مُمَهِدَاتْ... وحقيق أن تبادر المرأة المثقّفة الملتزمة الواعية فتمهد الطريق وتفتح الآفاق.

كونوا آباء لأبنائكم لا أجانب معهم

كونوا آباء لأبنائكم لا أجانب معهم: الرجل الذي يعمل في سبيل الله، ينبغي أن تكون كل ميادين وساحات حياته إلهية

إنّ الرجل المؤمن، الرجل الذي يعمل في سبيل الله، ينبغي أن تكون كل ميادين وساحات حياته إلهية، إحدى هذه الساحات هي العلاقة مع العائلة، وبالخصوص مع الزوجة والأولاد، أنتم ينبغي أن تكونوا مظهر الأخلاق، من الممكن أن تُغضبكم حادثة صغيرة خارج المنزل، لكن داخل المنزل لا ينبغي لهذا الغضب أن يظهر.
               
إليكم بعض الوصايا* التي تضفي على المنزل جواً من الهدوء والسكينة:
1-
وصيتي الأولى حول الأُسر. هؤلاء الأخوات العزيزات اللواتي هنّ زوجاتكم وبناتكم، هنّ شريكات لكم في الأجر والثواب المعنوي، لأنهنّ يُقاسين ألم البُعد والقلق عليكم وعذاب الفراق، وهذه الآلام كلّها لها أجر عند الله. ما من شدة أو صعوبة إلا ويقابلها شيء ثمين في خزانة العطاء والرحمة الإلهية؛ ولا يوجد أعلى من هذا. أنتم حين تخرجون من البيت، هذه السيدة في المنزل (بأي عمل كانت مشغولة) هي قلقة عليكم، هذا القلق والاضطراب هو محنة كبيرة، وهذه المعاناة لها عند اهر  أجر كذلك، حسناً فحيث إنّ هذه المشقات التي تعانيها السيدات؛ زوجات وبنات وأمهات –إذا كن برفقتكم- لها أجر، أفلا يكون عليكم واجب مقابل هذه المشقات؟ هل ينتهي الأمر بقولنا أجرها على الله؟ كلا. فهناك مهمة ثقيلة ملقاة على عاتقكم.
2- عليكم أن تتواصلوا مع عائلاتكم. لا تقولوا: "إنّ الأعمال كلّها ملقاة على عاتقي، أو تأخّرنا ساعة أو ساعتين ولم نبدِ البشاشة. الأمر البسيط، فهذا ليس كفراً؛ لم تنزل السماء على الأرض"!!!. لا؛ أنا أقول خصّصوا ساعات من وقت عملكم المتواصل، من أوقات استراحتكم، لعائلتكم، وأفيضوا على زوجتكم وأولادكم من محبّتكم ورعايتكم واهتمامكم وعاطفتكم. يجب أن تكونوا أنتم القدوة.
3- زوجاتكم اللاتي هن شريكاتكنّ، إن لم يكنّ متآلفات معكم فلا يحقّ لكم أن تبقوا مكتوفي الأيدي.. تريّثوا وسايروهنّ، حدّثوهنّ بشيء ممّا تعرفون من معارف وعلوم، رغّبوهن بالصلاة والدعاء.
4- طالما أحسستم أنّ العمل واجب ولازم فامضوا فيه. هناك بعض الأوقات الضائعة في هذا الخضم، قلّلوا هذه الأوقات وأضيفوها إلى وقت المنزل.
5-
 قد يطرح عليكم ولدكم إشكالاً لا تعرفون حلّه. ما الذي ينبغي فعله ها هنا؟ هل يصحّ أن نقول للشاب أسكت ونقابله بالعبوس؟ هذا ليس حلاً. إنه خطأ. هل يصحّ القول له وماذا يعنيك من هذه الأمور؟ هل يحقّ لكم إن لم تكونوا متمكّنين فكرياً من هذا المطلب أن تقدّموا جواباً واهياً وتمزجوا الغثّ بالسمين فتقدّموه غذاءً لولدكم؟ هذا كله سيء، ولكن يمكن التصرّف بنحو سليم، أن تقول لهذا الشاب أو الشابة من أبنائك يوجد لسؤالك جواب ولا بدّ، غير أنني لا أعرفه. ولكن لأجلك سوف أسأل، واسأل. إن كانت شبهة دينية فارجع إلى فرد ثقة وعالم بالدين؛ وإن كانت شبهة سياسية فارجع إلى عالم بالسياسة ثقة؛ اذهب واسأل؛ أنت تتعلّم وكذلك تُنوّر ذهن هذا الشاب وتمنحه الطمأنينة. وإن وجدت أنّ انتقال ونقل المطلب صعب عليك، رتّب الأمر بحيث يصل هذا الشاب إلى منبع الهداية ذاك –الذي يملك حلّ الشبهة- ليزيل شبهته بيسر.
6- لقد تناهى إلى سمعي مرّات أنّ بعض إخوتنا الخيّرين المنشغلين بالخدمة وتكون أعصابهم مرهقة، يفتقرون إلى حسن المعاشرة مع زوجاتهم داخل المنزل. لا؛ نحن لا نقبل هذا السلوك. انظروا كم أنّ المسألة مهمّة بحيث إنّ الله تبارك وتعالى يأمر بنحو مطلق. عندما يكون هذا العناء الذي تتحمّله الزوجة ثقيلاً، تصير مهمتّكم أثقل. إنهنّ مركز العواطف والإحساسات، ففي وجود المرأة هناك مجموعة من العواطف والمشاعر المرهفة، ولا يحقّ لكم أن تُهملوا هذه العواطف والمشاعر أو أن تتعدّوا عليها لا سمح الله .

