مُمَهِدَاتْ... وحقيق أن تبادر المرأة المثقّفة الملتزمة الواعية فتمهد الطريق وتفتح الآفاق.

لقد سمعت باسم ذلك الرجل العظيم وتيقنت بأنه مولاي صاحب الزمان(عج)

لقد سمعت باسم ذلك الرجل العظيم وتيقنت بأنه مولاي صاحب الزمان(عج)

قال المرحوم سماحة أية الله الشيخ العراقي في كتاب (دار السلام):
كنت في منزل السيد إسماعيل خان نوائي الكائن في طهران، فقص عليّ هذه القصة: كانت والدتي امرأة ديّنة صالحة ومرموقة بين النساء الصالحات في زمانها، كما كانت مجتهدة للغاية في أداء الطاعات والعبادات وترك المعاصي. وحينما وفقنا لأداء فريضة الحج معاً، ثم رجعنا سالمين إلى ديارنا، حكت لي والدتي قصتها، فكانت على النحو التالي: بعد الوصول إلى الميقات ولبس ثياب الإحرام لأداء عمرة التمتع ودخول مكة المكرمة، فاجأنا وقت الطواف بصورة لو تأخر قليلاً لفات الوقوف الاختياري في عرفة وتحول إلى الوقت الاضطراري، ولذلك فقد خيّم الاضطراب على قضية إتمام الطواف والسعي بين الصفا والمروة، فكان أكثر الأشخاص مسنين بما فيهم المرافقون لنا في مناسك حجنا والمعلم الذي استأجرناه ليرشدنا إلى أداء الأعمال، قد أدينا الطواف والسعي بعجلة تامة بشكل كنا فيه مضطربين قلقين، وكأنما حل يوم القيامة كما جاء في القرآن الكريم: «يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ».
وحيث كانت والدتي ورفيقاتها منشغلات بأنفسهن، فكأنهن غفلن عني، وتنبهت في تلك الأثناء أنني لوحدي، مهما ركضت وصرخت، لم أعثر على أحد، إذ كان كل منهم وسائر الحجاج مهتماً بنفسه وأداء مناسكه، إضافة إلى أن ازدحام الحجاج منع حركتي وضيّق علي، وكان من غير الممكن تقريباً العثور على من أريد بينما الحجاج كلهم يرتدون شكلاً و لوناً واحداً من الثياب. وإذا لم أعثر على معلم المناسك، ظننت أن حجي سيبطل إذ أنني سأترك الطواف, وينبغي أن أبقى حتى السنة القابلة, أو أعود إلى مكة المكرمة مرة أخرى، بهذا الظن كدت أفقد صوابي وتحبس أنفاسي في صدري، فأموت! وأخيراً استطعت أن أصل إلى ناحية من المسجد الحرام بعد أن اجتزت أمواج الطائفين, وبعد صراخي على أصحابي ويأسي من العثور عليهم، أخذت أتوسل بالأنوار القدسية وبأرواح الأئمة المعصومين(ع), ثم وجدتني أقول: يا صاحب الزمان أدركني... ووضعت رأسي, رأيت شاباً نورانياً يرتدي ثياب الإحرام يقترب مني ويقول: انهضي وطوفي..! فسألته: وهل أرسلتك والدتي؟ فأجاب: كلا. قلت: كيف أطوف وأنا لا أعرف الطريقة؟ قال: تعالي معي أينما أذهب واعملي كما أعمل, لا تخافي وكوني قوية القلب.
وبعد مشاهدة هذه الحالة واستماعي لحديث ذلك الرجل العظيم, ذهب عني كل حزن وغم كان يلم بي, وقد قوي بدني, فقمت وتبعته... فرأيت ما زاد من تعجبي, فكأنه كان إلى أية ناحية يتجه يفتح الناس له الطريق ويقهر الحجيج بين يديه, حتى وصل إلى الحجر الأسود, فقبله وأشار إلي أن أقبله ففعلت. وهو حينما بلغ المقام الأول للطواف أمرني بتجديد النية وقبل الحجر مرة أخرى, وكذلك فعل حتى أتم سبعة أشواط, وفعلت مثله..
ولا شك أن هذه السعادة لا تكون نصيب أي كان, لاسيما إذا تم الأداء دون مزاحمة تذكر. ثم إنه توجه إلى المقام لأداء الصلاة الطواف, فتوجهت خلفه, ثم قال: لي بعد إتمام الصلاة: لقد أنهيتي أعمال الطواف. ولأداء الشكر والتقدير, قدمت له عدة قطع ذهبية كنت أحملها، مع كلمات الاعتذار. فقال لي: لم أفعل ذلك من أجل الدنيا, ثم أشار إلى ناحية من النواحي وقال: إن أمك ورفاقك هناك, فاذهبي والتحقي بهم. وعندما التفت إلى جهتهم ورأيتهم، عدت بنظري إلى حيث كان, فوجدته قد غاب واختفى عني... فأسرعت إلى اللحاق بهم, ورأيتهم قد حزنوا لضياعي, وحينما رأتني والدتي سرت بي كثيراً وسألتني عن حالتي, فقصصت عليهم الحادثة, فتعجبوا لها, لاسيما قضية تقبيل الحجر الأسود في كل شوط وعدم وجود الازدحام، لقد سمعت باسم ذلك الرجل العظيم وتيقنت بأنه مولاي صاحب الزمان(عج).

التعليقات (0)

اترك تعليق