مُمَهِدَاتْ... وحقيق أن تبادر المرأة المثقّفة الملتزمة الواعية فتمهد الطريق وتفتح الآفاق.

وعي المرأة العربية المسلمة من أبرز عوامل انطلاق الثورات والانتفاضات في المنطقة

وعي المرأة العربية المسلمة من أبرز عوامل انطلاق الثورات والانتفاضات في المنطقة

تطورات الصحوة الکبیرة والواسعة التي تشهدها الساحة الإسلامية في العدید من الدول، حملت مواقف ومحطات عدیدة کانت جدیرة بالوقوف عندها. ولعل واحدة من أهم ممیزات هذه الصحوة هي الحضور الفاعل والمؤتمر للمرأة المسلمة فیها، على نحو شکّل بنظر العدید من المراقبین علامة ممیزة تستحق الکثیر من الاهتمام والقراءة الجادّة لطبیعة دور المرأة المسلمة وضرورة مشارکتها فی بناء الدولة والمجتمع. ولا شک أن التأریخ الإسلامي سجّل لحضور المرأة في مختلف المیادین وفي عهود مختلفة -وذلك منذ صدر الإسلام وحتى تأریخنا الحدیث والمعاصر- ما یدحض محاولات الترویج بأن الإسلام حد من دور المرأة وتأثیرها، لیس هذا فحسب، بل یؤکد العلماء والمفکرون الإسلامیون على أهمیة دور المرأة من جهة، وتشجیعها على تعزیز هذا الدور وتنویعه بما یخدم مصالح المجتمع من جهة أخرى، ومن هنا کان الإمام الخمینی رحمة الله علیه) یؤکد على أن "المرأة فی النظام الإسلامي تتمتع بذات الحقوق التي یتمتع بها الرجل بما فی ذلك حق التعلیم والعمل والتملك والانتخاب والترشیح، ولها أن تمارس دورها في مختلف المجالات التي یمارس الرجل دوره فیها، ویرى أن الأمة التي تقف نساؤها في الصف الأول من أجل تحقیق الأهداف الإسلامية أمة لن یصیبها ضرر.
والیوم یؤکد سماحة أیة الله العظمى الامام الخامنئی(حفظه الله) على ضرورة إزالة العوائق الاجتماعیة والفکریة عن طریق المرأة لیتسنى لها الحضور الأفضل في میادین العلم والعمل، باعتبارها تمثل نصف المجتمع ونصف القوة البشریة، فإذا کانت لدینا نظرة خاطئة لدورها، فلا یمکن أن تحقق مفهوم البناء بمعناه الواسع والحقیقي.
کما یشدّد على أننا إذا أردنا أن نقارن دور المرأة باعتبارها نصف المجتمع مع الأدوار الأخرى فإننا سنرى أن دور المرأة هو الأکثر حساسیة وتأثیراً وبقاء في حرکة التأریخ الإنسانی وفي مسیر البشریة نحو الکمال.
وسوف نستعرض في هذه المناسبة، نماذج لحضور المرأة المسلمة ودورها في أنحاء من العالم کما نتطرق إلى تنوع أدوارها في بناء المجتمع والدولة، ونتعرف أیضا على أهم وأبرز هموم المرأة وشؤونها، ضمن قراءة ورؤیة تحلیلیة لمجمل هذه المحاور والعناوین.
أما بالنسبة إلى دور المرأة ومشارکتها في الثورات الاجتماعیة فلا ریب في أنها من خلال ذلك أعطت صورة عن رغبتها في التحرر من القیود والحدود التي وضعتها الأنظمة الاستبدادية، بالإضافة إلى الاهداف المرحلیة في إسقاط الدکتاتوریات وأنظمة الاستبداد التي تحکمت لعقود طویلة بمصیر الشعوب من دون الاحتکام لرأیها أو احترام لإرادتها.
وهذا ما أشار إلیه سماحة أیة الله العظمى الامام الخامنئي(حفظه الله) بقوله: "إن الشعوب المسلمة توّاقة لنیل الحریة والکرامة والتقدم والعزة في ظل الإسلام، ولقد سئمت من تحکّم الأجانب والمستعمرین لمائتي عام في شؤونها وتعبت من الفقر والذل والتخلف المفروض علیها".
