مُمَهِدَاتْ... وحقيق أن تبادر المرأة المثقّفة الملتزمة الواعية فتمهد الطريق وتفتح الآفاق.

اهتمام السيدة فاطمة الزهراء بصلاح الأسرة وتربية أعضائه

اهتمام السيدة فاطمة الزهراء بصلاح الأسرة وتربية أعضائه

بداية إن السيدة فاطمة الزهراء(س) كانت في أعلى مراتب الكمال والمنزلة والمقام المعنوي، وبحد لا يمكن لأحد الوصول إليه وإلى كنه معرفتها! لأنها خلقت حوراء إنسية، وجبروتيه تجسدت، وفي ذلك قال الإمام الصادق(ع): واما سميت فاطمة لأن الخلق فطموا عن معرفتها. (تفسير فرات الكوفي، ص 581، ح 747).
وأشاروا إلى ذلك بعض الفحول من العلماء كما قال الإمام الخميني: إن فاطمة جبروتیة لکنها قد تجسدت في هیئة الإنسان.
وفي مکان آخر یقول: زهراء(س) هي أکمل نسخة للبشریة وکل الجوانب المتصورة للإنسان تتجلّی في وجودها.
فإذا كان كذلك فلا يمكننا أن نصل إلى مقام السيدة الجليلة ومعرفة حقيقة مقامها، ولکن نستطیع أن نفهم علی قدر فهمنا منزلتها(س) وکذلک نتمتع من أنوارها القدسیة وبتعبیر الإمام الخامنئي: ينبغی أن کل حرف وکلمةٍ وإشارة في حیاة السیدة فاطمة الزهراء(س) تکون لنا أسوة.
فلذلك لابد لنا من أن نبحث عن كيفيه معاملتها مع الأسرة وأعضائها طيلة حياتها، لأنها أسوه للعالم عموما وأسوه للأسرة خصوصا، ولأنها مربيه وإنها شفيقة لأعضاء الأسرة.
ففي الحقيقة إن السيدة الزهراء(س) تعتقد في موضوع الأسرة أن للمرأة دور كبير في إصلاحها، فلذلك هي قامت بتربيه أعضاء الأسرة، أبناءا وبناتا وبعلا، وهي حسب ما سمعت وعلمت من أبيها رسول الله(ص) تعتقد أن الأهم بين أعضاء الأسرة هي المرأة لأنها كانت موثرة في التربية.
وهي(س) على هذا الاعتقاد أن أفضل المرأة عند الله عز وجل من كانت ملتزمة بشؤون الأسرة في البیت.
والأسرة في كل مجتمع بشري امرأتها غير ملتزمة بشوْون الأسرة في البيت، تكون متزلزلة كالجوامع الغربيه.
فلذلك إن الصدیقة الکبری تعد معلمة لجمیع نساء العالم، والتمسك بسيرتها في الحياة يوجب تقوية أساس الأسرة.
روي أن سلمان قال: كانت فاطمة (عليها السلام) جالسة قدامها رحى تطحن بها الشعير... والحسين في ناحية الدار يتضور من الجوع.
فقلت: يا بنت رسول الله! دبرت كفاك وهذه فضة، فقالت أوصاني رسول الله(ص) أن تكون الخدمة لها يوما، فكان أمس يوم خدمتها.
قال سلمان: قلت: إني مولى عتاقه إما أنا أطحن الشعير أو أسكت الحسين لك؟
فقالت(س): أنا بتسكينه أرفق وأنت تطحن الشعير، فطحنت شيئا من الشعير فإذا أنا بالإقامة، فمضيت وصليت مع رسول الله (صلى الله عليه وآله... (بحار الأنوار ج 43 ص 88).
فمعنى هذا الحديث أن السيدة فاطمة الزهراء قد أحبت أن تكون ملتزمة بشؤون البيت وتربية الأولاد لأن المرأة كانت أليق بها من غيرها.
وليس معناه أن اشتغال المرأة خارج البيت ممنوع، بل كان الأنسب فير حال الضرورة والاحتياج، الحضور في البيت والاشتغال بتربيه الأولاد.
لأن المرأة بما كانت أما لأولادها فكانت قدوه صالحه للأولاد في جميع الأمور، وإن سيدتنا فاطمة الزهراء عليها السلام جعلت من نفسها قدوة صالحة لأولادها كي تمنحه حقهم في جميع أمورهم حتى في عباده الله تعالى.
