مُمَهِدَاتْ... وحقيق أن تبادر المرأة المثقّفة الملتزمة الواعية فتمهد الطريق وتفتح الآفاق.

وفاة زوج السيدة آمنة عليهما السلام

وفاة زوج السيدة آمنة عليهما السلام

وفاة زوج السيدة آمنة عليهما السلام: 

سافر عبد اللّه عليه‌السلام إلى الشام على أمل العود إلى عروسه الميمونة، فلمّا وصل إلى يثرب مرض هناك ومات، وقيل: مات بالأبواء بين مكّة والمدينة، ومضى شهر واحد ولم تسمع شيئا عن خبره، وأخيرا عادت قافلة قريش وتعلّقت عينا السيدة آمنة بطرف الباب حتى إذا فتح الباب بعد لحظة طالت كأنّها دهرٌ خذلتها قدماها فوقفت واجمة خائفة! لأنه لم يكن زوجها الحبيب (عبد اللّه) هو الطارق والقادم، بل جاء عمّها الشيخ عبد المطلب في صحبة أبيها ونفر من أهلها الأقربين، وكانت وجوههم واجمة، وكانت بركة أُم أيمن تمشي في أثرهم متخاذلة مطرقة برأسها، تحاول أن تخفي دموعها التي ما برحت أن انهمرت من مقلتيها كالمطر، ثمّ جاء الحارث وحده لينعى أخاه العريس الشاب إلى أبيه الشيخ عبد المطلب وزوجته العروس وبني هاشم وجميع القرشيين.
فأوكلت السيدة آمنة أمرها إلى اللّه صابرة محتسبة، وهنا أتمّت شهرها الثاني، ولكن غائبها لم يعُد ولن يعود ، وكانت عاودتها في لحظات نومها القصيرة رؤيا منبّئة عن جنين عظيم تحمله وتسمع الهاتف يبشّرها بخير البشر!
لم تفتأ السيدة آمنة تذكر زوجها الحبيب وترثيه متوجعة حزينة باكية، ومن قولها في هذه المأساة: 
عفا جانب البطحاء من زين هاشم     وجاور لحدا خارجا في الغماغم 
دعته المنايا دعوة فأجابها وما تركت في الناس مثل ابن هاشم 
عشية راحوا يحملون سريره تعاوده أصحابه في التزاحم 
فإن تكُ غالته المنون وريبها فقد كان معطاءً كثير التراحم(1) 

كما حزن عليه الشيخ عبد المطلب وأهل بيته وذويه حزنا شديدا، ولبست مكّة حينها ثوب الحداد والعزاء على فتى هاشم الذي غالته المنون ولمّا ينتزع عنه ثوب العرس، ولم يمضِ حينها على فدائه إلاّ شهرين وأيام، وكان عمره سلام اللّه عليه يوم وفاته ثمانية عشر عاما، وترمّلت زوجته العروس الشابة وما يزال في يديها خضاب العرس! ولبثت مكّة في الحزن على عبد اللّه شهراً وعدة أيام.







الهامش:
(1) شرح المواهب/ الزرقاني ١: ١٢٠.




المصدر: من كتاب أمّهات المعصومين عليهم السلام سيرة وتاريخ، عبد العزيز كاظم البهادلي.

التعليقات (0)

اترك تعليق