مُمَهِدَاتْ... وحقيق أن تبادر المرأة المثقّفة الملتزمة الواعية فتمهد الطريق وتفتح الآفاق.

نجمة السادات الطباطبائي:

نجمة السادات الطباطبائي: "كان يوصيني دائماً، وكلما ذهبت لزيارته: أن أحسن معاملة زوجي وأهله، وخصوصاً والدة زوجي".

تعامل العلاّمة الطباطبائي(رض) مع أطفاله من الناحية التربوية:
إن الاحترام الذي كان يكنه السيد العلامة للجميع، لم يقتصر على الكبار فقط، بل تعداه ليشمل الأطفال أيضاً، خصوصاً الفتيات منهم. فقد كان يصفهن بالنعمة الإلهية، وكان يوصيهن دائماً بالصدق، ويتلو القرآن الكريم على مسامعهن بصوت مرتفع، ويروي لهن بعض الأحاديث التي يعتقد بتأثيرها فيهن. كان يلاعب الأطفال ويمازحهم، مراعياً في ذلك كل اعتدال، وكان يجيب على أسئلتهم بدون كلل أو ملل، وكثيراً ما كان يوصيني بالانتباه للأولاد وإعطائهم حريتهم مع الحرص على تأديبهم، ويقول لي: "من الخطأ أن يتنابز الأهل والوالدان، ويتشاجرا أمام أعين أطفالهم". وقد لمست ذلك في بيتنا. فإن الحياة الودية والتفاهم اللذين كانا يحكمان العلاقة بين والدَّي قد أثرا فينا كثيراً.
وكما قلت سابقاً، فقد كان يعامل البنات معاملة خاصة، ويُكنُّ لهن محبة خاصة. وكان يعتقد أن هكذا تعامل معهم سيجعلهن زوجات وأمهات صالحات. وحين كان اعتقاد والدتي أن على البنات أن يشاركن في أعمال المنزل، كان جوابه لها: "لا تضغطي عليهن، فهن بحاجة إلى الراحة، ولم يحن موعد عملهن بعد". وكنا إذا ما طهينا طعاماً وأخطأنا فيه تقوم والدتي غاضبة، فيقوم هو يهدي‏ء من روعها قائلاً: إنهن أمانة الله في أعناقنا، ويجب أن نحترمهن، لأن في ذلك مسرة لله تعالى وللنبي صلى الله عليه وآله وسلم.
تربيته لي لم تقتصر على أيام طفولتي، بل تعدتها إلى عهد زواجي. فقد كان يوصيني دائماً، وكلما ذهبت لزيارته: أن أحسن معاملة زوجي وأهله، وخصوصاً والدة زوجي.
كان يحب أولادي كثيراً، وخصوصاً ولدي "حسن". فقد جاءني في طهران ليعزيني باستشهاد ولدي "حسن"، فلم أعرف كيف أقابله، وكانت حالته كحالتي، وعندما رآني قال لي: "ماذا أقول لك يا نجمة"؟ قلت: "لا شي‏ء الشكر لله"، قال: أحسنت، فإن الله الذي أعطاك إياهم (أولادك) قد أخذ أفضلهم، فالحمد لله".
إلا أن القلب في النهاية يحزن لفقده لذا كان يقول: "عندما تعود بي ذاكرتي إلى "حسن" وكيف كان يسألني، ترتعد جميع أعضائي ويتغير حالي".
أما من الناحية التعليمية، فقد كان يرغب لأخي الكبير أن يتعلم العلوم الدينية، ولكنه لم يفعلها لأسباب أجهلها، فانزعج والدي منه. وبالنسبة للإناث، فكان الهدف الأول لهن، في نظره، هو الزواج. وهذا الأمر يقع في المرتبة الأولى، ويأتي بعده تحصيل العلم في الدرجة الثانية. وكان لا يمانع تعليم البنت حتى بعد زواجها.


*كريمة السيد الطباطبائي(رض)

المصدر: مجلة بقية الله.

التعليقات (0)

اترك تعليق