مُمَهِدَاتْ... وحقيق أن تبادر المرأة المثقّفة الملتزمة الواعية فتمهد الطريق وتفتح الآفاق.

دور المرأة في بناء الأمة

دور المرأة في بناء الأمة- بقلم الشهيدة أم ياسر الموسوي

إنّ هذه الأيام تتميّز عن غيرها بإشراقها وبركتها، وليس هذا توهماً منّا، بل هو الواقع والحقيقة التي لا تخفى على أصحاب البصيرة، إنها الحقيقة التي نطق بها إمامنا الصادق(ع):
"فلمّا سقطت إلى الأرض أشرق منها النور حتى علا بيوتات مكة ولم يبقَ في شرق الأرض ولا في غربها موضع إلاّ أشرق فيها ذلك النور". وثمّ يضيف جملة أخرى:
"وحدث في السماء نور زاهر لم تره الملائكة قبل ذلك".


هذه الحقيقة المشرقة عن ولادة الزهراء(ع)، لاقت تجاوباً فوق العادة عن الإمام الخميني(قده)، بل كلّ الصور التي تنقل لنا أفعال وأقوال الزهراء(ع) نالت الحظ الأوفر في فكره، ورغم كلّ الظروف القاسية والمتآمرة على مسيرة سيدة النساء(ع)، استطاعت دعوة الإمام(قده) أن تشقّ طريقها إلى كلّ البيوت، بل إلى كلّ القلوب. ولم يكن أسلوب الإمام (قده) في دعوته ليختلف عن أسلوب دعوة الإمام الصادق(ع)، فالإمام حين أعلن لأول مرة أنّ ولادة الزهراء(ع) هو يوم المرأة، أذكر جيّداً عبارته الأولى التي انطلق منها واصفاً الزهراء(ع)، وصفاً مطابقاً لوصف الصادق(ع): "أنها كالشمس بزغت على جبين الإسلام العزيز"، هذه العبارة تحكي الاستفادة العامة من وجودها لأنّ الشمس يستفيد من وجودها كل موجود وتمدّ الحياة بشعاعها الدافئ.
إنّ النتيجة التي ترتبت على دعوة الإمام الخميني كانت عامة وشاملة لكل الميادين، لأنها أتت في الظرف المناسب، ولذا كانت الحركة حالة تسابق بين الرجال والنساء، من منهم يصل قبل الآخر إلى إحياء جهادها(ع). هذه النفحات الجهادية والأدوار الرسالية، المستوحاة من حياة الزهراء(ع)، فاجأت طواغيت العالم ووضعتهم أمام واقع جديد، هو واقع الإرباك والحيرة، إذ كيف يستطيعون قهر الروحية الجهادية للنساء لا سيما بعد أن تخرّجن بالملايين من مدرسة الزهراء(ع)؟ كيف يمكنهم يا ترى أن يستلبوا مجاهدات فاطمة وهي تلقّن ابنتها زينب أدوار كربلاء ولم تتجاوز الخمس سنوات؟ بالأمس القريب استطاعوا أن يسلبوا منّا تلك الصور الجهادية لسيدة النساء لأنها كانت في الذاكرة فقط، ولم تتمثل وقائع حية، أمّا الآن وقد تجسدت وقائع حية تتكرّر في كل يوم، سيما بعد أن ساهمت المرأة المسلمة ببناء دولة إسلامية تحت إشراف الإمام(قده)، أصبح الأمر مختلفاً تماماً، لقد أدركوا جيداً أنّ المرأة المسلمة، بالأمس، ساهمت في إنجاح ثورة، واليوم تساهم وبقوة ببناء دولة، ولذا باتت جميع القوى العدوانية تخاف حضورها ووجودها لأنّه حضور فعّال في كلّ الميادين.
الاقتداء الحقيقي بالزهراء(ع):
إنّ الاقتداء بالزهراء(ع) مسؤولية كبرى ملقاة على عاتقنا جميعاً، والاقتداء لا يكون اقتداءً إلاّ بعد أن يتحقّق بالموقف الذي يتجسّد بالفعل أو بالكلمة إن كان الموقف كلمة. إنّنا نذكر جيداً أنّ الزهراء(ع) في أيامها الأخيرة، جاء لعيادتها بعض النسوة يتوددون لها لعلّهنّ يكسبن رضاها الذي هو من رضا الله، يحكي لنا التاريخ أنها ما رضيت عنهنّ، وأبدت لهنّ غضبها وعدم رضاها ووجّهت لهنّ كلمات تستنهضهنّ بواجبهنّ الشرعي وإصلاح ما يحتاج إليه المجتمع من إصلاح، إذاً لو كان قيامهنّ بواجبهنّ التربوي والمنزلي كافياً لما استدعى كلّ هذا الغضب من الزهراء(ع)، وباختصار نقول إنّ دور المرأة الخاص أمر مهم كأهمية الصلاة، لكن هذا الدور يتراجع أمام الواجب العام لو تكرّست وتفاقمت الانحرافات في المجتمع. فتكون حينئذٍ الأولوية هي المبادرة لرفع الخطر وإلاّ ما نفع التربية إذا كان من يتربّصها في الخارج حائلاً دونها ومانعاً لها؟ لقد أدرك الإمام خطورة الموقف، لذا كان من يتربّصها في الخارج حائلاً دونها ومانعاً لها؟ لقد أدرك الإمام خطورة الموقف لذا دعانا لنحيي ولادة الزهراء(ع) بالموقف والكلمة ضدّ الطواغيت والمستكبرين ونرفع الحرمان والمظلومية عن عباد الله.
الزهراء(ع) ثارت ثورتها في مواجهة مشكلات مجتمعها، تراها ماذا كانت ستصنع لو تشاهد ما نحن فيه؟ حتماً هي ترى وتسمع بكلّ ما يجري، حتماً هي تنظر إلينا بنظراتها الاستنهاضية فهل نحن على استعداد؟
أظنّ أنّها هكذا عهدتنا، عهدها بنا أيام الاحتلال وأيام القوى المتعدّدة الجنسيات، ويوم السابع عشر من أيار، واليوم سيكون لها عهداً جديداً منّا في أجواء السلم الذي يلفّه الإهمال المقصود، سنحصّن أنفسنا بإذن الله، مع محرابها سنبني علاقة حميمة لتغذّي أرواحنا من أنوارها، وسنكون بذلك القوة والفعل الذي يستردّ لنا كامل حقوقنا ونكون بذلك قد نصرنا إسلامنا.


المصدر: الشهيدة أم ياسر الموسوي- كتاب أمير الذاكرة (سيرة ذات.. سيرة أمة)

التعليقات (0)

اترك تعليق