مُمَهِدَاتْ... وحقيق أن تبادر المرأة المثقّفة الملتزمة الواعية فتمهد الطريق وتفتح الآفاق.

لمن لا يعرف دور المرأة اليمنية.. هذا دور المرأة في الكفاح السياسي والاجتماعي والثقافي والمسلح

لمن لا يعرف دور المرأة اليمنية.. هذا دور المرأة في الكفاح السياسي والاجتماعي والثقافي والمسلح

لمن لا يعرف دور المرأة اليمنية.. هذا دور المرأة في الكفاح السياسي والاجتماعي والثقافي والمسلح

شكل الموقع الجغرافي المتميز لمنطقة الضالع حلقة وصل بين الشمال والجنوب، مما جعلها محط صراع بين الأنظمة الحاكمة المتعاقبة في شمال الوطن، من الأتراك والأئمة والاستعمار البريطاني في الجنوب إذْ أنّ السيطرة على منطقة الضالع كانت تعني حماية عدن بالنسبة للمستعمر وتهديد عدن بالنسبة للإمامة.
– الهيمنة الاستعمارية بالحماية منذ عام 1928م، ثمّ بالتدخل المباشر حتى عام 67م، في ظل وجود نظام حكم محلي ضعيف يعتمد على الاستعانة بالمناطق الأخرى لتثبيت حكمه، ورفضه للسياسات الاستعمارية والحكم الأميري الذي عبّر عنه باتنفاضات متوالية منذ انتفاضات بلاد الشعّار التي امتدت عشرات السنين حتى أصبحت مثلاً شعبياً متداولاً حديد ونار أمير وشعّار “وانتفاضات الأزارق وانتفاضة الشيخ الشهيد محمد عواس الذي قتل أول ضابط سياسي بريطاني في الضالع هو “المستر دايفي” ثمّ انتفاضة الشهيد عبدالدائم محسن الذي حاول اغتيال المستر “سيجر” عام 1950م، ومن المعروف أنّ (سيجر) هو صاحب خطة البساط السحري التي جّرت اليهود من عدن واليمن كلها إلى فلسطين، التأثير المباشر للانتفاضات المسلحة في منطقة ردفان عامي 57 و58م المعروفة لدينا التي هي في 1957 – 1958م بخرجة ردفان الأولى وخرجة ردفان الثانية ومن قبلها الانتفاضات التي كانت تحدث في يافع والمعروفة في الضالع بخرجة يافع.
– تصاعد النضال الوطني ضد الاستعمار البريطاني في الجنوب والحكم المحلي في الشمال وتأثيراته على المنطقة وبالأخص عند اشتراك كثير من أبنائها في النضال العمالي في عدن (في مصافي عدن) وتعرضهم للعقوبات التعسفية من فصل وإبعاد وعودتهم إلى المنطقة والتحاقهم بالنشاط السياسي والعمل العسكري في الانتفاضة.
– انتشار المد القومي التحرري في المنطقة كما حدث يمنياً وعربياً منذ قيام ثورة يوليو وزعامة عبدالناصر وانطلاقته الفاعلة خلال معركة السويس وثورة الجزائر وما لحقهما من أحداث قومية، عملت على خلق وعي قومي تحرري بين مختلف فئات المجتمع ومنها المرأة إذ ساعد ذلك الوضع السياسي المتفجر ضد الاستعمار على تشكل الوعي بأهمية التحرر منه.
– قيام ثورة 26 سبتمبر التي كانت بمثابة إعلان ميلاد اليمن الجديد والتحاق المئات من أبناء المنطقة بصفوف المتطوعين في الحرس الوطني للدفاع عن الثورة والجمهورية وإحباط ومقاومة النشاط المعادي من قبل العناصر الملكية التي جمعت قواها في الضالع، والتي كانت قاعدة للعمل التخريبي ضد الثورة والجمهورية وكان للمرأة مواقف مشرفة في مواجهة فلول الملكية وصلت إلى درجة قذفهم بالحجارة، وكيل الشتائم ومنع الزاد والماء عنهم بالرغم من العقوبات التي هدد الأمير باتخاذها بحق كل امرأة تتعرض لملكي.