ونبّه دام ظله على أن الخطة الاستکباریة تتضمن: "العمل على إبقاء دول المنطقة ضعیفة وبعضها خصم للبعض الآخر، یقودها حکام عملاء وخاضعون للغرب، مستهلکة اقتصادیا، ومتخلّفة علمیا، وتابعة للغرب ثقافیا، وضعیفة عسکریا، وفاسدة أخلاقیا، ومن الناحیة الدینیة سطحیة وفردیة وظاهریة، واعتبر أن: "بزوغ الثورة الإسلامية العظیمة وظهور الإمام الخمیني الراحل(رضوان الله تعالى علیه) باعتباره عالما بارزاً وحکیما وفقیها ومجاهداً وشجاعاً لا یهاب الخطر ونافذ الکلام، قلب استراتیجیة الغرب وأفشلها في منطقة الشرق الأوسط المهمة.
حظر الحجاب.. أحد أسباب الثورة في تونس:
ونبدأ من تونس الخضراء حیث تفجر الصحوة الجدیدة، فبالإضافة إلى المعاناة والاضطهاد الذي تعرّض له الشعب التونسي بشکل عام -رجالا ونساء- في عهد النظام البائد، فقد کان للمرأة في تونس وضع خاص، حیث أجبرت الأوضاع المعیشیة المتردیة، المرأة على الخروج للعمل من أجل تحسین وضع عائلتها المادي، وتوفیر مستلزمات المنزل وحاجاته، مما شکّل ضغوطا کبیرة علیها، في ظل غیاب الحمایة التشریعیة والدعم الواقعي لحقوق المرأة، حیث أن الکثیر من القوانین التي تحدثت عن حقوق المرأة في تونس، والتي أُنجزت بفضل فاعلیة الناشطات التونسیات، بقیت حبراً على ورق، إبان الحکم الدیکتاتوري، کما أنّ هذا الحکم عمد إلى محاولة إبعاد المرأة عن هویتها الإسلامیة، من خلال القوانین القسریة التي طبّقت على الالتزام الدیني ولا سیما الحجاب، في ممارسات تتناقض وأبسط حقوق الإنسان في حریة الرأی والدین والثقافة، وعدّ الحجاب جریمة یعاقب علیها القانون وتُمنع المرأة المحجبة من ممارستها حقها کمواطنة، وقد تحوّل هذا القانون إلى قضیة لطالما أثارت قلق الشارع التونسي.
من هنا اعتبر سماحة آیة العمظمى الامام الخامنئي أن: "سیاسات بن علي المناهضة للدین بما فیها منع ممارسة الشعائر الدینیة وحظر الحجاب في الأماكن العامة، کانت أحد الدوافع الرئیسیة للثورة الشعبیة في تونس المطالبة بالقیم الإسلامية، والتي یسعى المحللون الغربیون إلى التکتم علیها".
ومع انطلاقة بوادر الثورة في تونس، نهضت المرأة التونسیة بدور عظیم في إسقاط الحکم الدیکتاتوري من خلال الحضور في المظاهرات حیث کان (الحجاب) رمزاً وشعاراً للاحتجاج، ما شکّل فیما بعد ظاهرة إقبال التونسیات على ارتداء الحجاب بعد سنین من المنع القسري، کما استطاعت المرأة التونسیة أن تعلن دورها ضمن التشکیلات ومنظمات المجتمع المدني وکذلك المشارکة في الاستحقاقات السیاسیة.
المرأة المصریة.. حضور نوعي في الثورة:
إن الحدیث عن دور المرأة في الثورة المصریة هو حدیث عن دور ریادي وقیادي قامت به المرأة المصریة في المظاهرات والاحتجاجات، وکذلك مشارکتها في الدفاع عن الثوار حینما کانوا یتعرضون لهجوم من قبل أعوان النظام البائد وهو ما أدّى إلى تعرّض الکثیر من النساء المصریات للأذى والاعتداء الجسدي.
ولعل عمق المعاناة التي کانت تعیشها المرأة المصریة في عهد النظام البائد، کان سببا في القیام بهذا الدور النوعي من قبل النساء والحضور الواسع في میدان التغییر والتحریر، فکلما کانت المأساة أکبر، کانت الثورة أشد وأعظم. وهذا ما أظهر المرأة في مصر أکثر حماسا وقوة وعنفوانا، وهو ما شکّل دافعا للرجال من أجل المضی في طریق الثورة ومتابعة تحقیق أهدافها.
لقد استطاعت المرأة المصریة أن تتصدى للمنابر الإعلامیة والسیاسیة من أجل التعریف بأهداف الثورة والدفاع عنها والاستمرار في مطالبها، وتنقیة طریقها والحیلولة دون عودة رموز النظام السابق بلون أو وجه آخر.
