مُمَهِدَاتْ... وحقيق أن تبادر المرأة المثقّفة الملتزمة الواعية فتمهد الطريق وتفتح الآفاق.

عشية زواج السيدة آمنة من عبد اللّه عليهما‌ السلام

عشية زواج السيدة آمنة من عبد اللّه عليهما‌ السلام

عشية زواج السيدة آمنة من عبد اللّه عليهما‌ السلام: 
توقّف الزمن مبتهجاً، وأُضيئت المشاعل في شتى أرجاء البلد الحرام مكّة، وحفلت دار الندوة بوجوه قريش وساداتها، وسمرت مسامر البلدة المقدسة تسترجع قصة الذبيح الأوّل حين مضى به أبوه (إبراهيم الخليل عليه‌ السلام) إلى الجبل كَي يذبحه طاعةً وتعبّدا، فافتداه اللّه بكبش عظيم بعد أن كاد الموت قاب قوسين أو أدنى! إنّها القصّة التي تناقلها الآباء والأجداد جيلاً بعد جيل، تعود فتمثّل على المسرح نفسه، وفي البيت العتيق الذي رفع إبراهيم قواعده وإسماعيل الذبيح المفتدى الأوّل، ولكن المفتدى هذه المرّة هو حفيد أصيل من ذرّية إسماعيل عليه‌السلام. لقد هزّت قصة الفداء قلوب كل المكيّين تعلّقا بالشاب الوسيم فتى هاشم الذي مسّت الشفرة منحره الشريف، لكن اللّه أنقذه بأغلى فدية في ذلك الحين.
أجل استغرقت أفراح زواجه الميمون ثلاثة أيام بلياليها، وكان عبد اللّه أثناءها يقيم مع عروسه الجميلة والميمونة السيدة (آمنة) فتاة قريش في دار أبيها، وعلى عادة القوم(1)، حتى إذا أشرق صباح اليوم الرابع سبقها إلى داره كي يتهيّأ لاستقبال عروسه الملاك. أجل تلقّاها (عبد اللّه) على باب داره متلهّفا مشتاقا إليها! وكان بيته رحبا مريحا لهما، وهنا ترك العريس (عبد اللّه) عروسه في مخدعها مع رفيقاتها من سيدات (آل زهرة) وخرج إلى رحبة داره الواسعة حيث يستقبل ضيوفه الكرام الذين صحبوا عروسه المباركة في قدومها إلى بيته، ومضى وَهْنٌ من الليل والقوم ساهرون يباركون العروسين ويدعون لهما، إذ هما أعزّ من عرفت مكّة حسبا وأعرقهم نسبا  وقد كانت سوداء بنت زهرة الكلابية كاهنة قريش قد رأت السيدة آمنة فقالت: هذه (النذيرة) أو ستلد نذيرا(2). (ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِن بَعْضٍ)(3). وأما زواجهما عليهما‌السلام فكان ليلة الجمعة المصادف عشية عرفة، فما أعظم تلك المناسبتين وما أعظم العروسين!
فهنيئا لك يا آمنة، لقد ظفرت بمن تقطّعت قلوب سيدات مكّة من أجله!! ويذكر بودلي(4) صاحب (كتاب الرسول) عن فتى هاشم: 
إنّ عبد اللّه اشتهر بالوسامة، فكان أجمل الشباب وأكثرهم سحرا وذيوعَ صيتٍ في مكّة، ويقال انّه لمّا خطب السيدة (آمنة) تحطّمت آمال قلوب الكثيرات من سيدات مكّة اللاتي كُنّ يؤمّلنه، فهو حلم عذارى قريش ومرمى آمال الفتيات! الأمر الذي يشير إلى كون عبد اللّه عليه‌ السلام يوسف قريش في اتزانه وجماله.







الهوامش:
(1) عيون الأثر/ ابن سيد الناس ١: ٢٥.
(2) الروض الأنف/ السهيلي ١: ٤١.
(3) سورة آل عمران: ٣/ ٣٤.
(4) تراجم سيدات بيت النبوة/ د. بنت الشاطئ: ١٠٤.




المصدر: من كتاب أمّهات المعصومين عليهم السلام سيرة وتاريخ، عبد العزيز كاظم البهادلي.

التعليقات (0)

اترك تعليق