– انطلاقة ثورة 14 أكتوبر من ردفان والتي أعلنت بدء عهد جديد في النضال الوطني ضد الاستعمار وركائزه ودعم وتأييد أهالي منطقة الضالع للثوار ولمواطني ونازحي ردفان، بسبب الحرب الهمجية الاستعمارية على قراهم ومزارعهم ومواشيهم ناهيك عن إيصال الزاد والسلاح إلى الجبال، وقد كانت الضالع هي المنفذ الوحيد للتواصل معهم من جهة ومع قيادة الثورة والجمهورية من جهةٍ أخرى، وفي الوقت نفسه أججت المشاعر ودفعت الناس في ضرورة تفجير جبهة الضالع.
على المستوى الثقافي:
كانت الثورة قد وفرت تجرِبة كبيرة في صنع وعي المواطنين، ومنها المرأة التي واجهت ببسالة كل ويلات الخراب والدمار والتشريد والحصار الذي كانت تقوم به القوات الاستعمارية لإخماد ما كانت تسميه “بمواطن الفتن”، كما كانت المرأة أيضاً هي مصدر القوة في تلك الانتفاضات تزرعها في عقول وأفئدة أبنائها، وقد كانت تؤكد لي ذلك المناضلة جنة أحمد البيشي الشقيقة الكبرى للشهيد المناضل (علي عنتر)، وأود الإشارة إلى ما قاله الأخ محمد غالب أحمد وأنّ من أطلق عليه اسم عنتر هي أخته وهو في الخامسة من عمره، التي كانت تصر على أن تسميه عنتر تشبيهاً بعنترة بن شداد وتربيته تربية فروسية، لأنْ يكون مثل عنترة بن شداد في الأساطير.
– الدور الإعلامي الكبير الذي لعبته إذاعتا القاهرة وصوت العرب بنشر وتعميق الوعي القومي التحرري وتبني دعم النضال الوطني، في جنوب الوطن وبث الأناشيد القومية والوطنية، وقد كان المذياع تنبع أهميته من كونه المصدر الوحيد للوعي الذي تتلقاه المرأة في ظل الجهل المسيطر عليها، ولذا كان جهاز الراديو في الضالع في بداية الستينات متطلباً ضرورياً كالماء والهواء قد تضطر المرأة إلى بيع مصوغاتها في سبيل الحصول على جهاز راديو.
– التكوين الاجتماعي القائم على الترابط والتكافل والتشابك الأسري والتجمعات الدينية الدائمة وبالذات في ليالي رمضان والاستماع إلى الكتب التي كانت تقرأ من كتب السيرة في الفتوحات الإسلامية وفتوحات الشام.
– الدور المهم الذي لعبه المتنورون من المتعلمين والأساتذة ورجال الدين وبروز رموز سياسية كانت لها مواقف سياسية تتغنى بالانتفاضات وبمقاومة الاستعمار وكانت أشهرها الشاعرة (معجبة بنت مهدي)، التي تغنـّت بانتفاضات ردفان وحتى بهتلر وبالحرب العالمية الثانية ضد الإنجليز لكراهيتها للإنجليز وتغنت بمواقف آل قطيب في 57 و 58م وبانتفاضة جحاف وبحيدرة، لأنّها كانت من المؤيدين للأمير (حيدرة).
وقد حدث أول رفض نسائي للنظام السياسي والاجتماعي السائد في الضالع في نهاية الأربعينيات وبداية الخمسينيات في خروج عدد من بنات بهربة ليلية مرافقات للشيخ ياسين وهن من بنات المشايخ والوجهاء والأعيان، وكان معلمهن آنذاك وهو أحد رموز الإخوان المسلمين الذين وصلوا إلى الضالع وأرادوا نشر فكر الإخوان المسلمين أو الدعوة الوهابية، وبالرغم من تلك الهزة العنيفة إلا أنّ الأمير لم يغير من سياسته إزاء منع تعليم الفتيات اللاتي لم تبنَ لهن مدرسة إلا في النصف الأخير من عام 1965م.
