زوجة الشهيد مطهري تتحدث عن الأيام الأخيرة من حياة زوجها ومعرفتها باستشهاده
س: حدثينا عن الأيام الأخيرة من حياة المطهري ومتى عرفت باستشهاده؟
ج: كان الشيخ رؤوفاً رحيماً على الدوام، ولكنه كان في تلك الأيام كان أكثر رأفة وأعظم رحمة، كان إذا ألّمت به معضلة أو مشكلة شاهد –على الأغلب- الرسول الأكرم(ص) في عالم الرؤيا فيهديه إلى حلّها.
وقبل استشهاده ببضع ليالٍ، كنا نائمين فاستيقظت على استيقاظ الشيخ بصورة غير عاديّة، فسألته عن ذلك.
فقال: لقد رأيت الآن –في عالم الرؤيا- أنني والسيد الخميني كنّا نطوف حول الكعبة عندما التفتُّ إلى أن الرسول الأعظم يتجه نحوي بسرعة وعندما اقترب منّي، تراجعت إلى الوراء –احتراماً للسيد الخميني- وأشرت إلى السيّد وقلت:
"يا رسول الله: السيد من ذريتكم" فاقترب(ص) من السيد الخميني وقبّله من وجهه، ثم اقترب(ص) مني وقبّلني من وجهي ثم وضع شفتيه على شفتيّ ولم يرفعهما، فاستيقظت من شدة اللهفة وما زلت إلى الآن أحسُّ بدفء شفتي النبي الأكرم(ص) على شفتي؛ ثم سكت الشيخ هنيهة ليستأنف حديثه قائلاً: "إنني واثق من أنّ حادثاً مهماً سيقع لي عن قريب".
فقلت له: "كلا.. إن شاء الله، هذا هو تأييدٌ من الرسول الأعظم لمحاضراتك وكتاباتك".
ومرت بضعة أيام، حتى جاءت ليلة الأربعاء فقال لي بعد أن صلّى المغرب والعشاء أنه ذاهب إلى منزل الدكتور سحابي ليحضر اجتماعاً هناك ثم يعود إلى المنزل. فذهب وصادف أن جاء ابننا الأوسط من تبريز حيث كان يدرس في جامعتها آنذاك. كانت الساعة في حدود الحادية عشرة مساء عندما اتصل الدكتور سحابي بنا هاتفياً ليقول إن الشيخ لن يعود إلى المنزل هذه الليلة وسيبقى هناك. فاستغربت لذلك لأن الشيخ لم يكن يبيت خارج المنزل عند أحدٍ أبداً اللهم إلا في بيت الإمام الخميني أو عندما كان يأتي الشيخ المنتظري إلى طهران. فقلت للدكتور سحابي "لماذا لا يعود الشيخ؟! وهو لا يبقى خارج منزله ليلاً أبدا" فتلعثم الدكتور ثم قال: "لقد أصيب برصاصة وهو يرقد الآن في مستشفى (طرفة)، فتعالوا إلى هنا".
ثم استدعيت ابني وقلت له "لنذهب إلى مستشفى(طرفة) فقد اغتيل والدكم". ذهبنا بسرعة والألم يعتصرنا إلى المستشفى، وعند بابها سألت أحد حراس الثورة "ألم يجلبوا إلى هنا أحد العلماء أصيب برصاصة؟ فقال بحزن ولوعة: نعم ... لقد صُرع رجل إلهي، لقد صُرع أحد العظماء..."، فقلقت للغاية، عندها انتبه إلى أننا من أرحام الشيخ، فسارع إلى القول باضطراب "لا تقلقوا.. فلم يحدث شيء مهم، لقد أصابت الرصاصة كتفه"، فصدقت قوله وطلبت أن يدلّني على غرفته لأراه. فدخلنا غرفة وجلسنا فيها ثم دخلت ثلاث نساء عرفت فيما بعد أنهن من أرحام الدكتور سحابي، وقلن لي: هل أنت زوجة الشهيد المطهري"، أجبت "نعم"، فقدّمن التعازي وأنا غير مصدّقة حتى قلن إن الشيخ قد استشهد، فانقلب حالي بالكامل...
وبعد فترة قلت لولدي لنعد إلى المنزل وكان مضطرباً يعصره الألم والذهول حتى أنه أضاع مفاتيحه، وعلى أيّ حال أوصلونا للمنزل في حدود الساعة الواحدة بعد انتصاف الليل فرأيت أن كافة الأزقة المحيطة بالمنزل قد احتشدت فيها الجموع الباكية.
وفور وصولنا المنزل دقّ جرس الهاتف حيث كان المتحدث أحد أهل العرفان من أصدقاء الشيخ، سألني عن أحوال الشيخ مطهري فأخبرته باغتياله، فانقلب حاله.
وقال: "لقد اتصلت بي قبل قليل إحدى الأخوات التي تحضر دروسي وقالت: في الساعة الحادية عشرة من هذه الليلة رأيت في عالم الرؤيا –قبراً أخضر يشيرون إليه ويدعونني لزيارته فسألت عن صاحبه، فقالوا إنه قبر الحسين(ع)، ثمّ أشاروا إلى قبر أخضر آخر بجانبه ودعوني لزيارته، فسألتُ عن صاحبه أيضاً فقالوا إنه قبر الشيخ المطهري!!
ثمّ شاهدتهم يعرجون بالمطهري إلى محل واسع رحب وهناك أشاروا إلى عرش نوراني غاية في الجمال، اصطّفت حوله مجموعة تقول: "هذا مقام أولياء الله" وتردد الصلوات على الرسول وآله، ثمّ دخل الشيخ المطهري وجلس على هذا العرش، فاقتربت منه وسألته: ماذا تفعل هنا؟! فأجاب: لقد جئت للتو؛ لقد طلبت من الله تعالى أن يرزقني مقاماً سامياً فمنّ عليّ بـ"مقام سام" ثم استيقظت هذه الأخت عند هذه العبارة".
وتبين فيما بعد أنها رأت هذا الحلم بالضبط في زمن استشهاد الشيخ نفسه.
من نص مقابلة مع زوجة الشهيد الدكتور مرتضى مطهري.
المصدر: حكايات وعبر من حياة الشهيد الأستاذ مرتضى مطهري، حيدر بلال البرهاني. ط1، دار الحوراء، بيروت، لبنان، 1432هـ- 2011م.
اترك تعليق