الجندر مفهومه وأهدافه وموقف الإسلام منه1
اولاً: مفهوم الجندر :
مفهوم الجندر: يعني لغة ومفهوماً: (الجنس) المتعلق بمكونات الذكورة والأنوثـة بالدرجة الأولـى.
وقد استعير من البيولوجيا، وأن الجندر هو الوجه الاجتماعي الثقافـي للانتماء الجنسـي.
أو هو الهواية الجنسـية للفرد كذكر أو أنثـى، كما تحددها الثـقافة والمجتمع.
وعلى ضوء هذا المفهوم للجندر، تم عملية اشتقاق كل المضامين والدلالات الاجتماعية الأخرى للوظيفة والدور، ومن منطلق نفس الفروق واختلاف القدرات بيلوجياً بين الجنسين تأتي رفض الدعوة إلى رفض التمييز والفروق الاجتماعية والأدوار والوظائف بين الذكر والأنـثى.
ثانياً: منشــأ هذه الدعوة:
بدأ الجدل حول هذا المفهوم منذ أواخر السبعينات للقرن الماضـي، ومن منطلق الدعوة للانحياز المباشر والضمني لتعزيز موقف المرأة وحقوقها الماسة في المجتمع المعاصر.
وقد انطلقت هذه الدعوة، من عمق الحداثة الأوروبية والأمريكية، وكانت واضحة من خلال أنشـطة الهيئات والمنظمات الدولية، وخاصة في أوساط مجتمعات الدول النامية.
وقد عقدت لهذه الدعوة عدة مؤتمرات وفعاليات عالمية ودولية من أهمها:
(1) مؤتمر القاهرة عام 1994 م.
(2) مؤتمر بكين عام 1995 م.
(3) مؤتمر بكين +5 عام 2000م.
(4) مؤتمر المرأة الذي نظّمه مركز الدراسات النسوية بجامعة صنعاء عام 2000 م.
(5) مؤتمر عمان عام 2001 م.
و كانت أهداف تلك المؤتمرات واضحة جداً في الدعوة إلى إزالة الفوارق بصفة عامة بين الذكور والإناث، واتـهام المجتمعات الشـرقية (الدول الإسـلامية) بالتخلف الثـقافي الجنسي، والحديث عن اضطهاد المرأة في تلك المجتمعات.
وقد قوبلت تلك الأطروحات بالرفض من المجتمعات الإسـلامية الغيورة على دينها وفطرتها السليمة، ولُطّخت سمعة هذا المصطلح، واحترقت شخصيات الداعين إليه كما حصل في اليمن للقائمين على مركز الدراسات النسوية بجامعة صنعاء، وفرارهم إلى خارج اليمن، وإنشــاء مراكز مماثلة هناك.
ثالثاً: النوع الاجتماعي وعلاقته بالجندر:
بعد الفشل الذي أصاب مفهوم الجندر في العالم الإسلامي، حاول المهتمون بقضايا المرأة والجندر تغيير صورتهم الشنيعة إلى صورة مقبولة إلى حد ما في داخل المجتمعات الإسـلامية، وكان من أهم قرارات مؤتمر القاهرة عام 1994 م إعادة طرح موضوع الجندر من جديد ولكن باسم آخر مقبول إلى حد ما هو: "النوع الاجتماعي".
رابعا: مفهوم النوع الاجتماعي عند الجندريين ؟!
" النوع الاجتماعي لا يتعدى بالنسبة لكثير من المهتمين والمعجبين بالجندر أكثر من مجرد ترجمة لكلمة الجندر الإنجليزية، أو مجرد غطاء شكلي للستر على ما قد لحق بمفهوم الجندر من سوء السمعة في المنطقة العربية والإسلامية بالذات .غير أنه يوجد هناك فريق من الجندريين المعتدلين حاول مسك الوسط، وحاول إزالة السمعة السيئة عن الجندر وأصحابه، وقسموا مفهوم النوع إلى قسمين.
1- النوع البيولوجي: وهو يعني المعنى اللغوي والموضوعي للذكورة والأنوثة، وهذا النوع هو الذي يمكن تمييزالرجل عن المرأة باختلاف الخواص البيولوجية لكل منهما.
2- النوع الاجتماعي: وهو الأدوار والوظائف الاجتماعية التي لا علاقة لها بالنوع البيولوجي، وهذا هو الذي يجب عدم التمييز بين الرجال والنساء فيه فهـم متحدون تماماً، فبإمكان الرجل أن يقوم بجميع أدوار المرأة الاجتماعية، والمرأة تقوم بجميع أدوارالرجل الاجتماعي دون استثناء.
من خلال ما سبق:
يتضح أن الجندر والنوع الاجتماعي وجهان لعملة واحدة، غير أن النوع الاجتماعي جاء بثوب عربي مهجن، كغيره من المصطلحات المعاصرة التي حاول أذيال الغرب في بلاد الإسـلام تهجينها مثل الاشتراكية الإســلامية – الديمقراطية الإســلامية...... الخ؛ والجندر أتى بثوب غربي صرف.
خامساً: أهداف الجندر أو ((النوع الاجتماعي)) وآثاره على المجتمع المسلم.
