الذوبان الزوجي: الأسباب والنتائج
"الذوبان الزوجي" تعبير دقيق عن حالة قد يعيشها العديد من الأزواج أو الزوجات، وله آثار سلبية على الحياة الزوجية واستقرارها.
والذوبان الزوجي هو ذوبان أحد الزوجين في الآخر، وبذلك يتم إلغاؤه وتهميشه وعدم السماح له بالمشاركة الفعلية في اتخاذ القرارات أو حتى إبداء الرأي، فيتحوّل بذلك إلى أداة تحريك وفق رغبة الشريك دون أدنى تعبير أو إثبات للوجود... والذوبان يكون للرجل كما للمرأة.. وفي مجتمعاتنا الشرقية فإنّ ذوبان المرأة يكون بنسبة أكبر نتيجة التربية والمفاهيم المنتشرة, فللرجل القوامة وعلى المرأة الطاعة! وذلك عبر الفهم الخاطئ لمسألة القوامة، وبذلك نكون أمام حالة اجتماعية عامة دون أن تكون مسألة فردية حتى لو كان لها انتشار واسع.
لكن هذا لا يعني عدم وجود حالات عديدة لذوبان الرجل في المرأة، والذي يعتبر أمراً خطيرا جدا، وذا نتائج سيئة على مستوى شخصية الأطفال، وصحة الحياة الزوجية.
وقد فرق المهتمون بأمور الأسرة بين: "الذوبان الكلي" و"الذوبان الجزئي"
ففيما ذمّوا الذوبان الكلي، وجدوا أنه، في بعض الأحيان لابد أن يمارس أحد الطرفين الذوبان "الجزئي" للحفاظ على الأسرة.
وعادة ما تلجأ الزوجة إلى هذا الأسلوب لتجنّب الاصطدام مع الزوج، وخاصة إذا كان غير متفهم ولا يراعي الحوار والتقدير والشورى الواجب احترامها كأسس للعلاقة الزوجية.
أما عن الأسباب المؤدية إلى الذوبان الزوجي، فهي:
1- المواريث الخاطئة المكتسبة في مفاهيم الطاعة والقوامة وكذلك مفهومي الرجولة والأنوثة.
2- القصور في فهم عوامل استقرار الأسرة.
3- تقليد الآباء والأمهات في مسار الحياة الزوجية.
كما أن هناك أسباب خاصة بالشخص المذاب، منها:
- الشخصية الضعيفة غير القادرة على اتخاذ القرارات.
- ضعف الثقة بالنفس والشعور بالدونية.
- الحب الذي لا يراعي التوازن في العلاقة والذي يؤدي إلى الخضوع التام.
أما الأسباب الخاصة بالشخص المُذيب فهي:
- محاولة إخفاء النقص في الشخصية بالسيطرة.
- الشعور باللذة والارتياح نتيجة إحكام الأمور في قبضة اليد.
- الغيرة من إمكانات الطرف الآخر والخوف من التسلط.
- الخوف من بروز الطرف الآخر وتفوقه، فيكون الطمس.
أما عن مظاهر الذوبان الزوجي فمنها:
- إلغاء الطرف الآخر، وتجاهل آرائه ووجوده وعدم اعتباره.
- عدم استشارته في أي أمر حتى لو كان يخصّه.
- عدم تشجيعه على تطوير نفسه، وعدم دعمه معنويا.
نتائج الذوبان الزوجي:
وبالحديث عن النتائج السلبية للذوبان الزوجي، يعاني الطرف الأضعف من مشاكل عدة أبرزها: الكبت المزمن، الإحباط واليأس، التبلّد والسلبية، فقدان الأمان. كما يؤدي في احيان كثيرة إلى الطلاق الصامت؛ الفعلي أو العاطفي.
والذوبان الزوجي -لا شك- أمر خطير يهدّد الزواج، إذ أن الزواج، في الأصل، هو شراكة حياة بين الزوج والزوجة وليست شراكة بيت فقط، فهما يكمل أحدهما الآخر، ويتعاونان على خدمة هذه العائلة. ولكلّ مسؤولياته التي يرعاها وحاجاته التي يجب توفيرها، وإلاّ اهتزّت أعمدة الاستقرار في العائلة. فهذه المؤسسة التي يديرها الزوجان لا يمكن أن تزدهر وتستمر "رابحة"، إلاّ إذا توافرت مقومات النجاح لها وأساسها شعور الزوجين أنها شراكة فعلية بينهما ولكلّ منهما دوره ووجوده.. وقد قال الحبيب المصطفى(ص): "كلكم راعٍ وكلّكم مسؤول عن رعيته، الإمام راعٍ ومسؤول عن رعيته، والرجل راعٍ في أهله وهو مسؤول عن رعيته، والمرأة راعية في بيت زوجها ومسؤولة عن رعيتها...".
وتتخلص مقومات نجاح الشراكة بالآتي:
1- صياغة دستور مشترك يحدّد وظائف كلّ منهما وأدواره بشكل واضح، وتعاطي أحدهما مع الآخر.
2- التعاون في حلّ المشكلات الأسرية.
3- التشاور في كلّ أمور العائلة وأدق التفاصيل فيها:
- أخذ الرأي حتى في الأمور اليومية.
- الاتفاق على كيفية تربية الأولاد والإنجاب وغيرها من الأمور المصيرية.
- التقريب في وجهات النظر في حل الخلاف.
- المشاركة في وضع الأهداف الإستراتيجية والتكتيكية للعائلة.
- الحرص على احترام أفكار الطرف الآخر والاهتمام بوجهة نظره.
المصدر: مجلة "جنى"، العدد178.
اترك تعليق