مُمَهِدَاتْ... وحقيق أن تبادر المرأة المثقّفة الملتزمة الواعية فتمهد الطريق وتفتح الآفاق.

 من قضايا المرأة وأهمية الأسرة في التأثير على الأبناء

من قضايا المرأة وأهمية الأسرة في التأثير على الأبناء

 [...]
كل من يعرفه يشعر بأن الإمام الصدر لا يستخدم كل طاقته على الرغم من جميع مشاغله، وضخامة أعبائه، وبأن المخفي من شخصيته أعظم. فهو كالقمر: الجانب المضيء منه يغمر الجميع، أما جانبه الآخر فلغز مجهول لا يعرف أسراره غيره هو. ولربما اختلط الأمر على الناس، فظنوا الظنون وتوهموا وجود اللغز والأسرار، ولا من لغز في الحقيقة هناك ولا أسرار، ولكن شخصية ماردة تأقزم عندها أشباه الرجال... ربما... ربما... وكان لـ "الأسبوع العربي" لقاء مع السيد موسى الصدر، وكان هذا الحوار:
[...]
وجرنا [الحديث]  إلى التساؤل عما يقول بعض الغربيين عن تفضيل الرجل العربي عرضه على أرضه، فمسح السيد الصدر جبينه وقال:
إنّ قضية العرض لدى المرأة العربية جزء من قضية عرض الأمة، شأن جميع ثروات الفرد وطاقاته ومصالحه وحرياته التي تشكل جزءاً من كل. فلا عرض للفرد عندما تُهتك أعراض الأمة. ولا يمكن أن يكون للأمة عرض إذا استهتر الفرد بعرضه. هذا يجعلنا أمام ضرورة تصحيح سلوكنا والخروج من دائرة الغيرة الكاذبة، والتي كانت تعبر عن أنانية الرجل في فترة معينة من التاريخ. علينا أن نربي بناتنا، حاملات الرسالة، على أهداف سامية فيحولن جميع طاقاتهن إلى خدمة الأهداف القومية العليا، حتى إذا اضطرت إحداهن لخوض المعارك أو لأداء مسؤولية خارج بيتها أو وطنها تكون واثقة جريئة وغير معقدة. فالعرض والأرض لا ينفصلان.

*هل صحيح أن المرأة والرجل متساويان؟
- الرجل والمرأة متساويان كإنسان رغم تفاوت كفاءاتهما، وأعتقد أن تفاوت بعض الأحكام في الإسلام تعبير عن تفاوت الكفاءة وتسهيل لمهمة كل واحد منهما في رسالته الحياتية.


*ما رأيك في تعدد الزوجات؟
- إذا لاحظنا الآية الكريمة التي تبحث عن تعدد الزوجات نرى أنها تفرض شرطين متفاوتين للسماح بالتعدد:
«وإنْ خِفْتُم ألاَّ تُقسِطوا في اليتامَى...» [النساء،3]
أي أن السماح بالتعدد ليس مطلقاً إنما هو في حالة اجتماعية معينة كثرت الأيتام فيها فاضطر الإسلام حفظاً لحقوقهن وصيانة لكرامتهن أن يسمح بالتعدد. ومن الطبيعي أن هذه الحالة لا تنحصر بما ذكر في الآية الكريمة. والسماح بالتعدد مرتبط بحالات إجتماعية معينة يمكن للحاكم الشرعي أن يحددها ويمنع التعدد في غيرها. كما وأن طبيعة قانون الشروط تمكِّن المرأة من وضع قيود تتناسب مع أوضاعها في مسألة التعدد.
العدالة «فإنْ خِفْتُم ألاَّ تعدِلوا فواحِدَة» [النساء،3]. والعدالة أيضاً مفهوم متطور حسب تطور حقوق المرأة وحاجاتها ومستوى وعيها. ومن السهل أن نؤكّد أن العدالة مفهوم عام يمكن للحاكم أن يحددها ويطور حكم السماح على ضوء المراحل الاجتماعية والظروف المتنوعة...


