مُمَهِدَاتْ... وحقيق أن تبادر المرأة المثقّفة الملتزمة الواعية فتمهد الطريق وتفتح الآفاق.

أصول التعامل مع كبار السن:
بالحنان والتواصل وعدم الإفراط في التدليل

أصول التعامل مع كبار السن: بالحنان والتواصل وعدم الإفراط في التدليل

"كبارنا بركتنا".. هذا ما ينطق به معظم الناس عندما يتحدثون عن كبار السن، سواء أكانوا من أهلهم أم ممن حولهم. ولكن هناك بالمقابل فئة ليست بالقليلة نجهل كيفية التعامل مع أفرادها وخصوصاً إذا كانوا يعانون أمراض الشيخوخة التي تحتاج إلى معاملة ورعاية خاصتين، بالإضافة إلى حساسيتهم المفرطة في هذه المرحلة، إذ أصبحوا كالأطفال الذين يحتاجون إلى الاهتمام والرعاية لا النبذ والإهمال، فما أصول التعامل مع الكبار الذين يزدادون يوماً بعد يوم نتيجة الدعم الصحي الذي توليه الدول المتقدمة والنامية لمواطنيها، ولكنها في الوقت نفسه تعاني مشكلة تتمثل في توفير الميزانيات الخاصة التي تتكفل بحمايتهم ورعايتهم؟
التحية والترحيب:
عند دخولك إلى مكان يوجد فيه شخص مسن، لا تتجاهل وجوده، بل ألقِ(ع) وصافحه بحب ولا تنسَ تقبيله لتشعره بالحَنان، خصوصاً إذا كان أحد الوالدين أو المقربين إليك. أما إذا دخل المسن مكاناً تجلس فيه، فيتوجب عليك الوقوف والترحيب به مع الابتسام. لكي يشعر بأنه محبوب من قبل المجتمع وبأنه غير منبوذ أو مكروه من محيطه.
إستمع إليه:
معظم كبار السن يحبون الحديث عن ماضيهم، لذلك لا تبخل عليهم بهذا الأمر، واسألهم عن ذكرياتهم وإنجازاتهم وحاول الإصغاء إليهم بكل كيانك، من دون مقاطعتهم، فكلما تقدم المرء في السن حاصرته ذكرياته، وألحت على حاضره، لذا يرغب كثيراً في التغني بها في كل لحظة، ويحتاج إلى من يستمع إليه ويشاركه تلك الأمجاد والذكريات، مهما كانت طبيعتها.
لذلك احرص على عدم الاستئثار بالحديث في حضرته، أو تجاهله من دون أن تمنحه فرصة للتعبير عن مشاعره أو ذكر شيء من آرائه وخبراته. ولا تتبرم أو تتضجر من تعصب المسن لماضيه، لأنه يرى في ذلك الماضي قوة ونشاطاً ومكانة اجتماعيّة وإنجازات قدمها لمن حوله، لذا ينبغي التماس العذر له وتفهم حالته.
وبالمقابل، لا تتوانى أو تتردد في الحديث عن منجزات الشخص المسن، وما قدمه من خدمات لمجتمعه، وحاول الاقتداء به وإظهار أثره الايجابي عليك، فهذا السلوك يشعره بأهميته، خصوصاً خلال اللقاءات والمناسبات العائليّة، إذ إنّ شعور المسن بأنه أنجز أعمالاً باهرة يولد لديه سعادة وراحة كبيرتين، حيث يشعر بأنه لم يمضِ حياته بشكل عبثي، بل شكلت أعماله مصدر روحي وإلهام للجيل التالي.
شاركه وأشغله:
كلما كبر الشخص في السن وتقدم به العمر، ازداد شعوره بالوحدة والاغتراب، لذا يتوجب علينا الاقتراب منه ومشاركته حياته بكل تفاصيلها، خصوصاً أقرباءه وأصدقاءه، إذ إنّ انسحابهم من حوله، وعدم السؤال عنه بالاتصال به أو الحديث معه يزيدان من حسرته ويؤديان إلى تدهور وضعه النفسي، ما يزيد من شعوره بالأمراض والآلام، لذا عليك بتشجيعه على المشاركة الاجتماعيّة من خلال تكوين صداقات مع أشخاص قريبين من سنه، ويجب أن نحرص على تمكينه من حضور المناسبات لكي يتجاوز محنة التقدم في السن ويتكيّف مع وضعه.
الرعاية:
التقدم في السن يترافق مع تغييرات عضويّة ونفسيّة وعقليّة، لذا من الواجب مراعاة تلك التغييرات والتعامل مع كل شخص وفق حالته، والمبادرة بمساعدته نظراً لضعفه وعجزه. وبذلك يمكنك حماية الشخص المسن من مخاوف الكهولة مثل فقدان المركز الاجتماعي، والقلق بشأن حالته الصحيّة والماديّة. وقد يحاول المسن الانسحاب اجتماعيّاً بسبب ظهور بعض أعراض الشيخوخة عليه، مثل ضعف السمع والبصر، فيحاول الاعتذار عن المشاركة الاجتماعيّة، وإذا حضر يبقى صامتاً من دون أن يتفاعل مع الآخرين، لذا ينبغي على من يعيشون معه حمايته من هذا الانسحاب حتى لا يصبح سلوكاً عاماً للمسن، الأمر الذي يزيد من مرضه أو شعوره بالغربة. ولا تنس أنّ المسن يفرح بمن يقدّم إليه المساعدة من دون أن يطلبها منه مثلاً عند وجود درج، اسند يده بيدك ولا تقف خلفه أو تتخطاه محملقاً فيه فقط.
إملأ فراغه:
يمكنك ملء فراغ المسن بالأمور النافعة مثل إشراكه في رحلات داخلية واصطحابه إلى السينما أو المسرح أو بعض المحاضرات التي تقع ضمن اهتمامه، هذا بالإضافة إلى المشاركة في الأنشطة والمخيمات، وتوفير مكتبة ثقافيّة في مكان إقامته وتشجيعه على ممارسة بعض التمارين الرياضيّة ضمن إمكاناته الجسديّة. وإذا كان يعيش معك أمكنك أن تسند إليه أمر إنجاز بعض المهمات البسيطة التي تتناسب مع إمكاناته الجسدية لتشعره بأهميّة وجوده في هذه الحياة.
احترمه:
تفادَ الاستهزاء بكبار السن وأظهر احترامك لهم. كن على تواصل دائم معهم وعلّم أطفالك حبهم واحترمهم، كي يعتادوا رعايتهم، مع عدم التأفف من وجودهم ضمن العائلة، إذ إنّ بعض الأبناء يتمنون موتهم ليتخلصوا من همهم.
اعتنِ بنظافته:
قد يصل المسن إلى مرحلة يعجز فيها عن الاهتمام بنظافته الشخصيّة، بسبب تراجع قدراته الجسديّة أو الذهنيّة، لذلك يتوجب على من يعيشون معه الاهتمام بنظافته طوال الوقت وتلبية طلباته.
تواصل معهم:
تعلم أن تتواصل مع كبار السن واجتهد في توضيح ما تقوله وما يقوله الآخرون. لا تفترض أنك تعرف ما يفكّرون فيه أو يشعرون به. عليك أن تجيب عن استفساراتهم حتى وإن كانت مزعجة ومكررة، وحاول أن تشعرهم بأنّ لهم منزلة رفيعة عندك وشاورهم في بعض الأمور التي تشعرهم بأهميّة وجودهم.
لا توبخه:
إذا تسبب المسن في إسقاط شيء على الأرض، أو أدّى وجوده إلى عرقلة النظام في مكان، فلا تقابله مباشرة بالكلمات المشفقة، بل أصلح الأمر بصمت وغيّر مجرى الحديث، قد يعاني معظم المسنين ضعف السمع والبصر والنطق، لكنهم يتجاهلون ذلك فكن لبقاً ولا تطلب منهم تكرار ما يقولونه أو تتحدث إليهم بصوت خافت وسريع.
لا تفرّط في تدليله:
قد يتحول المسن في سلوكه إلى طفل، فهو يحاول أ يستغل مسألة حساسيته تجاه تصرفات من حوله كحيلة دفاعيّة كي يجتذب اهتمامهم ليهتموا به أكثر، ويشعر من خلالها بأنه ما زال يمتلك دوراً مهماً في حياة الأبناء والأحفاد، وتزداد هذه الحالة عنده، عندما يشعر بالاكتئاب، ومع تغيرات الشيخوخة مثل ضعف السمع وصعوبة المشي والأمراض المزمنة التي تجعل التأقلم مع الحياة صعباً. وينصح الخبراء بعدم الإفراط في تدليل كبار السن، ومحاولة التعامل معهم بتوازن، والعمل على إعادة انخراطهم في الحياة العمليّة اليوميّة.

المصدر: مجلة المرأة اليوم، العدد:587.

التعليقات (0)

اترك تعليق