وبهذه المشارکة أثبتت المرأة المصریة بأنّ الصورة التي یروّج لها في الغرب عن عزلة المرأة المسلمة وعدم قدرتها على أداء دور مهم في المجتمع هي صورة خاطئة تماماً. ولا سیما بالنسبة للمرأة المحجبة التي کانت قد تعرّضت بصورة خاصة للظلم بسبب ممارسات النظام السابق، والذي أصدر قراراً من خلال مسؤولیة في مجال التعلیم بمنع ارتداء التلمیذات للخمار، وهو ما قوبل في حینه بردود واعتراضات شدیدة من قبل المصریین.
وبحجم حضور المرأة المصریة فإن لها امالاً وتطلعات لا تنفصل عن هموم وتطلعات الرجال على امتداد البلاد، والشعور المشترك بأهمیة تأصیل الهویة الإسلامیة وتحقیق العزة والحریة والکرامة لأبناء الشعب المصري.
کما أن للمرأة المصریة شؤونها وجهودها من أجل تحقیق طموحها في الواقع الاجتماعي والحصول على حقوقها التي ضاعت بسبب ممارسات النظام السابق.
وفي بیان للإمام الخامنئي(حفظه الله)، مخاطباً الشعب المصري: ثورة الشعب المصري المسلم هي حرکة إسلامية وتحرریة، وأنا باسم شعب ودولة إیران الثوریة أحییك أیها الشعب المصري وأسأل الله -عزوجل - لکم النصر الکامل إنني أفتخر بکم وبثورتکم.
المرأة اللیبیة.. مشارکة فعلیة في الثورة:
بمقدار ما کانت معاناة المرأة في عهد نظام القذافی البائد، استثنائیة بسبب بشاعة هذا النظام وقسوته، فقد کان دورها استثنائیاً أیضا، ولا یمکن بالطبع إیجاز الکلام عن حجم الألم والأذى والاضطهاد الذي تعرضت له المرأة طوال عقود من حکم القذافي، والذی بدأت خطوطه وتفاصیله تتضح بعد زوال هذا الحکم، حیث کانت حقوق المرأة مسحوقة في ظل الممارسات الدیکتاتوریة، ولا مکان لها سوى في وسائل الإعلام القذافیة التي کانت تستعمل -کما في سائر الانظمة الدیکتاتوریة- قضیة المرأة کورقة لتلمیع الصورة المشوهة للنظام، فیما کانت نظرة رأس هذا النظام وأعوانه إلى المرأة لا تتعدى کونها أداة لإشباع رغباتهم، وإن اقتضى ذلك الإجبار والإكراه، ولعل صور القذافي إبان حکمه وهو یستعمل النساء لأغراضه هي دلیل واضح على استخفافه بدور المرأة، وما خفی کان أعظم.
وأما إبان الثورة فقد تحدثت تقاریر کثیرة صدرت من منظمات دولیة ومحلیة، أنّ قوات القذافي مارست انتهاكات خطیرة ضد النساء المتظاهرت، وصلت إلى حد الاعتداء الجسدي والجنسي. ووفق شهادات العدید من الأطباء فإن التحقیقات التي جرت في بعض المدن اللیبیة خلال الفترة الأولى للثورة، تؤکد تعرّض العشرات من النساء للاعتداء والاغتصاب على ید قوات القذافي.
من هنا فإن مشارکة المرأة اللیبیة في الثورة المسلحة ضد نظام القذافي  لم تقتصر على تشجیع الرجال على الالتحاق بصفوف الثوار فحسب، وإنما کان لها مشارکة فعلیة في عملیات القتال، حیث اضطلعت بمهام لوجستیة خطیرة، تتضمن نقل الذخائر والعتاد والاستطلاع وأعمال التموین وجمع التبرعات وإیواء ومعالجة جرحى الثوار.
وبالإضافة إلى المشارکة العسکریة فقد کان للمرأة اللیبیة دور مهم في المظاهرات والاحتجاجات، وفي نقل صوت الثورة إعلامیا، مع المحافظة على القیم والالتزام الاسلامي في مجتمع محافظ کالمجتمع اللیبي.
ووفق العدید من المراقبین فإن الثورة اللیبیة ساهمت في تعزیز دور المرأة في هذا المجتمع التقلیدي وهیأت لها القیام بأعمال وأدوار کان من  الصعب القیام بها في یوم من الأیام، إلا أن مشارکة المرأة اللیبیة في مجال البناء السیاسي والاقتصادي لا تزال تحتاج إلى مزید من الجهود المشترکة لتعزیز هذا النوع من المشارکة، والذي لا یقل أهمیة عن مشارکة الرجل فیه، حیث لا یزال حضور المرأة متواضعاً ولم یرتق إلى مستوى ما تتطلع له المرأة في لیبیا.