– على المستوى الاقتصادي كان الفقر والمرض والجهل هي السمة المشتركة لغالبية سكان المنطقة حتى أصبح التقويم الذي يؤرخ به الناس أحداثهم يعتمد على الحوادث فيقولون سنة الجوع وسنة الهناء وسنة الشجري وسنة ما خرجت يافع وسنة ما هربت ردفان وسنة مقتل دايفي وسنة الحرب بالبحر.
– سياسة الإفقار والتجويع التي اتبعها الحكم الأميري تجاه من كان يسميهم بالرعية بفرض الزكاة المقدرة والضرائب الباهظة والمصادرة وإحراق المزارع وفرض إجراءات عقابية ضد من كانوا يسمون بالمناوئين أو بالمخربين، ناهيك عن فرضه إعالة وخدمة كل جندي أميري على أسرة من الأهالي من الجند الذين كان يستأجرهم من المناطق المجاورة لإخماد الانتفاضات الشعبية وأذكر حادثة أنّه في عام 1944م، حينما بدأت ألمانيا النازية تتلقى الهزائم وكان أمير الضالع حينذاك الأمير حيدرة بن ناصر بن علي شايف مؤيداً لألمانيا فخوفاً من أن تقوم بريطانيا بالانتقام منه وسلبه السلطة أمر بالتبرع لصالح الحلفاء دعماً باسم إمارة الضالع وفرض على كل مواطن (قرشين فرنصا) مما اضطر المواطنين إلى بيع أضحيات العيد حتى أنّ إذاعة (برلين) أذاعت الخبر متهكمة بأنّ الرايخ قد اهتز من تبرعات أمير الضالع إلى جانب بريطانيا حتى أنّهم قالوا : إنّ مواطنيهم صرخوا حينما سمعوا الخبر بأنّ الأمير حيدرة سلم التبرعات ولم يصادرها، وقد تحملت المرأة الكثير من هذه الأعباء في ظل غياب الرجل، فتحملت المسؤوليتين : مسؤوليتها في البيت ومسؤوليتها في الحقل في الزراعة. كما أنّ كثيراً من النساء كان العمل الذي يقمن به لكسب القوت هو جلب المياه والحطب إلى بيوت المقتدرين وطحن الحبوب في بيوت الأمراء والمشايخ، وكان يوجد أيضاً مكان لطحن البردقان وخدمة القوافل التجارية المتنقلة القادمة والنازلة من صنعاء إلى عدن والعكس.
من أهم الإجراءات الاقتصادية التي أثرت على حياة الناس كانت مشاركة الأمراء للتجار الكبار في أموالهم بالنصف من خلال الحصول على النصف في الكسب وعدم تحمل الخسارة مما عرض كثيراً من التجار إلى خسارة كبيرة في ظل اشتراط بريطانيا الضمانة من الأمير حتى تسمح لهم بالتجارة في عدن.
 
الترتب الاجتماعي كان في منطقة الضالع على النحو الآتي:
الأمراء، المشايخ، الوجهاء، القادة العسكريون، التجار، الجند، الموظفون، الرعية، اليهود، العبيد، الأخدام. وكان واضحاً اتساع الهوة بين الفئة الحاكمة التي تملك كل شيء وسائر الفئات المطحونة، التي هي رعية ملك للحاكم، كل الامتيازات للأسرة الحاكمة وأعوانها في المأكل والملبس والمسكن والخدمات العامة ووسائل النقل. لقد كان محرماً على أية امرأة حتى ولو كانت من بيت تاجر أن تلبس ثوباً يضاهي ثياب نساء الإمارة، كما منع التزين بالحلي، فمنع على كل امرأة ما عدا نساء الأسرة الحاكمة أن تلبس الذهب في المناسبات، وكل من كانت لديها حلي من الذهب ظل مكنوزاً حتى رحيل الإمارة، ظلت خدمات المياه والكهرباء محصورة في حي الإمارة حتى عام 66م، حينما حاولت السلطة الاستعمارية تجميل اتحاد الجنوب فأدخلت بعض الخدمات من مدرسة ومستشفى ومشروع مياه ولم تحاول الإمارة الاستفادة من أي نظام عند جيرانها، كما كان في سلطنة لحج في المجالات الصحية والتعليمية والزراعية ولذلك ظل الوضع، كما هو عليه حتى كانت الإصلاحات البريطانية، هذا الواقع أفرز نقمة شعبية واسعة بالذات من المرأة التي كان يقع عليها دائماً الأضعاف المضاعفة.