فلذلك هي التقية النقية الورعة التي شهد لها القرآن الكريم، وشهد الرسول صلى الله عليه وآله وسلم لها قائلاً: إن ابنتي فاطمة ملأ الله قلبها وجوارحها إيماناً إلى مشاشها ففرغت لطاعة الله.
وكانت(س) تخصص بعض الساعات من أيام عمرها للعبادة والدعاء حتى الساعات الأخيرة من يوم الجمعة للدعاء
كما قال ابنها الإمام المجتبي(ع): رأيت أمي فاطمة قامت في محرابها ليله جمعتها، فلم تزل راكعة ساجدة حتى اتضح عمود الصبح و سمعتها تدعوا المؤمنين و المؤمنات و تسميهم و تكثر الدعاء لهم و لا تدعو لنفسها بشيء فقلت لها: يا أماه! لم لا تدعين لنفسك كما تدعين لغيرك. فقالت: يا بني! الجار ثم الدار. (بحار الأنوار:4381 ح 3، و 89 313، ح19).
كما كانت لا تنام الليل في العشر الأواخر من شهر رمضان المبارك وكانت تحرض و تشوق جميع من في بيتها حتي الأولاد بإحياء الليل بالعبادة والدعاء.
فهي في البيت ولكن تشتغل أولا بالعبادة وثانيا بحسن التبعل وثالثا بتربيه الأولاد ورابعا بتعليم الناس مسائلهم وخامسا في صوره الضروره تحضر في المسجد و تتكلم مع الخليفة وغيرها.
ولكن المهم في هذه الأمور أن السيدة فاطمة قامت بجميعها أمام أولادها ليرتسم في أذهانهم ما تقوم به كي تري أعينهم وتسمع آذانهم، وتحثهم على القيام بها، وهذه من حقزق الأطفال والأولاد ومن وظائف المرأة.
وليست السيدة قائمه بالأمور الالعباديه فقط، بل قامت بكل الأمور اللازمة سواء كانت  الأمور عاطفيا أو تعليميا أو سياسيا أو عباديا أو غير ذلك.
وحتى إذا أرادت المناغاة بالطفل أيضا كانت في مقام تربيه الأولاد وما كانت في مقام المناغاة فقط، فلذلك منافاتها أيضا تربويا ومرتبطة بالأسرة.
فكانت عليها السلام تناغي الحسن عليه السلام وتقول له:
أشبه أباك يا حسن        واخلع عن الحق الرسن
واعبد إلهاً ذا منن          ولا توال ذا الأحن
وكانت تناغي الحسين عليه السلام وتقول:
أنت شبيهاً بأبي          لست شبيهاً بعلي.
وهذه الكلمات في الحقيقة كلمات تربويه من الأم ومن المرأة التي لها دور كبير في تربيه أعضاء الأسرة.
والسيدة فاطمة بعد ان الاولادها قد مضوا عن سن الطفولة ومثلا إذا وصل الإمام الحسن(ع) إلى بعد سن الطفولة کانت ترسله إلى المسجد حتی یستمع ویتعلم من جده الرسول الأکرم(ص) وینقل ما یسمع إليها.
وهذه الطريقة من أفضل طرق يمكن أن تختاره المرأة لتربيه الأولاد.
وهذه السيرة يعني التزام المرأه بالبيت والعناية بالأسرة لا يختص بتربيه الأولاد فقط، بل يشمل أنواع المعاشرات مع أعضاء الأسرة كما اتخذها بنت رسول الله في معاشرته مع زوجها أمير المؤمنين(ع).
فعن أبي سعيد الخدري قال: أصبح علي بن أبي طالب عليه السلام ذات يوم ساغباً فقال: «يا فاطمة هل عندك شيء تغذينيه؟
قالت: لا، والذي أكرم أبي بالنبوة وأكرمك بالوصية ما أصبح الغداة عندي شيء وما كان شيئاً طعمناه مذ يومين إلاّ شيء كنت أؤثرك به على نفسي وعلى ابني هذين (الحسن والحسين.
فقال علي(ع): يا فاطمة ألا كنت أعلمتني فأبغيكم شيئاً؟
فقالت(س): يا أبا الحسن!إني لأستحي من إلهي أن أكلف نفسك ما لا تقدر عليه.



السيد أبو الفضل الطباطبائي الأشكذري

التعليقات (0)

اترك تعليق