المرأة الیمنیة.. مشارکة ممیزة في التغییر:
أما في الیمن فقد کان للمرأة أن تسجل مفاجأة بالمشارکة الممیزة والبارزة لها في الثورة، وذلك في أداء رائع من الملائمة بین ما عرفت به المرأة الیمنیة من المحافظة والالتزام الإسلامي والمشارکة السیاسیة. وقد أظهرت للعالم مشاهد من حضور المرأة المحجبة في میادین الاحتجاجات وبکثافة قل نظیرها، فبالإضافة إلى إدراك النساء لأهداف الثورة الیمنیة في إسقاط النظام، وقطع التداخل الخارجي عن مقدرات الیمن ومصیر شعبه، فإن لها تطلعاتها في إصلاح وضع المرأة التي کانت تعاني في العهد السابق من مشکلات اجتماعیة عدیدة نتیجة سوء إدارة البلاد ومنها ارتفاع نسبة الطلاق والإعاقة والعنوسة، وضعف التعلیم وازدیاد ظاهرة العنف والظلم الاجتماعي ضدها، وذلك في ظل غیاب الغطاء القانوني والحقوقي الذي یحمي المرأة.
ومنذ الأیام الأولى للثورة استطاعت المرأة الیمنیة کسر المفاهیم التي تبخس المرأة حقها في ممارسة دورها الاجتماعي من خلال المظاهرات الواسعة التي قادتها النساء، وتواجد الأصوات النسائیة في معظم اللجان والتکتلات الثوریة.
ولم یکن هذا الحضور شکلیاً أو هامشیاً، بل کان حضوراً فاعلاً في إظهار قوة الثورة وتوجهاتها لإسقاط النظام، وما کان یمکن أن یتحقق منجز الثورة إلا بدور المرأة ومشارکتها.
ویُنظر الأن إلى مشارکة المرأة في الانتخابات على أنه عامل حاسم في دعم القوى الوطنیة وقطع الطریق أمام وصول المجموعات التي تتلقى تعلیماتها من الخارج أو عودة أعوان النظام البائد.
ولاتزال المرأة في الیمن تتطلع إلى المحافظة على هذا الدور، والحیلولة دون مصادرة المنجزات التي حققتها الثورة، وذلك من خلال إعادة النظر في القوانین والتشریعات من أجل إفساح المجال للمرأة من أجل الدخول في الحیاة السیاسیة والاجتماعیة، بالإضافة إلى فتح مجالات التعلیم للنساء في مختلف المراحل العلمیة کي تکون المرأة الیمنیة أکثر قدرة على ممارسة دورها في التربیة والتعلیم.
المرأة البحرینیة.. نشاط فاعل في مواجهة استبداد نظام آل خلیفة:
وبالوصول إلى البحرین التي تُعدّ من أکثر الثورات التي سجّلت فیها المرأة حضوراً واضحاً ومتواصلاً، ودفعت ثمن هذا الحضور من خلال ما قدمته من شهیدات ومعتقلات وجرحى وقد تعرض الکثیر من النساء للأذى النفسي والجسدي من قبل عناصر السلطات الحاکمة ومن یدعمها، حتى باتت ثورة البحرین تعرف بثورة النساء المعتقلات.
ومنذ البوادر الأولى للثورة انطلقت مظاهرات واسعة من النساء الملتزمات في الشوارع وهنّ یهتفن بسقوط النظام الدیکتاتوري، حیث عکست الصحوة الإسلامية لدى المرأة البحرینیة وعیاً بدورها المصیري والمؤثّر في رفع الظلم وإصلاح المجتمع والبلاد.
وقد برزت العدید من الأسماء لناشطات بحرینیات وتحولت إلى رموز للثورة في البحرین، رغم حالة "التمییز" الإعلامي والسياسي الذي تمارسه الجهات الدولیة والإقليمية ضد الصحوة في البحرین.
ورغم ذلك فإن منظمات حقوق الإنسان سجّلت حالات متکررة من القتل المعتمد أو الاعتداء الجسدي، هذا بالإضافة إلى ما یحدث في السجون من عملیات تعذیب وانتهاك للحرمات وفق الشهادات الکثیرة التي أدلت بها النساء المعتقلات في البحرین ومعظمهن من الکفاءات الطبیة والتعلیمیة والوظیفیة.
وقد زادت انتهاکات حقوق الإنسان والمرأة في البحرین من شدة الاحتجاجات التي انطلقت في أنحاء البلاد تضامنا مع أسیرات الثورة وللمطالبة بالإفراج عنهن.
