مُمَهِدَاتْ... وحقيق أن تبادر المرأة المثقّفة الملتزمة الواعية فتمهد الطريق وتفتح الآفاق.

سر حب النبي (صلی الله علیه وآله) لفاطمة (علیها السلام)

سر حب النبي (صلی الله علیه وآله) لفاطمة (علیها السلام)

سر حب النبی (صلی الله علیه و آله) لفاطمة (علیها السلام) 

«إذا اشتقت إلى الجنة قبّلْتُ نحرَ فاطمة»{1}.
کتب کل المؤرخین وأرباب الحدیث أنّ للرسول (صلی الله علیه و آله) علاقةً عجیبةً بابنته فاطمة (علیها السلام) بدیهی أن علاقة النبی الکریم (صلی الله علیه و آله) بفاطمة (علیها السلام) لم تکن علاقة الوالد بولده، رغم أنَّ هذه العاطفة مکونة فی وجود الرسول (صلی الله علیه و آله)، إلّا أن حدیثه وعبارته عن تلک العلاقة تشیر إلى وجود معاییر أخرى. ونکتفی هنا بالاشارة إلى بعض الروایات التی صرحت بها مصادر الفریقین.
1ـ «ما کان أحد من الرجال أحب إلى رسول اللّه من علیٍّ ولا من النساء أحب إلیه من فاطمة»{2}. 
الطریف أن جمعاً کبیراً من أرباب الحدیث قد روى هذا الحدیث نقلاً عن عائشة.
2 ـ عند ما نزلت الآیة الشریفة: (لا تَجْعَلوا دعاء الرّسولِ بینَکم کدعاء بعضکم بعضاً){3}.
لم یخاطب المسلمون الرسول (صلی الله علیه و آله) باسمه، بل أخذوا ینادونه یا رسول اللّه أو یا أیها النّبی ـ تقول فاطمة (علیها السلام) لمّا نزلت الآیة الشریفة هبت رسول اللّه أن أقول له یا أبه. فکنت أقول: یا رسول اللّه، فأعرض عنی مرةً واثنین أو ثلاثاً، ثم أقبل علیَّ فقال: یا فاطمة إنّها لم تنزل فیک ولا فی أهلک ولا فی نسلک، أنت منی و أنا منک، إنّما نزلت فی أهل الجفاء والغلظة من قریش، أصحاب البذخ والکبر ثم أضاف هذه العبارة الروحیة العجیبة قولی یا أبه فإنّها أحیى للقلب وأرضى للرّب»{4}. 
لقد کان لصوت فاطمة (علیها السلام) الحنون وهی تردد «یا أبتاه» وقعاً مؤثراً فی نفس الرسول (صلی الله علیه و آله) کوقع أمواج النسیم على البراعم المتفتحة.
3 ـ جاء فی حدیثٍ آخر : «کان رسول اللّه (صلی الله علیه و آله) إذا سافر کانت آخر الناس عهداً به فاطمة وإذا رجع من سفره کانت علیها أفضل الصلاة أوّل الناس عهداً به»{5}.
4 ـ نقل کثیر من محدثی الشیعة والسنّة حدیثاً للرسول (صلی الله علیه و آله) قال فیه : «من آذاها فقد آذانی ومن أغضبها فقد أغضبنی من سرها فقد سرنی ومن سائها فقد سائنی».
لا شک أن حرمة الزهراء (علیها السلام) ورفعتها انما تعود لسمو شخصیتها وسمو مکانتها واخلاصها وعلو ایمانها وعبودیتها، ولا غرو فهی أم الائمة و زوج أمیر المؤمنین علیّ بن أبی طالب (علیه السلام) .
لکنّ الرسول (صلی الله علیه و آله) أراد أن یفهم المسلمون حقیقة أخرى ویفصح عن رأی الاسلام بشأن أمر آخر فیخلق ثورة فکریة و ثقافیة فی ذلک الوسط فیقول : البنت لیست کائنا یجب أن توأد.
أنظروا ... أنی أقبل ید ابنتی، واجلسها مکانى، وأکن لها عظیم احترامی وتقدیری.
البنت إنسان کسائر الناس، نعمة من نعم الخالق، وموهبة إلهیة.
وأنها کأخیها الرجل فی سیرها نحو الکمال والقرب الالهی، وهکذا أعاد رسول اللّه (صلی الله علیه و آله) للمرأة شخصیتها التی تصدعت في ذلك الوسط المظلم.


المصدر: الزهراء (سلام الله عليها) سيدة نساء العالمين، سماحة آية اللّه العظمى الشيخ ناصر مكارم الشيرازى، تعريب: عبد الرحيم الحمراني.



التعليقات (0)

اترك تعليق