مُمَهِدَاتْ... وحقيق أن تبادر المرأة المثقّفة الملتزمة الواعية فتمهد الطريق وتفتح الآفاق.

رثاء الشريف الرضي لأمه

رثاء الشريف الرضي لأمه

رثاء الشريف الرضي لأمه:

أبكيك لو نقع الغليل بكائي ***** وَأقُولُ لَوْ ذَهَبَ المَقالُ بِدائي
وَأعُوذُ بالصّبْرِ الجَميلِ تَعَزّياً ***** لَوْ كَانَ بالصّبْرِ الجَميلِ عَزائي
طوراً تكاثرني الدموع وتارة ***** آوي الى اكرومتي وحيائي
كم عبرة موهتها باناملي ***** وسترتها متجملاً بردائي
ابدي التجلد للعدو ولو درى ***** بتَمَلْمُلي لَقَدِ اشتَفَى أعدائي
ما كنت اذخر في فداك رغيبة ***** لو كان يرجع ميت بفداءِ
لو كان يدفع ذا الحمام بقوة ***** لتكدست عصب وراءَ لوائي
بِمُدَرَّبِينَ عَلى القِرَاعِ تَفَيَّأُوا ***** ظِلَّ الرّمَاحِ لكُلّ يَوْمِ لِقَاءِ
قَوْمٌ إذا مَرِهُوا بِأغبابِ السُّرَى ***** كَحَلُوا العُيُونَ بإثمِدِ الظّلْمَاءِ
يَمشُونَ في حَلَقِ الدّرُوعِ كأنّهُمْ ***** صم الجلامد في غدير الماءِ
ببروق ادراع ورعد صوارم ***** وغمام قسطلة ووبل دماءِ
فَارَقْتُ فِيكِ تَماسُكي وَتَجَمّلي ***** ونسيت فيك تعززي وابائي
وَصَنَعْتُ مَا ثَلَمَ الوَقَارَ صَنيعُهُ ***** مما عراني من جوى البرحاءِ
كم زفرة ضعفت فصارت انة ***** تَمّمْتُهَا بِتَنَفّسِ الصُّعَداءِ
لَهفَانَ أنْزُو في حَبَائِلِ كُرْبَة ***** مَلَكَتْ عَليّ جَلادَتي وَغَنَائي
وجرى الزمان على عوائد كيده ***** في قلب آمالي وعكس رجائي
قَدْ كُنتُ آمُلُ أنْ أكونَ لكِ الفِدا ***** مِمّا ألَمّ، فكُنتِ أنْتِ فِدائي
وَتَفَرُّقُ البُعَداءِ بَعْدَ مَوَدَّة ***** صعب فكيف تفرق القرباءِ
وَخَلائِقُ الدّنْيَا خَلائِقُ مُومِسٍ ***** للمنع آونة وللاعطاءِ
طوراً تبادلك الصفاء وتارة ***** تَلْقَاكَ تُنكِرُهَا مِنَ البَغضَاءِ
وَتَداوُلُ الأيّامِ يُبْلِينَا كَمَا يُبلي ***** الرّشَاءَ تَطاوُحُ الأرْجَاءِ
وَكَأنّ طُولَ العُمْرِ روحَة رَاكِبٍ ***** قضى اللغوب وجد في الاسراءِ
أنْضَيتِ عَيشَكِ عِفّة وَزَهَادَة ***** وَطُرِحْتِ مُثْقَلَة مِنَ الأعْبَاءِ
بصِيَامِ يَوْمِ القَيظِ تَلْهَبُ شَمْسُهُ ***** وقيام طول الليلة الليلاءِ
ما كان يوما بالغبين من اشترى ***** رغد الجنان بعيشة خشناءِ
لَوْ كَانَ مِثلَكِ كُلُّ أُمٍّ بَرّة ***** غني البنون بها عن الآباءِ
كيف السلو وكل موقع لحظة ***** اثر لفضلك خالد بازائي
فَعَلاتُ مَعرُوفٍ تُقِرّ نَوَاظِرِي ***** فَتَكُونُ أجْلَبَ جالِبٍ لبُكائي
مَا مَاتَ مَنْ نَزَعَ البَقَاءَ، وَذِكْرُهُ ***** بالصّالحاتِ يُعَدّ في الأحْيَاءِ
فبأي كف استجن واتقي ***** صَرْفَ النّوَائِبِ أمْ بِأيّ دُعَاءِ
ومن الممول لي اذا ضاقت يدي ***** ومن المعلل لي من الادواءِ
ومن الذي ان ساورتني نكبة ***** كَانَ المُوَقّي لي مِنَ الأسْوَاءِ
أمْ مَنْ يَلِطّ عَليّ سِتْرَ دُعَائِهِ ***** حَرَماً مِنَ البَأسَاءِ وَالضّرّاءِ
