علّمينـا
علّمينـا
علّمينـا فقـد سئمنـا الهـوانــا
كيـف يرقـى إلـى عـلاك مـدانـا
كيــف نسمـو إليـك يحـدو بنا الشـوق،
ويعلــو ذرى النجـوم علانـا
كيـف نحيـا وفوقـنـا يهتـف العزّ
وتمـشـي نحــو السمـاء خطـانـا
ونــواري بعـزمنـا وإبـانــا
حاضـراً عاثـر الخطـى خـزيـانـا
عقمـت فيـه للفضيلــة رحــمٌ
وانطـوى أمسـه العزيـز مَهانـــا
كيـف شاخت بنـا الأماني وكانت
صرخـات الأمجـاد رجـع صـدانـا
كيف أودى بنـا الشتـات وعدنـا
يعثـر الـدرب والطريـق ســرانـا
كيــف يدنـو إلى رحابـك فكـرٌ
شلّـهُ الوهـم فانطـوى واستكانـــا
ويغنـي -كمـا أردت- يـراعٌ
نسـل الخـوف من لهـاه اللســانـا
علمينــا فقـد تهــاوى علانـا
وكبــا المجـد صاديــا ظمــآنـا
يا ابنة المصطفى وغرس المعالـى
وصـدى الحـق فـي ضميـر سمـانا
وصـدى الحـق لــم يـزل يمـلأ الآفـاق
شـدواً ويـرهــف الآذانــا
ونسيـج العفـاف تغــزل منـه
مريـم الطهــر للتـقــى أردانــا
لك فـي خاطـر المحبـيـن يـوم
مَـلِك القلـب منهـم والجنــانـــا
كــم وقـفنــا عليـه نستـلهـم الذكرى
ونُحيـي شـروقـه مهرجـانـا
ونساقيـه من كؤوس القوافـي
خمــرة الحـب والوفـاء دنـانــا
ونفــدّيـه بالنفـــوس إذا مـا
أمــل البغــي أن يهـض ولانــا
طالعـتـنـي ذكــراه تفتــرش الأفـق
علـى مفرق الــرؤى عنوانــا
ومشـت بـي إلى الوراء عصوراً
شمـت فيهـا وجـه النبــي عيانـا
حيث أحنـى عليك مذ لحت نـوراً
منه يضفـي علـى المـدى إيـوانـا
ورأى فيــك للــرسـالــة ينـبـوعـاً
سيثري معينــه الأزمـانــا
وتباهـي بـك الوجــود ولـم لا
حيـث لـولاك مـا استقـام وكانــا
وتلــقّـاكِ طرفــه راعـف الجفــن
وقد كـان خاشعــاً وسْـنـانــا
فنـثــرتِ الرجــاء فـي نفسـه الحيرى
وأثلـجـــتِ قلبــه الحرّانـا
وفـرشـتِ الغــد المـهـوّم في الأفـق
على ضفــة الـرؤى ريحانــا
يا ابنة المصطفى وحسـب منانــا
أن يـرى عنـدك الـولاء مكــانـا
أتمــلاّك همـسـة مـن جنــون
العـشـق تحدو بخافـقـي ألحـانــا
أسرت باحـة الفـؤاد فأرخـــى
فـي يديهـا كمـا تحـبّ العنــانـا
أرهقــت كبـريـاؤهـا عنـت الدهــر
وأوهى صمـودها الأزمـانــا
كلّمـا شفّـهـا الغــرام تغـنّـتْ
فأهـاجـت بشــدوها الأكـوانـــا
وإذا مسّـهـا الشعــور تـراءتْ
فكــرة تمــلأ الوجــود بيـانــا
أتعبـت مبدعـاً وأقصـت يراعـاً
وأهاضـت فكــراً وشلّـت لسـانـا
يـا ابنـة المصطفـى ستبقين درباً
يهـب السائريــن فيـه الأمـانــا
وستبـقى ذكـراك في مسمع الدهر
نـشيــداً حلــو البيـان مصانــا
كلمـا راعهـا المخـاض بصبـحٍ
رقـص الدهـر حـولـه نشـوانــا
وإذا أبطــأ الزمــان أطـلّـت
من كُوى الخلد تستـحـثّ الزمـانــا
واحتضان الرسالـة البِكـر طفـلاً
ذبــت فيهـا مــــودةً وحنـانـا
فزكـت بـذرةً وطابـت جـذوراً
واشرأبت عبــر المـدى أغصـانـا
ورمــال البطـحــاء تحـضـن للتـاريخ
فصــلاً مضمـخـاً أشجـانــا
كم شربنـا بـه الضنـى وحملنـا
غصـص الدهـر في الحشا بركانــا
واحتمـلنـا بــه الهجـيـر وأرضُ
الحقــد تغـلـي رمالهــا نيـرانـــا
وعبـرنــا بــه الريــاح فمــا هيــض
جنــاح ولا خفـضنـا بنـانا
والهـديـر الــذي مــلأ الأرض دويــاً
قـــد استـحــال دخـانـــا
شفيق العبادي
المصدر: fajernet.net
اترك تعليق