مُمَهِدَاتْ... وحقيق أن تبادر المرأة المثقّفة الملتزمة الواعية فتمهد الطريق وتفتح الآفاق.

روت فاطمة

روت فاطمة: كان السجانون يخافون مني ويقولون إن دعوتك مستجابة


روت فاطمة
*:
كان لي مع الشرطة (السجانين في المعتقل) قصص عديدة، كنت أتشاجر معهم كثيراً، فهم لم يكونوا يحبونني أو  حتى أنا أحبهم، وكانوا يخافون مني ويقولون لي أنّ دعوتك مستجابة لأني مظلومة، يعرفون أنّي مظلومة، ولكن بالرغم من هذا فقد كانوا يعذبونني...[...]
أخذوني إلى التحقيق الساعة العاشرة ليلاً، والثلج ينهمر في الخيام فقال لي المحقق إذا لم تعترفي سوف آتي بابنك والذي يبلغ من العمر 12 سنة إلى المعتقل. هو قال هذا و"الكيس" برأسي ويديّ مكلبجين (مقيدين)، قلبي صعد من مكانه، وقفت وصرخت فيه: "خاف الله،  أليس لديك أم تخاف عليك أو ألست متزوجاً وعندك أولاد، ابن 12 سنة تريد أن تأتي به إلى المعتقل! والله أقتلكم".
صرخ فيّ، وقال لي: فاطمة اسكتي واقعدي، قال لي إذا لم تعترفي سوف نأتي بإبنك إلى هنا، وفوراً اتصل بالشرطية وأخذتني إلى الغرفة. و(يا ليت ما قلتها) إذا لم يعذبوننا بالضرب يعذبوننا بالعذاب النفسي، فبدأت أدعو الله أن لا يأتوا بابني إلى المعتقل. وحاولت أن أنام وأغمض عينيّ، عندها أحسست كأنّ يداً حنونة تربّت على ظهري وتطمأنني وكأنها تقول لي أن ابنك لن يأتوا به إلى المعتقل، رأيت اليد ولكن لم أرى من هو الذي طمأنني، ولكنني ارتحت وبرد قلبي واطمأننت.[...]
كان زوجي بالمعتقل رقم 4، وأنا في "حبس النساء" يعني كنّا قريبين من بعضنا، عندما أتكلّم يسمعني وعندما يتكلّم أسمعه، وعندما نخرج إلى "غرفة الشمس" لننشر الغسيل أبدأ في الكلام مع الصبايا حتى يسمعني زوجي واطمئنّ عليه، وعندما يسمع  صوتي يبدأ بالصراخ للشباب حتى أنا أسمعه.[...]
كنّا داخل المعتقل قد قسّمنا الوقت: قبل الظهر اغتسال وغسيل وقراءة، كنا نقرأ كتباً قيّمة؛ الأعداء أخطأوا عندما وضعونا داخل المعتقل، اعتقدوا أننا سنُهزم ولكن بالعكس؛ فأيُّ إنسان يدخل المعتقل لا يخرج إلاّ وهو مثقف من خلال القراءة ومطالعة الكتب الإسلامية والثقافية...، نحن خرجنا مثقفين من المعتقل، لم نخرج جهّالاً من خلال حبسنا خرجنا مثقفين ونقدر أن ننتصر على إسرائيل. نقرأ حتى آذان الظهر، نسمع آذان الظهر من مسجد الخيام كذلك نسمع آذان المغرب والصبح، نصلي ونقضي الصلوات (إذا كان في ذمتنا صلاةً فائتة)، اتّخذناها فترة عبادة، وقلنا أن الله وضعنا في المعتقل حتى نتفرغ للعبادة، ونقضي ما علينا من صلاة، نختم القرآن ونهديه لأمواتنا، ونقرأ الأدعية هذا حوالي ساعة، نتناول طعام الغداء وبعد الغداء نرتاح، ثم نبدأ بالعمل اليدوي نعمل أشكالا وعقود وخواتم وأساور، نصنعها من الخرز.   عند  آذان المغرب نصلي ونقضي ونقرأ الأدعية والتسبيحات ثم نتناول العشاء ونكمل قراءة إلى ما قبل النوم فنصلي ركعتين ونقرأ قرآن وأدعية، كان اتكالنا على الله كبير، وكان لدينا إيمان كبير أنه في يوم من الأيام سوف يفرج الله عنا وننتصر على أعدائنا، والحمد لله فالإنسان المؤمن الذي يتكل على ربه وهو مؤمن به، والإنسان الذي يصبر، يعطيه الله ما يشاء، وجودنا في المعتقل هو امتحان لنا، يعلمنا الصبر ويثبت إيماننا، وأقول هذه نعمة والحمد لله، وإن شاء الله أكون قد نجحت بالذي وضعني ربي فيه.

 
*أسيرة محررة

إعداد وتحرير موقع ممهدات

التعليقات (0)

اترك تعليق