مُمَهِدَاتْ... وحقيق أن تبادر المرأة المثقّفة الملتزمة الواعية فتمهد الطريق وتفتح الآفاق.

السيدة كلثوم بنت القاسم ابن محمد بن جعفر الصادق (عليهم السلام)

السيدة كلثوم بنت القاسم ابن محمد بن جعفر الصادق (عليهم السلام)

من هي
وخير ختام لجولتنا وسط مقابر ومشاهد المشاهير من آل البيت... أن نتوقّف عند مقبرة السيدة كلثوم بنت القاسم بن محمد بن جعفر الصادق ابن محمد الباقر ابن علي زين العابدين ابن الحسين بن علي بن أبي طالب... وهي أخت السيد يحيى الشبيه.
وعلى الرغم من شهرة هذه السيدة; لما اتّصفت به من الورع والتقوى، هذا بالإضافة إلى كونها من آل البيت، إلاّ أنّهم لم يزيدوا عن قولهم: وشهرتها تغني عن الإطناب في مناقبها.
ويقال عن هذه السيدة العظيمة ـرغم قلّة المعلومات المدوّنة عنها ـ: إنّها تزوّجت وأقامت في مصر... كما أنجبت عدداً من الأولاد لم يُذكر عددهم ولا أسماؤهم، ويفهم من العبارات التي تواترت عنها في كتب المؤرّخين أنّ أولادها ماتوا جميعاً دون أن تترك ذرّية!
وقد أكّد ذلك كتاب «الكواكب السيارة» لابن الزيّات عندما قال: إنّها تزوّجت وحصل لها أولاد، وقد انقرضت ذرّيتها، وقيل: إنّ معها في قبرها جماعة أولادها، وقيل: لم يكن بالمشهد غيرها.
توفّيت السيدة كلثوم بعد والدها القاسم الطيّب، وذلك في نهاية القرن الثالث الهجري.
علمها وورعها
لقد تربّت هذه السيدة صاحبة هذا المقام المنير في حجر والدها القاسم الطيّب... الذي قيل: إنّه كان أحفظ الناس لحديث رسول الله (صلى الله عليه وآله)، كما كُتب عنه أربعمائة محبرة، وتأثّراً وتأسّياً بوالدها العالم والتقي الجليل القاسم الطيّب فقد حفظت السيدة كلثوم كلّ ما كُتب عن والدها، وكانت تحدّث به بعد وفاته، وقد ذكر الإمام الرازي: أنّ أتباع القاسم كانوا يعرفون بالطهّارة.. أمّا الأسعد النسّابة فقال كذلك: كانوا يعرفون بالكلثميّين، نسبةً إلى هذه السيدة الطاهرة.
أمّا المقريزي فقد وصفها في كتابه بأنّها من السيدات الزاهدات العابدات، وقد اختلط الأمر على بعض كتّاب السير والتراجم بين السيدة كلثوم والسيدة أم كلثوم ابنة الإمام محمد بن جعفر الصادق (عليهم السلام); ذلك لأنّ الأخيرة مدفونة بمشهد آخر يُعرف بمشهد الضياء... والسبب في هذا الخلط ـ كما تؤكّد ذلك الدكتورة سعاد ماهرـ أنّ كلاً من هذين المشهدين موجود بطريق الإمام الليث بن سعد.
وصف المشهد
ذكر الإمام تقي الدين المقريزي في كتابه عن خطط القاهرة: أنّ مقبرة أو مشهد السيدة كلثوم إنّما هو الموجود بموضع يعرف بمقابر قريش بجوار الخندق... أمّا بالنسبة لتحديد مكانه في العصر الحديث، فهو يقع بمنطقة القرافة بالقرب من مشهد يحيى الشبيه.
ويرجع بناء هذا المشهد فوق مقبرة السيدة كلثوم إلى عام 516هـ /1122م. كما يبعد هذا المشهد كذلك مقدار مائة ياردة عن ضريح أبي منصور الثعالبي.
ويتكوّن المشهد حالياً من زاوية بسيطة مغطّاة بسقف خشبي، يتوسّطها الضريح، ويعلو المحراب الرئيسي طاقية على شكل محارة، وهي تعتبر الأُولى من نوعها في مصر، وتشمل هذه الزاوية إلى جانب الضريح مساحة مستطيلة يتوسّطها أربعة أعمدة، يعلوها كمر خشبي يحمل السقف الذي بُني حديثاً، ويتوسّط هذه الأعمدة مقصورة خشبية تحيط بالتركيبة التي تعلو قبرها.
أمّا محراب الزاوية فهو مجوّف من الحجر المنحوت، وبه زخارف حجرية منحوتة أيضاً... وعلى يسار هذا المحراب محرابان صغيران لا يوجد بهما زخارف. كما يوجد شاهد مثبَّت على الجدار في موضع رأسي، تحته مباشرة شاهد آخر مثبَّت أُفقياً.
وعلى الشاهد الأول، نقرأ «بسم الله الرحمن الرحيم، هذا ما تشهد به فاطمة بنت يحيى، تشهد أن لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له، وأنّ محمداً عبده ورسوله، أرسله الله بالهدى ودين الحقّ، وأنّ الله باعث من في القبور، على ذلك حيت، وعليه ماتت، وعليه تُبعث إن شاء الله، غفر الله ذنبها، وفسح لها في قبرها، وألحقها بنبيّها محمد (صلى الله عليه وآله). توفّيت في شهر المحرّم سنة اثنتين ومائتين».
أمّا الشاهد الثاني، فيتكوّن من سبعة أسطر، ويبدأ بالبسملة، فسورة الإخلاص، ويحمل اسم نصر الله، لأربعة خلون من شوّال سنة أربع وخمسين!

المصدر: كتاب أهل البيت عليهم السلام في مصر، المجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الإسلامية

التعليقات (0)

اترك تعليق