الهدف الأول: التشكيك في كثير من ثوابت المجتمع المســـلم، العقدية، والفطرية ،والأخلاقية والسلوكية:
وذلك من خلال القول بالتفرقة بين: (النوع البيولوجي) و(النوع الاجتماعي)، وأنهما مختلفان تماماً ولا علاقة لأحدهما بالآخر، حيث يقرر الجندريون: أن النوع البيولوجي ثابت، والنوع الاجتماعي متغير، ومكتسب، وحصروا مفهوم النوع البيولوجي: في الذكورة والأنوثة وما يتعلق بهما من خصائص الحمل والولادة والتناكح والتناسل فقط. والنوع الاجتماعي: فيما عدا ذلك من صفات وأدوار ووظائف متعلقة بالرجل والمرأة على حد سواء، وهذا يعني التشكيك في الثوابت والخصائص المتعلقة بالمرأة، وكذا التشكيك في الثوابت والخصائص المتعلقة بالرجل وأنها في وجهة نظرالجندريين لا تعدو أن تكون أدوار ووظائف مكتسبة ومتغيرة، بناء على هذا المفهوم يطالب الجندريون بإعادة النظر فيما يلي:
أ – مفهوم الرجال والنساء.
ب- مفهوم الأمهات والآباء.
ج- مفهوم الأبناء والبنات.
ويدعون إلى قلب هذه المفاهيم بناء على نظرية (النوع الاجتماعي) المتغير والمكتسب، وأن هذه المفاهيم لا علاقة لها بالذكورة والأنوثة فيمكن للذكر أن يكون امرأة وللأنثى أن تكون رجلاً والأب يكون أماً والأم تكون أباً، وهكذا في الأبناء والبنات.
ونتيجة لتغيير هذه المفاهيم تبعاً لتبادل الأدوار فسيكون من ثمارها ما يلي:
1- إلغاء مبدأ قوامة الرجال على النساء.
2- إلغاء الأحكام الخاصة بالنساء، كأحكام الحجاب والخلوة والاستئذان والسفروالأمومة والحضانة ونحوها.
3- القضاء على تاج النساء، وهو حياؤهن، وخاصة الفتيات من خلال دعوتهم إلى تبادل الأدوار والوظائف فيما بين الرجال والنساء مهما كانت تلك الوظائف والأدوار.
الهدف الثانــي: تحطيم الأساس الذي يقوم عليه البناء الاجتماعي في المجتمعات المسلمة وتنفيذ مخططات الأعداء في تمزيق الأسرة المسلمة.
وذلك من خلال إلغاء دور الوالدين القيادي والتوجيهي في تنشئة الأسرة، وهذا يؤدي إلى الانحطاط الأخلاقي والسلوكي عند الأبناء، هذا من ناحية ومن ناحية ثانية الدعوة الصريحة والواضحة إلى ضرورة تبادل الأدوار داخل الأسرة بين المرأة والرجل في الوظيفة والدور الذي وضع لهما شرعاً والدعوة إلى إعادة تقسيم العمل بينهما بناء على هذه النظرية.
الهدف الثالث: الدعوة إلى إلغاء قواعد اللغة والثوابت المتعلقة بتمييز النوع والجنس، وإحلال بديل عنها باصطلاحات مهجنة، ومن ثم إيجاد فاصل بين ثوابت اللغة ومدلولاتها الشرعية والتاريخية، وبين أهل اللغة واللسان العربي في فهم مدلولات النصوص الشرعية والتاريخية، وهي دعوى لم نجدها في أي مجتمع من المجتمعات البشرية.
الهدف الرابع: الدعوة إلى عدم الارتباط بما خلفه لنا المتقدمون وما ورثناه من تاريخ الأمة من قيم وتقاليد أصيلة، وفهم للنصوص المقدسة، حيث يطالب الجندريون ويدعون إلى الاجتهاد المطلق وفتحه لكل الناس دون ضوابط ولا شروط، بدعوى التطوير والتغيير، وكذلك الدعوة إلى فهم عصري جديد لنصوص القرآن والسنة، مخالف تماماً لفهم سلف الأمة وعلمائها؛ وإطلاق القول بأن كل شيء قابل للتطور والتجديد معناه نسف كثير من الثوابت الشرعية في المجتمع.
الهدف الخامس: الدعوة إلى مسخ شخصية المرأة ومسخ شخصية الرجل مسخاً كلياً من خلال الدعوة إلى إزالة الفوارق بين الرجال والنساء والدعوة إلى الشذوذ.
بحيث يمكن للمرأة أن تكتسب كل صفات ومميزات ووظائف وأدوار الرجولة الاجتماعية، وتكون بذلك رجلاً دون أن تكون قطُّ ذكراً. والعكس بالعكس صحيح تماماً، ودون أي انتقاص لوجود وإنسانية أي منهما إذا قام بعمل ووظيفة الآخر اجتماعياً وبمعنى آخر: يمكن للرجل أن يكتسب كل صفات ومميزات ووظائف وأدوار المرأة الاجتماعية، ويكون بذلك أمرأة دون أن يكون قطّ أنثى، ودون انتقاص لوجوده وإنسانيته.
فأي استخفاف بالعقول أشد من هذا، وأي شذوذ أبشع من هذا الذي يطالب به الجندريون.
مصدر: موقع مركز باحثات لدراسات المرأة- د. حسن بن محمد علي شبالة
www.bahethat.com
اترك تعليق