مُمَهِدَاتْ... وحقيق أن تبادر المرأة المثقّفة الملتزمة الواعية فتمهد الطريق وتفتح الآفاق.

ولادة السيدة آمنة لسيد الكائنات محمّد صلى‌ الله‌ عليه‌ وآله

ولادة السيدة آمنة لسيد الكائنات محمّد صلى‌ الله‌ عليه‌ وآله

ولادة السيدة آمنة لسيد الكائنات محمّد صلى‌ الله‌ عليه‌ وآله: 

كانت بلاد الحجاز آنذاك تموج بأقوال مرهصة بنبي منتظر قد تقارب زمانه يتحدّث بها الأحبار من اليهود والرهبان من النصارى والكهان من العرب(1).
لقد تقدّمت بالسيدة آمنة أشهر الحمل، ولم تبق إلاّ أيام قليلة على الولادة المباركة الميمونة، وبينما كانت تنتظر الوليد بجانب البيت الحرام الآمن وإذا بإبرهة الحبشي يهدّد مكّة، فجاء إليها عمّها عبد المطلب طالباً منها أن تتهيأ ليخرج بها وأهلها إلى خارج مكة المعظمة، ولكنّها في نفسها تأبى ذلك إلاّ أن تلد وليدها الحبيب وهي بجنب البيت الحرام، وهكذا عاشت حالتين: حالة التهيأ للرحيل، وحالة التمسّك بالدعاء لتلد حملها بجانب البيت العتيق، وبينما هي كذلك حيث تعيش دوامة اختيار القرار، وإذا بالبشرى تزفّ إليها بأنّ إبرهة وجيشه قد هلكوا وخرجوا يتساقطون بكلّ طريق ويهلكون بأسوء مهلك وإبرهة معهم يتناثر جسمه وتسقط أنامله. فأقبلت قريش على كعبتها المقدسة تطوف بها حامدة شاكرة، وتجاوبت أرجاء البلد الحرام بدعوات المصلّين وأناشيد الشعراء.
وبلغت البشرى مسامع السيدة آمنة، فأشرق وجهها بنور اليقين والإيمان، وأحسّت غبطة عامرة أن استجاب اللّه عز وجل دعاءها بأن تلد وليدها المقدّس الطاهر بجنب بيته الحرام، وجاءها المخاض في أول السحر من ليلة الاثنين وهي وحيدة في منزلها وليس معها إلاّ جاريتها، فأحسّت ما يشبه الخوف، لكنها ما لبثت أن شعرت بنور يغمر دنياها، ثمّ بدا لها كأن جمعا من النساء يحضرنها ويحنون عليها فحسبتهن من القرشيات الهاشميات، ولكنها أدركت أنهن لسن كذلك، بل كُنَّ مريم بنت عمران، وآسيا بنت مزاحم، وهاجر أُم إسماعيل عليهن السلام، وتوارت الأطياف النورانية السارية حين لم تعد السيدة (آمنة) وحدها، أجل فقد كان وليدها المبارك محمّد صلى‌ الله‌ عليه‌ وآله إلى جانبها يملأ الدنيا حولها نورا واُنسا وجمالاً، ومضت ترنو إلى طلعته البهيّة وكيانه المشرق، وتذكر به ذلك السيد الحبيب الذي أودعه إيّاها ثمّ رحل إلى غير عودة سلام اللّه عليه.







الهامش:
(1) السيرة النبوية/ ابن هشام ١ـ ٢: ٢٠٤.



المصدر: من كتاب أمّهات المعصومين عليهم السلام سيرة وتاريخ، عبد العزيز كاظم البهادلي.

التعليقات (0)

اترك تعليق