*تطور مفهوم العذرية والشرف في المجتمعات الصناعية المتقدمة، فأصبح لا يربط بين حزام العفة والشرف، لماذا؟
- إنّ مفهوم الشرف لدى مجتمعاتنا يختلف عن مستوى مفهوم الشرف في منطق الدين.
فالعلاقة التي تنبثق من اتفاقية الزواج لا تؤدي إلى فقدان الشرف بل تكرسه بينما قد تؤدي هذه العلاقة إلى فقدان العذرية. من هنا يمكن أن نضع للعلاقات بين الرجال والنساء صورة متطورة من الزواج تبعد الفوضى وتسهل الحياة المشتركة.


*هل توافق على إدخال مادة الجنس في برامج التعليم؟
- لا، فالمشكلة هي مشكلة المعلم لهذه المادة، فإنها في منتهى الدقة والخطورة وتحتاج إلى أجواء ملائمة وهي لا تتوفر في الأغلب في المدارس. والأفضل أن يأتي التعليم الجنسي بصورة غير مباشرة وضمن نطاق الأسرة...


*ولكن تأثير الأسرة أصبح محدوداً على الأبناء نظراً لاجتياح التلفزيون والراديو والصحافة لأفكار الناشئة الجديدة؟
- إن فقدان الأسرة قيادتها على الأولاد مأساة إنسانية كبرى وهي وراء الانفصام بين الأجيال. وأعتقد أن السبب ليس في وسائل الإعلام، وتطور التكنولوجيا والصناعات، بل السبب الأساسي لتلك المأساة هو في تغيّر مفهوم العطاء لدى الأهل، والأب وجه الله على الأرض، إلى عطاء محدود ومقيّد. فالأم التي تترك طفلها أو ولدها في عناية الخادمة أو المربية، وتذهب لقضاء السهرة خارج البيت تكون قد قصّرت في إعطاء حنانها غير المحدود، واستبدلته بعطاء الخادمة أو المربية الناقص...
إن الإسلام وضع حلاً خالداً للمشكلات العائدة إلى العلاقات الجنسية بين الرجل والمرأة، ولكن المسلمين لم يستفيدوا من هذا الحل. فبعضهم اعتبره حراماً والآخرون تركوه واعتبروه نقصاً. والحل باقٍ في التعاليم الاسلامية رغم هذا وذاك إلى أن يأتي الوقت الذي يفرض الأخذ به والتخلص من مشاكل العصر بواسطته. إن الحل هذا هو في الزواج المؤقت وهو لا يختلف عن الزواج الدائم إلا بالتوقيت. هذا النوع من الزواج يمكّن الرجل والمرأة من ايجاد العلاقات التي تمارس اليوم في العالم باسم فترة الخطوبة وهي في الحقيقة أصبحت ضرورية الآن، العائلة لا تمثل وحدة تكشف الشخصيات الكاملة للشاب أو الفتاة ثم إنها أي العائلة لا تشكّل ضمانة لاستمرار الطرفين في السلوك المنتظر، وهاتان الظاهرتان ناتجتان عن التطورات الاجتماعية السريعة وتفكك الأسرة، لذلك فإن الدخول في الحياة الزوجية بحاجة إلى إختبار لا يمكن حله بالصورة الشرعية إلا بالزواج المؤقت بمقدار الوقت اللازم لفترة الخطوبة. ثم إن الزواج المنقطع يعالج مشكلة الاهتزازات التي تطرأ على الحياة الزوجية فتجعلها غير قابلة لدوام هذه الظاهرة التي تجتذب الناس إلى الأخذ بالزواج المدني.
 [...]

مجلة الأسبوع العربي- خيرات البيضاوي
الاثنين 16 نيسان 1973
 
مصدر:  مركز الإمام موسى الصدر للأبحاث والدراسات

التعليقات (0)

اترك تعليق