ولم تقتصر الاعتقالات والاعتداءات التي تعرّضت لها النساء في البحرین على اللواتي شارکن في المظاهرات فحسب، وإنما شملت النساء في مختلف القطاعات التي یعتبر النظام البحرینی أنها تدعم الثورة، فقد اقتحمت قوات الأمن عدداً من المستشفیات وقامت بالاعتداء الجسدي على الطبیبات فیها لأنهن یمارسن واجبهن الإنساني في معالجة الجرحى، وکذلك الاعتداء بالضرب والاعتقال على عدد من الصحفیات والإعلاميات لقیامهن بنقل الأحداث التي تجري في البحرین.
ورغم شدة الاحتجاجات والمظاهرات التي تطالب بإطلاق سراح المعتقلات، إلا أن وتیرة الاعتقالات وأعداد المعتقلات لا تزال تتصاعد یوما بعد یوم، في إصرار واضح من السلطات على الاستمرار بسیاساتهم في انتهاك حقوق الإنسان والمرأة، دون احترام للمعاییر الأخلاقیة والقیم الإسلامیة في مجتمع محافظ کالمجتمع البحریني.
المرأة اللبنانیة.. صور رائعة من البطولة والمقاومة:
أما في لبنان، فقد کانت المرأة کلمة السر في انتصار المقاومة وتحریر الجنوب، حینما أثبتت قدرتها على التضحیة والعطاء من أجل قضیتها، فکانت قصص الجهاد ملیئة بشخصیات نسویة سجلن في ذاکرة التأریخ صوراً من البطولة والتضحیة.
فقد کان للمرأة اللبنانیة دور ریادي في مواجهة تداعیات العدوان الإسرائيلي على لبنان، ولا سیما خلال الهجمات التي أطلقها الیکان الصهیوني على لبنان خلال العام 2006، ولعل مجزرة قانا الثانیة تُعدّ مثالاً واضحاً وصریحاً على وحشیة الممارسات الاسرائیلیة والتي کان أکثر ضحایاها من النساء والأطفال، ففي یوم 20 تموز، یولیو 2006 قُتل العشرات في هجوم على مبنى سکني یستخدم کملجأ للنازحین في بلدة "قانا" جنوب لبنان، حیث قامت المقاتلات الإسرائیلیات بقصف الذي کان یؤوي الکثیر من النساء والأطفال وکبار السن.
ان المرأة اللبنانیة المسلمة أثبتت أنها لیست أداة أو سلعة إعلانیة أو تجاریة، وإنما هی مشارکة عنیدة في إصلاح المجتمع، وفي حمایة قیمها ومبادئها، وقد شکّلت المرأة دوراً حیویاً في بنیة المقاومة الإسلامیة في لبنان، ما ضمن حیاة المقاومة واستمرارها.
ولا تزال المرأة اللبنانیة المسلمة مساهمة ومشارکة في دعم حرکات الصحوة الإسلامیة، بالإضافة إلى دورها الإعلامي والتثقیفي في لبنان.
المرأة الفلسطینیة.. دور راسخ في مقاومة الاحتلال:
کان للمرأة الفلسطینیة نصیبها الأوفر من کل هذه المعاناة التي مرت على الشعب الفلسطینی، حیث واجهتها بالصبر، وبالقوة ذاتها لعبت دورها في مقاومة الاحتلال ونالت قسطها من القتل والاعتقال والتعذیب، وقد تحوّلت المجاهدات الفلسطینیات إلى رموز من الشهادة والجهاد على مدى عقود طویلة من الصراع لتحریر البلاد والعباد.
المرأة المسلمة في الغرب.. تواجه تحدیات عقائدیة وفکریة:
تعاني المرأة المسلمة في أوروبا تحدیات کبیرة أمام السیاسات التمییزیة التي تمارسها الحکومات وما تروج له الجهات المعادیة للإسلام، مع رغبتها الشدیدة في الالتزام الدیني، والمحافظة على مظهرها الإسلامي، ولا سیما الحجاب.
فالمرأة المسلمة ممنوعة بحکم القوانین الغربیة المجحفة من أبسط حقوقها في الالتزام بتعالیم الإسلام وممارسة شعائره. والأمثلة على ذلك کثیرة جدا، في ظل دول کبرى تدّعي الحریة واحترام حقوق الإنسان.
ومع تعاظم هذه التحدیات وشدة الضغوط النفسیة التي تسببها، والتي تهدّد المرأة في عملها ودراستها وفي مختلف مجالات الحیاة، فإن المرأة المسلمة في الغرب أثبتت حقیقة مفادها ضرورة تمسك المسلم بتعالیم دینه، وحریته العقائدیة والفکریة.


المصدر: مجلة الطاهرة، العدد 219.

التعليقات (0)

اترك تعليق