبوراً كتوماً، لا يعبأ بالإهانة الموجهة إليه. وكان يقول: "يجب أن لا يحقد عبد الله على أحد". وعندما كان أصحابه يطلبون منه الرد على منتقديه الذي يتهمونه بالكذب، كان يقول لهم: "لا حيف في ذلك، يجب على المرء أن لا يتأثر بهذه الأمور"، وبكلمة موجزة، كانت أخلاقه أخلاقاً محمدية.


المصدر: مجلة بقية الله.

التعليقات (0)

اترك تعليق