أبرز ملامح نضال المرأة في الكفاح المسلح في جبهة الضالع
أولاً: كون المرأة شكلت مدرسة النضال الأولى، حيث سبقت الإشارة إليها إلا أنّ المعاناة التي عاشتها المرأة اليمنية في منطقة الضالع على مدى خمسين عاماً شكلت أهم روافد وعيها الوطني والقومي الذي تجسد في حياتها اليومية كمنظومة أخلاقية مترابطة التزمت بها شخصياً وأسرياً واجتماعياً.
فعلى المستوى الشخصي كانت واعية لخصوصيتها كامرأة ودوماً ما يُنظر إليها البعض بإعجاب وذلك وبوعيها في قدرتها على تحويل ذلك الضعف إلى قوة والانتقال إلى موقع الحامي والمدافع عن العرض والشرف وهو ما أثبتته خلال الانتفاضات المستمرة، ومع قيام الثورة وانطلاق الكفاح المسلح كانت قد اكتسبت من الخبرة والوعي ما يجعلها قادرة على التعامل مع الواقع المعاش بإيجابية كشريكة في المسؤولية، وبرز تيار النساء وتمتع بقدر كبير من الوعي الوطني والقومي وكانت له مواقفه منذ عدوان 56م والتبرعات لصالح الثورة الجزائرية والإضراب أو الإعلان لرفض سجن أحمد بن بله.
وعلى المستوى الأسري وعت دورها الذي يسند إليها كالمسؤولية في الإنجاب والتربية إلى جانب مسؤوليتها في القيام بأعباء رب الأسرة مادياً ومعنوياً في المنزل وفي الزراعة، إضافة إلى كل ذلك فإنّه كان مطلوب منها تربية أولادها تربية نضالية.
وعلى المستوى الاجتماعي أدركت أنّها جزء من المجتمع الذي تعيش فيه وعليها العمل على وحدته وصونه وتحمل نصيبها في النضال والتضحية عن رضا وإيمان لا عن إذعان وقبول بالأمر الواقع، ومن هنا تبوأت المرأة في هذه المنطقة المكانة المتميزة طيلة مسيرة الكفاح المسلح، فلم تعد نقطة ضعف ولا مصدر خوف، بل لقد أصبحت بفضل كونها امرأة قادرة على توظيف تلك الخصوصية في القيام بالمهام التي يعجز الرجل عن القيام بها وهو ما سوف نعرضه في السطور الآتية:
النشاط السياسي:
– نقل وتوزيع المنشورات والبيانات الصادرة عن الجبهة في مختلف أطرها العملياتية والسياسية والإعلامية والطلابية.
– إخفاء الثوار وتأمين خروجهم عندما يتعرضون لكمائن معادية.
– إخفاء تأمين المشاركين في المظاهرات والمسيرات وملاحقة القوى المعادية.
– القيام بالتواصل والتنسيق بين الثوار في الأماكن المختلفة التي يتمركزون فيها وبين قيادات وقواعد العمل السياسي والطلابي في ظل حظر التجول الذي فرض على مدى أربع سنوات.
– متابعة ورصد النشاط التجسسي للسلطات الاستعمارية وأعوانها والإبلاغ عنهم.
– التواصل مع القيادات التي فرضت عليها الإقامة الجبرية في المنازل وإبلاغ تعليماتهم إلى الأطر العلنية.
– جمع التبرعات لجبهات القتال والتشجيع على استمرارها وشرح أهميتها والإشادة بأهم المتبرعين والمتبرعات لصالح الثورة.
– زيارة أسر الشهداء والجرحى والمنكوبين والتضامن معهم ورفع معنوياتهم.