7-
  خصّصوا وقتاً لأبنائكم واعلموا أنّ الشباب بفضل النورانية والصفاء الموجود في قلوبهم سيقبلون كلامكم.
8- فلا أسمعنّ والعياذ بالله أنّ أحدكم سيء الخُلُق مع زوجته أو أنّه يُسيء التصرف داخل البيت مع أسرته وأولاده.
9- يجب أن يكون لديكم كلام مقبول ومنطقي مع أبنائكم؛ حول كل مسألة مهمّة بنظركم؛ حول الدين، حول الثورة، حول الإمام الخميني...، حول المسائل المستجدة التي تُطرح يومياً. ينبغي أن يكون لديكم كلمة في هذا المجال. «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ»(التحريم: 6)؛ هذا مهمّ جداً. نوّروا بصيرتكم وبصيرة أبنائكم.
10- كونوا آباءً لأبنائكم، لا تكونوا أجانب معهم... تواصلوا مع أبنائكم وتعاملوا معهم بصداقة وأبوّة. أفضل الآباء هم الذين يُصادقون أبناءهم وبناتهم، فمع أنّهم يُظهرون الهيبة والإرشاد والتوجيه الأبوي والمحبة، هم أيضاً يتحلّون بإخلاص الصديق.
إن كان لولدكم الشاب سؤال أو كلام أو هموم، فإنّ أول أُذُن يجب أن تسمعه هي أذنكم وأذن زوجاتكم.

11-
 لا بدّ في وضح النهار وحين يكون الأولاد مستيقظين أن توجّهوا أبناءكم حتى فيما يتعلّق بمشاهدة التلفاز.. هذا الفيلم شاهدوه وذاك الفيلم لا تشاهدوه.
12- أعزائي، أفهموا شبانكم، أفهموا زوجاتكم، خصّصوا لهم وقتاً. هذا مهمّ جداً.. أولوا شبانكم العناية وأعطوهم من وقتكم، لا تعودوا إلى بيوتكم متعبين، فحينما تعودون منهكين وبلا حيوية ويطلّ عليكم أبناؤكم ستقابلونهم بالعبوس واللامبالاة، وهذا ليس صحيحاً.
أصلحوا هذا الأمر منذ هذه الليلة ولا مجال للتردّد. هذا الأمر قطعي، ولذا، فإنني أصرّ عليه.
13- اعتنوا بوعي أولادكم وزوجاتكم، اهتموا بذلك... تواصلوا مع أولادكم، تعاطفوا وتعاونوا مع زوجاتكم، ينبغي أن تشعر هذه السيدة حقاً أنك تقدّر جهودها.
14- خذوا بعين الاعتبار الخطاب «وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ» و«قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا»، أنظروا كم أنّ المسألة مهمّة في الواقع؛ قوا يعني احفظوا، وأنفسكم يعني ذواتكم وأهليكم أي أهلكم وأبناءكم ونساءكم وعائلتكم، احفظوهم من أي شيء؟ (ناراً)، من نار الضلالة والغضب الإلهي، نار جهنم. لا تتصوّروا أنّ ذاك الشاب فقط هو الذي يَفسد ويَضل ويَهلك، كلا. فهو يترك أثراً بنحو ما، شئتم أم أبيتم، على تفكيركم وتوجيهكم، بالطبع الناس مختلفون لكن يمكن القول بشكل عام إنّه يترك أثراً قلّ أو كثُر.
وعليه أنا اليوم أعتبر أنّ المجاهدة الضرورية والمهمّة لكم هي الرجوع إلى النفس وتهذيبها وتزكيتها على المستوى الشخصي وعلى المستوى العملي في المؤسسة وعلى مستوى الأسرة.
15- وصيتي الأبوية لكم أن تراعوا مسألة التنظيم داخل بيوتكم بحكمة ووعي تامّ، وأن تتعاملوا بحكمة وعطف مع أفراد عائلتكم، وأن تتواجدوا داخل الأسرة قدر الإمكان، وأن تتمتّعوا بالصفاء والإخلاص والرعاية، لا أن تكونوا غير مكترثين ومتجهّمين طوال الوقت... إنّ هذا الواجب الثقيل في عهدتكم وعليكم القيام به.

*من وصايا السيد القائد علي الخامنئي (دام ظله) للأسرة.

التعليقات (0)

اترك تعليق