رُزءانِ يَزْدادانِ طُولَ تَجَدّدٍ ***** أبَدَ الزّمَانِ: فَناؤها وَبَقائي
شهد الخلائق انها لنجيبة ***** بدَليلِ مَنْ وَلَدَتْ مِنَ النُّجَبَاءِ
في كل مظلم ازمة أو ضيقة ***** يَبْدُو لهَا أثَرُ اليَدِ البَيْضَاءِ
ذَخَرَتْ لَنا الذّكرَ الجَميلَ ***** إذا انقضَى ما يذخر الآباء للابناءِ
قَدْ كُنْتُ آمُلُ أنْ يَكُونَ أمامَها ***** يومي وتشفق ان تكون ورائي
آوي الى برد الظلال كأنني ***** لِتَحَرّقي آوِي إلى الرّمضَاءِ
واهب من طيب المنام تفزعاً ***** فزع اللديغ نبا عن الاغفاءِ
آبَاؤكِ الغُرّ الّذِينَ تَفَجّرَتْ ***** بِهِمُ يَنَابيعٌ مِنَ النّعْمَاءِ
مِنْ نَاصِرٍ للحَقّ أوْ داعٍ إلى ***** سبل الهدى أو كاشف الغماءِ
نزلوا بعرعرة السنام من العلى ***** وَعَلَوا عَلى الأثْبَاجِ وَالأمْطَاءِ
من كل مستبق اليدين الى الندى ***** وَمُسَدِّدِ الأقْوَالِ وَالآرَاءِ
يُرْجَى عَلى النّظَرِ الحَدِيدِ تَكَرّماً ***** ويخاف في الاطراق والاغضاءِ
دَرَجُوا عَلى أثَرِ القُرُونِ وَخَلّفُوا ***** طُرُقاً مُعَبَّدَة مِنَ العَلْيَاءِ
يا قبر امنحه الهوى واود ***** لو نزفت عليه دموع كل سماءِ
لا زَالَ مُرْتَجِزُ الرّعُودِ مُجَلْجِلٌ ***** هَزِجُ البَوَارِقِ مُجلِبُ الضّوْضَاءِ
يرغو رغاء العود جعجعه السرى ***** وَيَنُوءُ نَوْءَ المُقرِبِ العُشَرَاءِ
يقتاد مثقلة الغمام كانما ***** ينهضن بالعقدات والانقاءِ
يهفو بها جنح الدجى ويسوقها ***** سوقَ البِطَاءِ بِعاصِفٍ هَوْجَاءِ
يرميك بارقها بافلاذ الحيا ***** وَيَفُضّ فِيكَ لَطائِمَ الأنْداءِ
متحلياً عذراء كل سحابة تَغْذُو ***** الجَمِيمَ برَوْضَة عَذْرَاءِ
للومت ان لم اسقها بمدامعي ***** وَوَكلْتُ سُقْيَاهَا إلى الأنْوَاءِ
لهفي على القوم الالى غادرتهم ***** وعليهم طبق من البيداءِ
مُتَوَسّدِينَ عَلى الخُدُودِ كَأنّمَا ***** كرعوا على ظمأ من الصهباءِ
صور ضننت على العيون بلحظها ***** أمْسَيْتُ أُوقِرُها مِنَ البَوْغَاءِ
وَنَوَاظِرٌ كَحَلَ التُّرَابُ جُفُونَها ***** قد كنت احرسها من الاقذاءِ
قربت ضرائحهم على زوارها ***** ونأوا عن الطلاب اي تنائي
وابئس ما تلقى بعقر ديارهم ***** أُذْنُ المُصِيخِ بِهَا وَعَينُ الرّائي
معروفك السامي انيسك كلما ***** وَرَدَ الظّلامُ بوَحشَة الغَبْرَاءِ
وضياءُ ما قدمته من صالح لك ***** في الدجى بدل من الاضواءِ
إنّ الذي أرْضَاهُ فِعلُكِ لا يَزَلْ ***** تُرْضِيكِ رَحْمَتُهُ صَبَاحَ مَسَاءِ
صَلّى عَلَيكِ، وَما فَقَدْتِ صَلاتَهُ ***** قَبلَ الرّدَى، وَجَزاكِ أيّ جَزَاءِ
لَوْ كَانَ يُبلِغُكِ الصّفيحُ رَسَائِلي ***** او كان يسمعك التراب ندائي
لَسَمِعتِ طُولَ تَأوّهي وَتَفَجّعي ***** وعلمت حسن رعايتي ووفائي
كَانَ ارْتِكاضِي في حَشاكِ مُسَبِّباً ***** رَكضَ الغَليلِ عَلَيكِ في أحشائي


مقتبس من ديوان الشريف الرضي

المصدر: موقع قناة الكوثر.

التعليقات (0)

اترك تعليق