النشاط الدعائي:
– إقامة التجمعات النسائية للاستماع إلى الإذاعات المؤيدة للثورة.
– التحريض على الاشتراك في القتال وفي المسيرات والمظاهرات والإضرابات، خصوصاً في أوساط الطلاب الذين كانوا هم زخم تلك الانتفاضات.
– نشر أخبار الثوار ونشاطهم المسلح بين المواطنين وتوزيع الصحف والمجلات اليمنية والعربية التي يتم إدخالها من شمال الوطن وتتناول موضوعاتها الكفاح المسلح ونشاط جبهة الضالع وصور الثوار.
– متابعة ونشر ما يبثه الإعلام الوطني والعربي عن الثورة والدعم العربي لها.
– تحدي الإجراءات الاستعمارية المفروضة ضد الإعلام الوطني والعربي المؤيد للثورة وبالأخص إذاعات صنعاء، تعز، القاهرة وصوت العرب، وكانت المرأة تعمد إلى رفع أصوات المذياع وتقوم بضرب الجواسيس المخصصين لرصد المستمعين لتلك الإذاعات، خصوصاً عشية خطابات الزعيم جمال عبدالناصر.
– إفشال النشاط الدعائي المعادي ورصد مصادره.
– معرفة أخبار الأسرة الحاكمة وأعوانها وحالتهم النفسية وذلك من خلال النساء اللواتي كن يعملن داخل بيوتهم.
– التغني شعراً بالثورة والثوار وبالرئيس عبدالناصر في الأعراس وبالرئيس السلال ونشره والرد على الشعر المضاد.
– رفع صور الزعيمين عبدالناصر والسلال في البيوت بالسر رغم أنّها كانت محظورة بأوامر السلطات الاستعمارية، وكان رفعها واقتناؤها يمثل إدانة لمن يفعل ذلك، ومن أشهر المواقف الوطنية والقومية هو رفض إحدى الأخوات (دنيا محمد الصافي) إخفاء أو إنزال صورة الزعيم عبدالناصر من الجدار مقابل عدم تنفيذ المستر (ميلن) هدم بيتهم ولكنها رفضت وعند إصرارها قام المستر ميلن بهدم بيتهم الجديد الذي لم يسكنوه سوى أسبوع واحد.
النشاط الاجتماعي:
القيام بالدور الأساسي لها، كأم وزوجة تقع عليها مسؤولية أسرية وفي مقدمتها الإنجاب، بالإضافة إلى ما كانت تعانيه، وقيامها بواجبها النضالي والأسري معاً، وكم من مناضلة وضعت وليدها وهي في شعب أو جبل أو وادٍ أو تحمل الزاد أو السلاح إلى الثوار، والإشراف المباشر في تحمل مسؤولية الأسر المشردة والمطرودة جراء القصف البريطاني لقراهم ونزوحهم إلى مدينة قعطبة ولسنوات عديدة في ظل غياب الرجال في جبهات القتال.
– توفير الزاد والماء والدواء للثوار من جهة وللمشردين في قعطبة من جهةٍ أخرى.
– التضامن والتكافل الاجتماعي والاقتصادي المرهون بالقناعة والقبول من النساء، مما عزز الروح المعنوية بين المقاتلين.
– التعامل مع التخفيف في الحالة النفسية من الخوف والقلق ومن شبح فقدان العمل الذي يرافقه الموت.
وتقديراً واحتراماً للدور الذي قامت به هؤلاء النساء، فإنني أخص بالذكر وبالاحترام والتقدير ثلاثاً، اعتبرهن رموزاً لدور المرأة في جبهة الضالع.
الأولى: المناضلة الفقيدة فاطمة ناصر البيشي وهي زوجة الشهيد علي عنتر، التي تحملت وكان لها دور كبير منذ زواجها بالمناضل علي عنتر في 61 أو 62م ومرافقتها له في التشرد، خصوصاً بعد قصف بيوتهم وقراهم ونزوحها إلى قعطبة والدور النضالي الذي قامت به.
