مُمَهِدَاتْ... وحقيق أن تبادر المرأة المثقّفة الملتزمة الواعية فتمهد الطريق وتفتح الآفاق.

من أوراق وكلمات السيد موسى الصدر

المرأة في الإسلام.. وفي التاريخ والواقع

المرأة في الاسلام والتاريخ والواقع
السيد موسى الصدر
 
بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد، وعلى أنبياء الله المرسلين، وسلام الله على أهل بيته وأصحابه الطاهرين.[...]

أما حديثنا في هذه الأمسية كما وعدت، هو الحديث عن المرأة. سبق وأن قدمت قسمًا من هذه المحاضرة في أولى محاضراتنا للسيدات. ولهذا أحاول أن أمر بصورة مختصرة على ما ذكرنا في اليوم الأول من هذه المحاضرة، حتى ندخل في تفاصيل من بحثنا هذا. الشيء الذي أذكره، أنّ القسم الأول من المحاضرة هو ملخص عن المحاضرة التي ألقيتها في... القسم الأول من "دانييل بروتيه"، وأذكر لكم ملخصًا حتى ندخل في القسم الثاني، الذي هو القسم الأساسي من المحاضرة. قلنا في تلك المحاضرة إن بحثنا يشتمل على ثلاثة مواضيع:
1 ـ المرأة في التاريخ.
2 ـ واقع المرأة.
3 ـ الإسلام والمرأة أو الدين والمرأة.


أولًا ـ المرأة في التاريخ:
قلنا في حدود دراستنا أن المرأة كانت مظلومة، في جميع المجتمعات البشرية القديمة، وفي أكثر الشرائع، غير الشرائع الإلهية. في المجتمعات البدائية، كانت المرأة تُمْلَك أي كانت مُلكًا، هي تُمْلَك ولا تَمْلُك، تُورَّث ولا تَرِث، تُكْره على الزواج والخدمة... لا قصاص في قتلها ولا دية. العرب قبل الإسلام ما كانوا يحترمون المرأة، حتى ينقل القرآن الكريم عدة مواقف منها: «وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالأُنثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ * يَتَوَارَى مِنَ الْقَوْمِ مِن سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ» [النحل، 58 ـ 59].

موقف آخر«وَلَا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاء إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنًا» [النور، 33]. يشير إلى أنه كان هناك إكراه على الفساد من قبل الرجال. والعرب قبل الإسلام ما كانوا يورِّثون المرأة، يعني ما كانوا يعطونها ميراثًا وكانوا لا يعتبرون لها قصاصًا ولا مهرًا. وكان العرب لا يعتبرون البنت خلفًا للرجل، وكانوا يعتبرون أن الذي لا صبي له، انقطعت أسرته ومات ذكره. وكانوا يعتبرون الشخص أبتر إذا لم يكن له صبي. لقد سموا النبي محمداً (ص) حينما مات إبراهيم، آخر أولاده، سمّوه أبتر; ولهذا كانوا يتبنون، شاعت عادة التبني، يأخذون صبيًا ويعتبرونه ابنًا لهم.

و[الشعوب العربية لم تكن أحسن حالاً من العرب]، من باب المثال في أوروبا في سنة 586، في ذلك الوقت نجد أن ملك فرنسا واسمه "فرنسيس" أصدر قرارًا، اعتبروه إعطاء للمرأة حقوقها، وبلغت المرأة قمة مجدها. قرار "فرنسيس" يقول: إنّ المرأة إنسان في خدمة الرجل، يعني إنسان من الدرجة الثانية، ليس إنسانًا متساويًا مع الرجل.

أما الشرائع المعروفة، غير الشرائع الإلهية، عدّلت من هذا الظلم، بعض الشيء، ولكنها سايرته، بعضاً آخر. فنجد في قانون روما، هذا القانون الذي يفتخر الأوروبيون به، لأنه قانون قديم قبل تأثير المسيحية في أوروبا، وقبل الإسلام، وحتى بعضهم يقول أن القوانين المدنية في الإسلام مأخوذة من قانون روما. اسمعوا ماذا يقول قانون روما: "إن الرجل إله البيت، يُعبد، لا يُسأل عما يفعل حتى القتل أو البيع أو الإيجار للمرأة". هذا هو قانون روما.

"حمورابي" المقنن المعروف، الكلداني أو البابلي، يقول أن المرأة تابعة للرجل غير مستقلة في أمورها، وفي صورة التخلف عن إطاعة الزوج يخرجها من بيته أو يتزوج، وفي صورة الإسراف يرفع أمرها إلى الحاكم ثم يغرقها في الماء.

اليونان، مهد الفلاسفة الكبار، كانوا يقولون أن المرأة شيء لا بد منه، ولكن يعاملها الرجل بحذر واجتناب، إن جاءت بالحسنة لا تُشكر، وإن جاءت بالسيئة تؤدب وتعذب. أما عند الشعب الأصفر، في اليابان والصين، "كونفوشيوس" و"بوذا" وأمثال ذلك، فالمرأة أضعف من هذا واستسلامها للرجل أكثر من غيره عند الشرائع الأخرى؛ مثلًا "كونفوشيوس"، هذا العالم الأخلاقي الكبير، يقول ضمن شرائعه بحثًا... فيقول من باب المثل: "حينما تفتح لك زوجتك الباب فالْطُمْها لطمة، فلا تنسى أنك إذا لم تعلم السبب فهي تعرف السبب".

البو

التعليقات (0)

اترك تعليق