الرمز الثاني: علياء عبدالله صالح المنصوب وهي متميزة، كونها أخت الشهيدين وبنت عم الشهيدين وزوجة شهيد وبنت خال لشهيد وقد شاركت في الكفاح المسلح داخل جبهة الضالع وهي من اللواتي شاركن في المعارك واللاتي سبق ذكرهن في القراعي وحياز والمظلوم والمرح وشاركت في أثناء خروجهم بعد قصف بيوتهم ومناطقهم ونزوحهم إلى قعطبة، وقد تلقت خبر استشهاد أخويها عبدالمجيد وعبدالله المنصوب وهي في قعطبة، وكانت قد وضعت ولديها وهي في قعطبة في جبهة القتال، أحدهم في شعب والآخر في قعطبة، كما أنّها عند عودتها لم تجد بيتاً يأويها بعد نسفه والتحاق زوجها الشهيد عبدالرحمن المنصوب مع المدافعين عن الجمهورية والذي استشهد في 2 يناير 1969م، في مدينة تعز وهو حاصل على شهادة وميدالية من جبهة التحرير وعلى سلاح قد أكله الصدأ.
النموذج الثالث: للعمل السياسي داخل المدينة، أخذت منه نموذجاً وهي: المناضلة الوالدة (فائق أحمد صالح المرفدي) والتي كان لها دور اضطرت معه إلى مواجهة المستر (ميلن) الذي حكم على بيتها بالنسف لولا أنّه اكتشف أنّه ليس بيتها وإنّما لها فيه شركاء، وكانت مناضلة جسورة كان صوتها صدىً شعرياً في الأعراس وفي مواجهة الشعر المضاد وفي الرد على الشعراء العملاء وكان لها دور بارز، حتى أنّها تواصلت عبر إذاعة صوت العرب وبثت لها بعض من أشعارها، ومن مواقفها ولو أنّه للأسف لا يوجد الكثير من شعرها الموثق ولكن استطعت أن أحصل من بين مذكرات والدي على بعض الأسطر التي كانت تمثل ردود فعل من قبل الأمير والاستعمار، ففي عام 1958م، حرمها الأمير من الزكاة وهي أم ميتمة لأنّها كانت تتغنى بعبد الناصر وابن بله ورفضت أن تشارك في أعراس الأمير أو أي أحدٍ من أسرة الإمارة طوال فترة وجودهم، من 1956م حتى رحيلهم، ومن أجمل ما استوقفني حينما انطلقت الثورة في ردفان قولها:
يا شوق شوقي متى باتصل للمسامع
يا حيد ردفان قا خلي الرأس رافع
من حضرموت لما عدن والصبيحي ويافع
***
ضرب الرصاص دوى والمدافع
ونحن هنا با نلحقه ندك هذه المواقع
يسقط الاتحاد والعميل المخادع
وفي عام 1964م، تغنت بقصيدة بعد وصول الدعم العربي للثورة اليمنية شمالاً وجنوباً ومن أقوالها:
في ضفاف النيل قد أشرق صباح
من قمم ردفان فجَّرنا الكفاح
***
كبر السلال حي الفلاح
مصر هب بالرجال هم والسلاح
ما نخاف الغرب أو نخشى نباح
وتضامناً مع القضايا العربية والقومية كان لها أيضاً في هذه المعارك دور إذ تقول:
ثور الشعب العظيم اهزمي الليل البهيم أشعليها من لهب
وحدي كل الجيوش حطمي هذه العروش حرري كل العرب
درب ناصر ومشير إلى فلسطين المسير الجهاد فيها وجب
ومن أجمل ما عثرت عليه، قولها وهي في عام 67م حينما اتهمت بالعمالة والخيانة فردت عليه وقالت:
نحن علمنا جمال
وحدتي ما هي محال
النساء هي والرجال
بنت أحمد صوت عالٍ
***
من على خط القتال
والتحقنا بالنضال
دمنا ما السيل سال
عاد شعري ما لنصال
وقد كان لها مواقف وأشعار كثيرة لولا أنّه لا يوجد لدينا توثيق، اكتفي بهذا .. وعفواً على الإطالة و… شكراً.


المصدر: يمانيات
فاطمة محمد بن محمد

التعليقات (0)

اترك تعليق